أحدث المشاركات

نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الموشحات الكشكية 1'2'3» بقلم محمد محمد أبو كشك » آخر مشاركة: محمد محمد أبو كشك »»»»» في شارع واحد» بقلم عبدالحليم الطيطي » آخر مشاركة: عبدالحليم الطيطي »»»»»

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 35

الموضوع: إصدار جديد بعنوان: سخف الحداثة وخواء الحداثيين

  1. #21
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    توفيق زياد


    وهذا توفيق زياد في ديوان: توفيق زياد، صفحة: 513 يقول:
    ((وإلى الأشجار أو العمدان وإلى الريح وجه الله العريان)).
    هذه الفقرة قصد بها صاحبها الموسيقى، فقد ركب جملتين ظهر عليهما جمال
    لفظي؛ وهو بديع، سجعه لفظا سليم، ولكنه معنى تالف وشاذ، فالوجه موطن
    الخجل والحياء والفرح والابتسام والغضب والعبوس.. فهو صالح للاستعارة
    والمجاز إن قصد به شيء من ذلك أو غيره مما لم أذكره، ولكن أن يؤتى
    بالعري لوجه الله تعالى – وجه الله العريان – فلا يستقيم، ماذا يمكن أن
    نستعير من ذلك حتى يستقيم لنا المعنى؟ لا شيء، حتى محاولاتنا تجميله
    بكلام؛ لا يفيد، فوجه الله العريان من الظلم، العريان من البخل، من كل
    الصفات القبيحة لا يستقيم لغة، ولا يتموضع في الذهن معنى، فهو كلام وإن
    ركب على وجه سليم لا يستقيم بسلطان اللغة، ومحاولة الخروج عن سلطان
    اللغة جائزة، ولكنها في غير حق اللغة العربية، فاللغات الأخرى اقتعدت
    الرفوف بعدما نبتت فيها لغات جديدة مثل اللاتينية التي جاءت منها
    الفرنسية والإسبانية والإيطالية إلخ.
    هذا لا يكون في اللغة العربية، وأي محاولة بشأن ذلك فهي فاشلة، وكنصيحة
    يمكن هؤلاء أن يبدعوا لغة جديدة خارج سلطان اللغة العربية، حتى لغة
    البكوك لا تقبل بمحاولاتهم.
    وإذن فقرته لغة لم تبن على الوجه اللغوي السليم، بنيت لفظا وتلفت
    معنى، وما أكثر مثل هذا الكلام التالف.
    وأما من جهة أخرى بالاستناد إلى وجهة النظر التي يتبناها الفرد المعتقد
    في الله ووحدانيته وانتفاء الشبه له بذاته وصفاته، فليس هذا من ضمن
    ثقافته، فهو دخيل عليه محارب له، وغير محترم لعقيدته بصرف النظر عن
    حتمية كون الله تعالى ربا لتوفيق زياد رغما عنه، فذلك بديهي عند
    العقلاء.
    لئيم الحمل والوضع، دنيء الأصل والفرع من دب في اللؤم وشب لا يستغرب
    منه ما جاء به، فهو كغيره بوق؛ النافخ فيه ضفدع المستنقعات..
    بينما أنا في رواح
    مررت على هذيان
    في مطارح الهوان
    سمعت الأعقل يقول:
    " لا الله أختار ولا الشيطان
    كلاهما جدار
    وهل أستبدل الجدار بالجدار"
    فقلت له:
    وهل لديك خيار
    يحميك من سفاهة الاختيار؟
    مطارح الهوان بدينة
    تكاد تطرح أجنتها
    لا ينفع لولدانها اللبن
    ولا الطعام ولا الماء الزلال
    لا المرضعات محظوظات
    ولا الأجيالَ تقطع الأجيالُ
    مرضع ذكر بلا ثديين
    ولا حَلَمتين
    يدرّ لبنا من صنبور
    يشربونه وبه يحيون
    مجرى اللبن سَيْلته
    منها قُذفوا ومنها الْتبنوا
    يتلمَّظونه ويتمطَّقونه.
    ..................
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  2. #22
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    عبد العزيز المقالح


    وهذا عبد العزيز المقالح في ديوان المقالح صفحة: 339 يقول:
    ((يكاد النهار على أفقهم يموت ويحتضر الله والعقل خلف معابدهم في
    البيوت)).
    كلام تجريدي جميل لولا تجميله ـ تقبيحه ـ بالقاذورات الخارجة من فيه
    هذا المتاجر باسم الله.
    عجيب أمر هؤلاء لم يجدوا ما يتلهون به غير الله تعالى؛ لأنه حليم لا
    يتعجل معاقبتهم لعلهم يثوبون إلى رشدهم.
    هذا المقدس الذي تقدسه كل شعرة وكل خلية من أجسام هؤلاء، والله لو
    استنطقت بمنطقها لنطقت تقر بسخافة هذه الثقافة، وظلمها للإنسانية.
    البشرية تقدمت وما تزال، وأمر الله تعالى محسوم عقلا لدى كل ذي لب،
    فوجوده مسألة لا يقدر على إنكارها بالحجة والبرهان منكر، وهو بذلك
    المستحق الوحيد للتقديس، ومن كانت هذه صفاته يجدر بمن لا يؤمن به على
    الأقل احترام من يقدسونه؛ وذلك بعدم تناوله تجريحا وتسفيها لأن ذلك
    اعتداء وهم يزعمون نصرة الإنسان، ففقرته تسير سيرا تصاعديا من أولها
    نحو التتويج، ثم تنتكس بفعل المبدع وترجع القهقرى سخيفة مرذولة. فالله
    تعالى خالق الحياة والموت، جاعل الحالات كحالة الاحتضار، ومن يجعل
    الحالة لا يكون منها، إذ لو كان منها أو كانت جزء من ذاته لوجب البحث
    عن غيره، وإذا بحثنا فالنهاية محسومة بالوقوف على من لا أول له ولا
    آخر، ومن كانت هذه صفته لا يموت؛ لأنه الحي القيوم، فكان كلام المقالح
    كلام من لا يملك ذرة من التعقل والنضج في هذا الموضوع، فهذه رواية:
    نساء مستعملات قد حسمت أمر وجود الخالق عقلا، وهو منطق العقلاء فليذهب
    إليها ويقرأها فستجعل منه قزما ثقافيا لا يستحق الالتفات إن هو سد عن
    متابعتها عقله وقلبه..
    تقدمت جدة الحداثي تطلب يد ثَقاف المَمْدَرية، تخطبها لحفيدها المفلس
    الذي لم يقلع عن عادة الشحاذة، يستعطي الغرب شياطة مقابل حمله على
    حضارة أمته..
    أشفقت ثَقاف على المقالح فتزوجته علها تقطع عادة شحاذته عند أبواب
    الغرب..
    زفت إليه بشرط ألا يدخل بها إلا عند الوفاء بشرطه، ساكنته في منزل
    بثلاث طوابق مؤثث تأثيثا بديعا قد بصمته أيد أندلسية، وخربشت جدرانه
    خيوط ذهبية تقرئ شعرا ونثرا، وتسمع أدبا وفكرا..
    وذات يوم دخلت ثَقاف في الطابق الأول وبحثت عن المقالح فافتقدته، تسد
    عنه جميع المنافذ إلى الشارع حتى لا يعود إلى الشحاذة، ظنت أنه قاعد في
    الطابق الثاني أو الثالث، فلديه طقوس وأذواق يهيم بها هيام المجنون
    بليلى.. ظلت تنتظر إلى أن غار انتظارها في اليأس فطفقت تتحرك دون حسيس
    لتفاجئه في فراشه أو عند إبداعه، وطئت درجا درجا ففاجأها هو، استرقت
    النظر إليه فإذا به يضع في كل درج كسرة خبز ودرهما، تبعته حتى انتهى
    إلى آخر درج، ثم قفل راجعا وهو يصيح: (( صدقة لله يا حباب الله))، يشحذ
    ويمد يده للكسور والدراهم فيأخذها، وكلما تناول كسرة ودرهما أثنى
    قائلا: (( الله يرحم والديك )).
    انعطفت ثَقاف يصطفق ثوبها للريح فخرجت دار الحداثة وهي تقول: حليمة
    تعود لعادتها القديمة، وتلك حليمة العرب، ولكن حليم الغرب المُطلَّق لم
    تنشأ عاداته من وسط ثقافته، أو نبتت في حضارته، فما باله يبلى وهو حديث
    حداثي؟
    إن المقالح قد تراد بكلامه وارتد وهو يتوهم أنه قد أقدم على ذلك بثبات
    جنانه، تناسى أنه فأر الكنكر، صحيح أن فأر الكنكر مستغن عن الماء إذ
    يصنعه من الهواء، ولكن فأرنا يصنع سبب حياته من بخر المجاري ومساقط
    المياه الحارة.
    لقد ألف المقالح مضاجع الذلة حتى تصاغر وتحاقر، ومن كان ذلك ديدنه
    ارتقى إلى تمثيل نوع خاص من المثقفين فتقدم ليكون نقيبا لهم، فكان أزهى
    من ديك القمار في أمريكا الجنوبية يحمل شفرات حادة في رجليه ليقتل بها
    ثقافته في بلادة تامة..
    .............

