أحدث المشاركات
صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1234567891011 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 102

الموضوع: نحت وتعرية

  1. #21
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ربيحة الرفاعي مشاهدة المشاركة

    أهلا بالهطول المستحيل

    قصيدة أكتفي باستقبالها بموجة تصفيق طويلة تحمل فيض انبهاري
    وأحجز لي موقعا متقدما في شرفة القراء

    على وعد بعودة سريعة
    وأهلا ومرحبا بهذا الاستقبال الحافل وهذا التفاعل الجميل!

    أشكرك على ما تفضلت به من كلمات حارة وتقدير لهذا النص الذي أود بحق أن يؤدي الغرض الذي أملته منه.

    حفظك ربي وأكرمك!

    ودام دفعك!

    ودمت بكل خير وعافية!


    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  2. #22
    الصورة الرمزية عبدالرحمن لطفي شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2010
    الدولة : مقيم في الرياض -المملكة العربية السعودية
    العمر : 66
    المشاركات : 328
    المواضيع : 18
    الردود : 328
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    هنا نقرأ ولا مجال للكلام

    نصمت ونلعن في زمن لا يفيد اللعن فقد بات البتار هو الناطق الرسمي ..

    أخي القدير ,,

    كنت مبدعا وسار الشعر بين الكلمات يهتز من ثقل القول فقد كان القول ثقيلا ..

    لك المجد

  3. #23
    الصورة الرمزية بشار عبد الهادي العاني شاعر
    تاريخ التسجيل : Aug 2011
    الدولة : تركيا
    المشاركات : 2,723
    المواضيع : 133
    الردود : 2723
    المعدل اليومي : 0.59

    افتراضي

    بسم الله وما شاء , هي منهج وقاعدة لكل من أحب الكتابة في قصيدة التفعيلة
    أيها الأمير الشاعر , كل يوم تتحفنا بروائعك فجزاك الله كل خير
    لابد من رشف هذه الكلمات مرات كثيرة , وبحول الله لي شرف العودة
    تحياتي وتقديري ومحبتي

  4. #24
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Sep 2012
    المشاركات : 11
    المواضيع : 1
    الردود : 11
    المعدل اليومي : 0.00
    من مواضيعي

      افتراضي

      أنا سعيدة جدا
      لأني قابلت من أول دخولي المنتدى
      موضوع قوي
      وانا سعيدة جدا لأني تلميذة في مدرستكم الرائعة
      شكرا ليك

    • #25
      شاعرة
      تاريخ التسجيل : Jan 2010
      الدولة : على أرض العروبة
      المشاركات : 34,923
      المواضيع : 293
      الردود : 34923
      المعدل اليومي : 6.71

      افتراضي


      ردا على استفسار حول بعض معطيات القصيدة الشارحة لمضمونها ، وجدت بي رغبة -وبعيدا عن قوالب القراءات النقدية التي لا أدعي امتلاك أدواتها- بأن نعيد قراءتها معا بكيفية تساعدنا على استلام النص بمحمول الرسالة التي أرادها الكاتب واضحة مكتملة الخيوط، ولعل خير إطار نضعه منطلقا للقراءة هو قصة شعرية براو وبطل، ولنتذكر ابتداء أن ليس لدينا "العمري" هنا، بل شاعر أصاليّ هو الراوي يحدثنا عن بطل النص واصفا طقوس استعداده لكتابة قصيدة ..
      تَمَدَّدَ فِي مِقْعَدٍ مُخْمَلِيٍّ بِصَحْنِ الحَدِيقَةِ ذَاتَ قَصِيدَةْ
      يَفُضُّ بَكَارَةَ يَومٍ جَدِيدٍ بِفِنْجَانِ قَهْوَةْ
      وَيَسْتَرْجِعُ الذِّكْرَيَاتِ الجَمِيلَةَ مِنْ لَيْلِ أَمْسِ
      بُطُولاتَ جِنْسِ
      وَنَشْوَةَ كَأْسِ
      وَرَقْصَةَ أُنْسِ
      وَمَيْسِرَ شَهْوَةْ
      تَبَسَّمَ فَخْرًا وَأَبْدَى زُنُودَهْ
      وَمَدَّ عُيُونَ التَّجَلِّي الوَئِيدَةْ
      يُقَلِّبُ فِي صَفَحَاتِ الجَرِيدَةْ

