يا مُلهمَ الأجيال
المهندس: محمود فرحان حمادي
تبرُ القريضِ على يديكَ يُذابُ
فلمن سواكَ سيكتبُ الكتّابُ
ولمن سواك نصوغها أنشودةً
يرنو لها العشّاقُ والأحبابُ
صنَاجةَ الأدبِ الرفيعِ تحيّرت
منّا العقولُ وهامت الألبابُ
قد حُزت بالعلم الشريفِ شمائلاً
يُغرى بهنَّ ويُسعدً الأصحابُ
(الموصليُّ) وقد تقادم عهدُهُ
يهفو إليك وبعده (زريابُ)
كالطّودِ يشمخُ في السماءِ مُحلّقًا
والمجدُ حولَ سفوحِهِ ينسابُ
يا كعبةَ الشعراءِ فرعُكَ قائمٌ
فوقَ السِّماكِ تحفّهُ الطلابُ
يتسابقونَ إلى هواكَ بلهفةٍ
شعريّةٍ ذابتْ هناكَ وذابوا
يتساقطون كما الفراش لضوئكم
إذ أنت في لغة القريضِ شهابُ
من أين أبتدأُ الكلامَ وصوتُنا
قد مزّقته خناجرٌ وحرابُ
والبلبلُ الغرّيدُ أصبحَ ناعبًا
وعلى الحروفِ الناعماتِ غرابُ
ضاعت قواميسُ الكلامِ فما بكى
أسفًا عليها بيننا الأعرابُ
وجهُ القصيدةِ قد تغيّر شكلُهُ
فقصائد الجيل الجديدِ خرابُ
وأدوا حروفَ الضادِ تحت هُرائهم
فكأنَّ قائدَ جمعهم قصّابُ
كتبوا الحروفَ على الحراب فشاعرٌ
مسخ القريضَ وشاعرٌ كذّابُ
فبشعرهم مات (الخليلُ) و (جرولٌ)
وبغدرهم قد أُحرقَ (السيّابُ)
عفوًا أميرَ الحرفِ كأسي مترعٌ
ولأجل عينك تُشربُ الأنخابُ
من فيض بحرك نستعيدُ حروفَنا
إن ضاع من وجه الزمان كتابُ
ماتت قصائدُ شانئيكَ وأنت ذا
فيما يُقالُ مدى الزمان شبابُ
قد صُغتَ في جِيد الزمانِ قلائدًا
يحلو بهنَّ النحو والإعرابُ
كلُّ القصائدِ عند بابك خُشّعٌ
فكأنَّ بابك عندها محرابُ
فالشعرُ عنوانُ الرجالِ ولن ترى
شعرًا يضمُّ جمالَهُ سردابُ
إن كنت أحييت العلومَ فطالما
جاءت تُقبّلُ كفَّك الآدابُ