  3. #23
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    جبرا إبراهيم جبرا

    وفي المجموعة الشعرية الكاملة لجبرا إبراهيم جبرا صفحة: 129 يقول:
    ((والله يهدر صوته بين الشجر)).
    الله يهدر صوته بين الشجر. الله تعالى جعل جبرا من بني قوم هدْرة،
    فلعلهم أتباع معاوية الذين قاتل بهم عليا، لا يفرقون بين الناقة
    والبعير، فصوت الرعد والريح وما إلى ذلك أصوات تدخل في خانة النوع
    والعدد، فلو تأملت أجناس الأصوات وأنواعها سواء كانت لكائنات حية أو
    لجمادات، فسترى تميزا دالا على روعة تتحسسها الآذان المرهفة فتستقر
    بذلك على قدرة الذي أعطاها تلك الأصوات، ومن يعطي الأصوات لا يكون صوته
    نظير أصواتها؛ لأنه بذلك ينزل إلى مستواها وهو محال عقلا، هذا مع عدم
    التسليم بوجود صوت للإله رغم وصفه بالتكلم. فالمتكلم عندنا صاحب لسان
    وشفتين وفم وحنجرة بها حبلان صوتيان يحدثان التنوع الصوتي، وللنبات صوت
    يتحدث به إلى جنسه، وللجندب صوت ينادي به على أنثاه ويحدثه يضرب جناحيه
    مع بعضهما البعض، ولكل مخلوق صوت أو لغة خاصة به، وجميع هذه الأصوات،
    وجميع مسبباتها لا تنطبق على الله تعالى، لأنه بشبهها له يأخذ صفتها،
    وهي من صفات النقص؛ وليس من صفات الكمال، وهو محال، هذا بالنظر العقلي
    لأن الله كما وصف نفسه، والموصوف غير المحدود لا يمكن الوقوف على حقيقة
    ذاته. أما بالنظر السمعي فهو هدير يعبر به عن خوف، فلا يوصف هدير ريح
    في معرض وصف الهدوء والسكينة، فالسكينة اطمئنان، والهدير قلق وهما
    صالحين لوصفنا، لكن أن نصف الهدير في صوت الله فغير مقبول وصفا لغة،
    لأن الله تعالى إذا استعير لصوته شبه من أصوات مخلوقاته مع استحالة أن
    يكون له صوت، والصوت غير الكلام، فالكلام صفة له لا نعرف كيفيته، لأن
    الصوت له مسبباته، سواء كان للكائنات الحية، أو للجمادات، فسيكون ذلك
    شاذا في تركيب الكلام العربي، إذ لا يصلح وصف الهدير لصوت غير موجود،
    ولا يمكن الاستعارة منه، فيكون كلاما ساقطا لغة، وأما من جانب آخر،
    فالله تعالى بإيذائه يكون المؤذي مستعديا الكون والإنسان والحياة..
    مستعديا نفسه عليه وذلك بإخراج أضغانه ونشرها على الناس، فظلم الناس لا
    يكون في أموالهم وأنفسهم فحسب، بل يكون في معتقداتهم أيضا، ومن يرد أن
    يمحو ما يعتقدون فلا يسلك سبل السب والشتم والسخرية من عقائدهم، بل
    يسلك سبل التبكيت بالحجة والبرهان، ومعلوم أن أمثال جبرا لا يثبت في
    مناظرة مع تلميذ جحا، لأنه رجل هدْر، والهدر يضيع الإنسان وقته معه إلا
    أن يتواضع فيتعلم من غيره كيف يحترم الناس، وكيف يتناول معتقداتهم
    ويفندها.
    بينما أبو ما بعد الحداثة يغط في نومه طاف عليه طائف يوزع مشروب
    كوكاكولا، وكان ممن لم يقووا على جلبها ولو مرة واحدة إلى عيالهم، فلم
    يحظ بها في حلمه، ثم غطس في بحر نومه يداعب أحلامه فطفق يرى أنه يبول
    كوكاكولا، عندها صاح بأبنائه فأقبلوا إليه يزفّون وبأيديهم ما
    سيملأونها بالمشروب الغازي اللذيذ، حضروا جميعا يحملون كؤوسا بلورية
    شفافة وشرعوا يملأونها من صنبور والدهم، وكلما امتلأت دفعوا بها إلى
    أفواههم، يتجرعونها ويكررون ذلك منتشين قد زال حرمانهم وذهب شوقهم.
    وكان قد انزوى في ركن حداثي كل من عبد العزيز المقالح وأدونيس وسميح
    القاسم ورشيد بوجدرة وعبد الوهاب مؤدب ووفاء سلطان وسيد بحرواي وغيرهم،
    انزووا لفقدهم كؤوسا يشربون منها وقد غشيهم البؤس وعمهم الغبن، عندها
    انبعثت امرأة دميمة مبطانة قد بدنت لحيمة شحيمة تجر مؤخرتين كأنهما
    بيضة بمُحَّين، أو رخوية بجنسين، وتصيح برب ما بعد الحداثة:
    عيالك يا رب العيال ليس لديهم كؤوس يستعملونها لشرب كوكاكولا، فكيف
    يشربون؟.
    فأوحى إليها:
    قد تركت لهم الصنبور يشربون منه مباشرة حتى تتماسّ شفاههم به، ففي
    التماسّ رفع لشأنهم وبركة لهم، وفيه رضا يستحقونه أكثر ممن يشربون من
    الكؤوس.
    ......................

  4. #24
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش


    مظفر النواب

    وهذا مظفر النواب يقول:
    ((يا من رأى الله شاحنة ليس تلوي)). قراءة في التجربة الشعرية لعبد
    القادر الحصيني وهاني الخير. صفحة: 63/118.
    ويقول: أيضا:
    ((فالبلاد التي هو منها سراب تخاف الحقائق منه فإن سكن الخلق يأخذ
    عزلته بزوايا من الله عابقة بالشراب ويثمل الله سبحانه والبلاد التي
    درجات الكحول بها لم تصلها الخمور وبالوهم يسكرها بين حين وحين))
    المصدر السابق. صفحة: 141.
    وصف الله تعالى بالشاحنة التي ليس تلوي يدل على خلل لغوي في محاولة
    تجريد الكلام، فلا يجرد اللفظ من معناه ليؤدي معنى آخر هكذا دون ضابط،
    هذا باعتماد اللغة العربية كأداة للتعبير والتصوير واحترام سلطانها،
    وإلا فليذهب إلى غيرها ليعبر بها، أما التعبير بالعربية فلا حق لأحد
    تحت أي اسم أو ذريعة في التصرف بها والإخلال بضوابطها، فهي لغة متوجة
    قد اقتعدت موقعا لها وجب الاعتراف به.
    الله لا يرى إلا بما وصف نفسه، وأي رؤية بعدها لا تستقيم لغة، وبديهي
    أن لا تجوز شرعا لمن يبتغي الإسلام دينا.
    لفظ الجلالة: الله، ليس لفظا لغويا يرجع فيه إلى اللغة من أجل تفسيره
    مثله مثل ألفاظ أخرى كالروح لا يرجع إلى القواميس اللغوية من أجل
    تفسيرها، بل هو (أي لفظ الجلالة) لفظ معبر عما يجد الإنسان أثره في
    نفسه وفي الكون والطبيعة..
    ولذلك فبحثه من أجل معرفة الوجود أو عدمه معقول تستطيع اللغة التعبير
    عن الأفكار المتعلقة بوجوده، وأما معرفة كنهه فمحال، وعليه لا يستطيع
    أي ذهن بشري الوصول إلى ذلك لأنه فوق الذهن والتصور، ولا تستطيع أي لغة
    التعبير عن ذلك، فلزم عقلا التفريق بين وجود الله، وبين كنهه وماهيته،
    وكان لزاما الاعتراف بهذا النقص حتى يعرف الإنسان حده فلا يتطاول على
    شيء وهو دونه دونه ودونه. هذه صفة العقلاء، ويبدو أن مظفر النواب لم
    يؤت حظا منها، لأنه يعتمد السخرية في حق الله تعالى، وهذه السخرية
    أفسدت نصوصه وأدخلتها مزبلة الأدب.
    ((ويثمل الله سبحانه..)) سبحان تأتي تنزيها، تأتي تسبيحا، وتأتي
    تعجُّبا.. وهي هنا مع الضمير لا تفيد تنزيه الله تعالى عن السوء إذ
    تقديرها: أتعجب منه، أي من الله لثمالته.
    ((.. والبلاد التي..)) التي اسم موصول يحتاج إلى صلة وعائد وهو هنا لا
    معنى له، إذ كان أولى أن يحذف. و((درجات الكحول..)) تكشف عن نوعية
    الخمرة التي لم تصل بعد إلى صفة الخمر حتى تحرم، وهذه سخرية من شريعة
    الإسلام، كما أنها فحولة ظاهرة في ثقافة تشير إلى كثرة أنواع الخمور،
    فالكحول في الجعة والخمر ليس بنفس النسبة في الويسكي والكونياك.. ولكن
    لن يكون مظفر النواب أكثر ثقافة من النُّدُل والبرمانات في حانات الغرب
    ومطاعمه.
    لماذا لا يتم تناول سلوك الحكام العرب مثلا بمثل ما يتم تناول ذات الله
    تعالى؟
    ألم يظهر على الحكام ما يوجب تناولهم؟
    وإذا تناولوهم، فهل يتناولونهم بمثل ما يتناولون الله تعالى؟
    أم أن الحكام يعتمدون قانونا في دساتيرهم يقضي بجعلهم مقدسين، بينما
    الله تعالى لا يعتمد تقديسه في أي دستور عدا كتابة عبارة: أن الإسلام
    دين الدولة الرسمي في بعض دساتير العرب وهي عبارة كاذبة؟
    شعر مظفر النواب قبيح المقاطع سخيف المطالع، هزيل المحاسن سميك
    المهازل، يستغلق مفاتح المعاني وطرق المباني، شعره ليس له وصلة من
    ملاحة، وما عليه بلة الفصاحة، سقيم الخاطر، تافه النظم، ناضب القريحة،
    شويعر شعرور قد ذرت عقله الرياح فبات مبتذل المعاني مشوش القوالب، ليس
    على شعره طلاوة ولا حلاوة..
    لَبِس مظفر النواب قومه وكان غاشا لهم.
    لزم قعْر دونيته فلم يبرح.
    .................

