أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 29

الموضوع: في جزيرة مجهولة منك .. !

  1. #1
    الصورة الرمزية إسماعيل القبلاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : تراجيديا الأمة
    المشاركات : 1,211
    المواضيع : 168
    الردود : 1211
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي في جزيرة مجهولة منك .. !

    في جزيرةٍ مجهولةٍ منك .. تراودك أحلام البقاء .. وصرخات الحنين .. حيث تهودج في رأسك أفكار الرحيل .. ؟
    اللاشيء .. نوبةٌ تصطدم دائماً بها .. والغريب في ذلك أن العاطفة تشتد .. فتلغي عاصفة الأفكار .. حينها يكون اللاشيء إجابة الطبيعة الخلابة على هذه الجزيرة .
    فما أجمل الفكرة حين تكون مجهولة .. وما أعظم الطبيعة حين تكون مساحة شاسعة تمتد على مسافاتها تحية المعنى .. تبشر بمولد الرفض القادم على أنفاسك المتناقضة .. فتصبح التحية للقاء .. للقاء ما جمعته مخيلتك في تسعة أشياء ..
    *.. حواسك الخمس .. وحاسة المكان السكون .. وصراخ الحبر .. وقدوم النص .. وأوراقك الخلابة ..*
    فيكون مولد النص .. إما غريباً أو شريداً .. ويا لها الأفكار حين تراودك فإما أن تعانقها أو تتركك لعناق غيرها .
    ***
    فهل ستعانق منفاك أم سيتركك لغيره .. ومن يستطيع نقض الروح في مرحلة رغبة .. نشوة .. شهوة .. والنار لا تتوقف في أعماق قلبك .. وأنت تحاول جاهداً .. أن تشعل النار على شاطئ المجهول .. والمجهول لا يوجد فيه عود ثقاب .. لحظتها .. لحظتك في إشعال النار .. هي الاختراع !
    وإن كنت ستستخدم عود ثقاب حملته معك في رحلتك إلى المجهول فأنت محتال .. منتحل .. مختل عقلياً .. لا ترقى للبقاء .. حتى وإن كانت جزيرتك المجهولة ..
    *.. لحظة الكتابة الخاصة بك هي إشعال النار على الطريقة البدائية ..*
    فهل ستقوى على العيش متحجراً تكتشف جزيرتك المجهولة .. تشق طريق الوصول إلى أرقى مراحل لها تأملات المد والجزر على شاطئ الواقع
    المهم أن لا تبتعد .. وتقدم .. ولتبقى دائماً في طريقك الخاص .
    ***
    ويعاودك اليقين في جزيرةٍ حملتك إليها أمواج الوقت .. الفراغ .. فإن لم تكن بها رائداً .. لا تحسب نفسك رائداً قد يكون هناك غيرك .. في مكانٍ ما من نفس الجزيرة .. إن مر بها قبلك أخشى أن تمر بها وتصبح مقلداً..
    وربما لصاً .. ولكن إن كان يلهمك فلا بأس حتى تشق طريقك .. تلميذاً ..
    إياك أن تتوه في مخيلتك فلن يأتي إلا الشخص الخاطئ لإنقاذك .. بعاصفة كنت تحلم بها .. ومهما تهت ستوقظك أمطار الضمير داخلك .. حينها لن يكون للحيرة مكان .. إن كانت رؤيتك أوسع .. ستكون لك رغبة أخرى بالعودة
    إلى هناك ..
    *.. العاصفة لحظة الكتابة .. انفصام شخصية ..*
    فمنذ ألاف العابرين إلى الحرف .. العواصف إبداع تكتنزه الذات الفردية .. أما تكلفك في الرغبة فهي صاعقة توجهها لنفسك .
    ***
    لحظة أخرى بعد منتصف الليل وتبدأ العواصف .. إصابة .. خوف .. تشرد .. توحد .. لحظة ينقطع فيها كل شيء تعود لتراجع من البداية .. ثم تبدأ في فقدان ذاكرتك .. بتصنع النسيان .. وحده التشويش الملقى على عاتق الإجابة .. سؤاله التفرد في الضجيج .. فمن سيهتم لأمرك إن لم تتقن الإجابة .. لسؤال النص المراود لمخيلتك !
    *.. السؤال هو مغادرة الواقع عندما ينتابك خلل وتحتاج لإصلاحه خارج إطار المنطق .. والإجابة هي العودة إلى الواقع وقد فلسفت المنطق برؤيتك الخاصة ..*
    فهل نعتب على جمال الروح وهي تحلق بنا بعيداً ؟
    ما بين دفتي الأيام وأشرعة الفكر على أمواج الأحداث المتلاطمة في بحر المخيلة .. حينها تكون لحظة الكتابة لذيذة جداً لدرجة الإبحار .. الإتقان .. الترسخ .. أو تسبب أعراض جانبية .. أعلاها .. السقوط .. ؟
    وما أجمل الإبحار حين يكون القبطان .. مجهولاً .. !
    ***



