أحدث المشاركات
صفحة 6 من 12 الأولىالأولى 123456789101112 الأخيرةالأخيرة
النتائج 51 إلى 60 من 118

الموضوع: الخلق والنشوء بين نظريات الماديين وحقائق القرآن الكريم

  1. #51

  2. #52
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي



    على هامش نظريات التطور والارتقاء المادي

    [IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/IMG]
    إنَّ داروين حاول جاهداً إثبات إنّ الإنسان نشأ من صورة دنيا هي أقرب إلى القردة العليا منها إلى أية صورة أخرى من صور الأحياء. ولإثبات ذلك فهو يرى أن من الحقائق التي لها دلالتها الواضحة القوية أن الإنسان مركب على نفس الغرار العام – وإن شئت فقل على نفس القالب – الذي انصبت فيه بقية الحيوانات ذوات الثدي " Mammilla "، كل العظام التي يتألف منها هيكله لها ما يماثلها في القرد أو السعدان أو الصيل Seal أو الخفاش " Ordinary bats " وكذلك عضلاته وأعصابه وأوعيته الدّموية وأمعاؤه، والدّماغ من أهم الأعضاء جميعاً لا يند عن ذلك القانون كما أبان المُشَرِّح هكسـلي وغيره من مشاهير المُشرّحين، ناسياً أو متجاهلاً أنّ دماغ الإنسان وحده من دون الأدمغة هو الدماغ الصالح للتفكير، في حين أن بقية الأدمغة هي أدمغة غير صالحة للربط والتفكير.[ 1] ويســتطرد الداروينيون في تبريراتهم الواهية فيقولون:
    ( قد يتقبل الإنسان من حيوانات أحط منه، كما ينقل إليها أمراضاً معينة مثل: السعار[2 ] والذيبة والزهري والكوليرا والهرس وغير ذلك، وهذه الحقيقة تقيم الدّليل على المشابهة بين الأنسجة والدّم سواء في التّركيب أم في التّكوين، على صورة من الوضوح والجلاء بحيث لا تبلغ إليها المقارنة بأقوى المجاهر أو أدق التحليلات الكيماوية)[3 ]
    أما السعادين "النسانيس" فهي عرضة للإصابة بنفس الأعراض غير المُعدية التي يتعرض لها الإنسان، ولقد عرف "ريخر" بعد أن عكف طويلاً على ملاحظة نوع منها وهو المسمى "الحَوْدَل الإزاري" في مواطنه أن هذا السعدان كثير الاستجابة للزكام "Coryza" بنفس أعراضه المعروفة، وأنّ الزكام إذا عاوده في فترات قريبة فقد يكون سبباً في إصابته بالسّل " Tuberculosis "، وتصاب تلك السعادين أيضاً بأمراض: مرض التهاب الأمعـاء "Enteritis "، الحمره "Schweinerotlauf" ومرض بياض العين "Albugina ocali". كما لاحظ أنّ صغارها قد تموت وهي تشقُّ أسنان اللّبن. وللعقاقير فيها نفس تأثيرها في الإنسان . وكثير من السعادين تهوى شرب القهوة والشاي والمشروبات الكحولية، وتدخن الطباق بلذة متناهية.[4 ]

    ويؤكد برهم أنّ سكان شرقي أفريقية يصطادون الرّبابيخ وهي جنس من السعادين الكبيرة بأن يَترُكوا بمقربة من مرابعها أوعية مفعمة ببوظة المريسة لتشرب منها حتى تثمل.ويستطرد برهم أنّه رأى بعض تلك السعادين وكانت مأسورة عنده في مثل هذه الحال، ووصف من تصرفاتها وسـلوكها وحركاتها ما يُضحِكُ وَيُسـَلي، وأردف قائلاً: أنها في صبيحة اليوم التالي كانت في خُمار شديد، كظيمة خائرة القوى، تُمْسِكُ رؤوسها المصدعة بيديها معبرة عن آلامها بما يثير الشفقة بها والعطف عليها، فإذا قدّمت لها المريسة أو الخمر ثانية عافتها وتنكرت لها ورفضتها، واستحبت شراب الليمون.[5 ]

    وعرف عن سعدان أمريكي من نوع الكهول خَمِرَ مَرَةً بشراب البراندي فعافه ولم يمسه مرة أخرى، ويعلق الكاتب على ذلك الحادث قائلاً (فكان بذلك أعقَلَ من أبناء آدم)[ 6] ويستدلون بأمثال تلك الحوادث على بساطتها بأنها تظهر إلى أي حد تصل المشابهة بين أعصاب الذّوق في الإنسان وبين أعصاب الذّوق في السعدان وعلى أي صورة من التماثل يتأثر الجهاز العصبي في كليهما، وقد قمت بتفسير وتعليل أسباب تلك الظواهر في فصل لاحقٍ من الكتاب تحت عنوان "الإدراك الفكري والتمييز الغريزي" فيمكن الرجوع إليه لمن شاء.[7 ]

    يغزو الإنسان طفيليات جوفيـة " Entozoan " كثيراً ما يكون لها آثاراً مهلكة، كما أنه يصاب بطفيليات خارجيـة "Entophyte"، وكلها ترتد إلى ذات الأجناس أو الفصائل التي تصيب غيره من الثدييات، وفي مرض الجرب "Scabies" تكون من نفس النَّوع في كليهما، ويتعرَّض الإنسان كما تتعرض الحيوانات والطيور وحتى الحشرات لحكم تلك السُّنَة الخفية التي تسبب مظاهر سوية في الأفراد كالحمل ونضوج حضانة بعض الأمراض ومداها، والجروح في الإنسان تلتئم بنفس الطريقة التي تلتئم بها في الحيوان، وكذلك الجذامير التي تتخلف بعد بتر بعض أطرافه وبخاصة في بداية الطور الجنيني كثيراً ما تكون حائزة للقدرة على التّجدد كما يشاهد في أحط صور الحيوان.[8 ]


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فون باير
    مما تقدم يذهبون إلى أنَّ علاقة الإنسان بما هو أدنى منه في عالم الحيوان هي علاقة تتجاوز وتتخطى حدُّ التّشابه الظاهري، بل تتخطى هذه العلاقة الظاهرية إلى علاقة النشأة والدّم والاستعداد الفسيولوجي، ويؤكد فون باير " Von Baer " أنه عندما يتقدم تخلّق الجنين البشري شيئاً ما تبدو أطرافه " اليدان والساقان " متخلقة على نفس الصورة السّوية التي تظهر بها أرجل العظايا "السّحالي" وذوات الثدي وأجنحة الطيور وأرجلها.[9 ] ويستندون في ذلك أيضأ إلى قول المُشَرِّح بيشوف حيث يقول: (إنَّ تلافيف الدّماغ في الجنين البشري عندما يبلغ الشهر السابع من العمر يكون مماثلاً من حيث النّماء والتكوين لدماغ الحبن[10 ] عند البلوغ ).[ 11] إلا أنَّ بيشوف نفسه يقول: (من المسَلّم به أن كل شق وكل طية في دماغ الإنسان لها ما يقابلها في الأرطان[ 12] وهو نوع من القردة، ولكن دماغيهما لا يتماثلان في أي طور من أطوار نمائهما، وذلك يعني عدم تماثلهما) إلى أن يخلص إلى نتيجة عدم تماثلهما ليبرهن على تفارقهما أصلاً، وذلك يعني عدم تماثل القدرات العاقلة في كليهما.[13 ]

    [IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/IMG]
    أمّا العالم الطبيعي الإنجليزي "توماس هنري هكسلي" وهو عالم تشريح أيضاً ومن أشهر من ناصر داروين في الترويج لمذهبه فيقول: (في مدارج متقدمة من تطور الجنين البشري تبدو الانحرافات التي تميزه عن جنين القرد، في حين أنَّ جنين القرد ينحرف عن جنين الكلب في تخلقه بمقدار ما ينحرف جنين الإنسان عن جنين القرد، وبالرغم مما في هذه الحقائق من الرّوعة البالغة فإنها حقائق ثابتة تؤيدها المشاهدة.)[14 ]