  5. #25
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    محمود درويش


    وهذا محمود درويش في ديوان محمود درويش صفحة: 24 يقول:
    ((نامي فعين الله نائمة وأسراب الشحارير )).
    ويقول:
    ((هكذا الدنيا وأنت يا جلاد أقوى ولد الله)) المصدر السابق صفحة: 264.
    عين الله نائمة والجلاد ولد الله. هنا في غرناطة أتردد على صديق لي
    شيوعي المعتقد من مناضلي إلى الأمام، لم يقبل شعار الملك الحسن الثاني:
    إن الوطن ـ أي الحسن ـ غفور رحيم. يعيش هنا مغتربا كما يعيش درويش
    هنالك مغتربا، وبالمناسبة فهو من المعجبين ببعض قصائده. كنت إذا غبت
    عنه يومين أو ثلاثة، ثم أتيته يقول لي: تظهر مثل الله، وتغيب مثل الله.
    وكنت إذا أمسكت بعقله مستفسرا إياه عن مناسبة اختراع مثل هذه الجمل ذات
    النكهة الخبيثة؛ تزداد عيناه جحوظا، ويظهر عليه الانفعال، ويستعد لسب
    الله ورسوله لولا تحاشي ما يسبب ذلك، فقلت ربما يثوب إلى رشده ويعقل
    مثل العقلاء، فاتفقت معه على مناقشة وجود الله لرغبتي في الاعتقاد
    مثله، أو اعتقاده مثلي، فأحدنا على صواب، والآخر على خطأ، وابتدأ
    الحوار وكان رصينا، فابتدأت تهتز قناعاته، وكنت أناقشه على غرار ما ورد
    في فضاء رواية: انتفاضة الجياع، و: نساء مستعملات، فعجز عن الاستدلال،
    وافتقد الحجة في إثبات عدم وجود الخالق للكون والإنسان والحياة،
    وبُكِّت تبْكيتا، لم يكن يسير نحو الغاية التي رسمناها ـ والسبب في
    اعتقادي ضعف قراءته واطلاعه، فالذي يعتبر الأرض كائنة مثلما هي كائنة،
    لم تظهر من شيء، ولم يطرأ عليها في تاريخها شيء يصعب تبصيره لفراغه ـ
    بل كان يحس تغييرا في عقليته وسلوكه سيظهر عليه، وبحكم العادة المتحكمة
    فيه، وبحكم انطواء نفسيته على حقد كخلفية لم يستطع مسايرة النقاش دون
    استحضارها، فانقلبت معه إلى متحدّ، وصرت ولد السوق، لأني اشترطت عليه
    أن لا يسب الله ولا رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم، لأن سبهما سب لي
    وهو الجبان غير مستعد لاتخاذ إجراء الحياة أو الموت بمعتقده، فتميع
    النقاش، وصار يهرب من مناقشتي له، وحين علمت أنه غير جاد تركته ولم
    أيأس منه، ولكنه سد عني كل منفذ إلى مناقشة ما يعتقد، ففهمت أنه كان
    يستعمل معي مثل تلك الألفاظ استجابة لا عفوية لما يحمل في قلبه من حقد
    على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هذا ما ذكرني به درويش في مثل
    استعماله كلمات يستخف بها من الله ويستخفي بها من الناس ولا يستخفي بها
    من الله خالقه.
    إذا استبدلت كلمة الله من فقرته بكلمة الظالم مثلا؛ لأن الله في فقرته
    هذه ظالم ولذلك طمئن من يخاطب، فالنوم يحدث الغفلة والغفلة فرصة لنوم
    المخاطب، لو استبدلها، واستبدل الأخرى بأن يقول مثلا: أقوى ولد الظلمة،
    أقوى ولد الملك، أقوى ولد الحاكم.. لو فعل ذلك لكان كلامه مقبولا،
    ولكنه إذ لم يفعل أبى إلا أن يظهر أضغانه مدفوعا إلى إظهارها دفعا.
    ألا يحس مثل هؤلاء بالأذى الذي يلحقونه بالناس فضلا عن الكون والحياة
    …؟
    ألم يجدوا ما يسخرون منه غير من يحبه الناس حبا فوق أنفسهم وأبنائهم
    وأهلهم وذويهم؟
    أهذا الحب لله ورسوله سبب حقدهم؟
    فما يكون أمرهم مع الناس إن هم سوّدوا الله بتسويد وحيه وشريعته في
    علاقاتهم بأنفسهم وربهم، وعلاقاتهم بغيرهم من الشعوب والأمم؟
    ويقول في نفس المصدر صفحة: 591:
    ((ولم يسأل سوى الكتاب عن الصراع الطبقي ثم ناداه السؤال الأبدي
    الاغتراب الحجري قلت: أي نبي كافر جاءك البعد النهائي)).
    ويقول في نفس المصدر أيضا صفحة: 634 – 635:
    ((يا أخضر ـ الأخضر رمز يمتدحه ويكثر من الثناء عليه ـ لا يقرب الله
    كثيرا سؤالي … ولتحاول أيها الأخضر ـ أن تأتي من اليأس إلى اليأس ـ
    وحيدا يائسا كالأنبياء)).
    ويقول في صفحة: 292 من نفس المصدر كذلك:
    ((صار جلدي حذاء للأساطير والأنبياء)).
    هنا في غرناطة جرى بيني وبين صديقي الماركسي حوار حول الصراع الطبقي،
    فصدر عني قول أنه لا يوجد هناك صراع طبقي، المجتمع لا يتكون من طبقات،
    يتكون من فئات، فغضب لذلك وطفق يشرح ما يشرح، ثم قلت له: إن كارل ماركس
    لا يفهم الطريقة التي بواسطتها يتغير سلوك الفرد والمجتمع، فغضب لذلك
    أيضا واستكثر علي أن أتطاول على نبيه بكلام لا يرد عليه إلا بالهروب من
    المناقشة، فحاصرته في ماركسية أرادت تغيير المجتمعات ولم تعرف الطريقة
    إلى التغيير، زعمت الصراع الطبقي فلم تنتج شيئا على مستوى الأفراد
    والمجتمعات.
    يذكرني من استساغ عضوية الحزب الشيوعي الإسرائيلي دون أن يدرك كذب
    اليهود بتلك التصنيفات في مشهدهم السياسي، يذكرني درويش بصديقي
    الشيوعي، فيأخذني بتذكيره إلى يأس الناس من ثقافة التغيير بواسطة أمثال
    هؤلاء المُتَثَيْقفين. المثقف بصير أكثر من غيره، أو هكذا يجب أن يكون،
    فكيف يسكنه الصراع الطبقي ويظهر على إبداعه وهو مجرد وهم كان يجب أن
    يرحل فور النضج العقلي؟ كيف لم ينضج بعد درويش لطرح مثل هذه الخزعبلات،
    أم أن الطبع غلب التطبع؟ من كان ماركسيا يحمل صفة المفكر ارتقى فهجر
    الماركسية، ومن كان رماديا يحمل صفة المفكر عليه أن يرتقي فيهجر تلك
    الثقافة، فلن يتبناها شعب، أو تحتضنها أمة، ليس لأنها فوق إدراك
    الناس، بل لأن الناس على بساطتهم عقلاء أكثر من الرماديين.
    إذا نظرت إلى المجتمع تجد أنه مجموعة أفراد كما هو مقرر في الفكر
    الرأسمالي والثقافة الرمادية، ولكنك إذا نظرت إلى مجموعات يجمعها ركاب
    واحد كأن يكونوا مسافرين في طائرة أو باخرة أو قطار يفترض وفق تلك
    النظرة أن يكونوا مجتمعا، وهو ليس كذلك..
    وإذن فالتجمع لا يدل على مجتمع، جمع أفراد مع أفراد مهما كثروا لن
    ينشئوا مجتمعا بتجمعهم، الذي ينشئ مجتمعا هو تبادل علاقاتهم بشكل
    دائمي، وتبادل العلاقات بالشكل الدائمي لا ينشأ دون شروط هي: نظام ينظم
    علاقاتهم. وحدة الرضى والغضب عندهم أو ما يسمى بوحدة الشعور. وحدة
    أفكارهم ومفاهيمهم عن الحياة والكون والإنسان.. هذا هو الذي يظهر
    مجتمعا ما، وعليه فإن إقامته يسار إليها بالوعي على هذه الشروط، ثم
    ركوبها، وكارل ماركس لم يكن يفقه من هذا شيئا، ولذلك اخترع الصراع
    الطبقي، ظل يتخبط فيه الماركسيون مؤمنين بجدواه، فلم يجد شيئا، لأنه
    غير مطابق لواقع التغيير، صحيح أن فكر التغيير وجد عند الماركسية، ولكن
    الوعي على تركيبة المجتمع انحرف بهم نحو استهداف الغاية على الوجه
    السليم، حتى أن نشوء الفكر باعتباره قائما على انعكاس الواقع على
    الدماغ زاد من انحرافهم، وكيف لا وهم عمون حتى عن إدراك حقيقة
    الانعكاس، انظر إلى الحيوانات كالقطط مثلا، فرؤيتها تعتمد على عين
    ثاقبة، فهي تستطيع الرؤية في نور القمر، والسبب هو انعكاس الضوء على
    طبقة موجودة في عينها، ولولا تلك الطبقة لكان نظرها ضعيفا، وعليه فعين
    الأسد والفهد وكل القطط لها طبقة تنعكس عليها الأضواء، ثم ترتد إلى
    الفريسة فتراها بوضوح على مسافة معقولة فتنطلق للانقضاض عليها، هذا
    بالنسبة لعين للقطط، أما عين الإنسان فليس لها طبقة عاكسة، فالضوء لا
    ينعكس عليها، بل ينكسر، وفرق كبير بين الانعكاس والانكسار، ومن لا يعرف
    هذا كيف يستطيع رؤية انعكاس الواقع على الدماغ، هذا غير ممكن، ولو كان
    ممكنا لعرفناه بفضل البحوث العلمية المتقدمة عن الدماغ والجهاز العصبي،
    تبقى النتيجة أن الدماغ لا يحمل قابلية الانعكاس، فلا تنعكس الأشياء
    على الدماغ لأنه لا توجد فيه قابلية الانعكاس، ولا ينعكس الدماغ على
    الأشياء لأنه لا توجد فيها قابلية الانعكاس، لا شروط إذن تؤكد حصول
    الانعكاس..
    إن ما ظهر في الاتحاد السوفيتي سابقا بأن أقيمت دولة ماركسية لا يصلح
    دليلا لتفنيد ما نقول، لأن الاتحاد السوفيتي قام بغير الصراع الطبقي،
    وقام أيضا بغير الطريق السليم الذي يبني المجتمع بناء جيدا كاملا
    مكتملا، ولذلك انهار، انهار لأن الشعب الروسي رغم وطنيته لم يكن موحد
    الرضا والغضب، ولم يكن راضيا على النظام، ولم يكن ماركسيا، ومن كانت
    هذه صفته لن يدافع عن مبدأ أو دولة أو نظام، فحصل ما حصل، وما يوجد في
    بلدان أخرى من تبني الماركسية سينهار هو الآخر، ولكن بغير الكيفية التي
    جرى بها انهيار الاتحاد السوفيتي، بل سينهار بتحولات بطيئة تجري عليه
    في الداخل، يتحول شيئا فشيئا إلى الرأسمالية، فقد قطع شوطا لا بأس به،
    سيزيد من الإسراع في تحوله عن الماركسية تدخل الغرب، وهو يفعل وسيزيد
    عندما يفرغ من تشكيل العالم العربي والإسلامي، هكذا يرى، ولكنه هو
    الآخر يخطئ الكيفية الموصلة إلى هدفه، وليس هذا مقامها..
    ..........

