في ذكرى البردوني
ها قد ترجَّل عنـكِ الفارسُ القلـقُ
ألقى عصاه فنامي الآن ياطــرقُ
لم يبق في دمــــه حبرٌ يؤرقها
هذى المسافاتُ ، ضاع الحبرُ والورقُ
حافٍ على القهر تأتيه الرؤى ألقاً
كجبهة الحرف حين الحرفُ يأتلق
يظل يغزل مـــن أنساغها نسقاً
قد أرعد الليلَ هذا النسغُ والنسـقُ
ماهمّه وحنـينُ الصحو في دمـــه
أن لامسَ الجمرَ، دربُ العاشقِِ الرَّهقُ
أهدى القناديـــلَ حين الليلُ قد سُرِقتْ
منــه النجومُ وخانت ربَّـــها الحَدَقُ
وراح يُسرجها من روحــه عبقاً
فهل درى الليلُ كيف الضوءُ والعبق
وهل درى الليلُ كيف الشعرُ باغته
وراح منفلتاً في ركب مـن عشقوا
في ركب من كتبوا التاريخ صادقة
حروفهم لا، كمن خانوا ومن لعقوا
ومن أعادوا إلى الأوطان سالمــة
قواتها وهي في جـوف الردى مِزَقُ
صاغوا الهزائم فتحاً فانتشتْ حلبٌ
بسيفها وهو في أوهامـــه غَرِقُ
والشعرُ في الأسر تبكيه حمامتـــه
فهل بكى السيف حين الشعرُ يحترق
يا مبدع الحرف .. لم ترْهِبْهُ عاصفـة
من الصقيع وغالى الثلـــجُ والأرق
وأصدقُ الحرفِ حرفٌ حين تكتبه
تُحْنَى الجبالُ ولا تُحنى له عنـــق
ما خنت دربك .. ما أغرتك بارقة
والشاهدان عليك : البحر والشفق
سافرت كالضوء في أحلامنا وأتت
ـ كما اشتهيت ـ رؤانا وهي تستبق
من جذوة الحب قد صيغت مقاطعها
ورف في دمها طهر الألى صدقوا