قِصَّةٌ شِعْريَّةٌ
إلى ريحان والذين قَضَوا نَحْبَهم
صقر أبوعيدة
في ليلةٍ مبلولةٍ
بالغيمِ غطّى عينَهُ القمرْ
سَرى الحبيبُ الـمُؤْتَزِرْ
ريحانُ يا ريحانْ
يستعجلُ القدرْ
في حضنهِ دمعُ الشتاءْ
والريقُ معسولٌ بِحبّاتِ المطرْ
يُخفي حبيباً تحت إبطهِ
كالمسكِ تُخفيهِ الظّباءْ
محبوبةً بين التّراقي تنْتظرْ
أين اللقاءْ
رُمّانةً ملساءَ يُغْريها وَبِيصٌ من شررْ
في جيدها نبضٌ ينادي
هيّا انْطلقْ
عن نفسها تراودُ الحبيب
جسَّ العُنقْ
شارتْ لهُ زرزورةٌ في عُشها
الجلْبُ جـــــاء
مادتْ بهِ الطّرقْ
هاتي ملاكي لا تخافي
ناجَى ضُلوعَ الصّدرِ والظَّهرْ
أسيلةَ الخدين
تُوحِي بأشعار القوافي
ترجو لقاء المعْرَكِ
زغرودةٌ
الآن أُرخِي زِندَكِ
لاتعجلي يا حُرّةُ
أنتِ فرشي والْتِحافي
عيناهُ تتْبعُ الأَثرْ
يمشِى على أُذنهِ
والهمْسِ والأطرافِ
ناغَى وُرَيقاتِ الشجرْ
لا ترفعي الصوتَ
غَطّي على ظِلّي
حتى أَمُرْ
إني أبوسُ الساقَ والنّدَى
يا عُشبَ أُمي لا تلُمْني
يا ريحَ يومي كُفّ بردكَ والصدَى
يا شالَ أُمي كنْ لها مِنديلَ صَبْر
كنْ لي كفنْ
تلك الغرانيقُ العُلَى
تثيرُ بحري والمدنْ
والفرْحَ عن زرعِي
تمحو تقاسيمَ أهلي والوطنْ
واللونَ من ظِلي وشمعي
محبوبتي لا تخذليني
سَبَّابتي فوق الذراعْ
لاتعجلي قُرْبَ الخبرْ
أُلْقِيكِ سهلاً كالشراعْ
أُلْقِيكِ عطراً ينتثرْ
كالرعدِ يعقبُهُ الْتِماعْ
فوق الأزيز المنتَظَرْ
تسْتلُّ عظماً
واللحمَ نُقْريهِ السِّباعْ
لكنَّ أحلامَ الفتَى
لم تكتملْ
خلعتْ ملاحِفَها الشُّهبْ
نارتْ حواليهِ الدواهي والحُفَرْ
ضاقتْ به المسافاتُ فانْحَجبْ
والأمُّ تأتي من بعيدْ
تدنو أمام العينِ تنْسكِبْ
وجعاًً من الأحزان
والحزن في الوريدْ
دنيا تحطُّ الرَّحْلَ بين القصرِ والقبرْ
أَرخَى مراسي حُلمِهِ
حاكتْ له ثوبَ السماءْ
ما كان احْتَسبْ
أنواعَ بارودٍ وغازاتٍ وعواءْ
والرَّكْبُ جاء يحتطبْ
جادوا لهُ حتى ثَمِلْ
قد يَسكرُ الموتَى
سُكراً مُباحاً فِيمَ قُتِلْ
نادَى فؤاداً كان دوماً
يهوَى الغزَلْ
مالتْ عليهِ الفروعُ
وخبّـأتْـه
حتى فساتينُ الدوالي والصبْر
ألقتْ عليه سروةٌ
برْدَ الدموعْ
وقبّـلتْه
والأم شامخةْ
جمرٌ يُوارَى في الضلوعْ
لا دمعَ
لا صمتَ
لا وداعْ
جاءت له بين السُّحبْ
زَنَّانةٌ والبطنُ نافخةْ
ضاءتْ على الجنبَينِ ألوانٌ تُـهاعْ
حطتْ على الأكتافِ هاجِسَ السّفرْ
ريحانُ ياريحان
لا تنتظرْ
ألقَى حبيبَتهْ
لم تنطلقْ
دارتْ عليهِ الأعينُ
أمطارَ بارودٍ وسُحُبْ
من كل فجٍ مُخْتلقْ
تهوِي به الريحُ
والروحُ تنطلقْ
والجرحُ يَطلي وردَهُ من الثَّغَبْ
يغلي كمِرْجلٍ
لم يُلقِ بالاً للحطبْ
نادَى وَداعاً أمَّهُ
ردّتْ على أحزانهِ
البيدُ والجداولُ
والمرج والسلاسلُ
والرمش والجدائلُ
والبحر والبلابلُ
يا عـــينَ أُمِّـــــهِ
فارتْ دموعُ البرتقالْ
والتينِ والصبارِ والعنبْ
والحنطةِ السمراءِ والحنون
والنعنعِ البرِّي
والعصفِ والريحان
حامتْ على أحلامهِ
ياعينَ أُمّهِ
غَـبّتْ حواشيها الكُتُبْ
فانداسَ خبزُ الفقر والشعر
والطيرُ تبكي من كثَبْ
الأرضُ تحت جبينهِ
والقمحُ ليس لهْ
النجمُ يُوري شمعهُ
والضوءُ يخبو لهْ
النَّوءُ يَسرِي في النواحي
والكرمُ ناحَ سَفرْجَلَهْ
غطتْ قناديلَها النجومُ
وزمّلتهْ
نزعتْ معاطفَها البساتينُ
وظلَّلتهْ
حامتْ عليه القُّبراتُ
وبشّرتهْ
قذفتْ صُخورَها البحارُ
وغسَّلتهْ
قدّتْ مباسمَها الرياحينُ
وعطّرتهْ
ريحانُ ياريحان
صَلّتْ عليهِ الأمُّ
وودَّعتهْ
ريحانُ ياريحان
شَقَّتْ ثيابَها الأرضُ
وبَوّأتهْ
تَرَكَتْ محاجِرَها العيونُ
وأدْخَلتهْ
و أدْ خَ لَتْـ ـه
***
ياوردة من عين أم
أو ضمة في حضن أرض
*****