    https://www.facebook.com/ismaiula

  2. #2
  3. #3
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.19

    افتراضي

    حديث النفس ليس له حدود ، يفلسف الأشياء و الأحوال و الأفكار ،و يفلسف الحلول ،

    لكنه حديث ماتع ، تنكشف له الحجب فإما يضوء أو يضيء .

    سعدت بالمثول بين يدي هذه القطعة النثرية .
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  4. #4
    الصورة الرمزية لمى ناصر أديبة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : زنبقة الروح
    العمر : 39
    المشاركات : 1,424
    المواضيع : 37
    الردود : 1424
    المعدل اليومي : 0.22

    افتراضي

    أحلام تكشف لها أسارير الروح
    بمحادثة العقل والروح فتنجب قلما
    نابضا بالحياة ومفعما بوروده.
    شكرا لنبضك.
    تتوق الرُّوح إلى أن تكون في مكانٍ أعظم
    تظلُّ تهفو لمسكنها تهفو كثيرا !

  5. #5
    الصورة الرمزية إسماعيل القبلاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : تراجيديا الأمة
    المشاركات : 1,211
    المواضيع : 168
    الردود : 1211
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المشرقي الإسلامي مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم

    موضوع لا أقول عنه إلا أنه يحتاج إلى الدخول إليه من خلال أسلوب اقتصادي شهير(التقسيط)؛لأن عملك
    هذا جميل ورائع للغاية ، وقد اتخذ عنوانًا خلابًا ذا تعددات في الرؤية ، بحيث أنه يفتح أبواب الاحتمالات على
    كل تصور ممكن ،ولكن عندما يكون المبدع بصدد الحديث عن لحظة (الإضاءة-التنوير) ففي هذه الحالة يكون
    من اللازم الإشارة إلى أن هذه اللحظة هي واحدة من أصعب لحظات التاريخ الإنساني الفردي
    وذلك للتعقدات التي تكتنف عملية الكتابة .
    العمل الذي كتبته جميل للغاية وسأرد عليه بإذن الله في أكثر من مشاركة ،لكن أنحي الجانب النقدي الآن
    جانبًا قليلاً لنبقى في حضرة الأعمال التي تماست مع هذه النقطة .
    إليك الآن جزءًا من كتاب (عن بناء القصيدة العربية الحديثة) للراحل د.علي عشري زايد رحمه الله ،فيه
    جزء شائق للغاية ومقطع من قصيدة (الناي والريح في صومعة كمبريدج):


