عندما استعرت منهم صوتي , رغم يقيني بأن مفاتيحه لم تشأ يوما ان تمسح رنين انفراجة ضوئها بين اصابعهم التي ان بسطت اللحظة الراهنة كفوف الرجاء تقلصت وان بدت منكمشة انفرجت دون أن تصفق للحظة كان يمتطي فيها صوتي صهوة الحضور بين ضبابات غيابهم المتكئ على أرائك اللا مبالاة , وبين حضورهم الذي كان يترأس جلسة غياب.
عندما استعرت منهم صوتي كنت أعرف جيدا بأن الخيوط التي بين ايديهم تحاول استرداد انفاسها من حالة المزق التي ترتبت عليها قوة الجذب بين معرفتي لمعرفة وهنها ومعرفتها لمعرفتي لمدى ميولها للإرتخاء دون ان تعلن عن الاخفاق الذي يقع فيها أبدا من امتهن الغرور ..بعض المهارات قد تؤدي الى تفشي هذه الحالة في فضاءاتها المتصنعة لهذه العلة العليلة ..
عندما استعرت منهم صوتي كان واضح لي بأنهم ليسوا أهلا ليكونوا الوسط الناقل لامواجه ولم يكافأهم الزمن بموهبة اظهار صوت الآخر , ثمة علاقة بين تلك الجدران التي أبتلعت الصدى وحفزت الأيادي الملوثة بفوبيا النور والسرور و روائح العطور بالتحلل خلف ميوعة الذمم و العاجزة حد العتمة عن الصدى وبين قلوبهم التي تعكس فقط صور مشوهة ولا تسجل في خطوة مضيئة للآخر قناعاته , فهي مصيدة الأخطاء وتغض بصيرتها عن عمل يضع صاحبه في سدة النور.
..ذلك المتغير الذي لا يعنيني ان كان سين أو كان صاد فهو الذي اورثنا الرغبة الملحة في الخروج عن التشرنق حتى وان كانت تلك الشرنقة الحياة ذاتها , لكل كائن حالات واطوار تمر عليه وتصبغ له مزاجه ..
فيأخذ جرعة من مزاج ذلك العنصر المتغير ويسقط من تركيبة روحه نمطية الثبات التي لا يمكن ان تُترك في حالة بقاء دائم على ما هو عليه الأمر , لأنها الاخرى تتبدل دون ان تعتمد على عنصر آخر .
مازال العنصر المتغير يربك التوازن ليخلق حيزا لا ينتمي الى اي وزن يُعتمد عليه في اطار يقيني يصبح التكهن به ذات جدوىَ أزلي .
مازلت أبحث عن رائحة الجملة من خلال منظور الآخر ما اذا كانت تتهيأ للحظتها المقبلة حاملة معها مقدارا من هموم بيئتها التي أوجدتها بكل مخاوف المخاض أم إنها فقط ترواغ حالة الإغراء التي تتودد لها من على بعد رحلة الشمس منذ ان قررت الشمس اللحاق بذوات الأذرعة وما جدوى مسابقة جسم كروي يتدحرج بسهولة على بساط الأفق سابقا للريح مع ذوات الإذرعة التي تتواتر في خطواتها بين المد الجزر ؟
فالسباق هنا لا يحقق المتعة للمتفرج كما لا يحرز هدفا.
لا تغلب الريح بتقليب صفحات الضجر و أن تطوي أغلفة النسيان على عمل نصف منجز , ولا يكاد تخدير النسيان يسري في أنابيب الذاكرة , ربما لتمد الطاقة الخامة لجهة مجهولة لن تتورع يوما في استخدامها ضدنا لتشير علينا اصابع التاريخ بإدانة كنا فيها الجاني والمجني عليه, ربما ليمنح فشلنا حجة حيث علمنا إن لكل داء دواء باستنثاء ان يكون الجاني هو المجني عليه , والليل تمرس في تسجيل تلك القضية للمجهول وهل علم المجهول بأن كل عمل يتم أداؤه مقيد للمعلوم ومربط الفرس ان المعلوم للمجهول وجه آخر اختطفته مساحيق التجميل حتى خالفت العيون اعرافها للتعرف عليه واعتمدت على حواس أخرى ..
