أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الثرثارة

  1. #1
    الصورة الرمزية صبيحة شبر قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 69
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي الثرثارة

    الثرثارة



    لم أظن يوما ان تهديدهم لي سوف يكون حقيقة ، حين اقول شيئا ، لايتفقون معي في جدواه ، او صحته


    - سنقطع لسانك ، نشويه ونرميه للكلاب السائبة...


    لم احمل وعيدهم ذاك على محمل الجد ، مضيت اقول ما اعتقد بصحته ، واعمل ما ارى انه يوافق نفسي ، ويتلاءم مع شخصيتي ، ولم تكن اقوالي بتلك القوة، التي تجعلهم يقدمون على تنفيذ ما وجههوه لي من وعيد.


    - سوف نرغمك على الصمت.


    ورغم كل شيء فأنا احبهم ، واجدهم قريبين جدا من نفسي ، وليس لي أحباب آخرين سواهم ، وان كانت كلماتهم الموجهة لي، تحمل بعض المداعبة القاسية ، فاني سرعان ما أتناساها ، فكيف يمكن للأحبة ان يسيئوا الى من يحبهم، ويحمل لهم في قلبه العواطف الجياشة ،والمشاعر الرائعة ، ومضت الايام تصاحبني ، وتبدي حيادها الشديد نحوي ، فلم اكن أحلم أن تريني وجها مبتسما دائميا ، ولقد قنعت بما يمنح لي من فتات الحنان ، ومن برودة ، وطنت عقلي على القبول بها ، لم أتوقع مزيدا ، لم أناقش او ابدي اعتراضا على قول معين ، او اشارة يبدو منها الهجوم القاسي ، كل ما افعله هو الابتسام بقوة ،أمام الادعاءات الكثيرة التي توجه ضدي ،



    وجهت لي التهم المختلفة ، وحيكت الدسائس ونظمت الأقاويل ، ودبجت المزاعم، وما كانت تلك الادعاءات بقادرة على زعزعة نفسي ، والإساءة الى اطمئناني الداخلي ، فانا اعرف نفسي تمام المعرفة ، وأدرك ان اللائمين لا يتطلعون الى الصدق، في مزاعمهم المتنوعة ، والى الحقيقة فيما ذهبت اليه ظنونهم المتضاربة ، كل ما يطمحون اليه ان يروني لقمة سائغة في أفواههم ، يشكلونها وفق تطلعاتهم وبما يتناسب مع رغباتهم الكثيرة، في سلب الثقة من النفوس ، وجعل الإنسان يبدو صغيرا في نظر نفسه ، ليسهل عليهم إرغامه على فعل ما تشاء عقولهم..


    انظر الى من يتهمني، ويصفني بصفة بعيدة كل البعد عن حقيقتي، نظرة ثابتة



    ، ، يجد التهام من يقف أمامه، قويا ، واثقا ، ليس من اليسير افتراسه بشتى التهم، والنعوت النائية عن المنطق ، سرعان ما تظهر عليه علائم الخيبة والشعور بالإحباط، ان ما خطط له من إثارة الآخر والانقلاب عليه، لم تأت اكلها ومرت كما تمر كل عاصفة هوجاء، فتهدأ الأمور ويعود كل شيء الى نصابه ، وكثيرا ما كنت اسمع ذلك التبرير الذي لايقنع طفلا:


    - عذرا ، لم اصدق المزاعم الباطلة


    وحين اطيل النظر إليه، عله يفصح عن السبب الواضح ،الذي حدا بمثله الى اطلاق التهم جزافا ، يسارع الى القول وكأنه يقرا دخيلة نفسي :


    - انهم يزعمون بما قلت لك ، ولولا الصداقة الحميمية بيننا لم انقل لك ما يفترونه


    وكل مرة ارى نفسي قوية ، لايمكن للاقاويل المختلفة ان تنال من عزيمتها ، ولا تقدر الاكاذيب ان تنطلي على كل الناس الذي احبهم ، واجد نفسي حريصة على الدفاع عن ذاتي امامهم ، و ألفي علامات التكذيب واضحة على محياهم ،اكتفي بان براءتي ظاهرة ، وان التهم مهما بلغت قوتها، فإنها غير قادرة على تبديد الثقة التي يمحضها الأصدقاء الأعزاء لي..