    [IMG]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    [/IMG]
    أمّا العلامة "ويمان" فقد وجد أنّ إبهام القدم في جنين بشري طوله بوصة واحدة يكون أقصر من بقية الأصابع ويبرز منحرفاً عن القدم مكوناً في انحرافه زاويةٌ حادّة مقدارها كنفس مقدار نفس الزاوية التي ينحرف بها عن إبهام القدم في بقية الأصابع في الأيودات التي هي القردة بِأجناسـها الأربعـة المعروفـة "الغرلي، الشمزي، الأرطان والحبن). في حين أنَّ المشرح المعروف ريتشارد أوين له رأي آخر في ذلك وهو أن إبهام القدم في الإنسان وهو مركز الاتزان عند الوقوف والمشي ربما يكون أخصٌُّ تركيب تشريحي فيه.[15 ]

    وخلاصة القول في هذا الموضوع عند علاّمتهم هكسـلي حيث يتساءل: هل يتولد الإنسان بأسلوب غير الأسلوب الذي تتولد فيه الكلاب والطيور والضفادع والأسماك وغيرها من ذوات الفقار؟ فيجيب على تساؤلاته قائلاً: (إنه لا يتردد لحظة واحدة في القول بأن أسلوب التّولد البشري وبخاصة في خلال المدارج الأولى من تخلقة الجنيني مماثل تماماً للأسلوب الذي تتوالد فيه أجنّة غيره من الحيوانات التي تنزل عنه في سلم التطور، وأنّ الإنسان من حيث علاقته النشوئية أقرب إلى القردة من علاقة القردة بجنس الكلاب، أي أن الفرجة بين الكلاب والقردة تتسع بينما تضيق بين الإنسان والقردة العليا)[ 16]

    أما داروين نفسه فيقول: (إنّ نظام العظام لهو نفسه في يد الإنسان وفي جناح الخفاش وفي زعنفة سلحفاة الماء وفي رجل الحصان، ونفس العدد من الفقرات هو في رقبة الزرافة ورقبة الفيل، وحقائق أخرى لا تعد كلها تغدو مفسرة واضحة في الحال على أساس نظرية التطور عن طريـق التحولات الطفيفة البطيئة المتتابعة. وكذلك تشـابه النظام بين جناح الخفاش ورجله رغم استعمالهما في غرضين مختلفيـن، وبين فك سرطان البحر ورجله، كلها يسهل فهمها على أساس التحول التدريجي للأشياء وللأجزاء أو الأعضاء التي كانت متشابهة في الأسلاف المبكرة في طائفة من الطوائف)[17 ]

    وتبريرات أخرى في نفس الموضوع لتأكيد الأصل المشترك الواحد: (إنَّ التراكيب في بعض الحيوانات لها أصل واحد، مثال ذلك الأطراف الخماسية الأصابع في جميع فقاريات اليابسة نجدها مبنية على نظام واحد وإن كانت تختلف أحياناً في الوظيفة التي تؤديها، ومثل تلك التراكيب تسمى بالتراكيب المتشابهة تركيبياً " homologous structures "، فجناح الخفاش ومجداف الحوت ورجل الكلب متشابهة تركيبياً وإن كانت تؤدي وظيفة واحدة هي المعاونة على الحركة ولكنها حركة تختلف من مثال لآخر، الأول في الطيران والثاني في السباحة والثالث في المشي، وتختلف أجنحة الحشرات عن أجنحة الطيور والخفافيش اختلافا تاماً في التراكيب ولكنها تتشابه في الوظيفة وهي معاونة الحيوان على الطيران، ومثل تلك التراكيب المتشابهة وظيفياً " analogous structures " وغني عن البيان أنها مختلفة الأصول، وهناك أمثلة لا حصر لها عن هذين النوعين من التراكيب.

    فالتعرف على التراكيب المتشابهة تركيبياً دليل قوي على التشابه الأساسي في التصميم، وهذا لا يمكن شرحه إلا بافتراض أنَّ الجماعات التي توجد بها هذه التراكيب لا بد أن تكون من اصل مشترك واحد.[ 18]
    >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>


    المراجع والمصادر

    [1] المرجع، صفحه ( 53 ).
    [2] السعار: داء الكَلَب.
    [3] المرجع، صفحه ( 53 ).
    [4] المرجع، صفحه ( 54 ).
    [5] المرجع، صفحه ( 54 ).
    [6] المرجع، صفحه ( 54 ).
    [7] الباب الخامس - الفصل الثاني .
    [8] المرجع، الصفحات ( 54 – 55 ).
    [9] المرجع، صفحه ( 55 ).
    [10] الحبن هو نوع من " القرود المشابهة للإنسان ".
    [11] المرجع، صفحه ( 56 ).
    [12] الأرطان: إنسان الغاب، وهو نوع من " القردة المشابهة للإنسان ".
    [13] المرجع ، الصفحات ( 53 – 56 ) .
    [14] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
    [15] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
    [16] المرجع، الصفحات ( 53 – 56 ).
    [ 17] المرجع، صفحه ( 765 ).
    [ 18] دكتور فؤاد خليل وآخرين، علم الحيوان العام، صفحة ( 1102 ).



    @ 4300/52/53/6/99/105/1

  3. #53
  4. #54
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حاتم ناصر الشرباتي مشاهدة المشاركة

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    البهائم العجماء ، هل تشترك مع الإنسان في النّسَب والقرابة بالنشوء من أصل واحد؟

    والجواب : هذا ما سنقرره لاحقاً بالأدلة الداحضة

    تابعوا معنا رجاءاً


    >>>>>>106 /2

  5. #55
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    عــوامــــل التطـــور[ 1]

    في سنة 1859 هاجم داروين بشدّة الاعتقاد بأنَّ كل نوع من الأنواع الحيّة قد خُلِقَ خَلْقاً مسـتقلاً Special creation، وأنَّ جميع الكائنات قد خُلِقَت من العدم، وأن الكائنات الموجودة هي ثابتة لم تتغيّر ولم تتطور، وأنها احتفظت على الدّوام بأشكالها التي خُلقت بها أولَ مرّة، فقد ادعي داروين أنّ الأنواع المختلفة نباتاً كانت أم حيواناً ومعها الإنسان إنما نشأت تدرجاً من طريق الاحتفاظ بمختلف التحولات التي تنشأ في أفراد كل منها، إلا أنّ هذا التَّحول قد استغرق أحقاباً طويلة وفقاً لما يقتضيه تأثير سنن طبيعية دائمة التأثير في طبائع الأحياء.

    سميت مقولة داروين تلك "نظرية التطور Evolution" ولقد شرح داروين أنَّ في مستطاع الإنسان أن يبتكر في السلالات الداجنة من صور مستحدثة بالانتخاب الاصطناعي Artificial selection وأنَّ في مكنة الطبيعة أن تستحدث مثله بالانتخاب الطبيعيNatural Selection، وإن كان الانتخاب الطبيعي أبطأ أثراً في تحول الأحياء بالانتخاب الصناعي.

    أمّا العوامل الطبيعية التي يؤدي فعلها إلى التّطور ونشوء الأحياء فحصرها في خمسة عوامل هي:

    1. الوراثة Heredity: ومحصلها أنَّ الشَّبه يأتي بمشابهه، فالسنانير لا تلد كلاباً بل سنانيراً، أي أنَّ صغار كل نوع تشابه آبائها، ذلك في النبات كما في الحيوان.

