|
إمام الشعرِ جَدوَلكم نميرُ |
أتَينا من بِضاعَتِه نَميرُ |
قَصدناكم على بُعدٍ سِراعاً |
تُقَلِّبنا المفاوِزُ والثُّغورُ |
وَردنا عَذبَ مَورِدِكم عِطاشاً |
وأجهَدَنا معَ الابِلِ المَسيرُ |
كأخوَةِ يوسُفَ الصِّدِّيقِ جِئنا |
فهل يَرضَى (العَزيزُ ) وهل يَمِير |
|
قَواصِدُ واحَةِ السُّمَّارِ كُنَّا |
وَردنـاها نَعُبُّ الشَّعرَ عَبّاً |
وُروداً لم يَطِب عنه الصُّدورُ |
فـلا طابت حياةُ المرءِ يوماً |
إذا عَـزَّ المُنادمُ والسَّمير |
ولا صَلُحَت لأَربابِ المعالي |
إذا عُدِمَ المُبارِزُ والنَّظير |
بَنَيتَ لِعزِّ دينِ اللهِ صَرحاً |
عَليه الشِّعرُ طَوَّافٌ يَدور |
فأَشرَقَ من بِلادِ الغَربِ فَجرٌ |
تَبَلَّجَ عنهُ نَحو الشَّرقِ نورُ |
فَعِقدُ الواحَةِ الحَسنا فَريدٌ |
تُزَيِّنُه الحَناجِرُ والنُّحور |
كأنَّك قد وَقفتَ على حِماها |
كما وَقَف المُكَلَّلُ والهَصورُ |
فَحَلِّق ما اسْتَطَعتَ على ذُرَاها |
فلا تَعلوكَ في الجَوِّ الصُّقور |
فُحولُ الشِّعرِ تنأى عن جِبالٍ |
تُعَشِّشُ فوق قِمَّتِها النُّسورُ |
تَهابُ بأن تَهابَ إذا رأتنا |
لنا في كُلِّ قافِيَةٍّ زَئيرُ |
سَلِمتَ لنا من الشَّنآنِ عَزماً |
تَسامى لا يَكِلُّ ولا يَحور |
فأنت النَّخلةَ الفَرعاءَ فيها |
نُزَيِّنُك (الفَسائِلُ والبُذورُ) |
نَبَتنا حولَ طِينَتِها نَباتاً |
رَطيباً صَانَه الظِّلُّ الوَفيرُ |
نَطوفُ على جَمالٍ من بَيانٍ |
كما طافَت على الشَّمسِ البُدور |
فيا بَحراً تَرامى جانِبيهِ |
لَه في كُلِّ حاضِرةٍ هَدير |
تَقاذَفَ عنه أصدافُ اللآلي |
وفي أحشائِهِ دُرَرٌ وحورُ |
رَعاكَ اللهُ للشُّعراءِ ذُخراً |
و صَانتكَ الوقائِعُ والدُّهور |
فأنتَ الفارِسُ الأنكَى لَدينا |
أذا قَدَحَت سَنابِكُه نُغير |
وإن شَدَّت سَواعِدُه شَدَدنا |
وإن ثارت قَوائِمُهُ نَثور |
وإن نَفَرت عَزائِمُهُ نَفَرنا |
وإن فارَت بِتَنُّورٍ نَفورُ |
نَزَلتَ فما خَشِيتَ على مَصيرٍ |
وهل يَخشى الوَغى البَطَلُ الجَسور |
|
تُزَكِّيكَ القَواقي لاهِجاتٍ |
نَفَثتُ بِعُقدَةِ الشُّعَراءِ شِعراً |
سُطوراً تَنتَشِي منها الصُّدور |
مَضَغناها كما نَحْلُ البَراري |
يَلُذُّ بِريقِنا السُّمُّ المَريرُ |
نَشَقناها على غَيرِ البَرَايا |
بِجارِحَةِ السََّماعِ لها عَبير |
عَرائِسَ من قَصائِدَ باسِقاتٍ |
نُفوسُ الذَّائِقين بِها تَغورُ |
فنحن العارِفونَ بما كَتبنا |
ونحن الغارِفون بِما نُشِير |
بيانٌ بانَ عن حُسنِ المَباني |
وَشِعرٌ فيهِ ما فَضَحَ الشُّعور |
فَطِيبُ النَّظمِ في طيبِ المَعاني |
وَفي صِدقٍ يَفيضُ بِه الضَّمِيرُ |
يدورُ الشِّعرُ في رأسي دُواراً |
كما الأنخابُ في السَّكرى تَدورُ |
أحُسُّ له بأعماقي دَبيباً |
يَحُسُّ جَوارِحي مِنهُ الصَّرير |
جُلوداً تَقشَعِرُّ من القوافي |
فَتَهتَزُّ الجَوانِحُ والخُصور |
فأصبِرُ عن ثَقيلِ الوَطءِ منها |
ويَصبِرُ مِثلِيَ الجَمَلُ الصَّبور |
|
وإني أغبِطُ الشُّعَراءَ حُبَّاً |
فأَضرِبُ عنهُمُ الأسماعَ صَفحاً |
إذا ما كان شِعرُهُمُ عَسِير |
فَيا للصَّادِحينَ بِغيرِ حَقٍّ |
ويا لِلمادِحينَ ولم يَجوروا |
نَواشِزَ من قَصائِدَ نافِراتٍ |
نَدَدْنَ و مِثلَما نَدَّ البَعِير |
فلا سَئِمت حَلاوَتَها القَوافي |
ولا عَدِمَت طَلاوَتَها السُّطورُ |
ولا جَفَّت مدامِعُها البَواكي |
ولا قََرَّت وقائِعُها العُصُور |
وأعجَبُ منكَ يا (عُمَري) فؤادي |
إذا غَنَّت بَلابِلُه يَطير |
فَيُمتِعُهُ المُحَلَّى والمُصَفَّى |
ويُرقِصُهُ مع الوَتَرِ الصَّفير |
ويؤنِسُهُ المُرَخَّمُ من بيانٍ |
و يَطرَبُ من مُطَرَّزِه الشُّعور |
أميرُ الواحَةِ الغَنَّا أميرٌ |
على شعراءَ كلُّهمُ أمير |
عَقَدتُّ البيعَةَ الكُبرى لَديهِ |
وَخَلفي بايَعَ الجَمعُ الغَفِير |
لِفَحلٍ مُفلِقٍ في كُلِّ لَونٍ |
إمامٍ هَزْلُهُ جَدٌّ خَطيرُ |
فهل يُثني عَلَيَّ (جَمالُ مُرسِي) |
و في مِصرَ الخِلافَةُ والأمير |
وهَل يَرضى العِراقُ و يَرتَضيهِ |
و قد خانتهُ في مِصرَ البُحور |
فقد عَتِبَ الفُراتُ وفي أبيه(1) |
وفي ذاكَ االحُضورِ له حُضور |
فقد يَكبو الجَوادُ على عَثارٍ |
و قد يَخفى الهِلالُ المُستَنير |
فأنتَ اليَومَ شَوقي في حِماهُ |
وإني اليومَ حافِظُكَ الصَّغيرُ |
( فشأنُ المَرءِ ما يُبديهِ عَبدٌ |
وشأنُ اللهِ ما تُخفي الصُّدور ) |
وُقيتَ من العَواقِبِ يا أميري |
إذا صَارت إلى الله الأُمور |
ولُقِّيتَ التَّحِيُّةَ من إلهٍ |
لَطيفٍ بالعبادِ بهم خبير |