بسم الله الرحمن الرحيم
إلى تلك النفس التي غادرتني وتركتني وراءها أرشف أقداح الذكريات رشفا لذيذا مرة ، ومرة علقما كلما تنشقت عبيرها بين طيات أوراقها ، وكلماتها .
إلى تلك النفس التي اشترت لي ثوبا من الأحزان لا يبلى ، وبخلت علي بثوب من الصبر جميل .
خلف الأفق مسكنها ، وعند مغيب الشمس دارها ، وبين ضفائر سهيل أغفو لعلي أراها .
أمتطي صهوة الأيام ، وأشد زمامها غرورا ، فلا هي توفقت بي ، ولا أنا تابعت المسير ، ليطردني عالمي خارج حدوده ، فأقف وحدي أرقب قوافل العائدين ، وذبالة الأمل ترتعش فرائصها ، تدب فيها الحياة كلما لاح في الأفق طيفها ، حتى إذا رحل السراة وجروا وراءهم زيول الغبار قامت تنبش قبرها بماء عيني .
رفيقتي ..
عند الأصيل توقفت شمسي ، و في الينابيع سكنت مياهي ، و من طيور المساء خلت سمائي .
وحدائقي .. رتع في ساحها الأسى ، فإذا هي ملاعبه ، و ذوت بقايا براعم شجاعة ، و زارتها الأشباح فدقت بين أرجائها أطناب الخوف ، و وجدت العناكب في زوايها مسكنا قل أشباهه .
حبيبتي ..
أي شيء ينسج لي الشوق إليكِ ؟
أأسكن أرضا لا تطأها قدماكِ ؟ و أتنفس هواء لا يدخل صدركِ ؟ و أرى عالما لا تبصره عيناكِ ؟
فأي أرض تسكنين ؟ و أي هواء تتنفسين ؟ و أي عالم تعيشين ؟
أهي جنات النعيم ؟
جمعني الله وإياك فيها يا رفيقة دربي ، وصاحبة أيامي ، وحبيبة فؤادي .