  6. #26
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    ممدوح عدوان


    وهذا ممدوح عدوان في الأعمال الشعرية جـ 2 للخوف كل الزمان صفحة: 17 ـ
    18 يقول:
    ((ويباغتني الله في نعمة ـ تنتقي صفوة القوم ـ كيف أصدق أن لدى الله
    نبع حنان ـ ولا يتطلع يوما إلى قهرنا ـ ولا يرى البشر الساكنين زرائب ـ
    والآكلات بأثدائهن بلا شبع ـ حيث صنعة العهر أمان من الفقر ـ والموت
    جوعا ـ وكيف تغافل كي لا يرى الآكلين النفايات ـ في مدن من مناسف ـ لا
    يسند القلب من ضعفه ـ تحت عبء النجوم ـ إلهي الذي قيل لي إنه صاغني
    مثله ـ كنت أرغب لو صنعته شبهي ـ كنت أسكنته وطن ـ يتفنن كيف سيبكيه
    في كل يوم ـ يشكك في خلقه ـ ويطالبه أن يصفق للظالم …))
    إلى أن يقول في نفس المصدر:
    ((تبارك هذا الإله – الذي كان يرفض أن يتمرغ في عيشنا - لم يكن يتقن
    اللعب فوق المزابل – لم يعرف السير في قسوة الوعر – لم يعرف النوم جوعا
    – ولم يعطنا ما يواجه هذا البلاء – ها هو الله يأتي أخيرا – على هيئة
    الطير – ينقر أرواحنا ( تنقر أرواحنا )…)).
    لا أحب أن أقف على كلمات بها أخطاء لغوية، فربما كانت غير مقصودة،
    وربما كانت من الراقن، وذلك مثل قوله: "كنت أسكنته وطن" وقوله: " على
    هيئة الطير ـ ينقر أرواحنا".
    هذا الرجل يبدو ضال التوجه، يتطلع إلى الحنان، يتطلع إلى رفع القهر،
    يريد أن لا يرى الناس كالأغنام تسكن الزرائب، يتذمر من الآكلات
    بأثدائهن ولا يشبعن، يتصور مدنا من مناسف، يبحث عن سند للقلب الضعيف،
    وتحت عبء النجوم إلهه الذي صاغه مثله، يبدي رغبته في صنعه على شبهه،
    يود لو يستطيع تغيير صورة الله لتصير مثل صورته، يتفنن كيف سيبكيه كل
    يوم، يشك في خلقه ويطالبه بالتصفيق للظالم.
    هذا التصوير التجريدي ابتدأ جميلا وكان يمكن أن ينتهي جميلا لو عرف
    الرجل طريق الجمال، ولكنه يبدو كالجرذ يسلك قنوات تصريف المياه الحارة
    لا يعرف غير طريق القذر نحو إنتاج القاذورات.
    لماذا هذه السطحية في التفكير؟ لماذا لا يكون الأديب مفكرا قبل أن يكون
    شاعرا أو قاصا؟ ما الضمانة في اعتماد الجمال واستهداف الجمال وركوب
    الجمال غير الفكر؟
    لو أن الرجل كان عميق التفكير ومعه زاد معرفي معتبر لما وضع الشيء في
    غير محله، فما يبحث عنه يصنعه الناس؛ كما يصنعون نقيضه، وبهذه المعرفة
    وجب الذهاب إلى ما يحقق ذلك باعتماد فكر سليم ومعالجات توافق الفطرة،
    وقوانين تملأ القلوب بالطمأنينة.
    متى كانت صنعة العهر أمان من الفقر لولا ظلم الإنسان لأخيه الإنسان؟ هل
    سن الله قانونا يأمر بالعهر؟ من الذي دفع النساء لاحتراف العهارة غير
    الرجل باعتماده الفكر الرأسمالي؟ من أسكن الناس الزرائب غير الجشع
    النابت في الفكر الرأسمالي والثقافة الرمادية؟ من يقتل الجياع في
    إفريقيا؟ من يحاصر الناس في حدود وهمية تمنعهم من محاولة رفع فقرهم؟ من
    يسرق خيرات الشعوب والأمم غير أصحاب الفكر الرأسمالي؟ من المتسبب في
    الهجرات القاتلة بضفتي البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، والأحمر إلى
    الجزيرة العربية، وحدود المكسيك إلى الولايات المتحدة الأمريكية..؟
    يتغافل من يختارك رافدا لقهره وظلمه بثقافتك العفنة كي لا يرى الآكلين
    النفايات فذلك يؤذيه، ولو خفي من أمره ما خفي لاستنقص من الناس كما كان
    مقررا في اختراع جرثومة السيدا من أجل الإنقاص من سكان إفريقيا...
    يتضح لكل متتبع لمسار هذا التوجه أنه حجر الزاوية في تفكير هؤلاء، لم
    يتنبهوا إلى الآن أن المعتقد في الله ورسوله يملك مناعة ضد أي ثقافة
    تعادي الله ورسوله. لم يتنبهوا لانضباعهم بالفكر الساقط والثقافة
    المرذولة أن الإيمان بالله يجده الإنسان في وجدانه، ينكر وجوده وهو
    يعلم في قرارة نفسه أن ذلك لا يطابق واقع الكون والإنسان والحياة، فهذه
    كلها تستند في وجودها إلى الله تعالى، ولم يتنبهوا إلى أن محمدا صلى
    الله عليه وسلم رسول من عند الله يدل على رسالته؛ القرآن الكريم، وحاجة
    الناس إلى الرسل.. لم ييأسوا من ضرب الماء ليصلد، فدعهم يضربون ويضربون
    حتى يُضربون.
    مذموم عدوان يقتات بالنفايات مثلما يقتات الخنزير، ولكن الخنزير ينتج
    لحما يهيم به سكان أيبيريا، بينما مذموم عدوان ينتج قيئا وقيحا يشربه
    المقربون. خُلوف عقله كخلوف فمه، لا يعاني فسادا في اللثة أو الأسنان،
    بل يعاني فسادا في الخَلَد والجنان.
    ..................