      مشهد موجز اختصر وصفا لطقوس استعراضية يمارسها الشاعر الحداثي استعدادا لمباشرة الكتابة تم توظيفها بمهارة اعتبارا من الخطوة الأولى في النص لبيان الموقف الاستنكاري والتدليل على الرفض لا التبني


      ويتخذ الشاعر الراوي من تقليب الشاعر بطل القصة لصفحات الجريدة منطلقا للتوسع في تصوير مسرح الحدث، فيبدأ باستعراض إخباري لحال الأمة يحكي الواقع بوعي ودقة ودون طعن في قيمة ولا معتقد
      سُقُوطُ مِئَاتٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ بِقَصْفٍ عَنِيفٍ عَلَى رِيفِ درْعَا
      وَإِطْلاقُ نَارٍ كَثِيفٍ عَلَى الأَبْرِيَاءِ بِرِيفِ دِمَشْقَ
      وَحَرْقُ مَنَازِلَ فِي البُوكَمَالِ
      وَبَشَّارُ يُلْقِي خِطَابًا مُهِمًّا عَنِ الأَزْمَةِ الرَّاهِنَةْ
      وَكُوفِي عَنَانُ يُطَبِّقُ خِطَّتَهُ لِلسَّلامِ
      دِمَاءٌ تَسِيلُ عَلَى خَدِّ دِجْلَةْ
      وَكَشْفُ مُحَاوَلَةٍ لِاغْتِيَالِ وَزِيرِ الدِّفَاعِ
      فِلِسْطِينُ تَطْلُبُ إِعْلانَ دَوْلَةْ
      وَغَزَّةُ تُقْصَفُ بِالطَّائِرَاتِ
      وَبَارَاكُ يَرْفَعُ سَقْفَ التَّحَدِّي
      وَيُعْلِنُ عَنْ دَعْمِهِ لِليَهُودِ بِلا أَيِّ حَدِّ
      نُمُوُّ اقْتِصَادِ البِلادِ الغَنِيَّةِ وَالصِّينُ تُتْقِنُ صُنْعَ السِّلاحِ
      وَإِيرَانُ تُنْتِجُ مَاءً ثَقِيلا وَتَصْنَعُ صَارُوخَ قَادِرْ
      وَمِصْرُ تُؤَكِّدُ غَلْقَ المَعَابِرْ
      سُمُوُّ أَمِيرِ دُبَيِّ اشْتَرَى فَرَسًا بِثَمَانِينَ مِلْيُونَ دِرْهَمْ
      وَبَعْضُ المَنَاطِقِ تَشْكُو المَجَاعَةْ

      جفاف في الروح وقسوة في المفردة، تطرح الصورة بلاشاعرية ودون معان جمالية سوى تلك المتعلقة باللغة، والتي تجلت بمهارة استثنائية في تراكيب سريعة، وتعابير خاطفة، أوجزت المشهد السياسي، وصبّت محتويات نشرة الأخبار كاملة في بضعة سطور، بجمل متعددة المحمول، كثيفة الصور، ذكية التعبير.

      وبذكاء يوظف انتقاله لصفحات نشرة الأخبار الرياضية والفنية في تعرية اهتمامات شاعره بطل القصة، وبيان عدم اكتراثه في الواقع بحال الأمة وما تعاني من مصائب لم تحرك فيه أكثر من
      تَثَاءَبَ كَالقِطِّ حِينَ اخْتِيَالٍ
      ثم
      تَرَاخَى قَلِيلا وَعَادَ يُقَلِّبُ عَمَّا يُرِيدُهْ

