بين وداعين
آهٍ على ذاكَ الـــــــــوداعِ المجمل ِ– بين الأسيــــرةِ والقتيـــل ِالمهملِ
هذا صريـــــــــعٌ بالعــراء وهذه – مأسورة ٌ فـــــــــــوق الجمال الهزَّل
قد أعجلوها بالرحيــــــل كأنـَّها – طـــيـــرُ القطا فــــــرَّتْ أمام الأجدل
ما غير أنْ ألقتْ عليـــــــــه بنظرةٍ – عجلى وصكـَّتْ وجهَهــا بالمحمل
عجبًا لناقتيَ الهـــــــزيلةِ حملها – أشجانَ قــــــلبٍ بالرزايــــــــامُثقل
ما كان أقساني أراهُ عــلـى الثرى – وعليه لا ألقـي بنفسي مِنْ عـل
والشمسُ تصهره وتشـــوي جسمَهُ – ظـــــام ٍحشاهُ بقطرةٍ لم يُبلـَل
فمررتُ لم أطفي لظــــاه بجرعةٍ – والماءُ طــــام ٍفي الفراتِ المُسْبل
وأراه مسلوبَ العمامـــــــة والردا – عـــــــــارٍ فلم أسترْ أخي وأجلـِل
وكسته أثوابَ التــــــــرابِ أعاصرٌ – هبَّتْ عليــــه مِنَ الجنوب وشمأل
يا ليتني مثلُ الريــــــــــاح سترتـُهُ – بردايَ لم أضنـُنْ عليـــــــه وأبخل
لولا عليلٌ مِنْ ورائـــــــــي قائلا – رفقـًا بحالـــــــــي عمتي لاتنزل
لهويتُ مِنْ فـــــــوق المطيَّة للثرى– لــــــوداع شلوٍ بالصَّعيد مجدل
ووددتُ أبقى فـــــي الفلاةِ جوارَهُ - وبجسمِهِ شُدَّتْ يـــــدايَ وأرجلي
ولقد رحلتُ وفي فؤادي غـُصة ٌ– أنـِّي بيوم وداعِـــــــــهِ لم أنـــــــزل
واليومَ جئتُ إلى الوداع مفصَّلا – أقضي بــــه ما فاتني في المجمل
سأضمُ قبرَك يـا أخيَّ لأضلــعي – ضمِّيْ لصدرك فـــي الزمان الأوَّل
وعليــه أجثو كي أشمَّ ترابَهُ – لأشمَّ جسمَك فـــــي الثرى المُتبلـِّل
وبدمعِ عيني أغسلُ الجســـــمَ الذي – بجراحِــــهِ دفنوهُ غيرَمغسَّل
وأشدُّ جرحًا فــــي فؤادِك نازفـًا – فعساك تنهضُ للمدينـــة مُوصلي
قد كنتَ أهلي كلـَهم وعشيرتي – واليــومَ منهمْ واحـــدٌ لم يبقَ لي
سأظلُ بعدك ما حييتُ بمأتم ٍ – مـــا بين معــــولةٍ علــــيك ومعول
وخلاف عينك لن تطيب معيشتي – حتـَّى يصيرَ إلى جــوارك منزلي
هذا وداعٌ لا تلاقـــــــيَ بعــــده – فاهنأ بقربـــــــك للنبي المُرسل