|
ذهبَ الزمانُ .. ودينُنا لنْ يذهبا |
وسَنا الرسالةِ لا ادْلّهمَّ ولا خَبَا |
ولئنْ نبا سيفٌ، فسيفُ العلمِ ما |
فقَدَ المضاءَ ولا استكانَ ولا نَبـَا |
ولئن مضى جيلٌ ففي أعقابِهِ |
جيلٌ يُمسّكُ بالكتابِ المُجْتَبى |
والصحوةُ الكبرى يشيدُ كيانَها |
علمٌ يصونُ.. ويستجيلُ الغيهَبا |
بعزائمِ العلماءِ.. في وجدانِهم |
نورٌ.. وفي أخلاقِهم سننُ الإبا |
بالعلمِ يُخشى الله جلّ جلالُه |
فرضاهُ خيرُ منىً وأشرفُ مطلبا |
والعلمُ كالغيثِ المُغيثِ إذا همى |
أحيا الرياضَ الظامئاتِ وأعشبا |
والعلمُ بابُ الأمنِ في الدنيا إذا |
عصفَ الجهولُ بنا.. فجارَ وأرهبا |
والعلمُ يجبرُ صرحَ وحدتِنا إذا |
صدعَ الخلافُ جدارها فتشعّبا |
والعلمُ ساريةُ الجهادِ إذا عثَتْ |
أيدي الأعادي في المدائنِ والرُّبا |
وإذا فضاءُ الأرضِ ضاق من الضنى |
فالعلمُ يبسطُها فضاءً أرحبا |
والعلم يسمو بالقلوب إلى العُلا |
فالنفسُ تُشرقُ همّةً وتوثّبا |
وإذا تقارعت العقولُ رأيتهُ |
أجلى بيانا في النفوسِ وأعذبا |
وإذا تضاربت المعارفُ رُمْتهُ |
أعلى دليلا في الخطابِ وأصوبا |
والعلمُ جندٌ.. كم جيوشٍ دُمّرتْ |
بالرأي.. كنت تخالها لن تُغلبا |
والعلمُ ملكٌ لا حراسةَ حولَه |
يعلو العقولَ ديانةً وتمذْهُبا |
هو روضةُ الأروح في حُللِ الرِّضا |
كالشهدِ.. كالزّهرِ المُعطِّرِ.. كالصَّبا |
هو نزهةُ الوجدان في غدواتِهِ |
بين العصورِ مُشرِّقا ومُغرِّبا |
هو كسوةُ النفسِ الزكيّةِ بالتقى |
إنْ غرَّ شخصا عطفُهُ فتجلبَبا |
والعلمُ نورٌ واجتلاءُ بصيرةٍ |
إن أعجمتْ ظُلُمُ المصائبِ أعربا |
أرأيتَ إبراهيمَ يبني للورى |
صرحَ العقيدةِ فاشمخرَّ وأطنبا! |
أو أنبياءَ الله كيف تألقوا |
وتخيّروا الأخرى فنالوا المطلبا! |
أرأيتَ يوسفَ إذ يديرُ خزائنا |
حين اجتباه الله حينا واجتبى! |
ما علمُ داوودَ؟ وما فَهْمُ ابنهِ؟ |
سبحان من قَسَمَ العلومَ وأوجبا! |
ما سورُ يأجوجَ؟ وما قطرانُهُ؟ |
ما قصّةُ الصرحِ المُمرّدِ في سبا؟ |
أرأيتَ ميراثَ النبي محمدٍ |
لمعارج الجنّاتِ قاد الموكبا |
واذكر أبا بكرٍ ووثبةَ رأيهِ |
في رِدّةِ الأعرابِ حين تغلّبا |
وانظر لحبرِ العلمِ في عين الردّى |
يسنقذُ الآلافِ ممن قد صَبا! (1) |
وفتى بني شيبان حين تجهّمت |
في فتنة القرآن كان الأصلبا (2) |
واذكر صلاحَ الدينِ في صولاتِهِ |
كم حرّضَ الصّيدَ الأُباةَ وألَّبا (3) |
فتفجّر البركانُ في وجه العِدا |
وفلولُهم في البيد تبغي المهربا |
واذكر فتى حرّان في عزماتِهِ(4) |
وفتى تميم.. معلّما ومؤدِّبا (5) |
واذكر فتاوى الباز قيدَ أدّلة ٍ |
وابن العثيمين الجليلَ الأشيبا |
وانهل من الجبرين أعذبَ موردٍ |
واسرج إلى عَلَم الحديثِ المركبا (6) |
وارفع إلى العلماءِ ألف تحيّة ٍ |
أهلا بمن ركب الصعاب ومرحبا |
هذا هو النسبُ المُعلّى في الورى |
أعلمتَ كالإسلامِ أمّا أو أبا؟! |
واللهِ لولا العلم لم تسمعْ لهم |
مجدا.. وما بلغوا المقامَ الأصعبا |
همْ كالجبالِ الشُّم أوتادِ الدّنا |
عن أن تميدَ الأرضُ أو تتذبذبا |
فجزاهم اللهُ الكريمُ بفضلِهِ |
في جنّةِ الفردوسِ عيشا أرحبا.. |
يا طالب العلمِ ارتقيتَ منازلا |
وكفى بعلمِكَ طاعةً وتقرُّبا |
تدعو لك الحيتانُ في أعماقها |
حُبّا.. وإن كنّ الخراس الغُيّبا |
وعلى طريقِكَ للملائكِ مشهدٌ |
يُزجي لمركبكَ الثناءَ الأطيبا |
لا تُبدِ في درب العلوم قناعةً |
واحذرْ من المُنبّت كيف تنكّبا!! |
مهرُ المعالي عزمةٌ ومرارة ٌ |
لا مجد إلا أن تجدَّ وتتعبا |
واستصحب الإخلاصَ خبرَ مطيّةٍ |
لايُفسدُ الشيطانُ داخلةَ الخِبا! |
في صدركَ النبأُ العظيمُ مسطّرٌ |
فأجب سؤال الحائرينَ عن النبا |
واصدعْ بأمر اللهِ واخرس حاقدا |
فتلكؤُ الآسادِ يُغري الثعلبا! |
وتجلَّ إن جنّ الظلامُ بأرِضنا |
نجما يؤم السائرينَ وكوكبا |
أنت الطبيبُ بشرعِ من برأ الملا |
تهدي الحيارى.. أو تكفُّ المُذنبا |
واسموا بوحدتكم على خُلْفِ الأنا |
ردّوا ظنونّ أولي الضلالةِ خُيّبا |
لأبي رُغال غوايةٌ ووشايةٌ |
فارعوا – بربّكم – الإخاء الأقربا |
هي أمّةٌ تشكو الجوى في ذلّةٍ .. |
عارٌ علينا أن تذلَّ وتُنكبا |
والأرضُ من دون الشريعةِ غابةٌ |
والجيلُ من دون المباديء للهبا!! |
أشباب أمتنا تحيّة مشفقٍ .. |
قوما إلى العليا سراعا وثّبا |
العلمُ يُؤتى في شريعةِ من مضى |
واليوم شأنُ العلم أن يتغربا |
ها قد أتانا العلمُ بين ظهورنا |
فلأنتمُ العلماءُ إلا من أبى.. |