      وتتوالى تفاصيل النشرة بذات الأسلوب السريع الخاطف
      خَسَارَةُ مِصْرَ أَمَامَ سِرَلْيُونَ فِي التَّصْفِيَاتِ
      وِسَامُ التَّمَيُّزِ يُمْنَحُ فَخْرًا لِنَجْوَى فُؤَادْ
      وَشَعْبَانُ عَبْدُ الرَّحِيمِ يُحَدِّثُ عَنْ رَأْيِهِ فِي السِّيَاسَةْ
      وَهَيفَاءُ وَهْبِي سَفِيرَتُنَا لِلنَّوَايَا الحَمِيدَةْ
      وَفِي صَفْحَةِ الفَنِّ رُكْنُ قَصِيٌّ حَوَى بَعْضَ نَصِّ الحُرُوفِ البَلِيدَةْ
      وَكَانَتْ وَحِيدَةْ
      فَزَادَ اخْتِيَالا بِتِلْكَ القَصِيدَةْ
      وَقَرَّرَ أَنْ يَسْتَرِيحَ قَلِيلا
      وَلَكِنْ يَرَى صُورَتَينِ لِهَيفَاءَ وَهْبِي
      تُحَدِّقُ فِيهِ بِعَينِ دَلالٍ وَقُرْبِ
      فَيَحْلُمُ فِيهَا بِلَهْفَةِ قَلْبِ
      وَيَنْزِلُ مِنْ بُرْجِهِ العَاجِيِّ حِينَ احْتِدَامٍ

      حين احتدام ، وأي احتدام ذلك الذي تحدثه عينا هيفاء وهبي بنظرات دلالها وما تبثان من ألوان الإغراء بعد أن لم تحرك فيه الويلات غير تثاؤبٍ فتراخ فعودة لتقليب صفحات الجريدة.
      وَيُمْسِكُ بِالقَلَمِ المُخْمَلِيِّ المُذَهَّبْ
      وَيَكْتُبْ:

      ويصمت الراوي بعد "يَكْتُبْ" هذه لنصغي لما يقول بطل المشهد بقلمه الحداثي وحسه الدعيّ الثورة تأثرا بحال الأمة التي تقدم وصفها وما قرأ في الصحيفة من أخبار سياسية ورياضية وفنية
      تَبَرَّأْتُ مِنْكُمْ
      تَبَرَّأْتُ مِنْ هَرْطَقَاتِ العَجَائِزْ
      وَلَطْمِ الجَنَائِزْ
      وَمَا لا يَجُوزُ وَمَا هُوَ جَائِزْ
      تَبَرَّأْتُ مِنْ سَفْسَفَاتِ الفَضِيلَةْ
      وَمَزَّقْتُ عَنِّي ثِيَابَ القَبِيلَةْ
      تَحَرَّرْتُ مِنْكُمْ وَمِنْ نَهْجِكُمْ فِي اغْتِيَالِ الخَيَالِ
      وَمِنْ سَيفِكُمْ فِي مَعَانِي النِّضَالِ
      وَمِنْ قَيْدِكُمْ فِي ارْتِشَافِ الجَمَالِ

      هي إذا براءة من الموروث والعريق والفضائلي والمنتمي والنضالي
      فبماذا سيؤمن إذا؟

      وَآمَنْتُ بِالعِشْقِ يَمْلأُ كَأْسِي بِخَمْرِ الحَقَائِقْ
      بِحُرِّيَتِي بَينَ زَهْرِ الحَدَائِقْ
      بِلا أَيِّ عَائِقْ
      بِعشْتَارَ تَحْمِلُ فِي رَاحَتَيهَا الزَّنَابِقْ
      بِفِينُوسَ حِينَ تَشِي لِلخُلُودِ بَأَسْرَارِ عَاشِقْ

      وهو الخمر سواء كان خمر حقائق أو أوهام، والأسطورة الكافرة والآلهة المزعومة، والانفلات من كل ما يحد انطلاقه في مدى رغباته
      وبتصوير جميل ورموز مستقاة من كل ما يوحي للمتلقي وهما باستناده لمردود ثقافي كبير
      ولكن ...
      هل من دليل في هذا النص للشاعر الحداثي يثبت زعمنا؟
      أَلَيْسَ أَتَانَا رَبِيعُ الشُّعُوبِ؟
      وَبُشْرَى القُلُوبِ؟
      بِحِلْمِ التَّحَرُّرِ مِلْحَ التَّحَرِّي
      فَرَاشَةُ أُحْجِيَةٍ فِي طُقُوسِ التَّعَرِّي
      وَتَبْكِي الحَمَائِمُ فَوْقَ غُصُونِ التَّشَكِّي
      وَنَحْنُ كَذَلِكَ نَبْكِي

