خامساً: علامات العجمة أو المعرب:
قال أئمة العربية تعرف عجمة الاسم بوجود علامات منها:
1- النقل: وذلك بأن ينقل عن أحد أئمة العربية كالأصمعي أو غيره بأن هذه الكلمة ليست عربية.
2- مخالفة الكلمة للأوزان العربية: وذلك بأن يخرج الاسم عن أوزان الأسماء العربية، نحو إبْرِيسم؛ فإن مثل هذا الوزن مفقود في أبنية الأسماء في اللسان العربي.
3- أن يكون أوله نون ثم راء: نحو: نرجس؛ فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية، وكذلك (نرس) و (نورج) و (نرسيان) و (نَرْجه).
4- أن يكون آخره زاياً بعد دال: نحو: مهندز؛ فإن ذلك لا يكون في كلمة عربية.
5- أن يجتمع في الكلمة الصاد والجيم: نحو: الصولجان، والجص، والصنجق.
6- أن يجتمع في الكلمة الجيم والقاف: نحو: المنجنيق.
7- خلو الكلمة الرباعية أو الخماسية من أحرف الذلاقة: وسميت بذلك - كما مر في الحديث عن صفات الحروف ومخارجها - لخروج بعضها من ذلق اللسان - أي طرفه - وخروج بعضها من ذلق الشفة.
وهي مجموعة في قولك: (مُرَّ بنفل) ؛ فإنه متى كان عربياً فلا بد أن يكون شيء منها نحو: سفرجل، وقُذعمل، وقِرْطَعْب، وجَحْمَرش؛ فإذا جاءك مثال خماسي، أو رباعي بغير حرف أو حرفين من أحرف الذلاقة فاعلم أنه ليس من كلامهم مثل: (عفجش) و (خظائج).
8- اجتماع الباء، والتاء، والسين: مثل: بستان.
9- اجتماع الجيم والطاء: نحو: الطاجن، والطيجن.
10- يندر اجتماع الراء مع اللام إلا في ألفاظ محصورة: مثل: ورل.
11- لا يوجد في كلام العرب دال بعدها ذال إلا قليل: ولذلك أبى البصريون أن يقال بغداذ.
12- وقال ابن سيدة في المحكم: ليس في كلام العرب شين بعد لام في كلمة عربية محضة؛ الشينات كلها في كلام العرب قبل اللامات.
13- الدراسات التاريخية والبحوث العلمية: فبذلك يمكن القول: إن هذا الحيوان، أو النبات، أو الدواء ليس موجوداً في جزيرة العرب، وبذلك نعرف أن الكلمة ليست بعربية.
هذا وقد وجد الباحثون بعد الاستقصاء أن أكثر ما دخل العربية من أسماء المعبودات والمصطلحات فهو من الهيروغليفية، والحبشية، والعبرانية، وذلك كألفاظ الحج، والكاهن، وعاشوراء من العبرانية.
وأما أسماء العقاقير والأطياب فأكثرها هندي كالمسك؛ فإنه في اللغة السنسكيرتية (مشكا) والزنجبيل فهو فيها (زنجابير).
وأكثر ما يكون من أسماء الأطعمة والثياب والفرش، والأسلحة، والأدوات، والملابس، والأواني فهو من الفارسية.
سادساً: دوافع التعريب:
أشار بعض العلماء إلى ذلك دون ذكر مباشر له، وذلك كصنيع السيوطي في المزهر.
ومن خلال ذلك يمكن أن تُتلمس الأسباب التي دفعت العرب إلى التعريب، والتي منها:
1- الحاجة أو الضرورة: وذلك كالأسماء التي تفرَّد بها غير العرب كالفرس عن دون العرب؛ فاضطرت العرب إلى تعريبها أو تركها كما هي.
وذلك كثير ومن أمثلته ما يلي:
أ - من الأواني: الكوز، الجرة، الإبريق، الطشت، الخوان، الطبق، القصعة، السُّكْرجَّة.
ب - من الملابس: السَّمُّور، السنجاب، القاتم، الفنك، الدَّلق، الخز، الديباج، السندس.
ج - من الجواهر: الياقوت، الفيروزج، البلَّور.
د - من ألوان الخبز: الكعك، الجردق، السميذ، أوالسميد.
هـ - من الرياحين وما يناسبها: النرجس، البنفسج، النِّسرين، الياسمين.
و - من الطيب: المسك، العنبر، الكافور، الصندل، القرنقل.
2- الإلغاز والإعراب: قال السيوطي: "قال ابن دريد في الجمهرة: باب ما تكلمت به العرب من كلام العجم حتى صار كاللغز، وفي نسخة حتى صار كاللغة".
