تشتد خضرة الربيع العربي يوماً بعد يوم وتتفتح الأزاهير وتشرق الورود ويفوح العبير في أعماق الصحراء العربية فما بالنا نحن الفلسطينيين يتجذر خريفنا وتتساقط بقية أوراقنا وينطفئ النوار ويذبل الحنون في مروجنا وسفوحنا وأفنيتنا ؟!
لماذا تموت فينا عزة النفس وقمم الإباء ويتراجع التحفز وننتظر العالم لكي يصرخ عنا ؟!
كنت أنتظر بيقين أن تزدحم مدننا وقرانا ونجوعنا بأمواج البشر منددة بإجرام بريطانيا التي جرّعتنا كؤوس الظلم والذل مترعة جيلاً بعد جيل ، سربت بلادنا إلى الصهاينة وشردتنا عن بيوتنا وروابينا وحوّلتنا إلى لاجئين نتسول العالم أن يقدم لنا الحماية ولقمة الخبز ولا زالت تُمعن يوماً بعد يوم بقتلنا وتشريدنا وتعذيبنا كي ترضي اليهود والصهيونية العالمية على حساب ديننا وكرامتنا وتمتهن أمتنا ولا تقيم وزناً للأعراف والقوانين والمعايير الدولية .
إن إقدام حكومة بريطانيا على احتجاز الأخ الشيخ رائد صلاح ليعتبر إعلان حرب على الأمة الإسلامية والعربية والفلسطينية لقد كان من المفروض أن تتحرك العرب العاربة في احتجاجات عارمة على استهداف المسلمين ورموزهم ؟!
أين هو الموقف الشعبي الفلسطيني وأين الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي والإسلامي ؟!
لماذا يصمت أولو القربى ولماذا تجمد شوارعنا والميادين والساحات ويتوارى الجميع حياءً حتى تجرأ العالم علينا ؟!
رائد صلاح منافح ماهر عن وطنه وأهله ودينه ، قام يُندّد بالظلم والظالمين ويصرخ في وجه الطغاة والمحتلين بعدما صمت العرب والمسلمون في أرجاء الدنيا ، إنه ينادي الشعوب العربية والإسلامية التي غيّبها النظام الرسمي العربي وصار يتدثر بالسلام الزائف حتى اتسع الخرق على الراتق وبانت عورات ذلك النظام فها هو يترنح فوق تلك العروش التي منحه إياها المستعمرون واليهود لكي يصمت على ذبح أهل فلسطين وتهويد أرضهم واستلاب مقدساتهم .
من هذه الظروف المفعمة بالعداء والقتل والإبادة جاء رائد صلاح لكي يؤذن في سمع العالم أن يوقفوا الظلم الذي يحيق بذرارينا في الليل والنهار وإنني لأعجب أشد العجب لماذا يتأخر الربيع الفلسطيني عن موعده بينما انتظر الناس دهوراً حتى تحين مواسمنا وتُزهر غراسنا ونغني للحياة من جديد .
إنه خريفنا في زمن الربيع العربي ؟!
بقلم : سليم الزغل / باحث وأكاديمي