      هكذا يقرأ هذا البطل المغوار مشهدا سياسيا مزلزلا وتغييرا عنيفا تعيشه الأمة بثورات تعصف بأنظمة وتنشئ أخرى، وسقوط حكومات وارتقاء شهداء ، وهذا ما يخلص إليه منه.

      وَمَا زَالَتِ القُدْسُ أُنْثَى تُعَاقِرُ كُفَّارَ مُوسَى
      وَتَجْرِي الدُّمُوعَ عَلَى كُلِّ صَدْرِ
      وَثَورُ الحِصَارِ يُرَاوِدُ غَزَّةَ عَنْ نَفْسِهَا
      وَالصَّوَارِيخُ تُغْرِي
      وَلَيثُ الحَظِيرَةِ يَدْرِي
      وَشَامُ العُرُوبَةِ تَزْنِي بِأَسْيَافِ شَيخِ القَبِيلَةْ
      وَتَمْضُغُ قَاتَ الأَكُفِّ الدَّخِيلَةْ
      وَجَيشٌ ظَلامِيْ
      وَجَيْشٌ نِظَامِيْ
      وَمَا مِنْ وَسِيلَةْ

      وهكذا يصف قدسنا الغصيبة المؤجِّجة مشاعر الغضب في أسرها ، المفجرة براكين الثورة بصبرها والمطلقة حمم الجحيم على العداة بطهرها
      وهكذا يصف غزة الحرّة الصابرة المثابرة، والشآم البهية الأبية الثائرة
      انثى تعاقر كفرة، مراودة عن النفس، وقوادة، وزنى، وانحرافات، ومجون، وجنون.

      وبسرعة انقضاض قط على وجبته الشهية ، ينقض على الصورة التي رسم، ليتخذها ذريعة فيعود معلنا براءته من الأمة ومقدسها ومعتقداتها، ومؤكدا اعتناقه لرغباته ولذاته عقيدة وهدفا
      مَلَلْتُ الدِّمَاءَ مَلَلْتُ الكَيَاسَةْ
      وَمِنْ نَهْرِ حَقِّي وَعُهْرِ السِّيَاسَةْ
      وَمِنْ كُلِّ قَهْرٍ بِقَيدِ القَدَاسَةْ
      أُرِيدُ حَيَاةَ الهَوَى وَالغَزَلْ
      أُرِيدُ الأَمَلْ
      فَأَيُّ نُبَاحٍ يَرُوعُ القَطِيعَ
      وَكُلُّ ثُغَاءٍ يُحِبُّ النَّجِيعَ
      يُرِيدُ الإِنَاءَ وَيَخْشَى النِّدَاءَ وَيَأْبَى العَمَلْ
      دَعُونِي فَإِنِّي كَفَرْتُ بِكُلِّ وَصِيَّةْ
      فَعِيشُوا عَلَى ذِكْرَيَاتِ الجِرَاحِ الشَّجِيَّةْ
      اوَبِالأُمْنِيَاتِ اعْجِنُوا الوَهْمَ لِلبُسَطَاءِ رَغِيفَ القَضِيَّةْ
      هَتَافًا وَلا شَبَقًا فِي الرَّصَاصَةِ لِلبُنْدُقِيَّةْ
      فَنَهْدُ القَضِيَّةِ بَاتَ شَهِيًّا كَرُمَّانَتَينِ عَلَى صَحْنِ مَرْمَرْ
      وَأَمْسَى الزَّعِيمُ النِّضَالِيُّ قَيْصَرْ
      وَفِي مُجْرَيَاتِ السِيَاسَةِ عَبْقَرْ
      وَرَمْزًا ... وَأَكْثَرْ
      سَتَمْضِي الصُّقُورُ وَنَبْقَى هُنَا فِي التُّخُومِ الأَبِيَّةْ
      عَصَافِيرَ سِلْمٍ تُزَقْزِقُ بِاسْمِ الهُوِيَّةْ
      وَتَحْيَا القَضِيَّةْ