    ولكن هذه المرة ، أجدها تختلف كثيرا عن المرات السابقات ، تهمة بسيطة توجه لي ، فانفعل أمامها وأثور، ويرتفع صوتي محاولة الدفاع ، دون أن أتمكن من احسان اقناع الاخرين بسلامة موقفي:


    - انت ثرثارة وماجنة


    من يعرفني يدرك، ان التهمتين بعيدتان عني كل البعد ، فلماذا اثور بهذا الشكل الفظيع ، واجد الغضب مسيطرا على انفاسي، سالبا منها هدوء اليقين ، والقدرة على الكلام ، وغالبا ما كنت أجابه بانني قليلة الكلام كثيرة الصمت ، لااحسن الحديث الا بعد اعمال الذهن، والتفكير جليا في عواقب الامور وتبعاتها ، فانصرف الكثيرون عن صحبتي ومل الاصدقاء عن معاشرتي


    اجد نفسي اليوم مندفعة في محاولة نفي التهمة ، والتي لم تكن من التهم الجسام ،التي تسيء الى المرء او تفقده المروءة والعزيمة وحب الناس..


    - انتم كاذبون تعساء ، تكيلون التهم للنفوس البريئة ،وتتعدون على من يؤثر السلامة منكم ،محاولا النأي عن اسالبيكم الجهنمية


    تتدفق الكلمات ولا اجد في نفسي،مقدرة على الإمساك بلساني الراكض، او الحيلولة دون انطلاق الزمام الفالت ، فأحاول السيطرة على ما بدر مني من ضعف وتصحيح الحال ، وجعله ينقلب الى صالحي ، لكن الأمر بدا أكثر صعوبة، مما كنت أظن


    تنطلق دعوة سريعة


    - انها تهذي ، هاتوا اللجام


    ماذا جرى ؟ هل يمكن ان تكون الكلمات، ذات مضمون حقيقي هذه المرة ؟ ، هل يسخرون مني ؟ أم إنها دعوة جادة هذه المرة ؟


    - اللجام ؟ ولي أنا؟ قبحكم الله و أبعد عنكم الرحمة ، هل اللجام لي ؟


    تتسارع الايدي ، يضعون اصابعهم على فمي ، يخرج احدهم ابرة كبيرة من جيبه ،وضعت في خيط طويل .


    اسمع نداء اتيا من خلفي


    - اخيطوا فمها ، عليها اللعنة ، كم تحب تزويق الكلام .


    وقبل ان اتمكن من الدفاع عن نفسي، من أياديهم الكثيرة المسرعة الى تكبيلي اسمع صوتا صارخا


    - عليك اللعنة ، تسكتين دهرا لتنطقي كفرا







    صبيحة شبر

    1 شباط 2009

  2. #2
    الصورة الرمزية نزار ب. الزين أديب
    تاريخ التسجيل : Mar 2005
    الدولة : Anaheim,California,USA
    العمر : 92
    المشاركات : 1,930
    المواضيع : 270
    الردود : 1930
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي


    ***
    أختي الفاضلة صبيحة
    عندما يبلغ السيل الذبى ،
    يفيض و قد يدمر
    و هذا ما حدا ببطلة قصتك أن تثور
    بعد طول صبر على ثرثرة الآخرين
    ***
    نص مشوق و لغة مكينة
    و تعمق في ولوج نفسية الراوية
    بأسلوب التداعي الذاتي
    ***
    سلم يراعك و دمت مبدعة
    نزار


  3. #3
    الصورة الرمزية صبيحة شبر قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 69
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نزار ب. الزين مشاهدة المشاركة

    ***
    أختي الفاضلة صبيحة
    عندما يبلغ السيل الذبى ،
    يفيض و قد يدمر
    و هذا ما حدا ببطلة قصتك أن تثور
    بعد طول صبر على ثرثرة الآخرين
    ***
    نص مشوق و لغة مكينة
    و تعمق في ولوج نفسية الراوية
    بأسلوب التداعي الذاتي
    ***
    سلم يراعك و دمت مبدعة
    نزار

    الأخ العزيز والمبدع الكبير نزار ب.الزين
    قراءتك لقصصي تسعدني دائما
    ألف شكر لك
    مودتي وتقديري

  4. #4

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية صبيحة شبر قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 69
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مصطفى السنجاري مشاهدة المشاركة
    ** قصة لطيفة وشيقة