ثم ساق لذلك أمثلة، منها: الدَّشت: وهي الصحراء، والبُوصي: السفينة، والأرندَح: الجلود التي تدبغ بالعفْص، والقيروانُ: الجماعة، وأصلها كاروان.
3- الإعجاب وخفة اللفظ الأعجمي: وذلك بأن يعجب العرب بلفظة أعجمية ثم يعمدون إلى تعريبها.
وربما كان اللفظ الأعجمي خفيفاً؛ فلهذا يستعمله العرب، وربما تناسوا اللفظة العربية أو أهملوها.
مثل: الباذنجان كان يسمى الحدج، ومع ذلك غلب؛ للإعجاب بما هو غريب.
وكذلك اللوبيا شاعت وأهمل: الدّجَر.
وكذلك الإبريق في لغة العرب يسمى التأمورة.
والتوت يسمى: الفُرصاد، والأترج يسمى: المُتْك، والياسمين كان يسمى بالعربية: السَّمسق.
سابعاً: الألفاظ المعربة في القرآن:
ذكر السيوطي - رحمه الله - في كتابه (الإتقان في علوم القرآن) ألفاظاً عديدة، وذكر من قال بأنها معربة من العلماء، وقال في نهاية الحديث عنها بعد أن رتبها ترتيباً ألفبائياً: "فهذا ما وقفت عليه من الألفاظ المعربة في القرآن بعد الفحص الشديد سنين، ولم تجتمع قبل في كتاب قبل هذ".
ثم قال: "وقد نظم القاضي تاج الدين بن السبكي منها سبعة وعشرين لفظاً في أبيات، وذيل عليها الحافظ أبو الفضل بن حجر بأبيات فيها أربعة وعشرين لفظاً وذيلت عليها بالباقي، وهو بضع وستون، فتمت أكثر من مائة لفظة، فقال ابن السبكي:
السلسبيل وطه كُوِّرت iiبِيَعٌ * رومٌ وطوبى وسجِّيل iiوكافورُ
والزنجبيل ومشكاةُ سرادقُ مَعْ * إستبرقٍ صلوات سندس iiطور
كذا قراطيسُ ربانيهم وغساق * ودينارُ والقسطاسُ iiمشهور
كذاك قَسْورةٌ واليمُّ iiناشئة * ويؤت كفلينِ مذكور ومسطور
له مقاليدُ فردوسٌ يُعَدُّ كذا * فيما حكى ابن دريد منه iiتَنَّور
وقال ابن حجر:
وزدت حِرْمٌ ومُهل والسِّجلُّ iiكذا * السريُّ والأبُّ ثم الجبت iiمذكور
وقِطنا وإناهُ ثم iiمتَّكِئاً * دارست يصهر منه فهو iiمصهور
وهيت والسَّكر الأواهُ مع iiحَصَبٍ * وأوبي معْه والطاغوت مسطور
صُرْهُنَّ إصْري وغِيْضَ الماءُ مع وزرٍ * ثم الرقيمُ مناصٌ والسنا iiالنورُ
وقلت - أيضاً -:
وزدت يس والرحمن مع ملكو * ت ثم سينين شطر البيت iiمشهور
ثم الصراط ودرّي يحور iiومَرْ * جانٌ ويمٌّ مع القنطار مذكور
وراعنا طفقَا هدنا ابلعي iiوورا * ءٌ والأرائك والأكواب مأثور
هود وقسطٌّ كَفِّره رَمْزَهُ iiسَقَرٌ * هَوْنٌ يَصِدِّون والمِنْسَاةُ iiمسطور
شهر مجوس وإقفال يهود حَوا * ريُّون كَنْزٌ وسِجينٌ وتتبير
بعيرٌ آزرُ حُوْبٌ وَرْدَةٌ iiعَرِمٌ * إلٌّ ومن تحتها عُبَّدت iiوالصُّور
ولِينَةٌ فُومُها رَهْوٌ وأَخْلَدَ iiمن * جاةٌ وسيِّدَها القيومُ iiموقورُ
وقُمَّلٌ ثم أسفار عنى iiكتباً * وسجَّداً ثم رِبيُّون iiتكثير
وحِطَّةٌ وطُوَىً والرَّسُّ نونُ iiكذا * عدنٌ ومنفطرُ الأسباطِ iiمذكور
مسكٌ أباريقُ ياقوتٌ رووا iiفهنا * ما فات من عدد الألفاظ محصور
وبعضهم عد الآوْلى مع iiبطائنها * والآخرهْ لمعاني الضد مقصور