      ولكن ذلك لا يبدو له كافيا، فلا بد من تعدٍ على المقدس أكثر، ولا بد من دغدغات لمعاني الانفلات أكثر، ولا بد من عودة لتأكيد انسلاخه عن أمته وازدرائه لمعتقدها وموروثها وغرقه في مجون اللذات أكثر، ليقدم للمنابر المتورطة في مشاريع التضييع قصيدة حداثية تحتفي بها ..

      فَيَا مَنْ تَعِيشُونَ عَيْشَ الهَبَاءْ
      وَتَدْعُونَ مَنْ لا يُجِيبُ الدُّعَاءْ
      وَهَذَا التَّخَلُّفُ فِيكُمْ دَلِيلٌ عَلَيكُمْ
      فَلا الحُبُّ يُزْهِرُ فِي طِينِ جَهْلٍ
      وَلا مِنْجَلُ الصَّمْت ِيَحْصِدُ عُشْبَ الكَلامِ
      دَعُونِي وَشَأْنِي
      أَنَا السِّنْدِبَادُ أُسَافِرُ فِي الأَزْمِنَةْ
      وَفِي شَهْوَةِ الرِّيحِ لِلمُسْتَحِيلِ
      أُعَمِّدُ حَرْفِي بِمَاءِ القَصِيدَةْ
      لِتَطْهُرَ مِنْ رِجْسِ تِلْكَ المَعَانِي التَّلِيدَةْ
      وَأَحْصِدُ عُنْقُودَ مَجْدِي جَنِيًّا
      وَأَغْفُو عَلَى أُغْنِيَاتِ السَّلامِ
      وَطَاوُوسِ أُنْثَى يُدَاعِبُ صَدْرِي بِأَشْهَى القُبَلْ


      لقد اجتمعت هنا في قصيدة الشاعر-بطل القصة- والتي أعاد علينا فيها بلغته نشرة الأخبار ذاتها، معظم مكونات قواميس النص الحداثيّ من مفردات الكفر والسوداوية والقتامة والغرائز والأسطورة والموت، فلنستعد إذا في ومضة من الذاكرة نشرة الأخبار التي قدم بها الشاعر الراوية للنص، ولنقارن بينهما بتجرد وإنصاف...
      هما خطابان، انطلقا من ذات الواقع المرّ، يصفان الصورة الأليمة لما تعيش الأمة، لكننا نقرأها أي الصورة بحرف شاعر الأصالة، قولا مباشرا كزخات رصاص، جافا يليق بنشرة أخبار، متين اللغة ودقيقا موجزا معبرا، تتهافت على الخاطر بقراءته الصور المرتبطة به منعكسة عن صدق الوصف، بما يؤكد على أن الواقع المرّ قابل لصبّه في قوالب شعرية لا تتعدى حدود احترام الحق والخير والجمال، بينما هي بحرف شاعر الحداثة مختلفة اللون موشحة بالرذيلة تعتمد الإسهاب والتمويه والإغراق بالترميز للاحتيال على المشهد بغية تدنيس ملامحه، متسللة عبر كل فكرة لفتح منافذ للفجور والانفلات...

      وبينما كانت المقدمة استعراضا لحال الأمة بعد تقديم قصير لحال الشاعر، يضعان القارئ في صيغة تصور لإطار سينطلق فيه نص حداثي يكشف الفجوة الفكرية والأدائية بين شاعرين، تأتي الخاتمة لتذكرنا أن ما سمعناه في النص الحداثي لم يكن أكثر من نفثة حرف ماجن أطلقه احتدام تأتى عن افتتان بصورتين يتأملهما بطل قصة في نص لشاعر أصاليّ، فيصوره في سطوره الأخيرة
      يَعُودُ لِيَنْظُرَ فِي الصُّورَتَينِ
      وَيَفْتِلُ فِي شَارِبَيْهِ بِتِيهٍ
      وَيَرْشُفُ فِنْجَانَ قَهْوَتِهِ بِانْتِشَاءٍ
      يُلَمْلِمُ أَوْرَاقَ تِلْكَ القَصِيدَةْ
      وَيُغْوِي لُفَافَةَ تَبْغٍ جَدِيدَةْ
      وَيَطْوِي الجَرِيدَةْ