    2. التحولية "أي الاستعداد للتحول" Variability: وذلك أنَّ أفراد كل نوع تتشابه ولا تتماثل، أي لا تكون نسخة مطابقة لأصولها، فهي تشابه آبائها ولكن لا تماثلهم، ففي بطن من السنانير مثلاً لا تقع على اثنين متماثلين تماماً، وإن تشابه الجميع حتى في اللون فإنها تختلف في الظلال التي يمتد فيها اللون.

    3. التّوالد Nasality: وهو ناتج عن إسراف الطّبيعة، فإنَّ ما يولَد من النبات والحيوان أكثر مما يقدّر له البقاء، فالطبيعة تُسـرف في الإيجاد كما تسـرف في الإفناء، ومن هنا ينشأ العامل الرابع وهو:

    4. التناحر بين المخلوقات على البقاء Atuggle for existence : أو ما يسمى "تنازع البقاء Competition " وهو عامل غير منقطع الفعل ، فكل نبات أو حيوان يبرز في الوجود ينبغي له أن يسعى إلى الرّزق وأن يجالد في سبيل ذلك وأن يجاهد غيره ويصارعه على ضرورات الحياة مما ينشأ عن ذلك " بقاء الأصلح " :

    5. البقاء للأصلح Survival for the fittest: فالأفراد التي تتزود من بنائها بقوة أوفى أو حيلة أزكى أو تكون أقدر على مقاومة أفاعيل الطّبيعة تكون أكثر قابلية للبقاء، وإعقاب نسل فيه صفاتها التي مكنت له لها في الحياة.

    هذه هي العوامل التي تؤدي إلى الانتخاب الطبيعي مما يؤدي إلى تطور الأنواع مما يُحدث نشوء أنواع جديدة ذات قدرات وصفات مُحسّنة متطورة، ومما يذكر أنّ تلك العوامل هي المعتمدة في المذهب التّطوري الأكثر شيوعاً والذي ينتمي إليه غالبية دعاة التّطور وهو المذهب الدارويني، في حين أنّ هناك مذاهب تطورية أخرى تخالف داروين في عوامل التّطور معتمدة غيرها كما ذكرنا في فصل سابق.[2 ]

    والانتخاب الطبيعي في نظر داروين هو مصاحب لفكرة التكيف مع البيئة أو التبايؤ "Adaptation " أو هو نتيجة حتمية لها، الذي هو عملية يتكيف بها الحيوان أو النبات مع محيطه وإلا خيف عليه من الانقراض، كما يُعرَّف بأنّه وجود صفة أو صفات وراثية تزيد من قدرة الفرد على البقاء والتناسل في بيئته، فهو تَكَيُف الكائن الحي مع بيئته التي يعيش فيها.[3 ]

    والتكيف لا يشمل الشكل والتركيب فقط، بل يشمل الوظيفة أيضاً، فهم يقولون أنَّ الكائنات الحية تتكيف كل حسب ظروف البيئة التي تعيش بها، فمثلاً تختلف أشكال المناقير في الطيور لتلائم نوع الغذاء التي تقتات به، والأسماك تتكيف بطرق عديدة في الشكل والتركيب لتناسب الوسط المائي الذي تعيش به، وقد فسّرَ داروين التّكيف الذي لاحظه في الكائنات الحية بأنّه نتيجة للانتخاب الطبيعي. فالأفراد المتكيفة مع بيئتها قد انحدرت من أسلاف ذات صفات ملائمة للبيئة أكثر من باقي أفراد نوعها في تلك البيئة ونقلت بعامل الوراثة هذه الصفات إلى نسلها، وهكذا فالانتخاب الطبيعي ينتج أفراداً متكيفة مع بيئتها. لـــــذا فقد استحدثوا علماً منفرداً بذلك سموه "البيئيات" أو"علم الأحياء البيئي"[ 4] " ecology " "environmental biology" الذي هـو فـرع من علم الأحيـاء يعنى بعلاقـة المتعضيات[ 5] بعضها بالبعض الآخر وبعلاقتها بالبيئة الطبيعية، وهو يدرس في المقام الأول المناخ الجغرافي الملائم لحياة النوع، كما يدرس مسألة الغذاء لصلتها الوثيقة بالبيئة، ومسألة التكاثر والتناسل لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى مشاكل خاصة بالغذاء يضطر معها أفراد النوع إما إلى التكيف مع البيئة بالحد من التكاثر، أو إلى الهجرة إلى موطن آخر "emigration" أو البقاء بغير تكيف وبذلك يسير النوع في طريق الانقراض "extinction". وفي محاولتهم لإثبات مقولة الانتخاب الطبيعي فقد قاموا بإجراء تجارب في المختبر اعتمدوها للتدليل على مقولتهم منها: ( وضع في طبق معين 100 مليون خلية بكتيريا من نوع معين هو Staphylococcus aurous وقد عُرِضَ الطبق لجرعة بنسلين مخففة، فكانت النتيجة أن ماتت معظم الخلايا وبقي أقل من 10 خلايا تناسلت وأعطت نسلاً استطاع جميعه أن يقاوم هذه الجرعة المخففة، أما عند مضاعفة تركيز البنسلين في الطبق فقد ماتت جميع أفراد البكتيريا المقاومة للجرعة المخففة تقريباً ولم يبق سوى أفراد قليلة جداً. وقد أعيدت تلك التجربة خمس مرات فكانت النتيجة الحصول على بكتيريا تستطيع مقاومة جرعة بنسلين أقوى من الجرعة التي استخدمت في الجرعة الأولى 2500 مرّة، والحقيقة أنّ هذه البكتيريا المقاومة للبنسلين هي من نسل الأفراد القليلة التي كانت تنتخب في كل جيل، أي أنَّ هذه البكتيريا المقاومة هي نتيجة الانتخاب الطبيعي، وليست هي التي قامت بتكوين المقاومَة ضد البنسلين.)[ 6]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    البنسلين ومكتشف البنسلين الكسندر فلمنج




    ________________
    [1] المرجع، الصفحات ( 38 – 39 ).
    [2] الفصل الثالث، أشهر المذاهب التطورية
    [3] د. عدنان بدران وآخرين، البيولوجيا، صفحه ( 125 ).
    - موسوعة المورد العربية ، منير البعلبكي ، جزء ( 1 ) صفحه ( 296 ) .
    [4] البيئيات، علم الأحياء البيئي: فرع من علم الأحياء يُعنى بعلاقة المتعضيات بعضها ببعضها الآخر، وبعلاقتها ببيئتها الطبيعية.ينقسم عادةً إلى فرعين رئيسيين: بيئيات الحيوان وبيئيات النبات. وهو يدرس في المقام الأول المناخ الجغرافي الملائم لحياة النوع، كما يدرس مسألة الغذاء لصلتها الوثيقة بالبيئة، ومسألة التكاثر والتناسل لأن هذه الظاهرة كثيراً ما تؤدي إلى مشكلات خاصة بالغذاء يُضطر معها أفراد النوع إلى اتخاذ واحد من ثلاثة سبل: التكيف مع البيئة للحد من التكاثر، أو الهجرة إلى موطن آخر، أو البقاء دون تكيف وبذلك يسير النوع في طريق الانقراض. – علم البيئة البشري علاقة الإنسان ببيئته الطبيعية، كما يدرس مشكلات معقدة أخرى كالهجرة من الأرياف إلى المدن، ونشوء المجتمعات الصناعية، وغير ذلك من المسائل الناشئة عن التطور الاجتماعي المتسارع.
    [5] المتعضي " Organism " : كائن حي مؤهل للعيش بالاستعانة بأعضاء منفصلة من حيث الوظيفة، ولكن بعضها يعتمد على البعض الآخر. والحيوانات والنباتات كلها متعضيات. وبعض المتعضيات بالغ الصغر إلى حَد يتعذر معه رؤيته بالعين المجردة، ومن أجل ذلك ندعوه " المتعضي ألمجهري microorganisms " -
    [6] المصدر السابق، صفحه ( 126 ).