الفرق شاسع بين التعقل والعقل , الأول حالة متحركة تسعفك في الوقت المناسب وهي ان تستعير منك مخزونا بعيدا كل البعد عن متناول اليد , لكنه لا يتردد في اطلاق صفير الانذار متى ما وطأت قدمك منطقة الخطر ..قلتها دوما بأنه شيء ما يغريني للسباحة في منطقة محظورة والفضول يكاد يفتك بي , هل خطورة المكان سببها الدوامات التي تعصف كاعصار من باطن اللج لتردي الضحية في ثواني طافية على السطح ؟
أم أن المكان محفوف بخلل جغرافي تابع لمدى عيوب القشرة الارضية فيه..وهل ان فقدت مكانا اغمس فيه قدمي لادمج ملوحتي التي دائما كنت اطلق عليها تسمية " المروءة " حتى اتجاوز الحذر واذهب الى حيث اصبح ذكرى بقصة قصيرة وخبر في جريدة محلية مفاده ..نزلت البحر وطفت على سطحه حبا ولحظاها تعانق الغيوم ..لا لا
لااريد هذا ولكن الممنوع أصبح يدخل بين كأس ماء بارد وبين الثغر الذي حددته جغرافية الظمأ كلما أتجهت أحداقنا صوب شطر الـــــ م م ن و ع .
أما العقل هي حالة غير مكتسبة وزعها الخالق البارئ على كل كائن حي والافضلية للبشرية
بيد أن هذا التملك أو الامتلاك لهذه الحالة الدائمة لا يمنع الزلل وقد لا يسعف صاحبه في حالات الوهن , فرب خيط يوشك على التمزق لكنه يقود المراكب في البحر ..لا تستهونوا بالكائن الكامن ..للكامن لحظة استيقاظ لا يعلم ساعتها الا رب العالمين .
حوار صغير.
البحار: هل علمت اليوم عن احوال البحر ؟
كلا ..ولكن
البحار : لا تكملي أعرف ما تريدين قوله
إذن لماذا السؤال ؟
أحببت ان اعرف المعلومة من وجهة نظرك؟
وهل الطقس والمناخ يخضعان للاراء والميول والايدلوجيات؟
البحار : الا تري بأنك من يرواغ؟
كيف ؟
البحار : لأنك تتظاهرين بعكس ما تشعرين
السؤال عموما عن معلومة واضحة دليل على استفزاز الآخر , سل عن شيء تجهله ومع ذلك ليس لتقلبات البحر انعكاس على شعوري.
البحار : الحقائق تختلف من شخص لآخر
كنت أظن بأن الحقائق لها وجه واحد
البحار : ربما في نظرك هذا أما أنا أرى للحقائق سمات حسب وضعي أستبقي منها الكذب حتى يصدق واستبقى صدقها حتى تكذب وهذا ما لا يمكن ان احصل عليه من حقيقة مجردة
وهل تريد الحقيقة مضافة الى .....
البحار : نعم
من معلوماتي بأن حالة البحر لا تهم طالما ليست هناك سفينة في البحر
البحار: بل بالعكس هي لحظة استثمار فريدة ونراهن عليها كثيرا.
إذهب بعيدا من هنا
رغم الرفاق
ورغم تلك القهقهات
تبدو كغصن يحتمي
فيه الظلام وحيدا
أما أنا... في وحدتي
وطن يزف
الى الشعوب نشيدا
وسأنثر النجمات بين حروفه
له ما لي
لي ما له
سأكون في يده خطابا
يستسيغ بريدا
إن تهت في وضح النهار
فلن يكون بك الغياب رشيدا
وعندما استعرت صوتي كنت اعني بأن الاعارة تتقدم على الاستعارة لذا لم استعر منهم الا ما سبق واعرته وكنت فيها اجس نبض العقل عندما يكون رهن تصرفي وعندما يكون رهن سلوكهم الذي يبين لي على مرايا النهار من انا ومن هم ومتى سأدفع مستحقاتهم ثمنا لإمتداد ثقتي التي تجازوت بهم مقدار المساحة , وان كانوا هم على ملة تؤمن بـ خالف تعرف وان جاء ذلك على حساب الديون المتراكمة على ضمائرهم ..
مازال قومي يستدلون على النجوم في رحلاتهم ولكل موسم نجم مخصص في ارشادهم ..للزرع وللرعي وللابحار والسفر في تخوم الفلاة , وسنّوا لكل جنحة عقوبة تلاءمها كي لا يبق شوك الضيم مغروسا في قلب قدر من العدالة , فأعود أمنحهم صوتي ثانية ليس لألمس وقعه قبل ان أقع في شرك الظن بل لأننا في كوكب واحد والانسان بطبعه كائن اجتماعي .