      في القصيدة إذا مخاطب واحد هو الـ متلقي أو الأمة، ومتحدثان بشخصيتين مختلفتين في نص تخلل نصا، فأظهر التباين بينهما في كل شيء ابتداء من اللغة وآليات استخدامها ومرورا برؤية الحدث والتفاعل معه وانتهاء بما يريد كل من تقديم قصيدته
      فهل نجح العمري في توصيل الرسالة التي أراد؟
      وهل وفّق في ما قال على لسان شاعريه بتعرية الفهم القائم للحداثة والمتمثل بالتعرض لكل ما هو مقدس وجميل
      لم يكن الخطاب فرديا فحسب، ولم تقتصر قضيتته على فكرة انتقاد الشاعر الحداثي المتسربل بعباءة المناضل بل حمل رسالة جماعية الطرح موجهة للأمةالمنشغلة بترهات المستورد على اختلاف مسماه وأيا ما كان محتوته وترحيبها بأقطابه وتنصيبهم نجوما ورموزا في المشهد الشعري بل والمشهد الثقافي العربي ككل.
      وقد هيأنا للقادم قبل عبورنا عتبة النص بعنوان ملفت يستحق وقفة طويلة عنده لتدارسه واستقراء ابعاده و دوره المهم في شرح القصيدة ومقصودها من حيث النحت الذي أعمله بتمكن في مسيرة الحداثيين بألفاظهم ولغتهم وصورهم، وفي نحت الصنم الثقافي المقدس في هذه المرحلة في ذهن الأمة بكل ما فيه من كفر وعهر ، وكذلك التعرية من باب تعرية أمثال هؤلاء المثقفين وتعرية لغتهم ومرتكزاتهم، ثم تعرية واقع الأمة السلبي العاجز الذي يسمح لأمثالهم أن يكونوا الوجه الثقافي لها والذي يتجاهل الأدباء والشعراء الحقيقيين والمثقفين الصادقين ويسمح للإعلام رغم انكشاف توجهاته بتوجيه دفة مركبه الثقافي.
      لسنا هنا في حرم قصيدة عادية نصفق لتفوقها الذي اعتدناه في شعر العمري صورة وتركيبا وتوظيفا للقول قائم على قواعد من تمكن في فقه اللغة وقدرة على تطويعها، ولا نقرأ رسالة عادية يحملها نص بدرجة ما من المهارة تختلف باختلاف صاحب الحرف، ولكننا على خط النار بين أصيل محيّد، راسخ، ممتد الجذور في تاريخ الأمة، متشابك مع كل عناصر تركيبها الحضاري والقيمي، وبين مستورد، دخيل، لاصلة لحرفه ولا لمحموله بالأمة وموروثها وقضاياها، ترتفع لأجله المنابر ويتبنى شطحاته الإعلام الذي ثبت تورطه في كل مشاريع النخر في بناء الأمة الفكري والثقافي والحضاري

      وهذا يستدعي حوارا واعيا متأنيا تتعاون فيه الأقلام النقدية والشعرية والفكرية لمناقشة موضوع القصيدة التي مارست دور عناصر الطبيعة على سطح الأرض، في نحت وتعرية سطح المشهد الثقافي باشتغالها على واقع الأمة من جهة وواقع أولئك الحداثيين المحتلين للمشهد الثقافي والأدبي العربي من جهة أخرى ، كاشفة وجهه الشائه بما طغى عليه من هجين مرفوض قطع الصلة بين الشعراء والمبدعين وبين مجتمعاتهم وحولهم لكائنات مختلفة تسكن أبراجا عاجية اطل منها على المتلقين ضمن ظروف مهرجانية يلقون عليهم فيها ما لا ينقشع ضباب التهوييم عنه، ولا يتصل بواقعهم ولا يعنى بآمالهم وطموحاتهم.
      تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