    "وقد صور واحد من أنبغ شعرائنا العرب المعاصرين وهو الدكتور خليل الحاوي بطريقته الشعرية المتفردة تلك المعاناة الباهظة التي يعانيها الشاعر في سبيل اقتناص العبارة الشعرية الحقيقية ، وكيف يصارع الأهوال ،ويجتاز الخاطر من أجل تلك العبارة المتمنعة المدللة ، بكل ما تملكه من قدر ة خارقة على تغيير الوجود ،وإعادة صياغته.
    يقول الدكتور حاوي في مقطع "الريح" من قصيدته الطويلة "الناي والريح في صومعة كيمبريدج"(3):
    ولعل تخصب مرة أخرى ،وتعصف في مدى شفتي العبارة
    دربي إلى البدوية السمراء ،واحات العجين البكر، والفجوات ...
    أودية الهجير
    وزوابع الرمل المرير عصي .. وليس يروضها غير الذي يتقمص الجمل الصبور
    وبقلبه طفل يكور جنة .. غير الذي يقتات من ثمر عجيب
    نصف من الجنات يسقط في السلال
    يأتي بلاتعب حلال
    نصف من العرق الصبيب
    الشوك ينبت في شقوق أظافري ،الشوك في شفتي يمـَّرج باللهيب
    في وجهها عبق الغريزة حين تصمت عن سؤال



    (4)
    نهضت تلم غرور نهديها وتنفض عن جدائلها حكايات الرمال
    تحدو ، تدور كما أشير بإصبعي
    ولربما اصطادت بروقًا في دهاليزي تمر وما أعي
    وبدون أن أملي الحروف وأدعي
    تحدو، تدور،،تزوغ زوبعة طروب
    وأرى الرياح تسيح ،تنبع من يديها منبع الريح المعطرت الجنوب
    ومنابع الريح الطريقة والغضوب
    للريح موسمها الغضوب
    ***
    وحدي مع البدوية السمراء ،كنت مع العبارة
    في الرمل كنت أخوض عتمته وناره
    شرب المرارات الثقال بلا مرارة

    فالشاعر في هذا المقطع الرائع من مقاطع القصيدة يجسد ذلك العناء المبدع الذي يتحمله الشاعر العظيم في سبيل اقتناص العبارة الشعرية ،هذه المتمنعة المدللة التي :"تعصي وليس يروضها غير الذي يتقمص الجمل الصبور".. ولكن الصبر والعناء وحدهما غير كافيين،بل لابد أن تسبقهما تلك الخبرة الشعرية الشفيفة النقية التي تماثل في نقائها وشفافيتها سريرة الأطفال لابد ان يكون الشعر "بقلبه طفل يكور جنة" وإذن فإن الشاعر العظيم الذي يستطيع أن يروض تلك العبارة الشموس هو ذلك "الذي يقتات من ثمر عجيب .نصف من الجنات يسقط في السلال ،يأتي بلا تعب حلال ،نصف من العرق الصبيب"،وليس هذا النصف الذي يسقط من الجنات في السلال حلالاً بدون تعب سوى تلك الومضة ــــــــــالمتوهجة التي ينعم بها الله على وجدان الشاعر ،فيستطيع على ضوئها أن يرى الوجود رؤية جديدة ،ثم القدرة على الهيام بتلك الومضة والإخلاص في معاناتها واحتضانها حتى تؤتي ثمارها الشهية.
    أما النصف الثاني "العرق الصبيب" فهو ذلك الجهد المبذول في معاناة الرؤية الشعرية وتجسيدها ،ولقد تفنن الشاعر أيما تفنن في تصوير هذا الجهد ..فهو يخوض إلى العبارة الشعرية "واحات العجين البكر"بكل ما توحي به من القدرة على التشكيل البكر والصياغة المتفردة و "أودية الهجير " و"زوابع الرمل المرير" و"الشوك ينبت في شقوق أظافره" و"الشوك في شفتيه يمرج
    باللهيب
    ".. وهو"في الرمل ..يخوض عتمته وناره " و"يشرب المرارات الثقال دون أن يشعر بالمرارة".. فأية دروب مضنية تلك التي يجتازها إلى العبارة الشاعرة؟!
    لقد تفنن الشاعر في تصوير تلك العبارة المتمنعة الشموس بمقدار ما تفنن في تصوير مدى المعاناة المبذولة في سبيل الظهر بها ؛فهو يجسد هذه العبارة في صورة "بدوية سمراء " بكل ما تحمله هذه الصورة من بكارة الفطرة وحيويتها وتفجرها الهادر ، وهي شموس نافرة عصية لا يتسطيع ترويضها غير الصبور الشديد الصبر، وهي في العنفوان"ثم تلم غرور نهديها وتنفض عن جدائلها حكايات الرمال " وهي أخيرًا تملك قدرات خارقة ،فإذا ما سيطر عليها الشاعر استطاع أن يغير بها الوجود ، فيجعلها "تحدو .. تدور كما يشيبر بإصبعه" ويجعل "الريح تنبع من يديها "..إلخ.
    ***
    هذا هو ما أورده الدكتور علي زايد عشري نقلاً عن خليل حاوي الشاعر اللبناني الراحل ،و أضيف عليهما بعض
    ما أنعم الله عليّ به من رؤية في هذا المضمار .
    وإذا كان الشاعر يتكلم عن حالة التوقد لكتابة عمل شعري ، فلا يختلف الأمر عنه في أي فن آخر ،فالحالة واحدة
    ولكن المدخلات وخصائصها فقط هي التي تتغير ، بغض النظر عن نوع العلم أو الفن .

