وداعاً يا أبتي
ضُمّني إليكَ يا أبتي
دعني بين يديك أغفو
فقد أزفتْ ساعة غربتي
أتركْ لي يدكَ أقبّلها
ليبقى شذاها عالقٌ بأنفاسي
فهو في البعد سلوتي
دعني أُخرجُ كلّ ما في جُعبتي
همومي .. شجوني .. آمالي.. وضحكتي
قد أكون يوماً آذيتكَ بقسوتي
عذراً .. فقد قسوتَ عليَّ وكل إخوتي
ظلمتُ .. أهنتُ .. غربتُ .. اعتقلتُ
وما أدري ما خطيئتي
أرضكَ .. رغم جدبها
فهي دون الأرضِ جنتي
مع هذا.. سأرحل عنكَ يا جنتي !
فإنكَ لم تعد جنتي
سماؤك ملبدة بالغيوم
مع هذا فهي دون السمواتِ خيمتي
واليومَ سأغادركَ يا خيمتي
لأني لا أجد فيك أماناً
في صَحوي وفي غفوتي
قد يكون ماؤك لا يروي ضمآناً
غير أنه يرويني ويعيد لي نشوتي
والآن أختارُ الظمأ
على الذل في كل شربةِ
أريد أن ألمسَ وسادتي ...
أشمّ دثاري ...
أقبل رأسَ والدتي ...
أملأ عيني من أركان غرفتي
أفتح نافذتي
أتأمل شارعي الكئيب وأسوار مدينتي
أتابع أخبار جريدتي
دعني أرشف عندك
لآخر مرة فنجان قهوتي
ضمني إليك أبتاه قبل أن أودعك
اليوم أعرض عليك دون الأيام صحبتي
أبتي ... قد لا أكون بررْتُ بكَ
واخترتُ دونكَ غربتي
فآمل أن تكون أبرَّ مني بي وبك ابنتي