عجبــي !!..
عجبــي لمن اتخذ من المذلة مغنما ًّ!..
وانتحل صفة الزهاد
وباع براءة الأطفال بالغش والخداع
وسعى إلى وادي الرقاق محبة
ونسيَ أن التوحيد للواحدِ القهار
صـَبـَتْ نفسه إلى المهانة برغبة
و أومأ رأسه عن الاستحقاق
وأسلم نفسه للشيطان برغبة
وكأن الحياة أضحت رحلة .. واستجمام
والناس من حسن نيتها سَحَرَها الكلام
والقول المعسول أصبح زادٌ لها كل صباح
يا نفس لمَِ التذلل وقد عهدتك صائبة
وما ترامت لها النفوس بجهل
إن هي إلا الهوان
عجبي !!..
إن الأرض تتسع لكل العباد
والخير منشور في كل البقاع
لكن الخداع تغلغل في النفوس
والحب صار في طي الصفحات
ما من معجزة تنقذ الهوان
ألا التوحيد للواحد القهار
والإيمان بأن سطوة النفس لا تقهر إلا بحسن الأخلاق
رويدكَ يا هذا ... فإن المعاشَ رزق من الله
وأي تبرير في سلوك المراوغة لا يفيد
سُحقا لمن ادعى الفضيلة عن ظاهرٍ
والقلبُ يسكنه السواد
وما عرف أن الناس تنفض من حوله
جزاء لما اقترفته أيديه من الأعمال
ورب الكون يعرف ما تسره النفوس وما تكتم
فهل يبقى بعدها سر في الأعماق
انظر يا ابن آدم حولك
فترى صنيعك في الوجوه
غيظ .. وكره .. وتساؤل عن الحال
فلا تبخِسَ نفسك بالغفران
الوقت قد طال وأنت نائح
وجدول السؤال اكتظ بالكلمات
ويحك إن لم تبالي أبداً
فإنك سائر إلى عالم الفناء
فارحم نفسك من وطرها
فإن الموت لا يستثني أحداً من العباد
إن سُئلت عن خير.. لخير مقصد
كان الجواب بتجاهل السؤال
تدعي أن القوم قد حاصروك بغيهم
وأنت الرشيد وصاحب القول السديد
تباً لك ..ألم تعي انك مخطئ
فلمَ الجبروت والتنكر للأصحاب
هيهات أن يهنأ لك بال
ما لم تأخذك عبرة الجهلاء
وصمة عار طبعت على جباههم
لأنهم أنكروا ما للعباد من استحقاق
واذكر أن الله ليس بغافل
عن شر وادعاء بحسن نية عند الكلام
وكأن الناس غافلون عن الصواب
أضحت حالك للعيون كنجم في السماء
جئت مضارب القوم يوما تسألهم
عن حق لك بينهم
فهب الكل مذعورا
أي حق وأنت من تسبب بالخراب
مهلا .. ورفقا بنفسك يا هذا
اتعظ ... وتأمل ..
واقرأ ما كتب على شواهد القبور من كلام
فلن تدوم إلا للواحد القهار