    • #26
      الصورة الرمزية هاشم الناشري شاعر
      تاريخ التسجيل : Feb 2011
      المشاركات : 3,695
      المواضيع : 39
      الردود : 3695
      المعدل اليومي : 0.77

      افتراضي

      سُقُوطُ مِئَاتٍ مِنَ الشُّهَدَاءِ بِقَصْفٍ عَنِيفٍ عَلَى رِيفِ درْعَا
      وَإِطْلاقُ نَارٍ كَثِيفٍ عَلَى الأَبْرِيَاءِ بِرِيفِ دِمَشْقَ
      وَحَرْقُ مَنَازِلَ فِي البُوكَمَالِ
      ........


      كل هذه المآسي لم تحرك فيه ذرة من النخوة
      لأنه ليس معنيًا بمكارم الأخلاق وشيم الرجال
      وأحاسيس البشر.


      تَثَاءَبَ كَالقِطِّ حِينَ اخْتِيَالٍ
      تَرَاخَى قَلِيلا وَعَادَ يُقَلِّبُ عَمَّا يُرِيدُهْ


      يقلب عما يريدة .. توجز لنا شخصيته بعد أنْ
      هوى في مكان سحيق!

      نسأل الله تعالى أن يزيدك علمًا وإبداعًا وأن
      ينفع بأدبك البلاد والعباد.

      محبتي وتقديري.
      إذا كان أصلي من ترابٍ فكلّها = بلادي وكلّ العالمين أقاربي

    • #27
      الصورة الرمزية محمد ذيب سليمان مشرف عام
      شاعر

      تاريخ التسجيل : Jan 2010
      المشاركات : 19,255
      المواضيع : 522
      الردود : 19255
      المعدل اليومي : 3.70

      افتراضي

      مدرسة انت ايها الرائع للكبار
      فكيف بها حينما ادخل عليها وانا المبتدئ ؟
      نص ولا اريد ان اجتر ما كتب فيها ممن هم اتو قبلي
      الا انني اؤكد انها درس من مدرس ملك كل ما يحتاجه ليرسل رسالة واعية
      شكرا لك

    • #28
      الصورة الرمزية خليل ابراهيم عليوي شاعر
      تاريخ التسجيل : Jun 2009
      الدولة : اليمن
      المشاركات : 2,105
      المواضيع : 98
      الردود : 2105
      المعدل اليومي : 0.39

      افتراضي

      لقد ابدعت و اوفيت
      احسنت و ابدعت التعرية
      تحيتي
      رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي و على والدي و أن أعمل صالحا ترضاه و أدخلني برحمك في عبادك الصالحين

    • #29
      الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
      مدير عام الملتقى
      رئيس رابطة الواحة الثقافية

      تاريخ التسجيل : Nov 2002
      الدولة : هنا بينكم
      العمر : 59
      المشاركات : 41,182
      المواضيع : 1126
      الردود : 41182
      المعدل اليومي : 5.27

      افتراضي

      اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمود فرحان حمادي مشاهدة المشاركة
      كلما قرأت لك وفي أي لون شاعري
      أجدني أمام روض بديع من الأصالة
      أطيل بخمائله المقام، وأمتع رائد الفكر من بديع ألقه
      وأضيف لذاكرتي المحبة صفحات مورقة من جمال الاعجاب
      وأردد مع نفسي الدعاء الصادق الذي أسأل الله تعالى به أن يحفظك ذخرًا للغة الضاد
      وأنت تعيش غربتك التي نذرت جلها لهذا الشأن وبكل اخلاص
      سأعود وأعود لأن زيارة واحدة لهذه الخريدة الندية لا تكفي
      وسأنهل من معينها الرقراق ما أبل به صحراء قافيتي وحرفي
      أثابك الله عليها خيرًا عميما وجعلها في صحائف أعمالك أمير واحتنا المعطاء
      وتقبل خالص الود من أخيك
      تحياتي
      هنا أيها الحبيب كانت مواجهة بين الأصالة وبين الحداثة فالوقوف على مشارف هذه القصيدة هو في حقيقته وقوف على خط النار بين مواجهة ضرورية بين الأصالة المهملة التي جحد دورها وأثرها وقدرها وبين الحداثة هذا التيار الدخيل الذي يمثل بقايا تلك النظم المتساقطة وواجهتها الثقافية الرديئة ، ولكن أليس عجبا أن تتساقط تلك الأنظمة الفاسدة ويظل العديد من القائمين على المشهد الثقافي عموما والأدبي خصوصا متمسكا بل متشبثا بهذه الواجهة الرديئة ورموزها؟؟

