فقاعةُ صابونٍ .. اسمها .. أنت !!
تصوير
المشهد الأول :
ممسكٌ بسيجار سطوته ، مفترشٌ سطح مكتبهِ بكرشه إلا قليلاً من شنطته وشطّته ، ينفخ دخان اللهفة المسعورةِ الفاسدةِ للإحراق ، يرمق فريسته بنظرته ويعكر الأجواء بزفرته ، ليقول لا اتفاق !
يشهر الآخر سيف غضبهِ والذي كان حزمةً من الألوف ِالملفوفة بغمدِ كيسه المتسخ بدمعته .
فجأةٍ ينقلب الأسد الضرغام إلى هرٍّ شمّام !
وتختفي تكشيرة المحارب .. لتصبح كضحكة مومسٍ تُجاذب!
مشهدٌ يعرض في جميع القنوات اليمنية الواقعية المعاشة،، بل قد تجده وتشاهده بشكلٍ مبسطٍ في المدرسة والمستشفى وحتى لدى عمال المجاري أعزكم الله ..
السؤال الذي سبقتموني إليه قبل غرقي مع المخرج في حمام التصوير في الأعلى ..
كم مرةً قابلت مثل هذه النفايات البشرية وكم كررت دور العصامي الذي امتشق جيبه لينثر عطاياه الجِسام على عاهرة المكاتب تلك ؟
فلماذا طاوعتها وجعلتها أكثر غنىً من مدراء الشركات ؟ أتعلم لماذا ?
إنها مصلحتك بالطبع ، ومثاليتك العنصرية لوحدك .. فيا لهشاشتك حينما أكسبته بذلك منك.
المشهد الثاني :
يتحدى وجهك بمثوله أمامه ، أينما اتجهت هرول إليك واحتكرك ، يحاصرك باندفاعه ، يعتلي منبره ، يتسلق هرمه العاجي ، يصيح في كبريائه ،، يشنف أسماعك في إبائه بعد أن ثقب طبلة أذنك وعقلك ليقول لك :
لعنة الله على اللصوص ، لقد أُكلنا عندما أُكل الجحش الأبيض وكيف يسوس العباد ذبابهم والجراد ، فالكل يسرق ولستُ أرى من يُحقق ... ويظل يتدفق في منظومته المتكاملة والتي يخيل إليك أنها ما وجدت إلا عنده وفي الخلافة الراشدة .
وعندما يغادر مدى سمعك وبصرك بعد أن نجاك الله منه بدعاء والدتك لك ..تقول لنفسك :
كلامه جميل وطبعه أصيل ولكن هداه الله فلقد سرق فلان ونصب على زعطان وابتاع بضاعةً مضروبةً لجحشان ولكنه إنّما قصد توجيهه تلك اللعنات للحكومة البربرية وحدها ، فهو مع ما يفعله فإنه صولجان زمانه بالمقارنة مع جعلانه وأقرانه .. ثم تشرب خرافتك السوداء تلك لتعود للبيت محملاً بالمثالية والنقاء .
هل علمتَ يا سيدي أنّه عندما أشبعك من زقوم كلامه وأدنى ثمار شجرته فامتدحت مذاقها إنما نميّت فروعها و أعليت جذرها وساقها !.
تنظير
# أنتَ ..ما أنت ؟ ...
تأكل وتشرب .. تضحك وتلعب .. ثم نفرقك عن العالفات بسكسوكتك التي اعتلتها نظارةٌ أكبر من كفك .. إلى متى تكون لأخلاقك ديوثاً حقيراً ؟
# أنت ما أنت ؟ ....
صاحب الأيادي البيضاء .. المصلي في صفوف الأولياء .. المثقف النحرير والعصاميّ القدير ، تُفرّخ لنا كل يومٍ مارقاً و محتالاً وأفآقاً و قاتلا.
كل ذلك لأنك آثرت البقاء في السفينة المثقوبة .. تكره البلل وتصفق لمن يخرمها أمام ناظريك .. فسلم على القاع عندما تنغرس فيه فيبتل الماء منك!
تعزير
قلت في لحظة ٍ سكرتُ فيها من خمرة غيظي في بارات وادي عبقر
نَصلٌ من الحرفِ أم دِرعٌ من الورقِ
كلاهما يُزمعُ التنكيلَ بالخَرَقِ
قادَ العُقولَ هزبرُ الفكرِ فانكشفت
مخالبٌ نَشْبُها في الزَيغ ِ والنَزَقِ
الفارسُ الحقُّ من أضناهُ مُنصله ُ
في ضربِ شرذمةٍ أضنى من الحمقِ
قالوا تَبَهنَسَ ليثٌ قلتُ بل جُرَذٌ
هذا الذي من صفاءِ الأرضِ في قَلقِ
قالوا بنى القصرَ .. حقاً إنّهُ رجلٌ
من طينة السُحتِ يبني العيش في الرَهَقِ
كم أغدقت نائبات الخَلقِ ثروتهُ
وما دهتهُ صروفُ الفقرِ والمَلَقِ
كم باع أفئدةً ذابتْ بمُعضِلةٍ
ما همّه غير كنز الجيدِ بالخِرَقِ
لكنّ سيف العُلا ينبو إذا وهَنٌ
فالفارسُ الندُّ يهوى القيدَ في العُنقِ
يا حسرةً ..خُنتَ عهد الروح فانفلقت
أصالة النفسِ ، فانزاحت مع المِزَقِ
تهتمُ للطهرِ.. تنسى أنّما دَنِسٌ
من جابه الإفك بالتصفيق لا الحنقِ
قد قيل رمزٌ من الأخلاقِ ، منقبةٌ
للصدقِ، بذل الألى في خفق قلب نقي
فقاعةٌ غرّها الإطراءُ فانتفخت
ما إن تلاشت تلاشى العجب للنسق
حتّاما تنكصُ رمحاً صام عن شرفٍ
حتّاما خيلك في سورٍ ومُختَنقِ
هيا انتفض صرخةُ الأعماقِ .. زوبعةٌ
إمّا احترقتَ وإمّا جُدتَ بالحُرقِ
هيا انطلق .. عادياتُ العزّ أطلقها
ما بين محتجبٍ منّا ومنطلقِ
المجدُ كالكيرِ .. شبَّ النارَ في خَبَثٍ
ما زاد صاهره إلا بجيد نقي
تأطير
وما الحياة سوى قيدٍ ومشنقةٍ
ومبدأٍ وفضولٍ بعد ذاك بقي
( الشاعر المصري الصديق : علي فريد )
معين الكلدي
29 / 3 / 2010