الدعاءُ مخ العبادةِ ,وقيل :أن الدعاءَ هو العبادة,
والدعاءُ نوعان الأول :دعاءُ المسألةِ ويُقصدُ به دعاءُ جلب النفعِ أو دفع الضر,
والثانى:دعاء العبادة وهو أن يدعو العبدُ ربَّه خوفاً ورجاء,وكلا النوعين متلازمان وقد يتضمنُ كلاهما الآخر.
وقيل أيضاً:أن الصلاةَ هى الدعاءُلأنها من أولها إلى آخرها لا تنفك عن الدعاء,فهى دعاءُ عبادةٍ وثناءٍ أو دعاءُ طلبٍ وسؤالٍ.
وقال عمرُ بن الخطابِ رضى الله عنه:أنا لا أحملُ همَّ الإجابةِ ولكننى أحملُ همَّ الدعاءِ.
وقال تعالى: (ادعونى أستجب لكم) فبدعاءِ العبدِ يستجيب اللهُ الدعاءَ,وقد جاء الفعلان لا فاصل بينهما , لكن استجابةَ المولى قد تتخذ أشكالاً عدة منها الإجابة, أو تأخير الإجابة, أو دفع مضرة, أو أن يدخرَ الربُّ دعوةَ العبدِ له إلى يومِ القيامةِ,أو لا يستجيبُ اللهُ لدعوة عبده لأنها شرٌّ له, وبذلك تتحقق فائدة ُالدعاءِ للعبد دائماً, فعطاءُ اللهِ عطاءٌ, ومنعُ اللهِ عطاءٌ, واستجابةُ اللهِ الدعاء رحمة, وتأخيره رحمة,وعدم استجابته منتهى الرحمة.
وللعبد أن يسألَ ربَّه ما يشاءُ وبأى لسانٍ بشرط ألا يعتدى فى دعائه....بمعنى ألا يسأل العبد ربه منازل الأنبياء وغير ذلك.
وخيرُ الأدعيةِ ما وردت عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كالمأثورات ,أو أذكار اليوم والليلة.
ولربما ندعو بما حفظنا من أدعيةٍ دون أن نفهمَ فحوى وجوهرَ ومعنى ما ندعو به.
ومن الأدعيةِ المأثورةِ: اللهم إنى أعوذ بك من الهمِّ والحَزنِ والعجزِ والكسلِ والجبنِ والبخلِ وغلبةِ الدينِ وقهرِ الرجالِ.
فهذه استعاذةٌ من ثمانيةِ أشياء كل اثنين منها قرينان.
- فالهمُّ والحَزنُ قرينان ,وهما من ألامِ النفسِ لكن الفرقَ بينها أن الهم توقع المكروه والشر فى المستقبل,وهو من أقوى جنود الله فى الأرض كما قال سيدنا على بن أبى طالب, أما الحزنُ فهو التألمُ على حدوث المكروه فى الماضى ,وكلاهما يسبب آلام وعذابات النفس ,فإن تعلق بالماضى سُمىَّ حزناً,وإن تعلق بالمستقبل سُمىَّ همّاً.
- والعجز والكسل أيضاً قرينان,وهما من أسباب آلام النفس, وبسببهما يفقد المرءُ كثيراً من محبوباتِ الدنيا لكن الفرقَ بينهما ...أن العجزَ معناه عدم القدرةِ على الفعل,أما الكسلُ فمعناه عدم الإرادة ,فكم يتمنى الإنسانُ أشياءَ لكن تحولُ أو تعجزُ إرادته عن فعلها أو آدائها, وكلاهما يسببان ألماً للنفس لما يفوتها من المتع والتلذذ بها لو حصل.
- والجبن والبخل أيضاً قرينان ,لأنهما عدمُ النفعِ بالمالِ والبدنِ وهما من أسبابِ الألم,لأن الجبانَ تفوته محبوباتٌ وملذوذاتٌ كثيرة لا تنال إلا بالبذلِ والشجاعةِ, والبخلُ يحول بينه وبين هذه المحبوبات, وهما من أعظم أسباب الألم .
- وغلبةُ الدينِ وقهرُ الرجالِ قرينان,وهما مؤلمان للنفس والروح, فغلبة الدين قهرٌ بحقٍّ ....أى بسببٍ من العبد فى أغلب الأحيان, أما قهر الرجال فهو قهرٌ بباطلٍ....بمعنى أنه ليس باختيارالعبدِ.
فلنحافظ على الأذكارِ ولنداوم على الدعاء....أعاذنا اللهُ وإياكم من شرورِ الدنيا والآخرة.
أحمدالحارون
تلبانة- المنصورة