هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

مساء و حديث،و قلبان يمضيان معًا،في دروب المحبّة و الطريق طويل،
لم نمش على الأرصفة معًا؛ لكن حلّقنا رفقة الحرف ..و الحرف في مسارات القلوب دليل..
يا كاتبي نثرًا؛حرفك المكتوب جمر في الوريد ،و إن أحرقتني جذواته؛ فإن دفئي به ينسيني لهيبه، يا ناظمي قصيدة؛ قافيتكَ عالقة بأهداب عيني ..و عيني لا تسدل إزارها خشية أن تسقط القافية ...
بالله عليكَ ..رويدكَ هلّا تمهلّت قليلا؛قلبي الضعيف لا يطيق صبرا،و أنت السّاحر و كلامك المنقوع في الشهد مازالت حلاوته عالقة في شفاهي ..

تعب الحرف من الركض خلف ظل الكلمات..تعب الحرف من مداعبة الورق..
ودّ لو يلامس جبينك،لو يصافح يمينك ،لو يسقط بين يديك شمسا،لو يكن لعينيك حرسا..
ودّ لو تلتقي القلوب ..تعبت الأبجديات مني و أعياني اصطياد المعاني و مغازلتك من خلف حجاب.. ..

أكتبني قصيدة،أكتبني نثرا،خبئني شمسا في صدرك....اصنعني شرابا و اشربه على مهلكَ،ارتديني معطفا في شتائك،و أنزلني غيثا في صيفكَ،ساعة في معصمك،أو بسمة على شفتيكَ، دفترا أو قلمًا أو لحنا أو تعويذة ،اجعلني شيئا من أشيائك لأشاركك أنفاسك..خفقاتك..و حياتك..
نحن نتعلق بالأشياء التي ترافقنا في يومنا..فاجعلني جزءا من يومك..

يكفيني أنّي أقرأ نفسي في كلماتك،و أجد فخري في ثنائكَ،يكفيني أنّك قلت:أنتِ لي،و إني وصيف الحب عند بابكَ..
أكتبك بالقلب و ما الحرف إلا رسول مطيع.

هذه الحروف دمي،و هذه الأبجديات موطني،و حبّك ملهمي ، أنت القاطن في وريدي. مذ عرفتك و الحرف ينصاع لصولة القلب،و لا عجب في ذلك؛فإنّ الحبّ ساحر..

لا إله إلا الله ، محمّد رسول الله.
ـ في أمان الله ـ

ابتسم لتقهر يأسك.
ابتسم لتجدّد إيمانكَ.
ابتسم ليتألم حسّادك.
ابتسم فالحياة تمضي و الغيب علمه عند ربّي..

لن أقول أحبك هذا الصباح و لن أنتظر وردة حمراء..الحب يا صاحبي يسكن القلوب و أنت النبض،والنبض كل ثانية ..إذا توقف توقفت الحياة ،
هو لا يتوقف ليعلن ميلاده في يوم الفلانتين..تبا لثقافة الجهل و التقليد ..

قبل دقائق مضت،كنت جالسة مع ابنة أختي صاحبة الخمس سنوات و نصف،كانت تشاهد التلفزيون و تلعب و تمرح ،ثم أخذت قطعة من الخبز رمتها، غضبت من فعلها و نهرتها قائلة: حرام عليك ، الله يراك فيغضب ، قالت لي بعفوية البراءة : الغرفة فيها سقف ، هي في ذهنها الصغير حملت فكرة أن الله في السماء و كأن سقف الغرفة سيحجبه عن رؤيتها ..
فقلت لها : الله في الأرض و السماء،يراك في كل مكان،هو هنا و بجانبك ، أمامك و أينما ذهبتِ،و لو من فوق السقف فإنه يراكِ..
قالت : و هل يراني في المدرسة؟ و حين أكون في السوق أو في بيت خالتي أو في بيتنا ؟
قلت لها : نعم يراكِ في كل مكان .. و استغربتُ حين سألتني : و هل يسمع الله ؟
أجبتها : نعم يسمعك الله ..هو يرانا و لا نراه،يسمعنا و يعلم كل شيء ..
نظرت في ثم قالت : يا الله اشف أمي ..
قد يقول البعض أن الطفل الصغير لا يفهم ،بل بالعكس هو يحتفظ بما يسمعه و يشاهده حوله، يخزّن في ذاكرته،و يسأل و يحرجنا أحيانا بأسئلته، و أي جواب خاطئ منا يؤثر سلبا في نشأة الطفل و إدراك معارفه و تحديد مساراته العقائدية..
الحمدلله منذ ولدت تربيت على مفهوم الخوف من الله و إن كان عقلي قاصرا صغيرا لم أكن أفهم؛ لكني كنت أسمع و أحفظ ،و قد كبرت و أدركت فعلا أن الطفل ورقة بيضاء كلماتنا و تصرفاتنا تحدد مسار حياته.. فلا ثقافة الغول و لا حصان الشمس و لا شبح الليل أثروا في نشأتي ،فأبواي و إن لم يدخلا مدرسة و لم يتعلما حرفا إلا أن عقيدة التوحيد ملكت قلبيهما ..

حين أعيد قراءة ما خطّته أناملي تصيبني الدهشة،كيف كتبتُ لكَ و كيف لهذا القلب المكبّل بأصفاد الخجل أن يبوح لك بكل هذا الحنين؟! أ لأن الحنين غلّاب أم لأني لا أجد نفسي إلا في رحاب الكلمة ..و أجد روحي محلقة في سماء البوح.. لكني أجد ألف ثغرة في احساسي،أحسبه لم يكتمل ..و إني لم أقل كلّ شيء...
و إن الكلمة مهما وصفت فإنها لم تقل كل الذي يجب أن يقال..
هي جرعات أرتشفها لأخفف من حدّة المشاعر المكتضة بصدري..هي زفرات أزفرها لكني أستنشق بدلها وجعا أكبر..فالحروف كما قيل تموت حين تقال..و يبقى الاحساس في الحرف مبتورا.