    إنها لحظة استثنائية ،ولأنها كذلك فلابد من التعليق عنها -أيضًا- بمشاركات استثنائية أجمع فيها بعض ما قيل
    عن هذه اللحظة شعرًا ،نثرًا إضافة إلى شرح موجز لمكتنفات هذه الحالة ومعترياتها من مد وجزر وأخيرًا ..
    أعلق على هذا العمل ، فاعذرني للإطالة والثرثرة ،لكن هذا هو الإبداع دائمًا .. وفقك الله .

  6. #6
    الصورة الرمزية إسماعيل القبلاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : تراجيديا الأمة
    المشاركات : 1,211
    المواضيع : 168
    الردود : 1211
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المشرقي الإسلامي مشاهدة المشاركة
    مقدمة لا باس من قراءتها

    حياة الإنسان سلسلة متصلة من التجارب والمواقف ، هذه المواقف تلعب دورًا كبيرًا في تشكيل طريقة التفكير وأسلوب التعامل مع الحياة ، ولما كان الاختلاف والتمايز هو طبيعة هذا الكائن البشري العظيم المسمى بالإنسان ، فإن طريقة تعامل الأفراد مع هذه الخبرات الحياتية والمواقف الإنسانية تختلف باختلاف الثقافة والنشأة والسن والبيئة وغيرها من عوامل تكوين الشخصية الإنسانية .

    وكثيرًا ما تدور نقاشات المتخصصين حول هذه الطاقة العقلية الجبارة التي يستخدمها الإنسان في التغلب على المشاكل التي تواجهه ويستهدي على ضوئها المسماة بالذكاء ، فيرى البعض أن الذكاء هو القدرة على التعلم والتحصيل ، كما يرى البعض الآخر أن الذكاء هو القدرة على الفهم والابتكار والتوجيه الهادف للسلوك والنقد الذاتي .كما يرى البعض الآخر أن الذكاء هو القدرة على التكيف العقلي للمشاكل والمواقف الجديدة أي قدرة الفرد على تغيير سلوكه حيت تتطلب الظروف الخارجية ..وبغض النظر عن هذه التعريفات ونتائجها ،
    فإن الذي يعنينا فيها هو أن عملية التفكير عملية معقدة للغاية وذلك بسبب تنوع وتشعب المهارات المقيسة من خلال اختبارات الذكاء
    ، ومعرفتنا بهذه الجوانب المتشعبة ليست من نافلة القول بل إنها من صميم عمل الناقد الأدبي والمشتغل بفنون الأدب عمومًا للوقوف على الكثير من جوانب القوة والضعف في العمل الأدبي الذي يقوم به
    .
    لكن ما علاقة هذه المهارات بالعمل الأدبي والحكم على مدى نجاحه في الوصول إلى مايراد منه من توصيل المشاعر والأفكار إلى القارئ؟ هذا ما تحاول الأسطر المرهقة الباهتة القادمة الإجابة عنه بإذن الله .