    @4402/66/6
    #101/104/2
    >>>>>>>>>>>104/2

  6. #56
  7. #57
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    Thumbs up @4487/57/6/104/106/2

    2
    ومثال آخر يوضح أثر الانتخاب الطبيعي هو الذباب وأحد المبيــدات الحشرية "D.D.T." الذي عندما استعمل لأول مرّة للقضاء على ذباب المنازل كان ناجحاً، على أننا ما لبثنا بعد عدة سنوات أن وجدنا أنّ ألذباب أصبحت له مناعــة لتلك المادة، وتفسير ذلك أنه في السنة الأولى لاستعمال ذلك المبيد الحشري قتل تقريباً جميع الذباب ما عدا قليل لم يقتل بسبب اختلافات وراثية موجودة به مميزة عن غيره من بقية الأفراد وتضفي عليه مناعة ضد المبيد الحشري، فكانت النتيجة أن بقي هذا العدد القليل وتناسل فأنتج أفراداً ذات مقاومة، وعندما اسـتعمل ألـ " D.D.T. " بعد ذلك أصبح أقل تأثيراً وبقي الذباب المقاوم له بسـبب الانتخاب الطبيعي وماتت الأفراد القليلة غير المقاوِمَة، وكان كلما يستعمل آل " D.D.T. " يبقى عندنا أكثر الذباب المقاوم حتى أصبح معظم الذباب الموجود في المنازل مقاوماً لمادة أل " D.D.T" ويردون ذلك إلى أنّ الانتخاب الطبيعي هو الذي أنتج لنا الذباب المقاوم وليس مبيد أل "D.D.T.".[1 ]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ومثال آخر لوحظ في التلال الصغيرة ذات الرمال البيضاء، ففي نيو مكسيكيو شوهد أنَّ الحيوانات الموجودة عليها كالسحالي والحشرات والفئران كلها ذات لون أبيض تقريباً، بينما الحيوانات الموجودة حول تلك التلال حيث الرمال الحمراء كلها كانت ذات لون أحمر، أي أنَّ لون الحيوان يكون حسب لون الوسط الذي يعيش فيه، فيفسرون وجود الحيوانات بتلك الألوان في هذين الوسطين بالانتخاب الطبيعي أي من نتائجه، إذ أن كل وسط كان يحوى حيوانات ذات ألوان أخرى بالإضافة إلى المشابهة في ألوان تلك الحيوانات المخالفة للون الوسط لأنه يسهل رؤيتها من قبل أعدائها المفترسة، بينما بقيت الحيوانات ذات اللون المشابه للوسط لصعوبة رؤيتها من قبل أعدائها.[ 2]

    هذه هي عوامل التطور في مذهب داروين وهو المذهب التّطوري الأكثر شيوعاً، في حين أنَّ مذاهب أخرى ترجعها إلى عوامل أخرى، وأشهر تلك المذاهب هو مذهب لامارك الذي يردها إلى عاملين أو قانونين:


    [1] قانون الاستعمال والإهمال. [2] قانون توارث الصفات المكتسبة.[3 ]

    في حين أنَّ دي فريز مثلاً يُرجع التّطور إلى عامل واحد فقط هو "الطفرة Mutation" والتي تعني التّحول المفاجئ الذي يطرأ على المادة الوراثية في الكائن الحي تؤثر على الحامض النووي " DNA " الذي تتركب منه الجينات فيؤدي إلى نشوء مواليد جديدة ذات خصائص لم تكن لأي من الأبوين المنتجين.[4 ]

    أما "مذهب أرسطو" فيرجع ذلك إلى قانون الخلق التلقائي "Spontaneous generation" والذي يطلق عليه أيضاً التّولد الذاتي "A biogenesis autogenesis" وهي نظرية حاولت أن تفسر نشوء الحياة من مادة غير حية، ووفقاً لهذه النظرية اعتقد بعض الناس بأن قطع الجِبْن وكِسر الخبز الملفوفة في أسمال بالية والملقاة في زاوية مظلمة كانت تولد بعض الفئران، وذلك بسبب ظهور تلك الفئران في تلك الأسمال البالية بعد أسابيع محدودة، وقد آمن كثيرون بتلك النظرية لأنه كان يقدم لهم تفسيراً لظهور اليرقات على اللحم الفاسد، حتى إذا كان القرن الثامن عشر أصبح واضحاً أنَّ المتعضيات العليا لا يمكن أن تنشأ من مواد غير حية، علماً بأن علمائهم لم يتركوا تلك المقولة نهائياً وبشكل حاسم، إذ أنّ مسألة نشوء المتعضيات المجهرية كالبكتيريا مثلاً لم تُحْسَم لديهم نهائياً إلا بعد أن اثبت باسـتور في القرن التاسع عشر أنَّ المتعضيات المجهرية تتكاثر أو تتوالد.[5]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ________________
    [1] المرجع السابق، صفحه ( 127 ) .
    [2] المرجع السابق، صفحه ( 127 – 128 ) .
    [3]المرجع السابق، صفحه ( 124 ) .
    [4] المرجع السابق، صفحه ( 128 ). وموسوعة المورد العربية، المجلد الثاني، صفحه ( 740 ) .
    [5] موسوعة المورد العربية، المجلد الأول، صفحه ( 348 ).



    >>>>>>107/2

  8. #58
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي 2 4901/58/6/107/110/2

    الخَلــق والصُّدفــة العشوائيـــة[1 ]
    يقول الفيلسوف "برتراند راسل": (ليس وراء الإنسان غاية أو تدبر، إنَّ نشأته وحياته وآماله ومخاوفه وعواطفه وعقائده ليست إلا نتيجة لاجتماع ذرات جسمه عن طريق المصادفة).[2 ]
    أما هُكسلي فبسذاجة متناهية وتبريرات واهية تنم عن طيش ورعونة وعن خيال واسع فيقول: (لو جلست ستة من القرود على الآت كاتبة وظَلَت تضرب على حروفها لملايين السنين، فلا نستبعد أن نجد في بعض الأوراق الأخيرة التي كتبوها قصيدة من قصائد شكسبير "!!!" فكذلك كان الكون الموجود الآن نتيجة لعمليات عمياء ظلَت تدور في المادة لبلايين السنين).[3 ] أما عالم البيولوجيا هيكل "Heckle " فقد تطاول أو تغابى حين قال في هرطقة متغابية: (ائتوني بالهواء والماء وبالأجهزة الكيماوية اللازمة وبالوقت وسأخلق الإنسان).[ 4]
    أما تاريخ الخلق فيحدده جورج جامبوفي كتابه "تاريخ الأرض" وفقا لمعاييره واستنتاجاته وتصوراته كما يلي: (إنَّ الكون قد بدأ تطوره منذ بليون بليون سنه، أما الأرض فقد نشأت حديثا جداً إذ لم توجد إلا منذ بليونين من السنين، وظهرت الحياة على الأرض من بليون سنه، وظهرت الحيوانات البرمائية منذ 200 مليون سنه، أما الحيوانات الثديية التي يعتبر الإنسان أحد فروعها فقد بدأ ظهورها منذ 120 مليون سنه، والإنسان وهو أحدث الوافدين على الأرض إذ بدأ على صورته الإنسانية منذ 50 مليون سنه).[5 ] في حين أنَّ علماء الفلك والجيولوجيا والأحافير يقولون بأنَّ الزمن الذي انقضى منذ انفصال الأرض من السَّديم الأصلي حتى ظهور الإنسان يتراوح بين مليون سنة وبين خمسة عشر مليون سنة !!![ 6]

