اللوحة مأخوذه من الفيس بوك .
هذه الأوراق .. قد لا تكون بين دفتي كتاب ولكنها بين دفتي استفهام ..؟
فالأوراق التي لا تسقط من شجرة تسقط من الذاكرة مخالفة لنظرية " نيوتن "
- فهل يعقل هذا ؟
- نعم يعقل هذا .. لأن الذاكرة لا تسقط شيئاً بإتجاهنا .. فنحن مفاتيح أبوابها المتغطرسة في الأشياء والأماكن .
**
أقرب صورة من الطبيعة إلى النسيان هي القحط .. أما الوجه الآخر لها فهو الجليد .. وهو أخف ألماً من سابقه .. ولكن :
- أين يوجد هذا الجليد الذي تسقط فيه هذه الأوراق؟ أيعقل أن يكون في الأعلى ؟
- قد تمتلك الدهشة إذ علمت بأن هذا الجليد ليس سوى مساحة من البياض ! لسدراتٍ عدة في مخيلتك .
وكيف لا تندهش من هذه المساحة وهي تستقبل مداد .. أحلامنا .. أفراحنا .. أحزاننا .. واقعنا .. أليست باردة جداً وهي تجمع أشلائنا
لا تحرك ساكناً لما يكتب عليها ويدفن فيها .. والجليد بمعنى آخر هو عنصر الامبالاه الموجود فينا !
*إذاً كان هذا الجليد ..
- فكيف يكون صدر هذا الجليد ؟
- صدر الجليد هو ما نفخت فيه من روح .. حزنك .. ألمك .. فرحك .. أحلامك .. كي لا ينضب ينبوع ذاكرتك !؟
ولكن .. اعلم أن الأوراق المتساقطة مربوطة بكل شيء مضى .. تجعد .. إنتهى .. تجمد في رحم حكايتك .. إلا أنت ..!
- هل تصببت عرقاً ؟
- لا داعي لذلك .. فإن كان خروج العرق نتيجة تفاعل متناسق لإنزيمات متعادلة داخل جسدك .. فهناك
العواطف .. الأمنيات .. الذكريات .. إنتزاعها وسقوطها بعيداً .. لا يعرفان طريقاً للعدالة .. حتى تصبح أنت سبباً وإن لم تكن لك يد في هذا
أوليس تحولك من ذات المتأمل إلى سبب .. جعلك مدهشاً ومندهشاً ..لدرجة جعلتك تعيش بين أناتيك .. أناك الطين وأناك الروح ..
- وهل يمكن أن تستمر هكذا .. معلق ما بين السماء والأرض ؟
- لا عليك مهما كانت الفوضى حولك .. فأنت تستطيع ترتيبها .. ترتيب نفسك من خلال الكتابة .. وإن كانت الفوضى سترتب نفسها من خلالك
فاعلم بأن الموت لم يعد مخيفاً .. والمسافة حفرة لا تستغرق الساعة وكفن أبيض ملطخ بك .. حتى الفوضى والفراغ لن يكونا مشكلة لك لأنك لن تبرح مكانك
- أهذا كل شيء ؟ .. أهكذا تختصر حياتك لسقوط أوراق معينة ؟
لا لا يمكنك الإنكسار هكذا .. فالفوضى لم تصبح تقليدية بعد .. فمنذ متى كان الزمن يتجاوز الحقيقة ؟
ولكنه مع ذلك يتجاوز الفوضى ..
ومهما كانت الفوضى حولك لا تسمح لها بأن تقتلك .. ولا أذكر من قال (( حقاً القاتل في زمن الحرب ليس مجرماً )) فأنت لست سهلاً لترحل هكذا ؟؟
فالفوضى حرب لها وجهين وجه يحمل ملامح معركة .. ووجه لا يحمل ملامح .. غامض جداً
يظل ينهش ما تبقى منك عن بعد حتى تصبح معلقاً بعيداً عنك لا تدرك معناك على عكس الأول .. إما أن تنتصر أو تموت .
.. لماذا لا تجعلها تنجرف في تيارك .. خالفها .. للحظة واحدة تمكنك من الإنتصار .. لأنه (( من الشرق تطلع الشمس والشرقيون يستفيقون بعد المغيب ..))
كن شرقي ولو لمرة واحدة .. فكن شرقي وخالف تيار الفوضى كي تستفيق بعدها ..
لتبحث عن جمال الأشياء فيك بعيداً عن المقولة التي لا أعرف لمن نسبت في في رواية ذاكرة الجسد لأحلام مستغانمي ونصها (( لا تبحث عن الجمال لأنك حينما تجده تشوه نفسك ))
يا لمصداقيتها ولكن لا أعتقد بأننا نشوه أنفسنا بالحرية .. لأن الجمال هو الوجه الآخر للحرية ..
.. وهو أيضاً بطولة شرف السبيل إليها .. تضحية .. ألم معين .. !
وإن فلسفة الألم .. رؤيه رتبت نفسها من خلال الفوضى .. وتجسدت فيك .. فهل يمكن أن تجعلها جرء منك ؟ وأنت إنسان مفطور على التغيير ..!
لكن .. ماذا بالأمكان القول عن .. طوفان حَمَلَتْ تضاريسه ..بيئتي !؟ وجمعت دوامته شتاتي !
وهو لا يمكنه الإنقسام عن نزيل كياني ولا يقوى على طرد الآخر الضد !
مالذي سأصفعه لأنهي كل شيء ؟
وليس ثمة باب يأخذني إليه .. لترحل عني ..
سأكتب إليك بعيداً عن القحط .. أوراق لن تجف على صدر الجليد .. لأنك لن تستطيع الكتابة إلي
ولأنك لا تستيطع الرد أيضاً ..
وما سأكتبه إليك .. ليس لأني أهتم بك .. أو أني أحاول أن أظهر بعض إهتمامي بك ..
بل لأني لا أبالي بك الآن .. ولكن سيأتي اليوم الذي ترحل فيه عني ..
وتجد نفسك محبوساً في مكانٍ آخر ..!
فأقرأ ما أكتبه إليك واعلم أن الحياة تبدو حلماً جميلاً فلا تضيعها في الحزن والوجع والألم واللذة ..
المهم أن تدرك أن ما كتب إليك يعد ضمن حرية التعبير ..
المخلص :
نزيل كيانك للعام التاسع عشر منك !