    عملية التفكير عملية معقدة للغاية ، وهذا التعقيد ليس أدل عليه من هذه التصنيفات العلمية لأنواعهاالتي تتجاوز المئة قدرة من القدرات العقلية ومن أبرز المهارات والقدرات الخاصة بالذكاء وفقًا للقدرات العقلية التالية المرتبطة بعملية الإبداع :


    القدرة اللغوية : وهي تقيس قدرة الفرد على توظيف الكلمات وفقًا للموقف أو استخدام عبارات مختلفة لتأدية غرض معين .

    القدرة المكانية : تعتمد على التصور البصري للأشكال في المكان
    فعنصر المكان ضروري في تكوين العمل الأدبي أن يُتَناول بشكل جيد من جانب المبدع .فعلى سبيل المثال نقول إن الجبل مرتفع وعليه نار متقدة يسترشد بها المسافر ، لكن لو حولنا فهم المكان إلى مادة متوهجة في عمق الأحاسيس وجعلنا منه أداة لتحريك الشعور الإنساني بقول :تتمايل أحرف اسمك شعلة فوق الجبال ، فإننا نكون قد غيرنا المكان الجبلي بمعانيه المخيفة والعنيفة كالصلابة والتردي والإيلام ...إلخ إلى مكان محبوب لأن اسم المحبوبة فوقه وكذلك تتحول دلالة النار المباشرة الدالة على الألم والإحراق إلى دلالة (ضوئية) جميلة .

    السرعة الإدراكية : تتمثل في سرعة إدراك المتشابهات بين الأشكال وسرعة تصنيف الكلمات. فالمبدع هو الذي يحسن عقد الصلة بين الأشكال ودلالتها النفسية ، فعلى سبيل المثال ، رغم عنف موقف الحرب إلا أننا نجد عنترة بن شداد يدرك شكل السيف بشكل مختلف يعيد فلسفة الموقف الحربي بقوله :
    فوددت تقبيل السيوف لأنها


    لمعت كبارق ثغرك المتبسم

    بينما الفرد العادي هو الذي يراها حربًا شعواء لا خير فيها وكلها موت ودمار .

    القدرة الاستنباطية :
    تتمثل في استخلاص النتيجة المترتبة على مجموعة من المقدمات كما يحدث في حالة القياس المنطقي.
    ومثال ذلك في العمل الأدبي أن يقول أحد المحبين" أحب الأرض المظلمة لأنه لن يكون فيها إلا نورك" فالمقدمة هي كراهية الظلام والمقدمة الثانية وجود ضوء والنتيجة تمني هذا الإظلام لأنه طريقه أو (جسره ) نحو النور المنبعث من المحبوبة.
    ما علاقة ذلك بالإبداع الأدبي ؟ نعم العلاقة وثيقة للغاية ، فالمبدع هو شخص يقوم بمجادلة الحياة ومركباتها المختلفة ويحاول من خلال ذلك صياغة عمله الأدبي المعبر عن رؤيته لما يعاين ويعايش . فمثلاً :يحسن المبدع استخدام القدرات اللغوية من خلال استخدام المترادفات وسائر الخواص اللغوية وتوظيفها في موقعها المناسب
    . فالغيث مثلاً هو ماء السماء الذي ينزل بالخير بينما المطر هو الذي ينزل بالشر والريح تأتي بالعواصف والأعاصير بينما الرياح تأتي بالنسيم والهواء العليل.

    هنا يتضح الفرق بين المبدع والفرد العادي ، فالمبدع لديه هذه القدرة اللفظية والتي يوظفها وفقًا للموقف والعرف اللغوي.


