أجتاحت المظاهرات العديد من المدن في العالم الإسلامي إستياءً وغضبًا من الفيلم المسيء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم و رغم إختلافنا أو اتفاقنا على هذه المظاهرات إلا أننا نتفق على أن النصرة الحقيقة للنبي صلى الله عليه وسلم تكون بالعودة لسنته و نشرها والدفاع عنها فما هاجموه إلا جهلاً بدينه عليه الصلاة والسلام وهذا من تقصيرنا في تبليغ الدين من بعده أو حقداً على هذا الدين الذي رغم مكر الليل والنهار به وتقصيرنا إلا أنه أسرع الأديان إنتشارا بفضل الله ومنه و كرمه على الأمم.
لا تكون النصرة من قلب غفل عن حب هذا النبي العظيم حبًا يفوق حب الإنسان لنفسه و ولده و والده, فعن أنس -رضي الله عنه-قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) رواه البخاري ومسلم
توقفت كثيراً عند هذا الحديث لماذا يطلب منا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن نحبه أكثر من الأشياء والأشخاص التي تُفطر النفوس على التعلق بها؟ فإذا بحكمة النبي صلى الله عيه وسلم تتجلى كرابعة النهار : أن تحبه أكثر من نفسك و أهلك وصحبك يعني أن تنزل على شرائعه نزولاً موافقًا لطريقته لا تنتظر هوى يأخذك يمنة ويسرة و يطلب منك أن تقتنع بحكم من الأحكام حتى تطبقه . إنه الوحي الذي ينطق به المصطفى ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى*إنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) [النجم ::4:3]
إنه التسليم لما أختاره عليه الصلاة والسلام لنا (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) [النساء : 65]
إن أعظم ما يميز هذا الدين أنه نظام حياة متكامل, ففي شريعة محمد صلى الله عليه وسلم تجد أدق تفاصيل حياتك مُمنهجة بحكمة علمناها أو جهلناها ولن تجد تفاصيل حياتك إلا في طريقته وسنته صلى الله عليه وسلم .
روى ابن ماجه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد." قال الشيخ الألباني : صحيح
و ما أروع تلك الإستجابة السريعة التي قامت بها جمعية Discover Islam UK في لندن حينما وزعت أكثَر من 110.000 نُسخة من القرآن الكريم متَرجمة، و كتب سيرَة النبّي مُحمَد صلّى الله عَليه وَسلم . بذلك تتم النصرة وليس شعارات رنانة لا تلبث أن تتبخر مع مرور الوقت .