    أمّا دي نواي فتقول تقديراته: (لا بُدّ أنّ الأرض لم توجد إلا منذ بليونين من السنين، وأنّ الحياة – في أي صورة من الصُّور – لم توجد إلا قبل بليون سنة عندما بردت الأرض).[ 7]
    لقد فسّر التطوريون وجود هذا الكون بنظامه الفريد وقوانينه الدقيقة بواسطة "قانون الصدفة" الذي هو في رأي "سير جيمس جينز" ليس بكلام فارغ بل هو كما يعتقد ويجزم تماماً وبلى أدنى شك على "قوانين الصدفة الرياضية البحتةPurely mathematical Law of chance"[8 ].
    لــذا فإنّ أحد العلماء الأمريكيين يعلق قائلاً: (إنّ نظرية الصدفة ليست افتراضاً إنما هي نظرية رياضية عُليا، وهي تطلق على الأمور التي لا تتوفر في بحثها معلومات قطعية، وهي تتضمن قوانين صارمة للتمييز بين الباطل والحق، وللتدقيق في مكان وقوع حادث من نوع معين، وللوصول إلى نتيجة هي معرفة مدى مكان وقوع ذلك الحادث عن طريق الصدفة).[9 ]
    أما "أ. كريسي موريسون A.Cresy Morrison" الرئيس السابق لأكاديمية العلوم بنيويورك فيعلق على قانون الصدفة قائلاً: (إنَّ حجم الكرة الأرضية، وبعدها عن الشمـس، ودرجة حرارة الشمس وأشعتها الباعثة للحياة، وسمك قشرة الأرض وكمية المـاء، ومقدار ثاني أكسيد الكربون وحجم النيتروجين، وظهـور الإنسـان وبقاءه على قيد الحياة، كل أولاء تدل على خروج النظام من الفوضى، وعلى التصميم والقصد، كما تدل أيضاً على أنه طبقاً للقوانين الحسابية الصارمة ما كان يمكن حدوث كل ذلك مصادفة في وقت واحد على كوكب واحد، مرة في بليون مرة – إن كان يمكن أن يحدث هكذا – ولكن لم يحدث هذا بالتأكيد. وحين تكون الحقائق هكذا قاطعة، وحين نعترف كما ينبغي لنا بخواص عقولنا التي ليست مادية، فهل في الإمكان أن نعقل البرهان ونؤمن بمصادفة واحدة في بليون ونزعم أننا وكل ما عدانا نتائج المصادفة؟ لقد رأينا أنَّ هناك 999 999 999 فرصة ضد واحد أي ضد الاعتقاد بأنّ جميع الأمور تحدث مصادفة، والعلم لا ينكر الحقائق كما بيناها، وعلماء الحساب يقرون أن هذه الأرقام صحيحة، والآن تقابلنا مقاومة عنيدة من العقل البشري الذي يكره النزول عن أفكار مستقلة، لقد كان اليونان القدماء يعرفون أنّ الأرض كروية، ولكن مضى ألفا سنة ليؤمن الناس بصدق هذه الحقيقة.[ 10] إنّ الأفكار الجديدة تلقى معارضة وسخرية وذماً ولكن الحقيقة تبقى وتثبت. وهنا أكرر القول بأنّ قصدي من هذه المعالجة للمصادفة هو أن أبين بطريقة علمية واضحة تلك الحدود الضيقة التي يمكن الحياة بينها أن توجَدَ على الأرض، وان اثبت بالبرهان القطعي الواقعي أنّ جميع مقومات الحياة الحقيقية ما كان يمكن أن توجد على كوكب واحد في وقت واحد بمحض المصادفة ).[11 ]

    أما البروفيسور "أيودين كونكلين" فيعلق على قانون الصدفة قائلاً: (إنَّ القول بأنَّ الحياة وجدت نتيجة حادث اتفاقي شبيه في مغزاه بأن تتوقع إعداد معجم ضخم نتيجة انفجار صدفي في مطبعة).[12 ] أما عالم الأعضاء الأمريكي "مارلين ب. كريدر" فيقول "(إنّ الإمكان الرياضي في توفر العلل اللازمة للخلق - عن طريق الصدفة - في نسبها الصحيحة هو ما يقرب من لا شيء).[13 ]، ويقول "جون كليفلاند كوثران"[14 ] في مقال له بعنوان "النتيجة الحتمية": (إننا لنرى أنّ التطورات الهامة التي تمت في جميع العلوم الطبيعية خلال المائة سنة الماضية بما في ذلك الكيمياء قد حدثت بسبب استخدام الطريقة العلمية في المادة والطاقة. وعند استخدام هذه الطريقة تبذل كل الجهود للتخلص من كل احتمال من الاحتمالات الممكنة التي تجعل النتيجة التي نصل إليها راجعة إلى محض المصادفة. وقد أثبتت جميع الدراسات العلمية بصورة ثبتت في الماضي ولا تزال ثابتة في الحاضر أنّ سلوك أي جزء من أجزاء المادة مهما صغر أو تضائل حجمه لا يملك أن يكون سلوكاً عشوائياً، بل أنه على النقيض من ذلك يخضع لقوانين طبيعية محددة. وفي كثير من الأحيان يتم اكتشاف القانون قبل اكتشاف أسبابه أو فهم طريقة عمله بفترة طويلة من الزمن، ولكن بمجرد معرفة القانون وتحديد الظروف التي يعمل في ظلها يثق الكيمويون فيه كل الثقة، ويظل القانون عاملاً ومؤدياً إلى نفس النتائج.

    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ

    [SIZE="3"]
    [1] صدفةُ. صادفهُ. مصادفة: لَقِيَهُ على غير موعد ولا توقع. والعشوائية: عدم التعمد والتقصّد.
    [2] Limitations of science .
    - الله يتجلى في عصر العلم ، صفحه ( 51 ) .
    [3] كتاب " الإسلام يتحدى "، صفحه ( 72 ) نقلاً عن: The Mysterious Universe. pp. 3-4
    [4] المصدر السابق، صفحه ( 78 ).
    [5] جورج جامبو، تاريخ الأرض.
    [6] المرجع، صفحه ( 44 ).
    [7] الإسلام يتحدى، صفحه ( 76 )، نقلا عن: Human Destiny, pp. 30-36
    [8] المصدر السابق، صفحه ( 73 )، نقلا عن: Mysterious Universe pp.3
    [9] الإسلام يتحدى، صفحه ( 73 ( نقلا عن: The Evidence of Gad pp23.
    [10] في حين أن كروية الأرض هي نظرية افتراضية وليست من الحقائق، فقد ثبت أنها بيضوية الشكل " دحي " كما وصفها القران الكريم " والأرض وما دحاها " – الشمس ( 6 ). – المؤلف -
    [11] أ. كريسي موريسون في كتابه " العلم يدعو للإيمان " الصفحات ( 191 – 196 ). بحث المصادفة.
    والكتاب ترجمة لكتابه " Man does not stand alone " أي " الإنسان لا يقوم وحدة.
    [12] الإسلام يتحدى، صفحه ( 72 )، نقلا عن: The Evidence of God p. 174
    [13] المصدر السابق، صفحه ( 77 ). نقلا عن: Ibid, p. 67.
    [14] جون كليفلاند كوثران، هو من علماء الكيمياء والرياضة، حائز على دكتوراه من جامعة كورنل، رئيس العلوم الطبيعية - بجامعة دولت



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    يتبع ........

  9. #59
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    2


    وليس من المعقول أن يكون لدى الكيماويين كل هذه الثقة في القوانين الطبيعية لو أنَّ سلوك المادة والطاقة كان من النوع العشوائي الذي تتحكم فيه المصادفة، وعندما يتم أخيراً إدراك الأسباب التي تجعل هذا القانون الطبيعي عاملاً وتفسر لنا حقيقته، فإنّ أي أثر لفكرة العشوائية أو المصادفة في سلوك المادة أو الطاقة سوف يندثر اندثاراً تاماً.


