في مسألة تجديد الخطاب الديني كنت أتساءل : لماذا نستخدم كلمة " التجديد " ؟
لان هذه الكلمة تدل على انه هناك شيء قديم ونحن نحاول أن نجدده .
وبالتالي فهل خطابنا الديني " قديم " ونحاول الآن " تجديده " ؟
أنا شخصياً أظن ذلك ، لان أسلوب الخطاب الديني وسيلة من الوسائل التي يمكن من خلالها أن ندعو إلى دين الله تعالى ، وبما انه وسيلة فانه يمكن أن يتغير بتغير الزمان والمكان وأحوال المخاطبين ، فنحن مطالبون أن نكلم الناس على قدر عقولهم . هذا أولاً .
وثانياً فإن المسلمين لم يحتاجوا هذا المصطلح والدعوة إليه من قبل ، لان الخطاب الديني عندهم كان يتجدد بصورة تلقائية ( أوتوماتيكية ) ، لأنهم كانوا يسايرون العصر الذي يعيشون فيه ويتكيفون مع معطياته ومتغيراته ، بل كانوا يصنعونه ، ولهذا لم يكونوا بحاجة إلى هذا المصطلح .
أما عندما توقفت عربة المسلمين عن المسير لأكثر من قرن واحد من الزمان ، كان الآخر في سلم الصعود والتطور ، يكتشف .. يبدع .. يخترع .. ينظر إلى الفضاء ويداه في الأرض تبدعان من آلات وأجهزة ما تقر بها عينه . بينما كنا نغط في نوم عميق ، ولا نحس ما يحصل حولنا من حركة وتجدد وتغير .
توقفنا وكان الآخر يسير ، بل ويركض ، توقفنا فتوقف معنا خطابنا وأسلوبنا ودعوتنا ، وأصبحنا نعيش في القرن الثامن أو السابع عشر ، نستعمل أدواته وندعو إلى الله تعالى بوسائله ، وبتنا ننظر إلى معطيات العصر العلمي والتكنولوجي بعين الريبة والشك تارة وبعين المترقب تارة أخرى وبعين ثالثة رافضة .
ثم ماذا حدث ؟
فتحنا أعيننا على الواقع ، بدأنا نصحو من سباتنا الطويل ، فإذا بكل شيء قد تغير ، وسائل الاتصال والنقل والتكنولوجيا وأساليب الحوار والخطاب ، وأصبح الآخر يمتلك زمام الأمور بما أبدع من علوم وصناعات . وبدا العالم حينها غريباً .
فما العمل ؟
نسير بالعربة من مكان وقوفه .
هذا لا ينفع لأنه عندما نصل بالعربة إلى القرن العشرين يكون العالم قد تخطى القرن الواحد والعشرين صوب معطيات جديدة .
إذن .. لا بد من تجديد الخطاب مباشرة ، والاستفادة من وسائل العصر ( الفضائيات والانترنت ووسائل الاتصالات المختلفة ) لا بد من تجاوز تلك الفترة الجامدة بالقفز ، نعم بالقفز فوق الزمان والمكان وإلا لبقينا هناك بعيداً في الزمان السحيق .
إن كلمة التجديد تدل على أن هناك قديم ، وهذا صحيح ، فلدينا خطاب قديم لا بد من تجديده ، لأننا لم نتطور بشكل طبيعي مع عصرنا ..
فلا بد إذن من " تجديد " ..