  7. #27
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    محمد علي شمس


    ويقول محمد علي شمس في ديوانه: غيم لأحلام الملك المخلوع، صفحة: 31:
    ((احتفال بمجيء اليل ـ "فطم" احتفلت بمجيء اليل ـ أخذت زينة نهديها ـ
    وتعرت ليصير أشد نقاء من قلب الله)).
    والله ما صدر عن هذا الشقي ما صدر لولا تبييته ما لا يرضى من القول. ما
    معنى أن يتم الاحتفال بمجيء اليل فتأخذ "فطم" زينة نهديها وتتعرى ليصير
    أشد نقاء من قلب الله؟ ما معنى ذلك معنى؟ وما موقع ذلك لغة؟
    فلئن احتفل بمجيء اليل وأخذت الحبيبة أو العاهرة زينتها كلها وليس زينة
    نهديها فحسب ليأتلق جمالها، لتصير زينتها كاملة وأشد نقاء مما يشبه به
    فجميل ولو ليس فيه تجريد لغوي، ولكن أن يصير أشد نقاء من قلب الله
    فتفاهة أدبية، وسقطة تركيبية، لا يستقيم التشبيه لغة إلا بمن يملك ميلا
    إلى الحسد وميلا إلى نقيضه، ميلا إلى الصفات الحميدة، وميلا إلى الصفات
    الذميمة، فيكون النقاء صفة حميدة يمكن أن يشبه بها قلب صبي لأنه لا
    يعرف في صباه ما يعرفه الكبار من حسد وبغض وكراهية.. وبه يكون قلبه
    نقيا، أما أن يسار إلى التشبيه بقلب الله ولو سوّى الكاتب بينه وبين من
    يريد التشبيه له أو قلل من شأن النقاء في غير الله وأثبت علوه وكماله
    في حق الله، فإن ذلك لا يستقيم، لا يؤتى للتشبيه بصفات الله إلا بإذن
    لغوي، وعند المؤمنين بوحيه بإذن شرعي، ولكن التشبيه هنا ليس سواء لأنه
    يثبت صفة متعلقة بقلب بشري وينسبها إلى الله تعالى. ولا يقال بأن القلب
    كمضغة لا مكان له هنا، لأن المقصود صفة القلب، وليس مضغته، لا يقال ذلك
    لأنه لا يرفع التركيب إلى مستوى أدبي مطلوب، ولا يرقى بالذوق نحو
    الانتشاء بطعم الجمال في النص الأدبي، وبه يكون محمد علي شمس سنا يدور
    في دولاب صدئ قد بلغ الصدأ منه مبلغا سيوقف حركته بعد حين عند ظهور
    الممدرية على الساحة الأدبية والفكرية.. وبقراءة أخرى يتقدم النص مجيء
    الليل المحتفى به من طرف حسناء محمد علي شمس؛ الآنسة أو السيدة "فطم"،
    ومن الإجراءات المصاحبة للاحتفال أخذ الزينة لنهديها، ولا أدري هل هي
    امرأة لم تنجب قط فظل نهداها آخذين شكلا غير شكل الولود؟ ربما كان
    مقياس الجمال عند محمد علي شمس هو نفس مقياس الغربيات البليدات اللاتي
    يتبارين في النوادي وفي مواقع إلكترونية بعرض أثدائهن وقد اختلفت في
    أشكالها ليبرهنّ بها على أنها لم تجر بلبن قط، الشيء الذي يبقيها على
    أشكال مختلفة عن شكل الثدي الذي لم يمتصه صبي، تارة تكون على شكل
    الأصداف البحرية، وتارة أخرى على شكل العَنَفات، وطورا آخر على شكل
    إبهام الغوريلا، ولا أعرف المحبب منها للرجال.
    أخْذ الزينة، والعُري، كل ذلك في احتفال بمجيء اليل، ولكن ورود لام
    العلة في قوله: "ليصير" جعلته يعين ما قبله، فكان المعني هو الليل،
    وعليه فالليل هو الذي يصير أشد نقاء من قلب الله. الليل ساتر لأنه يجن
    الأشياء، ولكنه غير معني. الليل غير المقمر يبدو جميلا بسمائه وأفقه،
    بنجومه ومجراته شرط أن يكون صافيا، بينما أن يكون نقيا، بل أشد نقاء من
    قلب الله، فذلك يعني النقاء في ذات الليل خلاف الصفاء الذي هو في ذات
    الناظر، صحيح أن الرؤية الصافية تحتاج إلى شروط مشتركة في الناظر
    والمنظور، غير أن الليل هو الذي ينظر إليه بصفاء فيه من حيث غياب ما
    يحجب الرؤية كالغيوم والضباب والغبار والدخان مع سلامة الباصرة،
    والنقاء هو أن تنظر إلى الشيء وليس فيه ما يشوبه، تنظر إليه وهو خال من
    الشوائب، وهذا كله أيضا غير مقصود، والنتيجة المقصودة هي الظلمة
    والسواد في قلب الله ورجحان أنها أشد ظلمة من الليل، فالليل في نص محمد
    علي شمس أنقى من قلب الله وأصفى.
    هذا ما يفهم من النص بصرف النظر عن مناقشة مضغة القلب المنسوب إلى الله
    تعالى، ودون الالتفات إلى جواز تذكير لفظ الليل وتأنيثه، فإذا تقرر
    الذهاب إلى غير هذا الفهم فهو كالذهاب إلى تقويم أسنان الأجنة.
    هل سطر ذلك بلؤمه وخسته أم بنذالته ورذالته؟
    يد كزماء تسطِّر بلاهة الشمبانزي.
    وقدم كرشاء تحمل حوضا يميل صاحبه يمنة ويسرة وكأنه "فطم" قد حملت
    بالعهر الثقافي وتنتظر أوان وضعه.
    ..................

