عــــطر الصــمت

رسالة إلى بطل


-1-
سيدي البطل
تمتطي صهوة أمانيك
كغيمات المطر
و تغني أناشيد
العشق في السحر
و تمشي منتشيا
كجندي منتصر
و تعمى أن ترى
في أفق الفجر
غيم مزدحم
و فوق رصيف القهر
دمع منهمر

-2-
سيدي البطل
في ركن قصي امرأة
تلوك ماضيها المندثر
و شرفا على كتفيها يحتضر
من يستر عورتها؟
و أوراق التوت جفت في مهدها
و الأرض تعرت من وردها
و الأشجار اجتثت من ربيعها
و العنكبوت يأبى أن يبني بيتا لصغارها
من يستر عورتها؟
و الأفعى تمشي مختالة توشك أن تلدغها

-3-
سيدي البطل
في آخر الرواق
طفل هناك يرتعش
يتصبب خوفا، يرتعد
و وحش يغتصب دميته
يرقص على أشلاءها
يرتشف شهد شفتيها
لا يدرك الوحش
أن سما زعافا
على الشفتين ينتشر
دميته ترفض العار
مزقت نفسها
و مزقته

-4-
سيدي البطل
تلك الطفلة هناك
بيدها بندقية و حجر
تلوك بين شفتيها
أغنية ثورية
" صامدون نحن هنا
سواعدنا سمراء
جباهنا مرفوعة للسماء
نتحدى الموت
بكبرياء
لا يفصلنا عن الأجداث
سوى حفنة تراب
و حذاء
صامدون نحن هنا
صامدون نحن هنا
صامدوووووووووو
و يخرص الصوت
طلقة بندقية
و تموت الصبية

-5-
سيدي البطل
شيخ
هناك على رصيف النهاية
يروي الحكاية
كانت هنا أشجار الزيتون
و معول جدي
و سنابل قمح
و حظيرة
....

-6-
سيدي الرجل
العربي
البطل
لم يتبقى من البطولة
سوى
نياشين صغيرة
لم يتبق من الرجولة
سوى
ذكريات الطفولة
أوراق التوت مزقها
الأوغاد
فوق الجزيرة.

حين لمحت سكينـا تقطـر دمـا، تحت ضوء القمـر، دهشت و صدمت...

لكني دهشت و صدمت أكثر، حين رأيت السكين في يد صديقي...

تحمل دمي.

كل كلمات الاعتذار لا تكفي لتسترد سهما طاش في لحظة غضب

ركضت وراءه هتفت باسمه و صلت إليه أخيرا، ربتت على كتفه،

استدار نفس الملامح، نفس الوجه،

لكنه لم يكن نفس الشخص

نظر إلي باستغراب

و تابع طريقه.

رجـل رحيـم


لم يذبحني

بدأ السلخ

توقف فجأة

تطلع إلى وجهي ببراءة شديدة

لم الحزن في عينيك صغيرتي؟

لم الألم يرتعش في جفنيك حبيبتي؟

لم ينتظر ردا

استمر بالسلخ

رجـل رحيـم !

ارتشفت ظلـم الآخـر سمـاً

نبت فـوق عظامي

أشواكاً

لم أتعذب

فروحي ألفت الظلـم

و جسدي اعتاد الأشواك

و الألـم مات

شــوق

عاد بعد غياب قصيـر ارتميت في أحضانـه

سألته بشوق أيـن كنت؟

قـال هدمت مدن الأفراح هنـاك

وعدت إليك لأدفن مـا تبقى من الفرح لـديك

قلت لـم يعد في روحي بقـايـا فـرح

هـي روح فـارغة، اشتـاقت لـوجودك

فيـا أيهـا الحزن اسكني ولا ترحل

هؤلاء الذين يمرون بجانبنا قيد خطوة، و يزرعون بين صدورنا في منطقة القلب تماما نصل سكين...هل يدركون أي وجع يتركون و اي جرح و أي ذكرى...

كلما اقتربت من الفرح قيد بسمة ...أجدني أمام أكبر أحزاني

تتبعثر الرؤى تنقطع خيوط اللغة

و تضيع وسط زحمة الكلمات مشاعر شتى

تموت الأحلام

تحيى من جديد كطائر الفينيق

تعانق وردة الحياة

ترتسم بسمة لا تلبث أن تذبل

و يتغلغل الألم داخل جدران الروح

يلونها بالسواد

فتتساقط الدمعات سخية

و تقترب الروح من حافة الاحتضار

رويدا رويدا

فيصير الجسد مجرد وعاء فارغ المحتوى

.