من يوميات الموتى
المُسَفِّلَة.. مهنة من مهن المشعوذات في منطقتنا.. والمسفلة هي عجوز تدعي التواصل مع العالم السفلي فتخبر الناس عن أحوال موتاهم!!!
في هذه القصيدة تقمصت هذا الدور العجيب..
مقابر شعوبنا العربية تحتوي على مآسي..وقد تجولت بمخيلة الشاعر في إحدى المقابر الجماعية ونقلت لكم بعض يومياتهم
( حادث مروري )
جمعوني من أشيائي
نثروني في أشلائي
قالوا أن وجودي في الـ
ـدنيا خـطــأٌ إملائي
أن سكوتي وصراخي
يشعل أرضي وسمائي
قتلوني كي أنجو من
ذلٍّ قد كان ردائي
قتلوني كي لا أعدي
غيري فالفكر وبائي
فجزاهم ربي خيراً
داووا دائي بدمائي
وتغاضوا عمن كانت
تبكي بالدمع ورائي
لم يتهموها زوراً
ببلاءٍ مثل بلائي
( إعـــدام )
صادرت السلطة فـني
منعوا أوراقي عني
واقتحموا عقلي قهراً
كي يضعوني في سجني
قالوا أني متهمٌ
تهماً تستوجب دفني
وذنوبي زادت حتى
عنها التوبة لا تغني
بلدي مسرورٌ وأنا
وحدي أسكن في حزني
قطعوا رأسي وأراحوا
إنس الدولة من جني
فجزاهم ربي خيراً
سلمت دنياهم مني
سلمت من شتم يراعي
سلمت من سيء ظني
( إنتحـار )
أمروا عقلي أن يحيا
موتا أو أصبح نعيا
منعوني من أوهامي
ورموني فيها رميا
طلبوا مني أن أنسى
حتى في النوم الرؤيا
أن أحيا لاشيئٍ أو
أقضي كي أغدو شيّا
فقتلت بنفسي نفسي
وسفكت دمي كي أحيا
لم يرضوا قالوا عني
( كانت زوجته بغيّا )
فجزاهم ربي عفوا
إن تركوني منسيّا
إن لم يدخل مخبرهم
قبري يبحث عن دنيا
( جـــــــوع )
ماذا أخبر عن نفسي
مشهورا كنت بنحسي
بنزاهة كفي ضربوا
أمثالاً شجت رأسي
أُصبح زادي آمالٌ
وعلى آلامٍ أمسي
لا آمن - خوف عقابي -
أن أخبر عني نفسي
عن همٍّ يقتلني لم
أفصح حتى في همسي
قدري أن أقضي جوعاً
كي يتخم مولى الكرسي
فجزاهم عني خيراً
من أنهوا قصة بؤسي
وبموتي جوعا أعطوا
للشبعى أوضح درس
( سكتة قلبية )
وسط الديجور الأعظم
كنت وحيداً أتألم
قتلوا أكبر أخواني
ورأيت الثاني يعدم
وانتحر الثالث هرباً
من دنيا فيها يُظلم
واغتالوا الرابع جوعاً
مات وقاتله متخم
ذبحوا أحلامي حتى
قتلتني الذبحة والهم
من دمنا شربوا شهداً
وسقونا كأس العلقم
دفنونا عظماً ونسوا
ميقات البعث الأعظم
فجزاهم ربي عنا
خلداً في نار جهنم