وامتزجت كل الكلمات
اقترب موعد التلاقي، واستيقظت أشجاني، وهمست في أذني تغاريد الهوى ، واستنشقت عبير الأيام المزهرة ، وابتلت روحي بندى الذكرى ، وتفتحت أزاهير الربيع النضرة ، ولبست الأرض حلتها الخضراء ، وذابت ثلوج الحسرة والندم ، وتلونت الطبيعة بالخير والبركة .
عادت الأيام الجميلة إلى ذاكرتي ، وأحييت في نفسي ذكرى لقاء مضى ، أزهر الحب فيه ، وامتزجت كل الكلمات ، وضاعت فيها المعاني ، فصارت كلمة واحدة ، ومعنى واحد . والتصقت قطرات الندى على أوراق الحب ، وعطرتها بنشوى الوجدان ، وغسلت حبات المطر كل براثين الماضي ، وشوائب الخوف .
انعكس ضوء القمر على صفحة الحياة وهاجاً ، يضيء دروب الغافلين عن عطائهم ووجدانهم .
لقد تراقصت أحلام الوجد أمام طهرها ، واحتضنت أهداب المحبة بكل حنان .
لقد عادت ... وما أجملها من عودة ...
همست أحلى الكلام ، وتقاطرت العبرات على وجنتيها ، فأبرقت عشقاً وهياماً ، عندما تكسر الضياء على الدموع .
ما عساي أن أقول !...
كالبدر في طلته ...
كالبحر في عزته ...
كالنجوم في تلألؤها...
كالسماء في صفائه...
كالنور في إشعاعه ...
قلت لها: تعالي إلي ...
تعالي نمشي سوياً... نخترق حجب الصمت ، نهلل مبتهجين ، نسأل الآتي عبر الزمان أن ينسى الماضي ، ويسمو فوق مناه .
أبحث عن المجهول في ذاتي ... فأجدها فيك .
أبحث عن الآتي من كياني ... فيخفق قلبي .
نور وجهك صباحي ، وابتسامتك ملهمة نهاري ، وهمس شفاك زاد أحلامي .
طيفك سلوى وحدتي ، ووجهك بسمة فؤادي .
أنت الحياة وبعدك الفناء .
أنت أحجية سأحاول حلها ، لتكون أجمل قنية أقتنيها ، وأطيب زاد أتزود به. يا من سرى دمها في عروقي، واختلط شهدها بنوري ، وانتشت روحي بعبيرها .
معك يحلو السهر ، وفيك تسمو الفكر، وتنحني آهات الألم .
ففي صمتك أحلى الكلام ، وفي همسك أشجى الألحان .
ما ترتدين ليس ثوبك...
أنت البدر بطلته ...
أنت العفاف بعزته...
أنت الشموخ بكبريائه ...
أنام وصورتك ملئ جفوني ، فأراك في صحوي ومنامي .
معي ... وبجانبي ... وبداخلي ... تؤنسين وحدتي ، وتشفين جراحي ، وتبعثين الحياة في نفسي .
يا فاتنة الروح ...
كم تلهفت لك روحي ، واستيقظت أشجاني ، وأُلهمت أفكاري ، وسموت فوق أحزاني .
غاليتي ...
شممت عطرك دون أن أراك ...
فهفت نفسي إلى لقياك ...
ونمت على أرض فيها مثواك ...
وعلا في الفضاء عبير هواك ...
حبيبتي...
بعثرني الشوق إليك ...
وضيعني البعد عنك ...
وأسكرني شهد ترياقك ...
وأكلتني هموم هجرانك ...
ونادتني أسارير هواك ...
واشتقت إلى عيناك ...
وأبعدت عن ظنوني بعادك ...
فلتنعم علي أيامي يلقياك ...
عزيزتي ...
ضممتك إلى صدري فإذا أنت حقيقة ...
أحسست بوجودك عندما استيقظت من حلمي ، لقد اختلط علي الحلم والحقيقة .
إنها أجمل اللحظات ...
نعم يا منية القلب ، أنت المنى ، وأنت الأمل .
مرحباً ببدر أضاء الكون في ليلة ظلماء ...
وأبهج الروح في لحظة الكر باء .
يا رب ..............
يا رب أنت راعيها ، فألهمها الصواب ، وسدد خطاها ، واحمها من غدر الزمان.
من كتاب أنا والقلم .. وهمس الروح
حماة 10/8/2005