كنــدا التى لا يعرفها العرب حتى الآن !!
بقلم : مسعد حجازى - كندا / تورونتو
كاتب وصحفى مصرى ـ كنــدى
فكرة العالم العربى عن كندا لا تزال – للأسـف –
فكرة " جنينية " مشوهة ، وأن الإنطباع السائد عنها
هو البرد القارس والثلوج المتراكمة والعواصف والأمطار
الغزيرة لدرجة أن الكثيرين من العرب لا يتصورون أننا
نعرف فصل الصيف وننتظره بفارغ الصبر ونضطر
لإستخدم أجهزة التكييف فىالمنازل وفىالسيارات والمكاتب عندما تشتد
درجة الحرارة خاصة خلال شهرى يوليو وأغسطس … أو انها ( كندا)
" سقف الدنيا" وهو أظزف وصف لها سمعته من الصحفى والأثرى الكبير
(الراحل) كمال الملاخ خلال إحدى مقابلاتنا فى مدينة مونتريال …،هذا
على الرغم من أن كندا فى الواقع هى بلد التجارة والصناعة والإستثمار
والتكنولوجيا العالية والإنفتاح البناء الحقيقىعلى العالم وليس على طريقة
الإنفتاح " سداح مداح" التى شهدتها مصر فى منتصف السبعينات من
القرن الماضى.
كما أن كندا هى الشريك التجارى رقم واحد للولايات المتحدة الأمريكية
اذ أن حجم التبادل التجارى بين البلدين يزيد على مليار دولار يوميا
( أى أن حصيلة يومين فقط من التجارة بين كندا وأمريكا تساوى اجمالى
حجم المعونة الأمريكية لمصر والتى تذلنا بها أمريكا صباحا ومساء)
والميزان التجارى غالبا ما يكون فى صالح كندا نظرا لانخفاض قيمة
الدولار الكندى عن نظيره الأمريكى ، وبين الدولتين إتفاقية تجارة حرة
منذ عام 1988 .. وبينها وبين الولايات المتحدة والمكسيك إتفاقية
" نافتا" منذ عام 1992 والتىتعتبر أكبر تكتل اقتصادى فى العالم بما
فى ذلك مجموعة دول الاتحاد الأوروبى ..هذا بالإضافة الىان كندا عضو
مؤسس وفعال فى مجموعة قمة الدول الصناعية الثمانية وعضو مؤسس
لحلف شمال الأطلنطى " الناتو" منذ عام 1949 وهىالدولة التى افتتحت
لها فى مصر أول سفارة كندية فى العالم لعربى فى عام 1956 وبها حاليا
ما يزيد على 20 سفارة وقنصلية عربية .
كما يؤسفنى أن أقرر هنا أن الغالبية العظمى من الناس فى العالم العربى
وحتى معظم العرب المهاجرين الذين يعيشون فى كندا منذ سنوات طويلة
يجهلون حقيقة الدور الكبير الذى لعبه الكنديون فى الإختراعات العالمية
والتى كان لبعضها أكبرالأثر فى خير ورفاهية البشرية جمعاء ، وعلى
سبيل المثال اختراع الكيروسين فى عام 1846 للمخترع الكندى
إبراهام جيستر والذى حقق به ثورة فى عالم البيتروكيماويات ،
واختراع الكمبيوتر الناقل بنظام الـ " برايل " لفاقدى البصر،
والميكروسكوب الإلكترونى والأرغن الإلكترونى وحتي لعبة
كرة السلة بقواعدها المعروفة (1891) كلها اختراعات كندية
عالمية الا أن أهم الإكتشافات والإنجازات العلمية فى القرن العشرين
هو اكتشاف الإنسولين اللازم لعلاج مرض السكر فى بداية
العشرينات من القرن الفائت على يد العالم الكندى الطبيب
والجراح دكتور فريدريك جرانت بانتنج ومساعده دكتور تشارلز
هربرت بيست وحصل كلاهما على جائزة نوبل فى الفسيولوجى
اعترافا وتقديرا لهذا الإكتشاف الحيوى.
وفى الماضىالقريب أصبحت كندا منذ عام 1962 ثالث دولة فى العالم
بعد الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية تمكنت من وضع
قمر صناعى فى الفضاء يدور حول الكرة الأرضية وهذا القمر الذى
اطلقوا عليه اسم " الويت ا " ذود العالم منذ ذلك الحين بثروة هائلة
من المعلومات عن الطبقات الجوية أتاحت للعالم فيما بعد وضع أسس
تكنولوجيا أقمار الإتصالات وعلوم الفضاء لكندا وللعالم بأسره وليس
سرا أن الذراع الهيدروليكى العملاق الذى تستخدمه سفن الفضاء
الأمريكيةطوال العشرين عاما الماضية هو أيضا اختراع كندى تم
تصميمه وتنفيذه بالكامل فى إقليم أونتاريو ـ أكبر الأقاليم الكندية
العشر وأغناها ، كما أن الكثيرون أيضا لا يعرفون أن جهاز التوجيه
الخاص بصاروخ الـ " كروز" الأمريكى قد تم تصممه وتنفيذه فى
مصانع شركة الـ " ليتون سيستمز" فى تورونتو ـ أكبر مدينة فى كندا.
و اخير اقول ان التجربة الكندية رغم حداثة كندا كدولة من المنظور
التاريخى هى بلا شك تجربة ثرية فى كل نواحى الحياة بل هى غاية
فى الثراء وياليت عالمنا العربى يدرس هذه التجربة دراسة وافية عسى
ان يتعلم منها العرب دروسا فى الوحدة وكيفية العيش والتعايش فى وئام
وسلام اجتماعى فى مناخ من الحرية والديمقرطية الحقيقية ـ وليست حرية
تفصيل او ديمقراطية ديكورمن تصميم ترزية القوانين أصحاب نظرية
" احنا حالة خاصة" وكأن الشعوب العربية قاصرة او من جنس ونوعية
أخرى غريبة من البشر لم تلدهم أمهاتهم أحرارا ـ مناخ ديمقراطى حر
تصان فيه الحقوق والواجبات للحاكم والمحكوم و للأقليات والأغلبية على
السواء بين عشرات بل مئات الأجناس من مختلف القوميات والديانات
واللغات والألوان من شتى بقاع المعمورة . انهاالمعجزة الكندية التى
تحققت فى عصر كاد أن يخلو من المعجزات وأصبح لا يعرف
الا الحروب والدمار.
كاتب وصحفى مصرى ـ كنــدى
Mossad_Hegazy@hotmail.com