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ومنذ مائة سنة تقريباً رتَّبَ العالم الروسي "مانداليف"العناصر الكيماوية تبعاً لتزايد أوزانها الذرية ترتيباً دورياً، وقد وجد أن العناصر التي تقع في قسم واحد تؤلف فصيلة واحدة ويكون لها خواص متشابهة، فهل يمكن إرجاع ذلك إلى مجرد المصادفة؟

    وهل يمكن أن نفسر على أساس المصادفة ما توصل إليه العلماء السابقون من تفاعل ذرات عنصر (أ) مع ذرات عنصر (ب) وعدم تفاعلها مع عنصر (ج)؟ كلا. إنهم قد فسروا ذلك على أساس أنّ هناك نوعاً من الميل أو الجاذبية بين جميع ذرات عنصر (أ) وجميع ذرات عنصر (ب)، ولكن هذا الميل أو الجاذبية منعدم بين ذرات عنصر (أ) وبين ذرات عنصر (ج) ....... فهل يتصور عاقل أو يفكر أنَّ المادة المجردة من العقل والحكمة قد أوجدت نفسها بنفسها بمحض المصادفة؟. لا شك أنَّ الجواب سيكون سلبياً. بل إنّ المادة عندما تتحول إلى طاقة أو تتحول الطاقة إلى مادة فإنَّ ذلك يتم طبقاً لقوانين معينة، والمادة الناتجة تخضع لنفس القوانين التي تخضع لهل المادة المعروفة التي وُجدت قبلها.

    وتدلنا الكيمياء على أنَّ بعض المواد في سبيل الزوال أو الفناء، ولكن بعضها يسير نحو الفناء بسرعة كبيرة والآخر بسرعة ضئيلة، وعلى ذلك فالمادة ليست أبدية[1 ]، ومعنى ذلك أيضاً أنها ليست أزلية[2 ] إذ أنَّ لها بداية، وتدل الشواهد من الكيمياء وغيرها من العلوم على أنَّ بداية المادة لم تكن بطيئة أو تدريجية بل وُجدَت بصورة فجائية، وتستطيع العلوم أن تحدد الوقت الذي نشأت فيه هذه المواد، وعلى ذلك فإنَّ هذا العالَم المادي لا بُدّ أن يكون مخلوقاً، وهو منذ أن خُلق يخضع لقوانين وسنن كونية محددة ليس لعنصر المصادفة بينها مكان.

    فإذا كان هذا العالَمُ المادي عاجزاً عن أن يخلق نفسه أو يحدد القوانين التي يخضع لها فلا بدَّ أن يكون الخلق قد تمَّ بقدرة كائن غير مادي. وتدل الشواهد جميعاً على أنَّ الخالق لا بُدَّ له أن يكون متصفاً بالعقل والحكمة. إلا أنَّ العقل لا يستطيع أن يعمل في العالم المادي دون أن يكون هناك إرادة. ولا بدَّ لمن يتصف بالإرادة أن يكون موجوداً وجوداً ذاتياً. وعلى ذلك فإنَّ النتيجة المنطقية الحتمية التي يفرضها علينا العقل ليست مقصورة على أنَّ لهذا الكون خالقاً فحسب، بل لا بُدَّ أن يكون هذا الخالق حكيماً عليماً قادراً على كل شيء حتى يستطيع أن يخلق هذا الكون وينظمه ويدبره، ولا بد أن يكون هذا الخالق دائم الوجود تتجلى آياته في كل مكان. وعلى ذلك فإنه لا مفر من التسليم بوجود الله خالق هذا الكون ومدبره وموجهه. إنَّ التّقدم الذي أحرزته العلوم منذ أيام "لورد كلفن" يجعلنا نؤكد بصورة لم يسبق لها مثيل ما قاله من قبل من أننا إذا فكرنا تفكيراً عميقاً فإنَّ العلوم سوف تضطرنا إلى الإيمان بالله ).[ 3]

    أما "جورج هربرت بلونت" [4 ] فيقول في مقال له بعنوان "منطق الإيمان" :

    (... فالأدلة الكونية تقوم على أساس أنَّ الكون متغير، وعلى ذلك لا يمكن أن يكون أبدياً، ولا بد من البحث عن حقيقة أبدية عليا، أما الأدلة التي يبنى على أدراك الحكمة فتقوم على أساس أنَّ هنالك غرضاً معيناً أو غاية وراء هذا الكون ولا بد لذلك من حكيم أو مدبر، وتكمن الأدلة الإنسانية وراء طبيعة الإنسان الخلقية، فالشعور الإنساني في نفوس البشر إنما هو اتجاه مشروع أعظم.

    ولما كان اشتغالي بالعلوم ينحصر في التحليل الفيزيائي، فإنَّ الأدلة التي يتجه إليها تفكيري تعتبر من النوع الذي يبحث عن حكمة الخالق فيما خلق. ولاكتشاف القوانين التي تخضع لها الظواهر المختلفة لا بُدَ من التسليم أولاً بأنَّ الكون أساسه النظام، ثم يتجه الباحث نحو كشف هذا النظام.... ولا يمكن أن يتصور العقل أنَّ هذا النظام قد نشأ من تلقاء نفسه من العدم أو من الفوضى، وعلى ذلك فإنَّ المفكر لا بد وأن يصل ويسلم بوجود إله منظم لهذا الكون[5 ]، وعندئذ تصير فكرة الألوهية إحدى بديهيات الحياة، بل الحقيقة العظمى التي تظهر في هذا الكون والمطابقة بين الفرض والنتيجة تعد برهاناً على صحة هذا الفرض. والمنطق الذي نستخدمه هنا هو أنه إذا كان هنالك إله فلا بد أن يكون هنالك نظام، وعلى ذلك فما دام هنالك نظام فلا بد من وجود إله.... فإذا قارنا بين الشواهد التي يستدل بها المؤمنون على وجود الله، وتلك التي يستدل بها الملحدون في إنكار ذاته العلية، يتضح لنا أنَّ وجهة نظر الملحد تحتاج إلى تسليم أكثر مما تحتاج إليه وجهة نظر المؤمن، وبعبارة أخرى نجد المؤمن يقيم إيمانه على البصيرة، أما الملحد فيقيم إلحاده على العمى، وأنا مقتنع أن الإيمان يقوم على العقل، وأنَّ العقل يدعوا إلى الإيمان)[6 ]

    أما "وحيد الدين خان" فيقول: ( ولو افترضنا أنَّ المادة وُجدَت بنفسها في الكون، وافترضنا أيضاً أنَّ تَجَمعها وتفاعلها كان من تلقاء نفسها – ولست أجد أساساً لأقيم عليه هذه الافتراضات – ففي تلك الحال أيضاً لن نظفر بتفسير الكون، فإنَّ صُدفَة أخرى تحول دون طريقنا، فلسوء الحظ أنَّ الرياضيات التي تعطينا نكتة الصُدْفَة الثمينة هي نفسها التي تنفي أي مكان رياضي في وجود الكون الحالي بفعل قانون الصدفة).[7 ]

    أما العالِم الطبيعي "إسحاق نيوتن" فيقول: (لا تشكوا في الخالق فإنه مما لا يعقل أن تكون المصادفات وحدها هي قاعدة الوجود)[ 8].

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي أسحق نيوتن
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
    [1] الأبدي هو دائم الوجود.
    [2] الأزلي هو ما لا أول له ولا آخِر.
    [3] كتاب " الله يتجلى في عصر العلم " الصفحات ( 21 – 25 ). والكتاب هو النسخة العربية لكتاب: " The Evidence of God ".
    [4] جورج هربرت بلونت: أستاذ الفيزياء التطبيقية، وكبير المهندسين بقسم البحوث الهندسية بجامعة كاليفورنيا.
    [5] الكون: هو مجموعة الأجرام السماوية.
    [6] المصدر السابق، الصفحات ( 78 – 83 ).
    [7] وحيد الدين خان، كتاب "الإسلام يتحدى"، صفحه (73)، وهو النسخة العربية المترجمة للكتاب باللغة الأردية باسم: Jadeed Ka challenge. ؛ Ilmeَ
    [8] العبادة في الإسلام، يوسف القرضاوي، صفحه ( 17 ).


