هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

داكور..طيب ..حاضر ..ماشي ...أوك ...مفهوم ....هذي المرة الأخيرة و توبة
أقول لنفسي هكذا لكني أدمنت طبعا يراه البعض حسنا، و لكني أراه أسوأ عاداتي التي لا أتخلى عنها، يتجاهلون و لا أتوقف عن الاهتمام ..
يلزمني اعادة تدوير لعقلي ..و التخلص من عاطفيتي ..و عدم الاكتراث بمن لا يأبه بي..
لكن الطبع يغلب التطبع ..أقول هذا و أجدني أول من يطرق أبوابهم ..لأني أعرف قسوتي لو قررت الابتعاد فلن أعود إليهم أبدا..
بالي طويل لكن قلبي اذا قسا فهذا لأنه رأى أنهم لا يستحقون شيئا..و للأسف يعودون بعد ذلك متذرعين بألف سبب..و رُبّ عذر أقبح من ذنب ..

هذا المساء غمرني بعطائه،و أنتَ قربي لا شيء يضيرني، لا السماء و ان غشاها الكدر و حجبت عنّي قمري، و لا الحرف ان جفاني و فرّ منّي ..حسبي أنك الآن هنا.. أحدّثك و تحدّثني..

قال: سأنام الآن..
قلت:كيف تنام و تتركني بعدك ؟..سأنام أيضا ..
لا متعة للسهر دونَك..لا يحلو الحديث إلا معك..و هذا الليل مكفهرّ الملامح ان لم تشاركني فيه أنتَ..
ــ ألقاكم بخير ان شاء الله ــ .

لست أدري ..مالذي حلّ بي؟
النبض يسامق أنفاسي حتى يوشك أن يتجاوزها،و نفسي بالقرب منّي لكنّي أفقدها في غيابك.و لا أجدها إلا حين مجيئك..أنفاسي الصاعدة منّي تعود إليّ كلّما لاح لي رسمك . و دمي يعربد في الوريد كلّما ذُكر اسمك.. فأفر من طيفك الذي لا أراه إلى حيث لا أجدني..لا الأرض الواسعة تسع خطاي..و لا السماء العالية تحضن رؤياي ..بالله عليكَ من أنت؟ و لمَاذا يحدث لي كلّ هذا؟

مقتطف من الالياذة لشاعر الثورة مفدي زكريا :

فـيا أيـها الناس هذي بلادي * * * و مـعبد حـبي و حلم فؤادي
و إيـمان قلبي و خالص ديني * * * و مبـناه في ملتي و اعتقادي
بـلادي أحـبـك فــوق الظنــون ، و أشدو بحبك في كل نادي
عـشقت لأجـلك كـل جميل * * * و همت بحبك في كـل وادي
و مـن هام فـيك أحبّ الجمـــال و إن لامه الغشم قال : بلادي !
لأجل بلادي عصرت الـنـجـوم و أترعت كأسي و صغت الشوادي
و أرسلت شعري يسوق الخطى * * * بساح الفدا يوم نادى المـنادي
و أوقفـت ركب الزمان طويلا * * * أسـائله : عن ثـمود و عاد
و عن قصة المجد من عهد نوح * * * و هـل إرم هي ذات العماد ؟
فأقـسم هـذا الزمـان يـمينا * * * و قال : الجزائر.. دون عناد !
شغلنا الورى ، و ملأنا الدنا
بشـعر نـرتله كالـصلاة
تسابيحه من حنايا الجزائر

لا تكن عنيدا..كفاك ادعاءً و مكابرة ..تُحمّل نفسك فوق احتمالها..أنت تشتاقني فلماذا تبدي النسيان،و حنينًا كبيرا تكتمُ؟ أ تخاف على نفسك منّي؟
لا تخف ..و لتعلم أنّ قلبي ِانْ كنتً له سندًا؛أبدا لن يخذلكَ..

شيء غير عادي هذا المساء..أجدني عاجزة عن النطق باسمك.. تلعثمت الحروف في دربها من حنجرتي إلى لساني..فلا ينطق لساني و ان نطق لا يكاد يبينُ..

أحببتك في لحظة..لكني أحتاج إلى أضعاف عمري كي أنساك..

بعضهم يحتاجون إلى معاملة بمثل أسلوبهم كي يستشعروا الألم الذي يسبّبونه لغيرهم ..
فمهما بلغت قساوتهم على الغير حدودها، إلا أن لهم قلوبا لا تتحمل أن تُعامَل بقسوة..
و قليل من التجاهل كاف لصفعهم علّهم يحسون بغيرهم.

حب دون ثقة أشبه بانتظار الموت في كلّ لحظة..
كيف لي أن أحبّك و أنا أخافكَ؟
أخاف انسحابكَ..أخاف تهديدكَ..أخاف أن تُعيّرني يوما بحنيني إليكَ..
لذا أقفلت بابي و اخترت انسحابي قبل أن يباغتني غيابكَ..