    أنصت إلى هذه الحروف أخي القارئ الحبيب ( ولست مجبرًا ): في حياتنا البشرية نمر بالعديد من المكتسبات المرئي منها والمسموع والملموس ، بقدر ما يحسن الواحد منا التعامل مع هذه الأشياء بقدر ما يكون قد أضاف إلى رصيده الإنساني والمعرفي نقاطًا إضافية تسمى ذكاء ، فكلنا يلمس الكرة –مثلاً –لكن لسنا جميعًا نحسن السيطرة عليها وتسديدها أو (اللمسات السحرية) المؤدية إلى الهدف ، كما أننا جميعًا نسمع أصوات الحيوانات والطيور وأسماءها ولكننا لسنا جميعًا على نفس الدرجة في توصيفها من خلال حديثنا وتعاملنا وتجادلنا مع هذه الأشياء .

    والإبداع هو تحويل هذه المكتسبات في شكل مكتوب غير تقليدي يعتمد على تفكيك العلاقة الطبيعية بين الدال والمدلول أي الأشياء ومعانيها .
    والإبداع هو عملية إعادة صياغة هذه العلاقة بين المنطق والخيال في أطر منظمة تأخذ من كل جانب بطرف المنطق والخيال حتى لا يصبح العمل الأدبي فنًا من فنون الخلط والتهويس .
    إذًن : المبدع هو ذلك الفرد الذي يحسن توظيف هذه المكتسبات في أطر مكتوبة ، وهذا هو الإبداع فعلاً وهو ما نبحث عن كنهه.
    لكي تكون الصورة أوضح : فالعمل الأدبي تتداخل فيه الجوانب المختلفة التصويري واللغوي والفكري والمعرفي والواقعي والفانتازي ، ولعل اختراع السينيما يعد واحدًا من الأساليب والوسائل التي تقرب الصورة إلى المتلقي ، حتى تبدو خبيئة ما في الشاعر ماثلة أمام القارئ . الإبداع هو الصورة الثابتة أو المتحركة ، والصوت والموسيقى ، والإضاءة والحركة، الإبداع خاصة الشعر
    والخاطرة يجمع المبدع فيها هذه الجوانب ، بل و قد يضيف عليها الرسم والنحت ، والكاريكاتير والصورة الفوتوغرافية أو التشكيلية من خلال الأحرف التي تمثل نتاج كل هذا التراكم الثقافي والمعرفي على نحو ما سنرى من أعمال بإذن الله .
    أيها القارئ العزيز قل لي :ماذا تشاهد وأنت تركب السيارة مسرعة ؟ تشاهد كل شيء يجري القمر يجري ويقفز بسرعة فوق الأشجار والمباني تتوالى كأنها سحاب والطفل الذي يعبر الطريق كأنه خط أو شعاع مرق أمام عينيك وقد تتخيل أنه اصطدم بالأشجار . الأضواء كأنها تلعب مع بعضها لعبة التخفي ، كأن هناك إطلاقًا حيًا للنار بين الضياء هذا العمود يضيء ثم تمر على طريق مظلم فينطفئ النور ثم تدخل إلى واحد منير فتضيء الدينا ثم ...إلخ . في مثل هذه الحالة من الضروري أن تكون قادرًا على سرد هذه التداخلات بشكل جيد ونقلها إلى المتلقي بشكل صحيح حتى لا تتهم بالتقوقع على ذاتك والسيريالية . خذ على سبيل المثال هذه العبارة :"تعانقني وأنت وتمسح الدمع عني" أو "تعانقني و أنت تمسح على شعري" ربما تعد جملة عادية لكنك إذا حللتها وجدت أنها لا تستقيم منطقيًا ، فكيف يعانقها بينما يقوم في نفس الوقت بمسح شعرها أو دموعها؟ إن العناق لا يكون إلا باليدين ملتفتين حول الظهر أو الخاطرة ولا يمكن أن يقوم الفرد في وقت واحد بالشيئين معًا .أليس كذلك؟! مثل هذه الأخطاء تنتج عن عدم القدرة على نقل المواقف بتدرجاتها الزمنية والموقفية فتأتي الصورة غير مكتملة ، من هنا تأتي أهمية معرفة العوامل التي تعد العنصر الأبرز في الحكم على العمل الأدبي حتى يتكامل لدينا الوعي بالمهمة من جانبيها الإبداعي مع الجانب المنطقي ، وبقدر ما نملك القدرة على السيطرة على اللاشعور بقدر ما نكون قد انتقلنا خطوة على طريق الوعي بالذات والآخر ، والإبداع هو نتاج هذا التزاوج ، ولا يكون إلا كذلك ..