    @5000/59/6/111/114/2

  10. #60
    الصورة الرمزية حاتم ناصر الشرباتي قلم مشارك
    تاريخ التسجيل : Aug 2010
    العمر : 82
    المشاركات : 229
    المواضيع : 13
    الردود : 229
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي @5073/60/6/115/120/2

    هــل الإنســان مـن ذريــة القـرود؟


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي تصور العلماء
    أنَّ "إنسان نياندرتال" كان وجهه يشبه وجه القرد حيث اختفى من أوروبا بطريقة غامضة!!! ومع الوقت اكتُشِفَت عشرات من قطع العظام في جنوب وشرق أفريقيا في محاولات مضنية للتعرف على الأجداد المفقودين في جب النشوء والارتقاء حيث تضاربت فيه الآراء، إلا أن إنسان نياندرتال كان جسمه براميلياً مكتنز اللحم كالإسكيمو وذو أنف عريض واسع ليدفيء الهواء البارد الذي كان يستنشقه في أصقاع أوروبا حيث كان يعيش في أواخر العصور الجليدية المتعاقبة.[1 ] ويعتبرون أنّ الإنسان الأول كان منتصب القامة، خرج من أفريقيا، وكان يصنع الآلة الصوانية كالفؤوس والأسلحة والمكاشط والشفرات الحادة. ويختلف إنسان نياندرتال عنه بأنفه العريض وضخامة عظام فكه وكبر حجم أسنانه الأمامية. لكنَّ العُلماء اكتشفوا فيما بعد عظاماً أقدم لها ملامح تشريحية مختلفة ولم يعد بعدها نياندرتال الجد الأول ... لهذا يظلُّ البحث جارياً عنه.[2 ]

    والخطوات الأولى لسيناريو البشر منتصبي القامة أظهرتها – كما يَدَّعون – الحفائر التي اكتشفت في جنوب وشرق أفريقيا عندما عثر العلماء على آثار أقدام مطبوعة فوق رماد بركان قديم عندما عبرت الرئيسيات سهول تنزانيا في لاتولي منذ 3.6 مليون سنة، وهذا الاكتشاف جعل "فيونامارشال" يبذل كل جهوده للحفاظ على هذه البصمات القدمية لأنَّ علماء الوراثة من خلال تفسيرهم الجنيني اكتشفوا أنَّ الإنسان العاقل كان يعيش في أفريقيا وآسيا قبل ظهور "إنسان نياندرتال" لأنَّ أول إنسان ظهر منتصب القامة كان منذ نحو 1.5 مليون سنة في "بدو بأثيوبيا" و "ندوتو بتنزانيا" لأن ما وجد من عظامه كانت سميكة ومتينة عن ذي قبل مما يُمَكِنَهُ من الوقوف عليها بسهولة.[3 ]

    أما الكاتب "ريك جو" وزميله المصور "كينيث جاريف" فقد سافرا مئات الأميال إلى تنزانيا وجنوب أفريقيا للتّعرف على الأسلاف ولمعرفة كيف خطا الإنسان أولى خطواته على قدميه فوق الأرض... وفي جنوب أفريقيا شاهد الكاتب حفائر معظمها اكتشف هناك بواسطة علماء جامعة جوهانسبرج، وقاموا من خلال دراستها باكتشاف الخطوات الأولى لأشباه الإنسان قبل أن يصبحوا بشراً وأوعزوا نسبه إلى القرد، كما أكدوا على أنَّ ثمة مجموعتين للبشريات قد ظهرتا خلال أربعة ملايين سنة، إحداها الجنس البشري الذي ظهر منذ 2.5 مليون سنة، وقالوا أن المجموعتين شملتا ظهور الإنسان الماهر والإنسان العاقل والإنسان منتصب القامة، لكنَّ العُلماء ما زالوا حائرين في كيف وأين حلَّ الجنس البشري محلَّ أشباهه الأوسترالوييثكيسين الذين كانوا يشبهون القردة بأمخاخها الصغيرة إلا أنهم كانوا يسيرون على أقدامهم.
    [ 4]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    أما الكاتب "ريك جو" وزميله المصور "كينيث جاريف" فقد سافرا مئات الأميال إلى تنزانيا وجنوب أفريقيا للتّعرف على الأسلاف ولمعرفة كيف خطا الإنسان أولى خطواته على قدميه فوق الأرض... وفي جنوب أفريقيا شاهد الكاتب حفائر معظمها اكتشف هناك بواسطة علماء جامعة جوهانسبرج، وقاموا من خلال دراستها باكتشاف الخطوات الأولى لأشباه الإنسان قبل أن يصبحوا بشراً وأوعزوا نسبه إلى القرد، كما أكدوا على أنَّ ثمة مجموعتين للبشريات قد ظهرتا خلال أربعة ملايين سنة، إحداها الجنس البشري الذي ظهر منذ 2.5 مليون سنة، وقالوا أن المجموعتين شملتا ظهور الإنسان الماهر والإنسان العاقل والإنسان منتصب القامة، لكنَّ العُلماء ما زالوا حائرين في كيف وأين حلَّ الجنس البشري محلَّ أشباهه الأوسترالوييثكيسين الذين كانوا يشبهون القردة بأمخاخها الصغيرة إلا أنهم كانوا يسيرون على أقدامهم.[ 5]

    والأسترالوبيثكس أو"شبيه الإنسان" كان عالِم التَشريح "ريمون دارت" هو أول من ادعى اكتشاف أول حفرية لها عام 1925 بكهف "توانج" الحجري بجنوب أفريقيا..... وكانت لطفل عمره 2.5 مليون سنه، واعتبر علماء جنوب أفريقيا أنَّ طفل توانج هو الحلقة المفقودة بين القرد والإنسان حيث أطلقوا عليه اسم "استرا لوبيثكس أفريكارتر" أي "قرد جنوب أفريقيا". وبعد توانج اكتشـف العلماء عظاماً لعدة أنواع من شبيـه الإنسـان منها " H.Repust" وأنواع عائلة "لوسـي" الشهيرة التي عمرها 3.18 مليون سنة والتي اكتشفت عظامها في موقع "جيدار بأثيوبيا" عام 1974، واعتبر العلماء وقتها أنَّ لوسي هي "أم البشر"، ومع هذا فقد أعلن عالما الحفائر الألمانيان "بيتر شميديت" و "مارتن هوسلر" بجامعة زيورخ أنَّ لوسي ليست أم البشر كما يقال، بل ذكر كامل الذّكورة، وأكّد ذلك العالم "لوري هاجر" الذي شكك في أنوثتها مكذباً الادعاء بأنها أم البشر.[6 ] وقد اكتشف فريق جامعة بيركلي في بحيرة توركانا عظاماً عمرها 4.4 مليون سنة، واعتبر "هوايت" أنها لنوع آخر من أشـباه الإنسان سماه "راميدس" وقالوا أنّه همزة الوصل بين أسلافنا والشمبانزي.[7 ]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي لوسي الزاعمون أنها أم البشر!!!

