أيتها الأخت الكريمة، و الشاعرة القديرة، و الأديبة الرائعة ربيحة الرفاعي، لقد سقيتنا من كؤوس الأدب حتى الثمالة ببهاء حرفك العذب الذي يلامس شغاف القلب . تحياتي و بالغ تقديري.هيَ شَفَة الغُرُوبِ المُلْقَى بُرْقُعَ حَيَاءٍ يُغَطّي عُبُوسَ الدُّرُوبِ المُمْتَدَّةِ إلَى مَرَافِىءِ الغُرْبَةِ تَحْمِلُ القُلُوبَ الكَلِيمَة بَعِيدًا عَن صُدُور لا تُجِيدُ النَّبْضَ خَارِجَها، وَهُوَ قَلْبُكَ الأوْسَعُ للدُّنيَا مِنَ الحُلُمِ المُطْلَق، والأضْيَقُ عَنِ احْتِوائي مِنَ المُغْلَق، وَرَقّاصُ الخَيْبَةِ بَيْنَهُمَا يَحْمِلُنِي طَائِرًا ذَبِيحًا لَفَظَتْهُ الأرْضُ وَرَفَضَتْهُ السَّمَاء، أُريدُنِي فِيكَ فَتَفِرُّ عَنّي، وَأُلَمْلِمُنِي بَعْدَكَ فَتُرَاوِدُنِي.
أَرْنُو لِثَغْرِكَ البَسَّامِ يَتَحَرّشُ عَلَى شَاطِىءِ هَوَانا بِهَجِيرِ اغْتِرابٍ يُجَفِّفُنِي مُنْذُ عُقُودٍ، وَشَفِيرِ هَاوِيَةٍ تَعَلَّقَتْ بِهِ أنَامِلُ تَوْقِي لأَذُوبَ فِي تِلْكَ الغَمّازَةِ عَلَى خَدِّكَ، وَسَعِيرِ احْتِرَاقٍ يَبْتَلِعُنِي لَظَاهُ فِي قُرْبِكَ وَبُعْدِك.
يَحْمِلُنِي الأمَلُ لأرْفَعَ عَيْنَيَّ للأعْلَى نَحْوَ جَبْهَةٍ تَسْتَعِيرُ الشّمْسُ صَبَاحًا بَهَاءَهَا لِتَُشْرِقَ، وَغرّةٍ تَتَحَدّى البَحْرَ وَتَعْتَلي كَتِفَهُ لِيَنْتَشِيَ المَاءُ وَيَتَدَفّقَ، فَأمْتَلِىء فَخْرًا بِأنِّي مِنْْكَ، وَأتَسَاقَطُ دُرًّا عِنْدَ قَدَمَيْكَ، أُعَانِقُ هُنَاكَ صَحْرَاءَ غَضَبِكَ، لَكِنَّ قَلْبَكَ المُغْلَقِ فِي وَجْهِي مُنْذُ كُنَّا، يُنْكِرُ عَلَيَّ حَقِّي فِيكَ، وَيَقْذِفُنِي بِقَسْوَةِ حُدُودِكَ وَعُنْفِ مُحْتَلِّيكَ، لأضِيعَ ثَانِيَةً فِي أرْضِ شَتَاتِي.
أرْسُمُكَ خِنْجَرًا يَطْعَنُ خَرَائِطَ التَّضْيِيعِ وَقَلْبِي، وَيَنْغَرِسُ بِيْنَ نَهْرٍ دُمُوعٍ حَفَرَتْهُ عَذَابَاتِي، وَبَحْرِ وَلُوعٍ نَزَفَتْهُ جِرَاحَاتِي، وَصَحْرَاءِ نُزُوعٍ إليْكَ رَسَمَتْهَا وَيْلاتِي، أُعْلِنُكَ شَاهِدًا أزَلِيًا عَلَى جَرِيمَةٍ لَسْتَ مِنْهَا بَرِيئًا وَقَدْ أرَدْتُكَ أنَا.. فَأنْكَرْتَنِي، وَاشْتَعَلْتُ فِيكَ فَأطْفَأتَنِي، وَاحْتَضَنْتَ شُذّاذَ الآفَاقِ وَبِعْتَنِي، وَنَأوْتَ عَنِّي يَا أنَا .. وَسَكَنْتَنِي.