  8. #28
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    سميح القاسم


    وهذا سميح القاسم في: ديوان سميح القاسم صفحة: 417 يقول: ((حين قيل
    انقضى كل شيء كانت المئذنة شارب الله تحت النعال الغريبة)). قبل أن أرد
    وفق ما استقر عليه فهمي لفقرته المذكورة، لا بأس من إيراد فهم آخر
    أجعله محتملا، فإذا استقر مكانه فسأبدأ به، وإن لم يستقر مكانه أتحول
    عنه إلى ما استقر عليه فهمي. ((..كانت المئذنة (شارب) الله.. لنأخذ
    كلمة (شارب) من فعل ثلاثي شرب باعتبارها اسم فاعل من مصدر الشرب،
    لنأخذها لتدلنا على صفة فاعل الفعل كما هو مقرر لغة، عندها وجب فهم
    الفقرة وفق اسم الفاعل الوارد فيها، فيكون معناها بتعبير آخر: حين
    انقضى كل شيء كانت المئذنة منهلا وموردا لله يشرب منها ومكانها تحت
    الأحذية الغريبة. هذا الفهم سقيم للغاية وغير مبرر لغة مطلقا، ذلك أن
    اسم الفاعل غير المحلى بأل مثل ما معنا في فقرة سميح وهو سليم بخلوه من
    أل لا يعتمد الحالة الثانية التي يجب أن يكون عليها حين تغيب الحالة
    الأولى وهي: أن يدل على الحال والاستقبال، وأن يعتمد على استفهام أو
    موصوف أو نفي أو مبتدأ، وقد يأتي أحيانا للدلالة على المسمى، وعند
    النظر إليه لا يظهر فيه حدوث فعل منه كأن تقول: عاد سميح القاسم إلى
    مزبلته، ويأتي عاملا عمل الفعل المتعدي ينصب مفعولا به فيجوز أن يضاف
    إلى مفعوله إذا جاء تاليا فتقول: أنا قارئ سخافتك يا سميح، أو تقول:
    أنا فاضح أمرك للناس يا سميح، وقاصم أدبك. وعند النظر إلى فقرته
    المذكورة يتبين أنها واقعة في الماضي الشيء الذي يمنعنا لغة من فهمها
    الفهم السقيم المذكور فتكون كلمة (شارب) فيها ليست اسم فاعل، ولن تكون
    حالا، والكلمة التي بعدها (الله) مجرورة شارب _ الله _ بنصب شارب، وجر
    كلمة الله، والنصب مثل الرفع يقع في الأسماء والأفعال، غير أن ما بعد
    شارب وهي كلمة: الله مجرورة، والجر يختص بالأسماء، فكانت كلمة _ شارب _
    لفظا موضوعا لجوهر قصد تمييزه، فكان بذلك: الشعر الذي ينبت على الشفة
    العليا للرجال، وهذا الأخير هو ما استقر عليه فهمنا وبه نخوض فيه، وإذا
    أخطأنا في فهمنا للفقرة، كان ما قيل عنها وبشأنها ملغى من طرفنا،
    وليعذرنا القارئ الكريم على ضعفنا اللغوي، فالحداثيون عمالقة في
    التعابير التجريدية؛ حتى أن بعضا منهم يزعم استحالة فهم بعض نصوصهم،
    فأرجو أن لا تكون الفقرة المقصودة منها. ماذا يقال بشأن هذا الكلام؟
    ((كانت المئذنة شارب الله)) لله شارب هو المئذنة، وهذا الشارب، هذه
    المئذنة تحت النعال الغريبة، تحت الأحذية الغريبة. ما هذا؟ هل هذا أدب؟
    هل هذا تجريد لغوي؟ هل هذا تصوير من متخيل ناضج؟ هل هو شعر ـ نثر ـ
    يبحث عن الشاعرية فلم يجدها إلا في السخرية من الله تعالى؟ هل إذا
    طرحنا الإيمان بالله جانبا ونظرنا إلى هذه الفقرة يمكن أن نتذوقها؟ هل
    يمكن أن تثير خيالنا فنركب مع (الشاعر) إلى عالمه المتخيل نستمتع به
    معه؟ لا والله، ما هذه الجرأة على الله تعالى إلا متاجرة، يبحثون عن
    الشهرة وأن يذكروا بتناول (إبداعهم) من طرف العلماء، يتخذونهم أداة
    إعلامية توصلهم إلى أكبر قدر ممكن من الناس، توصل أسماءهم وجملة أو
    فقرة من فقرات كلامهم المرذول فقط. استفت إن شئت الناس عنهم، فإن
    أسماءهم هي الحاضرة وبعض كلامهم، أما غير ذلك فمنبوذ، إنهم يقرأون
    بعضهم بعضا، وينفخون في أدب بعضهم بعضا. الأدب ذوق لطرفين اثنين: ذوق
    لمبدعيه، وذوق لمتلقيه حين يتجاوبون معه، فلنحاول التجاوب مع هذا
    الكلام على فرض أن الكاتب أبدع فيه وبزّ، ((حين انقضى كل شيء)) الحين
    مدرك والجملة مفتوحة وخيالنا يعمل وقد ركب عدة صور للحين ولانقضائه، ثم
    ((كانت المئذنة شارب الله)) المئذنة شارب الله، أحس بتوقف عن مسايرة
    الكاتب، فاللغة التي يستعمل لغة مشتركة بين الكاتب والقارئ، بيني
    وبينه، وهي لغة ذات سلطان محترم، أحاول تصور المئذنة شاربا لله تعالى
    فلم أفلح؛ ربما لقلة نضجي، ربما يجوز أن يقتعد هذا التصور مقعدا لا
    أطاله لعلوه وشموخه، ولكن إذا كانت المئذنة شارب الله وهي لن تكون شارب
    قط أو كلب، فلا يمكن للتصوير أن يستقيم بكلمة شارب ومئذنة، فللمئذنة
    قابلية للتزاوج والتركيب مع كلمات، ولكنها لا تتزاوج وتركب مع كل
    الكلمات في التجريد اللغوي، قد يبدع عبقري فيجعل لها صلة بما قد لا
    نتصوره، ولكنه في كل الأحوال يظل مقبولا لغة، وبإذن منها، فالمئذنة
    شارب، والشارب مئذنة ليسا من قبيل ما يركب فيعطي جملة سليمة، ليس تضادا
    يمكن أن يحلحل صور مخيلتنا. لو فرضنا صورة للجبل على هيئة عضلة حامل
    أثقال لكان لنا ذلك، ولكن أن نرى في المئذنة شاربا، وفي الشارب مئذنة
    فكما نرى في الخراء عسلا وفي العسل خراء. وأن يكون ذلك ملصقا بالله؛
    فهو الاتجار السخيف. وأن يكون تحت النعال الغريبة؛ فهو الإهانة
    المرفوضة لكرامة الإنسان، لأنه مصور ومعدل ومركب من طرف هذا الذي يتجرأ
    عليه الفارغون، وهو منزه عن ذلك، وعلي علوا لا يطال بفكر أو خيال.. و
    يقول في نفس المصدر أيضا صفحة: 325: ((من أي أعماق البشر ـ يتفجر الموت
    الزؤام على البشر؟ ـ ولأي كهف ينزوي الله المعفر بالغبار وبالدخان
    وبالشرر؟ـ وبأي معراج يلوذ الأنبياء الصالحون؟ ـ غداة تربد الصور؟ـ
    بالحظ؟ بالمقسوم؟ ـ بالمكتوب ـ في غيب القدر؟)). ويقول أيضا: ((حراء هل
    هجرت حمامتك الوديعة؟ ـ هل جفتك العنكبوت؟ عادت (منى) وأبو لهب عادا
    فما تب وتب ! ـ والكعبة استخذت منابرها للغو خوارج ـ لا الله يكبح من
    جماح ضلالهم، لا الأنبياء ـ ولا الكتب! ـ واستشهد الأنصار وانهارت
    مدينتهم ـ وشرعت المساجد للصوص المارقين !ـ والله أكبر لكنة جوفاء ـ
    تطلقها نفايات المسوخ التافهين ـ فاركب بعيرك يا محمد ـ وتعال لي في
    الشمس معبد)). المصدر السابق، صفحة: 320 ـ 322. ويقول كذلك في صفحة:
    230 من المصدر السابق: ((باختصار ـ يومها كنا رجالا أربعة ـ من صغار
    الأنبياء ـ معنا خمس صبايا ـ (حسنا ـ خمس نساء ) حسنا ـ خمس بغايا !)).
    لم يكتف سميح القاسم في نصوصه المذكورة بالسخرية من الله وإهانته
    سبحانه وتعالى، بل انتقل إلى السخرية من محمد صلى الله عليه وآله
    والنيل من الأنبياء والرسل. الله ينزوي في كهف معفرا بالغبار وبالدخان
    وبالشرر. في ليلة من ليالي الغضب قامت خلايا السامري تبني بدنا على
    صورتين، واحدة لكلب جحا، وأخرى لخنزير راسْبوتينْ، بنته بمخرجين
    للفضلات، واحد عند الحبل الشوكي، وآخر عند الفم، يهضم الطعام فيصعد
    صعودا وهو يتحول كيميائيا، يحدث في صعوده نحو المخرجين ريحا جالبة
    للكلاب الضالة، تتبعها حيثما فاحت.
    جاءت صورة البدن على صورة سميح ونزار.. قام في قومه لافتا بشكله،
    وجالبا بإنتاجه، أخرج للناس ثقافة لا لون لها، حملوا عليه لأجلها،
    فحملها وذهب بها إلى مزبلة الأدب يعفرها في مخلفات بوجدرة وجبرا
    ودرويش.. كان لفضلات مظفر وعلي شمس الفضل في تراجع الناس عن حملتهم،
    قدمها لهم على طبق من عهر وافد، وبطقوس الركوع والسجود فاستحالت
    رمادية.. استساغ القوم تلك الثقافة في غفلة عن جحا، ولما حضر طمعوا في
    ترويجها واختاروه على خبرته في الإعلام. كان جحا إعلاميا ناجحا، ولكنه
    لم يكن سافلا، كان عاقلا، ولم يكن أحمق، قلبها بين يديه يستعرض ما بها
    من أنوار بحسب زعمهم؛ فلم يجدها كذلك، فقال لهم: ((زعمتم نورا يخرج
    منها وما أراه)). فردوا عليه: ((إنك أعمى لا تستطيع تحسس النور)).
    ـ ولكنني بصير بها.
    ـ فماذا بها؟
    ـ بها تراشق بالسراب، وتهافت على الخراب.
    ـ كيف ذلك؟
    ـ يتناقلها أصحابها بينهم، يقرأون بعضهم بعضا، في المحيط لمّاعون لها
    من الحكام، ينفذون أمر الاستعمار، يجدّون في مسخ شعبنا بغية إذلالنا
    وسلخا لنا من إنسانيتنا، ينبت فيها المثقف وهو ممسوخ، تشوّه صورته،
    وإذا سعيت إلى تجميلها وجملتها؛ ظهرت على شكل قالب لمقاييس الزينة
    والجمال ينضبع به التافهون الخاوون. حمل تلك الثقافة ودار بها، وكلما
    مر على قوم يبشرهم بها نبهوه لما يحمل، وحذروه مما يشيع، لم يحفل بهم،
    استمر على حاله فشرع يكلمه الموتى، ولما صار يجد أصواتا فوق قدرة سمعه؛
    رمى بها وكان على واد العدم، فرجعت إليه وقد ألقت بها مزبلة التاريخ
    رافضة فسح المجال لها في ملكيتها، فحملها مرة أخرى على مضض، وسار بها
    كما لو كان أحد ابني آدم وأصوات الموتى ما تزال تدكّ سمعه حتى أصمّته،
    عندها لم يعد يجد أثرها في سمعه، فصار حاملا لتلك الثقافة وهو أصم،
    وكلما احتج عليه أحد من الأحياء أو الأموات سخر منه واستأنف سيره. طاف
    طاف ولم يزل، حملها ولم يزل، وحين ناء بها عجز عن إيجاد مزبلة لها،
    انكوى بدونيتها، ندم على حملها، فكان لها في الأخير مزبلة. إن عمل
    الرماديين تجارة، كلما ظهرت سلعة جديدة أو سلعة قديمة أحيتها الموضة؛
    تهافتوا عليها، فإذا كسدت مثلما كسدت سلعة الفكر الاشتراكي والثقافة
    الاشتراكية تنحوا عنها وبحثوا عن غيرها، منهم من يتخفى الآن خلف
    القومية الأمازيغية في المغرب متأخرين جدا عن الذين تخفوا خلف القومية
    العربية ونفضوا أيديهم منها في المشرق، ومنهم من يتخفى خلف سقط الفكر
    وتبن الثقافة.. لا يملكون عقولا تفكر وتبدع، ينتظرون الغرب؛ يفكر لهم،
    فيسوّق سلعته بواسطتهم، ينهضون متحمسين، عندها يبدعون سبا وشتما وسخرية
    واستهزاء.. لا يتقنون غير ذلك، ولا يعرفون سوى إيذاء الناس في
    معتقداتهم، لا يبدعون سوى الرمم.
    ..................