      أما يجدر بنا كأدباء وشعراء ورواد تجديد أصالة أن نواجه هؤلاء بحقيقتهم وأن نطالب بحقنا في أن نسقط تلك الأقنعة الباهتة للثقافة العربية وأن نهدم هذه الواجهة الرديئة وأن نعيد القيمة للشعر والأدب وللأدباء الحقيقيون؟

      أما حان الوقت كي نعلن عن قيام ثورة ثقافية أدبية جادة تواكب الثورات الشعبية العربية وأن نعري المشهد الثقافي العربي من فساده وتهافته؟؟

      هنا إنما أردت أن أرسل عدة رسائل مهمة لعل في مقدمة هذا التأكيد على المقدرة على خوض ترهات ما يكتبون من كفر وعهر وصور وأساليب وألفاظ ، وبل ولقد حرصت أيضا بعد جمع كل ألفاظهم وصورهم وأساليبهم في قصيدة واحدة أن أجمع أساليب أكابر هذا التوجه الحداثي في نفس القصيدة وما ذاك إلا لكي يعلموا أننا نترفع عن أسلوبهم وعن منهجهم من رفض لا من عجز ، وأن نثبت لهم أننا أقدر منهم على ما يفعلون لو شئنا وهم أدنى من أن يقدرون على أن يأتوا ببعض قصيدة مما نكتب وأنا بذلك زعيم.

      هذه أخي الحبيب نحت بأسلوبهم وتعرية لحقيقتهم ، وإعلان ثورة ثقافية موازية للثورة الشعبية وأحب أن يقرأ الجميع هذا الأمر بهذا الشكل وأن تعود كثيرا ويعود الجميع نقاشا وحوارا وتواصلا حول هذه المضامين.

      دام دفعك!

      ودمت بخير وعافية!


      تحياتي

    • #30
      الصورة الرمزية مروان المزيني شاعر
      تاريخ التسجيل : Dec 2002
      الدولة : المدينة المنورة
      العمر : 55
      المشاركات : 777
      المواضيع : 85
      الردود : 777
      المعدل اليومي : 0.10

      افتراضي

      لله درك أيها العمري

      لا فض فوك
      إني شربتُ هواكِ منذ طفولتي=حتى ارتويتُ وبحتُ في الكراس ِ

    صفحة 3 من 11 الأولىالأولى 1234567891011 الأخيرةالأخيرة

    المواضيع المتشابهه

    1. قراءة في قصيدة العمري: نحت وتعرية
      بواسطة بهجت عبدالغني في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
      مشاركات: 16
      آخر مشاركة: 10-12-2012, 05:24 PM
    2. قصيدة ( نحت وتعرية ) علامات على الطريق
      بواسطة بهجت عبدالغني في المنتدى قِسْمُ النَّقْدِ والتَّرجَمةِ
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 03-10-2012, 02:55 PM
    3. نحت وتعرية
      بواسطة د. سمير العمري في المنتدى دِيوَانُ الشِّعْرِ
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 17-09-2012, 11:43 PM
    4. نحت في نحت
      بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى الاسْترَاحَةُ
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 06-05-2010, 12:53 PM
    5. "تفشى النثر في الصلوات"نحت شعري مع محمود درويش
      بواسطة مازن نجار في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
      مشاركات: 0
      آخر مشاركة: 18-11-2006, 05:37 PM