بسم الله الرحمن الرحيم
إنه الحزن إذن ..
عبدالغني خلف الله
شجن ..شجن ..شجنْ ..
ها أنت ضيعت عمرك بانتظارها سديً
لم تكن محض صبيةٍ حلوةٍ ..
محض غيداء ..أورثتك الوهن ..
هي لقلبك المتعب قيلولة
ولعينيك وطن ..
مثل غيمة من حنان ظللتني
وضاعت في سراديب الزمن ..
شجن ..شجن ..شجنْ ..
واليوم هل أنت هاهنا
عند ضفة النهر لترتاح
أم لتنكأ الجراح التي
ما فتئت تمزق الحنايا
وتغمرها بالشجنْ ..؟
إنه الحزن إذن ..
فتعال نرتاد المكان ذاته ..
المكان الذي حفظنا آهة ..دمعة .. ووشوشات..
عند هذه الجادة ركضنا وانتفضنا
مثل عصفورين مذعورين
فاجأتهم العاصفةْ ..
لماذا أنت يا حلوتي خائفةْ ؟
كانت الريح ترشف من حُباب النهر
رشفةًً..ترشقكما بها ..
ثم تعود لترشف رشفة ثانيةْ
تبلل بها صفحة الوردة التي أقسمت
ألاّ تغادر وتبقي بانتظاركما ..
مترعةً بالعطر..بالشذى .. بالمهجة الراعفةْ ..
لم هذه الحياة كئيبة هكذا ؟
ساكنة واجمة وواجفةْ ..
أين الغناء ..بل أين التواشيح المفعمات بالحنين ..؟
أين أنت يا شجيرة صحرائي ؟ ..
في أي منحنيً ألتقيك
لنحيا مرة أخري ..قصة الحب
والوجد والجنون ..؟
لا شيء يا خافقي بانتظارك سوي الذكريات والشجون ..
لا.. لن يعود ما قد مضي وفات ..
فتجمل يا خاطري ولا ترهقني بانتظارها ..
سقطت ثمرة العشق من الغصن فأنّي لها الاخضرار؟
ففيم الانتظار ؟
أين تراها الآن ..لعلها ..
تسكب العطر تحت أُذنيها
ترتدي أجمل الثياب لسهرةٍ مترفةْ ..
أو ربما ترفله بلذيذ الكلام
فكيف له أن ينام ؟.
وأنت يا سيدي بين النوي والجوي
في ثنايا الزحام ..
تشتهي و لو مرة واحدة..
تغرق في بحر عينيها ..
تذوب في ثنايا الرؤى الحالمةْ..
وتغادر ..لتبدأ ترحالك المرّ مرة أخري وتهاجر
فإلي أين تسافر ؟ ..وفي كل الجهات ..
كل المجرات ..طيفها الحلو ينتابك ..
فلا مهرب منها .. لا مهرب منها فاعترف
وانصرف في ثبات ..
آهِ ِ..كيف سأنجو منك يا قاتلتي
والعمر توشح عبق اللحظة العابرةْ..؟
ضاع في فلوات من عذاب ..
وبحار من شجن ..
إنه الحزن إذن .