مُناجاةٌ
بينَ أُم ٍفلسطينية وإبنها
هذه الملحمة ُالشعرية ُمُهداة إلى أشرفِ وأطهرِ وأنقى وأكرَم ِ الناس جميعاً،إلى شهدائِنا الأبراروالذين أضاؤوا بدمائِهم الزكية مشاعل الحرية والفداء.
للشاعر : بشار أبو صلاح
الإبن :-
أمَّاهُ قولي واصدُقيني مَرَّةً
أبَتي الذي قد غابَ عنا مِنْ زَمَـــــــــــــنْ
ما عادَ يُؤنِسُنا ... كَسابق ِعَهْدِهِ
إذ كانَ يملأ ُبيتَنا ... ضَحِكـــــــــــــا ًوَفَنْ
قد كانَ يَرْجعُ باسِماً وَيَضُمُني
مُتَلهِفاً .. يُدْني يَـــــــــــــــدَىَّ وَيَحْتَـضِنْ
أمَّاهُ قولي لا تزيدي حَيْرَتي
لا تترُكيني للوساوِسِ مُرْتَهَــــــــــــــــن ْ
قد قلتِ لي : تَرَكَ البلادَ مُسافِراً
سَيَعودُ يَوْماً لِلْحِمى ... لا تَحْــــــــزَنَــــنْ
الأم :-
كَمْ قد صَبَرتُ على فِراقِهِ ماضياً
لكنْ لأصْبِرَ لاحِقاً ... ما لا أظـُــــــــــــــنْ
أبُنَيَّ ... إنَّ أباكَ قَبْلَ رَحيلِهِ
أوصى بأنْ أرعاكَ كَيْ تَتَعَلَمَـــــــــــــــ ـنْ
وَرَنا إلَيْكَ مُوَدِعاً وَمُقَبِّلاً
وَتَساقَطَتْ دَمَعاتُهُ فكأنْ .... وَلَــــــــــــنْ
قد قالَ لي (حَسَنٌ).. أمانَتُكِ التي
فخري وَفخرُكِ .. زَوْجَتي أم ُّالحَسَــــــنْ
لا تَتْرُكيهِ مُضَيِّعاً أوقاتَهُ
بل لقنيهِ العِلمَ .. ما كانَ الثَمَــــــــــــــــنْ
الإبن:-
أفلَمْ تَرِيْ.. أني نَجَحْتُ وَأَنَني
مُتَفَوِقٌ .. مُتَمَيِّزٌ .. أفلَمْ يَحـِـــــــــــــــــنْ
لَكِ أنْ تقولي قَوْلَةً أخْفَيْتِها
عَني .... إذا لم تقولي قــــــدْ أُجَــــــــــنْ
كُلُ الرِفاقِ لديهِمُ آباؤهُـــمْ
إلا أنا ... فأبي خَيالٌ أوْ شَـــــــــــــــــجَنْ
قولي بربكِ أسْمِعيني قَوْلَةً
أنسى هُمومي كُلَها ... وَلأَطمئِـــــــــــــنْ
أفترتَضيني في عَذاب ٍ دائم ٍ
أحيا على طولِ انتظارِه ِفي حَــــــــــــزَنْ
رُدي عَلَيَّ وَلا تَخافي راجياً
فأنا كَبُرْتُ وَلَمْ أعُدْ أخشى المِـــــــــــحَنْ
الأم :-
حَسَنٌ تأنى وَلا تَكُنْ مُتَعَجِلاً
إنَّ التَعَجُلَ في الأمورِ مِنَ الفِتَــــــــــــــنْ
فالمرءُ يسمو شامِخاً مُتَعَلِماً
ها أنتَ في السنةِ الأخيرَةِ مُمْتَحَــــــــــنْ
قد قالَ لي لا تُعْلِميهِ بأنني
قد غِبْتُ حتى ينجَحَنَّ ..... وَيَبْــــــــــلُغَنْ
مِنْ مَرْتَباتِ العِلْمِ مَرْتَبَةً سَمَتْ
وَيَصيرُ في العلياءِ ذُخراً لِلْوَطَـــــــــــــنْ
قولي لَهُ إنْ جاءَ يَسْألُ أينَني؟؟
هوذا أبوكَ مُصَوَرٌ فلتَسْكُتَـــــــــــــــ ــــنْ
وَسَطَ الجدارِ وَباسِمٌ وَكَأَنَّهُ
ما غابَ عَنا لحظة ًلا ... لا تَئِــــــــــــــنْ
الإبن :-
أمَّاهُ إني مِثلما تَلْقَيْنَني
وَتَرَيْنَني .. رَجُلٌ بفكرِهِ والبَـــــــــــــــدَنْ
قد صِرْتُ .. في سِنِّ الرُجولَةِ حالِماً
مُتَطَلِعاً والسِّرُ عِنْدَكِ قد دُفِـــــــــــــــــــنْ
تمضي السُنونُ وَلمْ ألاقي إجابَةً
تَشفي غليلي والفُؤادَ وما بَطَـــــــــــــــنْ
ما عُدْتُ في عَهْدِ الطفولَةِ باكياً
حتى تَخافي أنْ أموتَ مِنَ الوَهَــــــــــــنْ
فأنا الفلسطينيّ ُتلك هَوِيَتي
يسمو شُموخي عاصِفاً رَغْمَ العَفَـــــــــنْ
الأم :-
حَسَنٌ بُنَيَّ... كَبُرْتَ في عيني أنا
وَأراكَ مِثلَ أبيكَ في ماضي الزمَــــــــــنْ
إذ قال لي : لا تُعلميهِ بقصتي
حتى تَرَيْهِ ثائِراً لا.. . لا يـَـكِـــــــــــــــنْ
قَسَماتُكَ اللاتي رَسَمْنَ رُجولَةً
قد ذكرتني بالشهيدِ أبي الحَسَــــــــــــــنْ
الإبن :-
ما قلتِ أُمي الآنَ... قولي عالياً
فأبي شَهيدٌ ...راحِلٌ عنــــــــــــــــــا إِذَنْ
قد راحَ ماتَ !!.. ولم يَعُدْ حياً هُنا
عَجَبٌ خيالي وانتظاري مَحْضُ ظَــــــــنْ
الأم :-
ضاءَ الطريقَ إلى البلاد وإِنَّهُ
ما ماتَ قطعاً ... إنّهُ فوقَ المُـــــــــــــزَنْ
وَسِلاحُهُ خَبَأْتُهُ مِنْ بَعْدِ ما
عادَ العريسُ مُحَمَّلاً وَسَطَ الكَفَـــــــــــــنْ
هي ذي الحياةُ أيا حبيبي مَنْ يَمُتْ
منا شهيداً..لا يرى غَــــــــــــــــيْرَالم ِنَنْ
وَجَزاءُهُ جَناتُ عَدْن ٍمثلمــــــــــا
وَعَدَ الإلهُ بِقَوْلِهِ (( لا تَحْسَبَـــــــــــــن))
الإبن :-
هاتِ السلاحَ أمـــــــانَةً قَدْ صُنْتِها
بارودُهــــــــــــا يُحْيِّ النفوسَ مِنَ الحَــزَن
فأنا الفلسطينيُّ .. أعشَقُ موطِني
سأذودُ عَنْ وَطَني الذي فينا سَكَــــــــــــنْ
فإذا سَقَطتُ وطالَني نابُ الردى
فَجهادُنا فرضٌ وَ ليسَ مِنَ السُنَـــــــــــنْ