  7. #7
    الصورة الرمزية إسماعيل القبلاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : تراجيديا الأمة
    المشاركات : 1,211
    المواضيع : 168
    الردود : 1211
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المشرقي الإسلامي مشاهدة المشاركة
    قبل أن أختم كلامي عن هذه الجزئية المتعلقة بالذكاء والجوانب الداخلة في تكوين العمل الأدبي يكون من الضروري الوقوف ولو سريعًا على علاقة الذكاء ومن ثم الأعمال الأدبية –باعتبارها نتاجًا له ودليلاً عليه-بوظائف النصفين الكرويين الأيسر والأيمن من المخ .
    تتلخص وظائف النصف الأيسر من المخ في الاستجابة للتعليمات اللفظية ،والثبات والنظام في التجريب والتعلم والتفكير،والتعرف على وتذكر الأسماء ،كبت العواطف ، والشعور ، والاعتماد على الكلمات لفهم المعاني ، والتفكير المنطقي ،الجدية والنظام، والتخطيط لحل المشكلات ، والتعامل مع مشكلة واحدة في الوقت الواحد ،والنقد والتحليل والقراءة والسمع ،المنطقية في حل المشكلات ،استخدام اللغة في التفكير ،فهم الحقائق الواضحة .وتشير المقالات دائمًا إلى أن الوظيفة الأساسية لنصف المخ الأيسر تكمن في الاحتفاظ بتمثيل منطقي لحقائق الواقع والاتصال مع العالم الخارجي.
    أما وظائف النصف الأيمن من المخ فهي التعرف على وتذكر الوجوه، الاستجابة للتعليمات المتحركة والمصورة ، وعدم الثبات في الترجيب والتعلم والتفكير ،تفسير لغة الأحلام بسهولة ،إنتاج أفكار ساخرة ،حل المشكلات بطريقة غير تقليدية،المبادأة والتفكير المجرد ،وحب التغيير ، التعامل مع عدة مشكلات في نفس الوقت ،الابتكار لحل المشكلات ،استخدام الخيال في التذكر ،إعطاء معلومات كثيرة عن طريق الخيال والحركة .
    من هنا إخواني الأعزاء ودون سؤال عن أي الطرفين أكثر تناسبًا مع العمل الأدبي نكون قد عرفنا قيمة هذه المعلومة

