بسم الله الرحمن الرحيم
فلتنظروا إلي الإبل
عبدالغني خلف الله الربيع
* استهلال : يقول تعالي في محكم التنزيل ..بسم الله الرحمن الرحيم ( أفلا ينظرون إلي الأبل كيف خلقت ) صدق الله العظيم .
كشف علماء الآثار أن الإبل إستؤنست في الجزيرة العربية منذ أكثر من ثمانية آلاف سنة وذلك استناداً إلي تحليلات التنقيب التي أجرتها مصلحة الآثار السورية في موقع يعرف باسم( ) سيهي ..جاء هذا الكشف خلال الندوة التي انعقدت بلندن حول آثار منطقة المحيط الهندي والتي نظمها المتحف البريطاني وشاركت فيها نخبة من علماء الآثار من مختلف دول العالم ..كذلك تم اكتشاف فخاريات متنوعة في مدينة ( ثاج ) علي بعد ثمانين كيلومتراً غربي مدينة الجبيل بالمملكة العربية السعودية تضمنت هذه الفخاريات دمي حيوانية مصنوعة من الطين المحروق وغالباً ما تكون من الطين الأحمر المحروق ومطلية باللون ( الكريم ) أو الأبيض ومعظم هذه الدمي لرؤوس جمال .كما أثبتت التحليلات بواسطة الكربون المشع أن آخر فترة استيطان قديمة عاصرتها مدينة ( ثاج ) الأثرية تعود إلي 2515 سنة من وقتنا الحاضر .. من جهة أخري تشكل نظائر الإبل الأمريكية التي تسمي ( الأكويندس ) باللغة المحلية لأمريكا الجنوبية أهم المصادر الطبيعية في مرتفعات ( الإنديز ) وتشتمل علي أنواع ( الألباكا ) و( الفيكونا ) و( الفوانكو ) وهجينها ..وقد ذكرت هذه الأنواع منذ حوالي أربعة ألف سنة خلت إلا أنه في القرنين الحادي عشر والثاني عشر للميلاد في عهد ما يعرف ب ( الأنكا ) بلغت ( الألباكا ) ذروة تطورها وكان الإعتبار الأساسي لوبرها وليس لحومها وقد استمر هذا الإعتبار حتي عصرنا الحاضر ..إذ أدخلت ( الألباكا ) في معظم معظم برامج التطوير الزراعي بالمنطقة .أما في السودان فقد ألف الناس الإبل منذ 2500 سنة وأحدث ذلك تحولاً اجتماعياً وسياسياً عند الرعاة بانتهاجهم الترحال لمسافت بعيدة وتداخلهم مع القبائل التي تسكن الصحراء وتبادلو المنافع التي تنتجها الإبل كوسيلة للإنتقال وحمل الأمتعة وقد زادت أهمية الإبل عند العرب الرحل عند دخول العرب إلي أفريقيا واعتمادهم الكلي عليها في غدوهم ورواحهم . هذا وقد أضفي المماليك بمصر أهمية أخري للإبل بإعادة فتحهم للطرق البرية المؤدية للأراضي المقدسة من السودان عبر سيناء .
تمكنت الإبل من العيش والإنتاج تحت الظروف المناخية القاسية بفضل صفات فسيولوجية ومورفولوجية تملكها ..ونعود للآية الكريمة ..بسم الله الرحمن الرحيم ( أفلا ينظرون إلي الإبل كيف خلقت ) ..لنقرأها من جديد مع تلك الصفات ..فالأرجل الطويلة تساعد علي الترحال الطويل سعياً وراء الكلأ أو موارد المياه ..وهي تجنبها التأثير المباشر للحرارة المنبعثة من الأرض ..والقدم يتكون من اصبعين لكل واحد منهما ظفر كبير تتشكل خلفه وسادة عريضة من جلد لحمي تمكن الإبل من السير بكفاءة عالية في الرمال الهشة السائبة وكذلك علي الصخور الزلقة والطين ..الجثوم علي الرمال الحارقة متاح للإبل بسبب التحورات الصلبة التي طرأت علي بنية وتركيبة الجلد ..أما الوجه فإن ثمة تحولات شكلية وتشريحية تجعله أكثر مقاومة لطبيعة الصحراء..فهو متطاول وبارز إلي الأمام وينتهي بفم دقيق يمكنه من التقاط الغذاء المبعثر ورموش العين تساعد علي التحكم بفتحة العين وهذا يحول بالتأكيد دون دخول كميات كبيرة من الرمال المؤذية إلي العينين أثناء السير وسط العواصف الهوجاء التي تذروها الرياح بقوة ..وبطبيعة الحال فإن الرمال تلك تدخل منها كميات قليلة إلي الأنف وأجهزة التنفس لكن الزوائد الأنفية المكونة في مجاله الداخلي بقوامها الطري تسهل عملية التنفس وسط تلك العواصف العاتية أما التغذي علي النباتات ذات الأشواك الحادة جداً وكذلك العشبية التي لن تتمكن الحيوانات الأخري من الأقتراب منها فإن الشفتين المطاطيتين والقاسيتين تمكن الإبل بالتهامها بسهولة لتمرر الأشواك وتستبقي الوريقات النباتية وتساعد الرقبة الطويلة كثيرة المرونة بحيث يمكنها التقاط ثمرة من أعلي الشجرة وقطعة فاكهة من علي الأرض والأعشاب الصغيرة كذلك ويعتبر السودان ثاني اكبر دولة منتجة للإبل في العالم بعد الصومال قياساً غلي عدد السكان.. نعم الصومال البلد الأكثر إنتاجاً للإبل للموز والإبل والذي تطحنه الحروب ليس كما يتصور البعض ..فقير وضائع ...والسودان بهذه الصفة مرشح لقيادة العالم في مجال تربية وإنتاج الإبل فيما لو تم التخطيط جدياً مع الرعاة وأصحاب الإبل بولايات السودان المختلفة .وفي جانب خر فإن للأبلخواص عجيبة للغاية فهو الحيوانالوحيد الذي باستطاعته إعادة البول من المثانة وتكريره عبر الكليتين ومن ثمّ الاستفادة منه من جديد وهي لا تصاب بالصدمة مثل بقية الحيوانات عندما تشرب برميل ماء كامل بعد العطش المرة القادمة نواصل التجوال في عالم الإبل بإذنه تعالي .
*