  9. #29
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    أنسي الحاج


    وهذا أنسي الحاج في مجلة الناقد العدد 18 كانون أول 1989م 1410 هـ
    يقول:
    ((وحده الشعر عرف الحقيقة البشعة، عرف كل الحقيقة، أكثر من الأنبياء
    والآلهة)).
    عجيب أمر هؤلاء، وأعجب من ذلك سطحيتهم. فمتى كان الشعر معرفا للحقيقة؟
    متى كان الشعر أداة بحث ووسيلة تنقيب عن الحقيقة؟ متى كان النص الذي
    يعبر به صاحبه عن ذاته معرفا للحقيقة؟ الشعر تعبير عن الذات، والحقيقة
    نتيجة تعبير عن الواقع، الشعر يقرب الحقيقة إلى الناس وقد يبعدها
    لطمسها وإتلافها لأنه خدام العواطف والمشاعر بينما الفكر غير ذلك،
    الفكر عمل العقل يخاطب العقل ويهتم للحقيقة والحقيقة فحسب، ولا يبالي
    بتأثيرها على المشاعر أم لا، بينما الأدب بما فيه الشعر لا يسلك مسلكه.

    فما هذا من رجل يفترض أن يكون مثقفا؟
    ولكن لا، فقد أشرت إلى خلل موجود في أكثر المثقفين اليوم وهو غياب صفة
    المفكر فيهم، فلو كان أنسي الحاج مفكرا لما قال كلامه هذا، ونحن لا
    نحسبه إلا طبل كانكا يستعدي الناس على الحقيقة.
    إذا كان الشعر وحده قد عرف الحقيقة البشعة، عرف كل الحقيقة أكثر من
    الأنبياء والآلهة فهذا كلام دال على إقرار بوجود أنبياء وآلهة، فوجود
    أنبياء وآلهة معا لا يستقيم، إذ كيف يكون هناك نبي لآلهة مزعومة؟ وإذا
    تقرر أن تكون الآلهة من لحم ودم حتى يكون الأنبياء هم المبشرون بتعاليم
    الآلهة، فهذا كلام لا يستفيد منه من يسعى إلى معرفة الحقيقة، هذا ضرب
    من القذف غير المتقن، ماذا يحمل المرء من حقيقة في هذا الكلام؟ أحسبني
    أمام جمع من لبنات الثقافة الرمادية لا ينفعون ولا ينتفعون. أحسبني
    أمام صم بكم وعمي.
    "فالنصوص الأدبية من جهة العبارات التي يصوغ بها الأديب فكره، ويخرج
    بها صور ذهنه، وعنايته بهذه الأخيرة، ثم اختياره للأفكار هي وجه
    التمييز فيها عن غيرها من النصوص غير الأدبية كالنصوص السياسية
    والتشريعية والفكرية..
    وهمّ الأديب من الفكرة في نصوصه الأدبية هو محاولته الوصول إلى القدرة
    على صياغتها وإخراجها في الصور المثيرة والمؤثرة، لأن الأصل في هذا هو
    التعبير والتصوير، تصوير ما يريد منه تصويره، ثم إخراجه في صورة أدبية
    متمثلة في فنون الأدب شعرا أو نثرا.. وإذا وقفنا على فكر معين أثناء
    قراءتنا أو سماعنا للنصوص الأدبية، فإننا نجد أكبر همّ الأديب يكمن في
    الصورة والتركيب، فما الأفكار إلا مادة من المواد التي يجب أن تكون
    صالحة للتصوير، وإلا فإن الأديب مضطر للبحث عن غيرها والتي توجد فيها
    قابلية التصوير حسب قدرته على رؤية ذلك ممكنا؛ فيعمد إلى تصويرها. وهو
    وإن وقف بنفسه على خطأ الرؤية أو فساد الفكرة وكانت صالحة للتصوير،
    فإنه لا يبالي بفسادها وخطئها، ولا يتوخى الصحة والصدق، بل يحرص على
    صلاحيتها للتصوير وعدم صلاحيتها لذلك إلا ما ندر من الأدباء". التفكير
    بالنصوص للمؤلف، الطبعة الأولى: 1999 صفحة: 15 ـ 16.
    وحده الشعر عرف الحقيقة البشعة، وحده الشعر، يا سلام، ليس هناك فكر
    يرشد إلى الحقيقة ويجليها، بل هناك شعر، والشعر فقط، ما هذا الحصر من
    (شاعر) يفترض أن يجلس على كرسي التتويج؟
    والحقيقة البشعة، الحقيقة البشعة، كيف تكون الحقيقة بشعة وهي حقيقة
    وحقيقة فقط لا تبالي بأي شكل من أشكال التنميق في أداة التعبير؟ حتى
    الكلمات قد لا تكون فصيحة، ولكنها ما لم تخل بإيصال الحقيقة وإيضاحها
    فهي مقبولة، زد على ذلك أن الشعر والأدب لغة العاطفة، بينما الفكر لغة
    العقل، والإنسان عقل ومشاعر، فكيف تم حصر الإنسان في العاطفة التي
    يخاطبها الشعر والأدب، ثم ينتج عنها الحقيقة بصرف النظر عن كونها بشعة
    أو غير بشعة؟
    كلا، لا يكون هذا أبدا لأنه مخالف للواقع.
    ............