    تحياتي سيدتي الرائعة
    الأخ العزيز مصطفى السنجاري
    ألف شكر لجمال المرور
    مودتي وتقديري

  7. #7
    الصورة الرمزية ابراهيم السكوري أديب
    تاريخ التسجيل : May 2008
    الدولة : المغرب
    العمر : 43
    المشاركات : 350
    المواضيع : 25
    الردود : 350
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    سلام الله عليك أستاتنا المبعة ...
    قصة جميلة ابدعتها كاتبة رائعة ..
    العنوان يوحي ان الطلة كثيرة الكلام فيما لا يفيد و لكنها العكس .. تتكلم قليلا فيما يزعج الآخرين - كلمة الحق تزعج و لذلك يتهم صاحبها بالثرثار لأن يقول شيئا لايقوله الآخرون . و الحمد لله ان اكتفوا بان أخاطوا لسانك ؟؟؟؟
    اما لغتك واسلوبك فما شاء الله
    بقي ملاحظة علما أنني مبتدئ والراجح أنني مخطئ فيها ..:
    البداية فضحت النهاية لأن كلامك يجعل النهاية متوقعة فلا تفاجئ القاري .
    لاحظي معي ان هذا الكلامي يؤشر مباشرة على النهاية .
    "لم أظن يوما ان تهديدهم لي سوف يكون حقيقة ، حين اقول شيئا ، لايتفقون معي في جدواه ، او صحته


    - سنقطع لسانك ، نشويه ونرميه للكلاب السائبة...



    لم احمل وعيدهم ذاك على محمل الجد ، مضيت اقول ما اعتقد بصحته ، واعمل ما ارى انه يوافق نفسي ، ويتلاءم مع شخصيتي ، ولم تكن اقوالي بتلك القوة، التي تجعلهم يقدمون على تنفيذ ما وجههوه لي من وعيد.


    - سوف نرغمك على الصمت."

    لانني فهمت منذ الأول ان تهديدهم ووعيدهم سيصير حقيقة ...

    كل التقدير يا أستاذة
    دع الأقــدار تـفـعـــل مــا تــشــاء
    وطــب نفســا إذا حكــم القضــاء

  8. #8
    الصورة الرمزية صبيحة شبر قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Mar 2007
    المشاركات : 590
    المواضيع : 69
    الردود : 590
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابراهيم السكوري مشاهدة المشاركة
    سلام الله عليك أستاتنا المبعة ...
    قصة جميلة ابدعتها كاتبة رائعة ..
    العنوان يوحي ان الطلة كثيرة الكلام فيما لا يفيد و لكنها العكس .. تتكلم قليلا فيما يزعج الآخرين - كلمة الحق تزعج و لذلك يتهم صاحبها بالثرثار لأن يقول شيئا لايقوله الآخرون . و الحمد لله ان اكتفوا بان أخاطوا لسانك ؟؟؟؟
    اما لغتك واسلوبك فما شاء الله
    بقي ملاحظة علما أنني مبتدئ والراجح أنني مخطئ فيها ..:
    البداية فضحت النهاية لأن كلامك يجعل النهاية متوقعة فلا تفاجئ القاري .
    لاحظي معي ان هذا الكلامي يؤشر مباشرة على النهاية .
    "لم أظن يوما ان تهديدهم لي سوف يكون حقيقة ، حين اقول شيئا ، لايتفقون معي في جدواه ، او صحته


    - سنقطع لسانك ، نشويه ونرميه للكلاب السائبة...



    لم احمل وعيدهم ذاك على محمل الجد ، مضيت اقول ما اعتقد بصحته ، واعمل ما ارى انه يوافق نفسي ، ويتلاءم مع شخصيتي ، ولم تكن اقوالي بتلك القوة، التي تجعلهم يقدمون على تنفيذ ما وجههوه لي من وعيد.


    - سوف نرغمك على الصمت."

    لانني فهمت منذ الأول ان تهديدهم ووعيدهم سيصير حقيقة ...

    كل التقدير يا أستاذة
    الأخ العزيز ابراهيم السكوري
    قراءة واعية للقصة ، وتحليل واف
    أسعدني تقييمك الجميل
    وأشكرك جزيلا على ملاحظاتك القيمة
    مودتي وتقديري