    لأن كل ما يننتج من أعمال أدبية إبداعية هو نتاج هذا التداخل في القدرات والخبرات المعيشة ، ولأن الفرق بين الأعمال الأدبية التي هي إبداع بحق والأعمال التي هي –في أحسن الأوصاف- عمليات صب في قوالب شكلية أو إيقاعية يتضح من خلال هذا القدر الكبير من الاستخدام غير النمطي والتقليدي للمخ (النصف الأيمن)
    والفوارق بين المبدعين وغيرهم تتمثل في كمية الاستخدام وكيفيته لوظائف المخ الأيمن مقارنة الأيسر على حد سواء .
    لكن من جملة ما ينبغي الإشارة إليه هو أن كثيرًا من المدعين الإبداع يتعمدون وربما لا يتعمدون إحداث تركيبات غير منطقية لا تدعو إذ دعت إلا إلى السخرية تحت مسمى كسر الحاجز المنطقي والواقعي ليعيش العالم في أو القراء في حالة من التخبط بسبب هذه اللاانضباطية في استخدام وتوجيه النصف الأيمن من المخ .
    وتؤكد الدراسات الفسيولوجية أن عدد خلايا القشرة المخية لدى ضعاف العقول أقل في أقسامها وتشعبها من تلك الخلايا لدى العاديين .وقد حاول أحد الباحثين في هذا المجال في إطار الوصلات العصبية التي تصل بين خلايا المخ تفسير مفهوم الذكاء وهو يرى أن العبقري لديه حوالي مليون وصلة والعادي ربع مليون أما الضعيف فحوالي فيملك –عافانا الله وإياكم- خمسًا وسبعين ألف وصلة فقط .
    ما علاقة ذلك بالإبداع والعمل الأدبي ؟
    علاقة ذلك هو أن المبدع من خلال هذا الذكاء وهذا التشعب في القدرات العقلية والوصلات العصبية يستطيع إيجاد الرؤى الفنية والفلسفية الجديدة وغير المسبوقة ، وأنه بقدر ما يتمرس الواحد منا على عملية القراءة والاطلاع واستخدام الملكات العقلية من خلال عملية التحليل والنقد الواعيين للعمل الأدبي بقدر ما يرفع من علامات نبوغه وتربعه على عرش العبقرية على الأقل في جانبها الأدبي
    مع التسليم بأن مع العبقرية الشديدة قد يأتي الفرد بأخطاء ساذجة مضحكة نتيجة لطبيعة التحديات التي اعتاد مقابلتها في عملية التفكير والتي معها تفوته الحقائق المنطقية البسيطة . وأنت عزيزي المبدع من المؤكد أننا حين نقرأ ما تجود به علينا قريحتك نستطيع معرفة المنطقة التي تقع فيها استخداماتك للنصف الأيمن من المخ وجوانب قوتك وضعفك .
    أهمية هذا الكلام وعلاقتها بالإبداع جلية ، فكثيرًا ما يتميز المبدعون بقدرة لا نهائية على توليد الصور الحالمة والصور المغايرة للمنطق والصور الكاريكاتورية والصور التي تبدو في الظاهر سيريالية ولكنها جوهريًا مرتبطة بالموقف الشعوري بشدة شرط أن يولي القارئ العمل بعض التركيز والإمعان في النظر ليستخرج الكنوز الدفينة في هذا المجهول الجميل . لهذا ، وبناء على ما ذكرت في المشاركة السابقة فإنني أحب وضع هذه المقدمات أمام عينيك أيها القارئ من أجل الإبحار في أعماق المبدع العزيز إسماعيل القبلاني ، ولقضاء وقت ماتع (وليس ممتعًا) في هذه الجزيرة التي لابد أنها جزيرة استثنائية ببساطة لأنها تحمل اسم الشاطئ المجهول وكثيرًا ما يكون المجهول أروع من الظاهر ، لطالما أننا ارتضينا بالمغامرة مبدأ ، فلننتش ِ بصحاد الكنز .. ولي عودة لاحقة بإذن الله .

  8. #8
  9. #9
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    تهت في هذه القراءة النقدية الملحقة بالنص والمتشعبة الى حد أفقدني انطباعي عنه خصوصا وانها خرجت عنه لتغوص فيسواه عطفا عليه

    ومع ذلك فإن نصك يستحق قراءة نقدية متأنية وقد عهدنا هذا التميز في حرفك

    دمت مبدعا
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  10. #10

صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. لماذا كلما اقتربت منكَ / منكِ
    بواسطة منى الغريب محمد في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 25
    آخر مشاركة: 26-05-2023, 08:23 PM
  2. 20 ضمانة لحماية جزيرة العرب
    بواسطة بابيه أمال في المنتدى المَكْتَبَةُ الدِّينِيَّةُ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16-12-2007, 04:53 PM
  3. حبيبتي جزيرة خضراء يزرع فيها الخالدون قلوبهم..
    بواسطة ميسون الارياني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 23-06-2007, 09:52 PM
  4. جزيرة نائية
    بواسطة ليلى الزنايدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 10-11-2006, 09:03 PM
  5. أخرِجوا هؤلاء من جزيرة العرب ...
    بواسطة يوسف الحربي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 28-02-2004, 02:30 AM