  10. #30
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.76

    افتراضي

    متابعة نسخ كتاب سخف الحداثة وخواء الحداثيين
    لكاتبه محمد محمد البقاش

    سيد بحراوي


    ويقول سيد بحراوي في كتابه: البحث عن لؤلؤة المستحيل صفحة: 142:
    ((وقصة طوفان نوح هي قصة أسطورية وردت في التوراة والقرآن وفي أساطير
    شعوب أخرى…)). اعتبار قصة طوفان نوح أسطورة واردة في التوراة وفي
    أساطير شعوب أخرى لا كلام فيه، ولكن أن يقرن معها القرآن الكريم ففيه
    كلام، ذلك أن التوراة كتاب ألفه جمع من المشعوذين والمغفلين مثله مثل
    عشرات الأناجيل، وهذا لا يعني إنكار التوراة التي يشير إليها القرآن،
    وكذلك الإنجيل فذلك غائب غائب وغائب، وعليه فكل قول من توراة مزعومة،
    وكل قول من إنجيل مزعوم مردود ما لم يقر به القرآن، والقرآن هنا أقر
    بطوفان نوح، فيكون دليلا عليه، ويكون ما ورد في التوراة يأخذ مصداقيته
    من القرآن، وتكون القصة غير أسطورية، هذا هو منطق الكلام الذي يؤسس
    للحقيقة. أما الكلام الوارد على لسان بحراوي فقد شبعناه وتخمنا منه ولن
    يعوضنا أحد الوقت الثمين الذي قضيناه نادمين في قراءته من أفواه
    المستشرقين وكتبهم والحقدة الذي يرددون أقوالهم ويتطوعون لنشر سقَط
    كلامهم، ولا جديد فيه، لا جديد يضيفه إلينا من يتاجر في الأنبياء
    والكتب السماوية واسم الجلالة. لقد سبقه إليها كثيرون. فهذا طه حسين
    ينكر قصة إبراهيم وإسماعيل ويعتبر ورودها حيلة لإثبات الصلة بين اليهود
    والمسلمين في إبراهيم وإسماعيل الذين بنيا الكعبة، فهي عنده أسطورة مثل
    أساطير اليونان علما بأن القصة واردة في القرآن، فيكون بحراوي بوقا
    مثقوبا وصل خواره متأخرا. إن ربط الطوفان من طرف بعض العلماء بظاهرة
    جيولوجية قد يكون، وربما لا يكون، والصواب أخذ ذلك من منطلق أن الله
    تعالى حين يقرر معجزة يأتي بها خارقا قوانين الكون والطبيعة، فالبحر
    الميت وكونه نتيجة زلزال لا يختلف عن كونه نتيجة تدمير الله لقرية سدوم
    حيث عاش قوم لوط بالأردن، والزلزال نشاط جيولوجي يبدأ من زمن وفي مكان،
    ثم ينتهي بما نشاهد، لا، ليس هكذا ينظر إلى الحقائق.
    الطوفان معجزة لأنه إن ذاب كل جليد الأرض لن يحدث مثله مع العلم أن ماء
    كوكب الأرض منذ كان إلى يومنا هذا لم يتناقص، هذا ما قرره العلماء
    الباحثون، وعليه فلو ذاب كل الجليد وانضاف إلى الماء لما استطاع
    الارتفاع إلى مستوى الجبال، فكل جليد الأرض إذا ذاب لا يرفع مستوى
    البحر إلا بمقدار مائة قدم، والقدم في القياس سنتمترات معدودة، أو هو
    ما بين طرف إبهام الرجل وطرف العقب، وإذا تغير رأي العلماء وقال
    بارتفاع الماء إلى عشرات الأمتار والمئات فلن يصل إلى علو الجبال،
    والطوفان يتحدث عن إغراق الجبال، وليس إغراق الربى والتلال والهضاب،
    والجبل يبدأ من 305 أمتار أو 610، ويتحدث عن أمواج كالجبال، ولنا أن
    نتصور أمواجا بعلو ثمانية كيلومترات، هذا مستحيل، ولكنه قام في زمن
    الطوفان، فيكون الماء الذي على كوكب الأرض غير قادر على إحداث الطوفان،
    ويبقى أن باطن الأرض يحتوي ماء، وهو ما تشير إليه الآيات حين أمر الله
    الأرض أن تبلع ماءها، أمر السماء أن تقلع وإقلاعها إقلاع عن المطر الذي
    تستلمه بعملية البخر، ولكن إخراج الأرض لمائها هو ما يجب بحثه ودراسته،
    وأنا أتساءل مع المهتمين قائلا: هل إن ما يحتوي عليه باطن الأرض من ماء
    مع ما هو موجود فوق ظهرها وذوبان ما هو جامد في القطبين يستطيع الوصول
    إلى مستوى الجبال؟ أو بتعبير آخر: هل يستطيع تغطية الهمالايا وهي بعلو
    يزيد عن ثمانية كيلومترات؟ هل سنستقر على جواب يقرر أن ماء كوكب الأرض
    الذي على ظهرها والذي في باطنها والجليد المذاب في كل مكان مادام مكونا
    فيها ومستخرجا منها بنص القرآن الكريم كشفه العلم الحديث يغطي جبال
    الهمالايا؟ وإذا لم يغطها بتقدير العلماء والباحثين فمن أين جاء ماء
    الطوفان؟ هل إذا لم يغط ماء كوكب الأرض جبال الهمالايا تكون الجبال في
    زمن الطوفان غير بالغة ما هي بالغة إياه من علو في يومنا هذا؟ وإذا
    كانت تبلغه وبقي نفس الإشكال، فهل كانت أحواض المحيطات والبحار ضحلة
    وبعمق بسيط يمكن من ارتفاع المياه إلى مستوى الجبال؟ وهل كان الطوفان
    بالماء كل الماء بما فيه مياه البحار والمحيطات؟ أتمنى أن أجد أجوبة
    على أسئلتي. القرآن الكريم يبحث فيه كونه كلام الله أم لا، وعند
    الإقرار بإحدى النتيجتين يقال ما يقال، لكن أن لا نبحث القرآن من هذه
    الطريقة، وأن لا نثبت بشريته، ثم نبدي ما نبدي متقولين فهو الحقد وكفى،
    لا، على الحقود أن يعمل عقله بين الحين والآخر لعل إعمال عقله في
    الأشياء يسعفه بنور يتبعه حتى الضياء.
    ليس سيد بحراوي في شكله أقبح من الجاحظ، بل هو في دمامة عقله، وشناعة
    قلبه أقبح من أبي زنة
    ................

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. إصدار جديد اسطوانة الموسوعة الإسلامية الكبرى للكتاب الالكتروني 250 كتابا
    بواسطة آمال المصري في المنتدى المَكْتَبَةُ الدِّينِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 30-08-2020, 04:37 PM
  2. أزمة الحداثة الغربية وإبداع الحداثة الإسلامية
    بواسطة سامح عسكر في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 03-03-2012, 10:41 PM
  3. تقاسيم : إصدار شعري جديد للشاعر والكاتب الفلسطيني د . لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 26-09-2011, 03:25 AM
  4. إصدار جديد
    بواسطة حسن كريم في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 24-02-2010, 01:04 AM
  5. إصدار جديد للأديب المغربي حسن كريــــم
    بواسطة أحمو الحسن الإحمدي في المنتدى أَنْشِطَةُ وَإِصْدَارَاتُ الأَعْضَاءِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 18-03-2007, 08:19 PM