    وفي عام 1994 أعلن علماء الحفائر بجنوب أفريقيا عن مكتشفاتهم الحفائرية لشبيه الإنسان "أفريكاتر" مما جعلهم يؤكدون أنَّ شبيه الإنسان وُجِدَ أولاً في جنوب أفريقيا وليس شرقها، ويعلق العالم "بيرجر" من جامعة جوهانسبرج بأنَّ خاصية المشي على قدمين نشأت في موقعين: أحدهما في شرق أفريقيا حيث عاش والموقع الثاني في جنوب أفريقيا حيث كان نوع "أفريكاتر" الذي لم يكن بدائياً لأنَّ إصبعه يشبه إصبع الإنسان...[ 7]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    وقد نشرت دورية "العِلم" مقالاً تحت عنوان " متاهة البحث عن الجذور!!! علماء أستراليا يهدمون نظرية داروين.... القرد أصله إنسان ترك الأرض وتَسَلقَ الأشجار فحدث له التحول!!!" حيث قالت: (في جامعة كانبيرا أعلن علماء الأجناس الأستراليون أنَّ القرد أصلهُ إنسان وهدموا مؤخراً نظرية داوين وقلبوها، واعتبروا إنسان أسترالوبيتكس القديم جَدُ القرد الإنسان، ويقول الأستراليون أنَّ الإنسان انفصل منذ أربعة ملايين سنة، وهذا يخالف قول علماء أصول الإنسان من أنَّ الانفصال تم منذ ثمانية ملايين سنة، ويضيف الأستراليون في نظريتهم أنَّ القرد لم ينزل من فوق الشّجرة ليتطور لإنسان، لكنَّ الإنسان ترك الأرض وتسلق الأشجار وظلَّ هناك حتى أصبح قرداً)[ 8]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ونحن بدورنا نتسائل: هل الإنسان من ذرية القرود؟ وأيٍ مِن أنواع القرود هو جد الإنسان؟
    يؤكد دعاة فكرة التطور أن الإنسان من سلالة القرود، ويقولون أنّ الهوة بين الإنسان وبين الحيوان قد ملأها "إنسان ما قبل التاريخ" أو "الإنسان القرد" – الذي لم يوجد قط – وفي ذلك تقول دورية "العلوم":

    (يتصور علماء التطور أجدادنا أجلافاً[9 ] وبلا ذنب، وهم أضخم بقليل من الإنسان القرد الذي يعيش في أيامنا هذه، وأنهم كانوا يتمتعون بعضلات وجه متحرك، ولكنهم لم يكونوا شديدي الذكاء، وكانوا يتسلقون الأشجار ويعيشون على الأكثر عليها كما يعيشون على وجه الأرض، وكانوا يستطيعون أن ينتصبوا انتصاباً غير تام، كما كانوا يمشون على أربع وعلى رجلين، ويبدو أنه لم تكن لهم لغة محكية.)[ 10]

    أي أنّه كان هناك على زعمهم إنسان قردي ذو جسم حيواني وعقل غير ناضج، يجتمع فيه في آن واحد صفات بشرية وأخرى حيوانية، إنسان لا يعقل إلا قليلاً ولا يتمكن عن التعبير عما يجيش في صدره بالكلام، وهذا القول الافتراضي يحتاج إلى برهان يُثبته، والجواب هو ما قدمه "جان روستان" في كتابه "التطور": (مازال البحث جارياً، وسيظل مستمراً وقتاً طويلاً لمعرفة الصلات الحقيقية لكل هذه الأشكال... هل الإنسان ينحدر من قرد يشبه الإنسان القردي الذي نعرفه؟ أو أنه ينحدر من قرد دون ذلك، أو من حيوان بدائي لا يستحق حتى اسم قرد؟)[ 11]

    يتضح مما تقدم أنَّ كل ذلك هو مجرد افتراضات وهرطقات لا تمت إلى الحقيقة بصلة ما دام من يقول بها لا يملك الدليل على صحتها، ومعنى ذلك أنه توجد صعوبة في إثبات تلك المقولــة بالبرهان الدامغ، لــذا فإنَّ الدوريـة نفسها تضيف قائلة : ( إنَّ إحدى الصعاب الرئيسية تكمن في ندرة وجود جماجم إنسان في المستحثات ذات دلالة حقيقية ، وكل ما وجد من جماجــم حتى الآن في توابيـت كبيرة، وكل ما فيها من عظام لا علاقــة له بالجمجمة)[12 ]

    أما الصعوبة الثانية فهي كما ذكرها "جوليان هكسلي" في كتابه "التطور على اعتبار أنه امتداد" حيث قال: (في أكثر الحالات يكون وصف النموذج الذي يقدمه العلماء الذين يكتشفونه ينطوي على أهمية خاصة، أو يحتل مكاناً مرموقاً في عالم نسبة الإنسان المباشر إلى الأجداد في مقابل نسبته إلى القرود. ولكن حظّ هذا القول من الواقع قليل، وفي حالة الكلام عن تطور الإنسان الأول قلما تكون الاستنتاجات مدعومة بدليل بسبب قلة الوثائق)[ 13]

    نعم، إنَّهُ مجرد وهم علق بمخيلتهم، إنها هرطقة يريدون وبكل الوسائل والأساليب إلباسها ثوب الحقيقة، ولكن فإنه لا دليل لديهم لدعم تلك الهرطقة سوى رغبتهم في نشر تلك المقولة، إنهم يحاولون التأويل والتأليف كيفما اتفق ليوهموا أنفسهم قبل أن يوهموا الناس أنّ في جعبتهم الأدلة والبراهين، إنّ كل ما تقدم لم يثنهم عن هرطقتهم أنَّ الإنسان وما يسمى بالإنسان القردي هما توأمان من أبوين من القرود!!!

    وفي إصرار عجيب تؤكد مجلة " العالم الحديث " تلك القرابة المزعومة قائلة: (إنَّ القرابة التي لا شكَّ فيها بين الإنسان والإنسان القردي تدل بصراحة أنَّ لهما جداً مشترَكاً، ولكن هذا الجد لم يوجد حتى الآن، وقد نجد صعوبة في التّعرُف عليه)[ 14]
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    _________
    ___________
    [1] مجلة العلم "، القاهرة – العدد 249 – يونيه 1997، صفحه ( 32 ).
    [2] المرجع السابق . والمبحوث عنه المقصود في نهاية الفقرة هو: " الجد الأول للإنسان ".
    [3] المرجع السابق.
    [4] المرجع السابق، صفحه ( 33 ).
    [5] المرجع السابق، الصفحات ( 33 – 34 ).
    [6] المرجع السابق، صفحه ( 34 ).
    [7] المرجع السابق، صفحه ( 34 ).
    [8] المرجع السابق، صفحه ( 31 و 32 ).
    [9] الجلف: الجافي في خَلْقِهِ وَحُلُقِه ، شُبّه بجلف الشاة ، أي أنّ جوفه هواء لا عقل فيه ، قال سيبويه: الجلف جمعها أجلاف ، ويطلق على الأحمق أنه جلف لضعف عقله.
    [10] خلق لا تطور، صفحه ( 95 )، نقلاً عن: دورية " العلوم Sciences "، عدد أيار سنة 1965.
    [11] المرجع السابق، نقلاً عن: ‘ كتاب " التطور Evolution "، جان روستان.
    [12] المصدر السابق، صفحه ( 96 )، نقلاً عن: دورية " العلوم Sciences "، عدد أيار سنة 1953.
    [13] المصدر السابق، نقلا عن:Julian Huxley. Evolution as a Process
    [14] المصدر السابق، صفحه ( 97 )، نقلاً عن: مجلة " العالم الحديث New Scientist " عدد 25 / 3 / 1965.

صفحة 6 من 12 الأولىالأولى 123456789101112 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. بدء الخلق بين الكتاب المقدس والقرآن الكريم
    بواسطة مراد مصلح نصار في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13-01-2017, 01:57 AM
  2. من فلسفات التأويل إلى نظريات القراءة
    بواسطة عمار زعبل الزريقي في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-05-2011, 09:52 PM
  3. نظريات التعليم
    بواسطة بابيه أمال في المنتدى المَكْتَبَةُ العِلمِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13-02-2011, 12:20 AM
  4. نظريات التحفيز
    بواسطة عبدالصمد حسن زيبار في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-05-2008, 12:01 PM
  5. نظريات نفسية في تفسير نمو الجريمة...
    بواسطة نورية العبيدي في المنتدى عِلْمُ النَّفْسِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 10-01-2006, 08:36 PM