ابتداء من العنوان
رقصة الزنابق
فبـه ما إشارات قوية الى ما يثير الشهية ويغري بالمتابعة لما يدور في الداخل
فالرقص يوحي بالجمال الحركي ويشد النظر اليه
والأقحوان بلونه وشكله وتسميته يأخذ النفس الى الجمال المعنوي والإسقاطي
وأما القول بأن القهوة لم تعد ساخنة فهذا ربما يقود الى أن شاعرتنا يسيطر عليها الإحساس بالضيق
ونفاذ صبر من الوحدة دونما سمير وطول انتظار تعاني منه البطلة لدرجة إحساسها بالبرد المعنوي وقد عبرت عن ذلك بقولها
كان يومي تبلل بالبرد
وحدي أضيق بوحدي
وتفسر ذلك بعبارات هي اقرب للوضوح منها الى المجاز حين تقول
كأن العبارات فرت إلى الصمت
وأختبأت قرب شوقي إليك
تسيل من الفقد والرغبة الخافية
ويشيرهذا أيضا الى أن الوجد بدأ ياخذ دورا تفاعليا في انفعالات البطلة واحاسيها
وعدم قدرتها الإستمرار في المكوث بعيدا عن الحبيب
وهذا ما بدأ يظهر على البطلة من خلال إفصاحها بقولها :
لم تعد شرفتي تستطيب الإقامة
في البرهة الذاوية
إنني قد تعبت كثيرآ من الانتظار
وراء المطر
وتحمل ذلك الطيف الذي تصفه بـ "يا كائن الضد" مسئولية ما تحسبه وتتهمه باختراع الحيل للإبتعاد عنها
وتساله معاتبة بنبرة المشوق المتلهف مرة تلو أخرى
فيا كائن الضد يا فائق الطيف
تعبت وأنت تفتش عن غربة
وتسأله معاتبة بنبرة من أعياها الشوق
وربما يكون السؤال أيضا موجها لذات النفس
أين الذي كان يأتي
من الحلم للنوم في برزخ من ألذ الشرر
وتعود لنفسها مخاطبة بشفيف العبارات وبلون لا يخلو من الإنكسار مصبرة نفسها
بانه لا بد أن يعود ... فاستعمال مفردة " المؤقت " تؤكد ذلك
والهواء الذي بيننا لم يزل
في الغياب المؤقت
وتعود لتحدث نفسها وتسائلها بأسئلة لا تخلو من الحيرة والإحساس بالفقد
رغم انها تحس ببعض المتعة اثناء محادثة نفسها وكأنها على يقين من عودته
ولهذا ترتب لاستقباله ولكن الحيرة في الكيفية
كيف ألملم بعضي وأمكث في الكلمات
التي في بياض الشغف
كيف أزجي الذي في فراغ الجسد
كيف أرتاب بالحرف بين الأصابع
كيف أذوِّب نوري انا الوردة المشتهاة
لأطرافك العارية
وهنا تكون في قمة الإنتشاء والرغبة وتعبر عن ذلك بصور رمزية رائعة شتى
حين تصف التقاء روحها النورانية والتي تمزجها أيضا بالمادية المحسوسة حين قالت
وانا الوردة المشتهاة
تذوبها بالجسد الآخر
وتنتقل أخيرا الى الحسرة على اندفاعها نحو ذلك الطيف
وهذا يبرز حالة من الإرباك والتشظي لدى نفسها المرهقة العاشقة
وتقول معلنة ذلك
ليتني لم أقاسمك هذا الندى
ليت روحي ظلت كما البحر
زرقاء زرقاء
كالعشب في سدرتي العالية
وتعود لتذكر قهوتها مرة ثالثة تلك التي لا زالت على جمر القلب تقارب الغليان
وبرودتها على أرض الواقع تماثل الصقيع الذي يغلف نفسها لطول انتظارها
لتعيد ذلك الحلم الى ذلك الجسد المنهك من الإنتظار الثقيل
والذي استهلك حيزا كبيرا من شغفها دونما طائل
ومع ذلك فهي أيضا لا تزال تحلم بامتلاكه للحصول على الإرتواء الذي تفتقده ولو بعد حين
فقولها
ها أنا والصدى خافت
أستعيد المدى
أستعيد شذا الوقت
فلتبدئي رقصة الأقحوان الشفيفة
ياشهوتي المبعدة
وللحق فإن الشاعرة تسرد لنا قصة فقد عاطفي موجع وتاجج مشاعر واحتراق يعم سائر الجسد
ولكن بأسلوب
به من الرمزية والإسقاط والإنزياح ما يجعلها تتصف بامتلاك مقدرة عالية
على التعامل مع الحرف وتطويعه ومعناه للوصول الى ما تريد دونما التسبب بأي جرح للغة
هذه هي المرة الولى التي أحاول من خلالها قراءة نص شعري
فأرجو المعذرة
وشكرا لمتابعتكم