هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

ليس من العدل أن أحتكر حرفي في الحديث عنكَ ..و ليس من النزاهة أن يظل الحرف رهين الشغف..هذا الحرف مسخّر و مسؤول و بإذن الله سيكون للحديث منهج آخر ..لكَ و عنكَ و عن أشياء أخرى ..
أحبك و أحب لحرفي أن تحفظ ذكراه بكل خير ، و الإنسان عقل و قلب ..أمهلني بضع نبضات ألملم شتات الذهن لأستعيد مخيّلة فرّت من قبضتي ..

ـ إلى موعد آخر إن شاء الله بنفَس جديد و إرادة أقوى ـ

ما معنى الأشياء إن لم ألمح فيها رسمك؟
لاطعم للقهوة مالم تكن أنت سكّرها..
لا عذوبة للألحان إن لم تحمل صوتكَ..
أنت تشغل بالي و قلبي، إني أهذي بكَ ..أفكر فيكَ..ارتضيتك لقلبي مؤنسا و لروحي شريكا و لأنفاسي نسيما ..
هل رضيت بي ؟ هل اكتفيت بي ..إني لعمري أكتفي من الحياة لكني لا أكتفي منكَ.. محتاجة جدا إليكَ .. اقترب من القلب أكثر ..لا تبتعدْ.. خفقة تلو خفقات ..تتابعت الخفقات و المساء يدنو رويدا عل مهل .. لو كان يعقل ما بي لعجّل المجيء ..إني حقّا أرتعد ..أضطرب ..بحاجة إلى هدوء و هدوئي حين أكون معكَ ..
هكذا يخيل لي لكنك حين تأتي أفقدني ،أتبعثر ،تتلعثم كلماتي، ترتجف أناملي ..أخرج مني إليكَ.. لا أحدثك بلساني فاللسان مكبّل بالحنين ، إنما يحدثك القلب فاستمع لهلوستي ..إني أهذي بك ..إني أريدك لي ..

كنت لأقول لك:ضمّني إليك كي يكفّ الحنين عن تمرّده و صهيله في صدري،ضمني كي تهدأ الروح ،و تستعيد روحها بعد بعد أن فقدتها ذات صقيع، ضمّني كي أجدني فيكَ،و تعود لي بسمتي و يعود لقلبي الربيع..
لكن ليتَ بإمكان الحضن أن يجمعني بكَ و لا يفصلني عنكَ مدى الأبد،لو كان هذا ممكنًا؛لسقطت بين ذراعيك،قافزة من علوّ شاهق،غير آبهة بالارتطام حسبي أنك تنتظرني، لكنّ الحضن بعمر الثواني،و أنا أريد أن أعيشك عمرَا ، لا تكفيني لحظة لذّةٍ لتنسيني ألم السنين،فيا قلبُ صبرا جميلا حتى نلتقي ..ستضمني إليكَ حين يُضمّ اسمي إلى اِسمكَ ..

يا تعويذة الحبّ..يا نبض الجنون..يا همس القلب ..كيف أرقيني منكَ ؟ ليتك كنت مسّ جان تطرده آية الكرسي، أو نتفة من قشّ عابرة علقت بأهدابي لكنتُ أزلتها بأصبعي .. ليتك حرفا أكتبه بقلم الرصاص و أمحوه بعد لحظة ..
آه يا دمي ..كيف أنزعك منّي ؟
ذاكرتي منكَ و بكَ و لكَ، ..لم أعد أملك زمام قلبي،كلماتك أحفظها أقرأها بصوتك،و صوتك تردده الروح كتراتيل مقدّسة أتلوها في سرّي و لا أستحي أن أقرأها في الجهر ..
نبرة الصوت و رقة الروح و كلمة واحدة منك أسقطتني في نفسي .."توحشتك" سمعتها بروحي ..
أكتب في ذاكرتي على جدار الروح : أنتَ تاريخي،لحظتي و يومي ..أنتَ القريب القريب ...
مالذي يحدث و أسأل نفسي ألف مرة،و أضيع بحثا عن جواب،و لا جواب يقنعني إلا أني أشتهيكَ،ليست شهوة معلقة بلحظة لقاء،فنحن لم نلتقِ،لكنها رغبة الروح و الروح يا صاحبي تحلق ترفرف و تحط على كتفكَ ..و الروح من أمر ربي و أمرها عجب عجاب.. لا تميل لكل عابر و لا تستكين إلا لمن ترتضيه .. يا قلب القلب يا روح الروح يا أمين الفؤاد احترت في أمري .
قسما بالذي سكب روحك في روحي ، سُقيا القلب الظمآن أنتَ ..كل ثانية تمر و أنت تكبر في دمي ..تتكاثر حتى تكاد تتجاوز مسام الجلد و شعر الرأس و دقات النبض .. جمعني بك الحرف و ها هو الحرف يهذي ..خذني إليك ..يكفيني لحظات فرح أعيشها أنت صانعها ... أهديتني الحب يا كل الحبّ..

حاولت كثيرا أن أكتب لكن في كل مرة أجدني أمزّق فكرتي إلى ألف قطعة،و أسكب حبري في كل ركن؛قبل أن تتلقاهم أكف الورق،يؤرقني أن أعد و لا أفي بوعدي،و أن أبخل أحدا و أستكثر عليه من جهدي و وقتي لو كان بامكاني مساعدته، أفعل كل هذا مجاهدة نفسي و كلّي ثقة بأن الأيام متداولة بين الناس،ربما يأتي يوم أحتاج فيه عونا أو نصحا ..
إني لأعجب من بعض الناس يعدون و إن ذكرتهم تمادوا في التجاهل ..يحسبون أن الخير بأيديهم و ماهم إلا أسباب سخّرها الله ..نسوا أن من مضى في حاجة أخيه حتى يقضيها مشى الله في حاجته ..فليبخلوا و ليتمادوا في جهلهم ..فالله أرحم بعباده و رازقهم بلا حول و لا قوة منهم،فلا يتكبر أحد على أحد،فكلنا عباد الله هو الموفق و الرزاق و هو الكريم ..إنما نحن أسباب و إن شاء كفانا ذلّ المسألة و تكبّر الناس و غرورهم.

سأقرأُ عليكَ ألْفَ تعويذة،أُرقيكَ منْ عَيني ،و منْ عيْن كلّ حَاسد ، إنّي أخْشى عليكَ حتّى من نَفْسي ، لو حدَّثَتني عنْ عذْب كلامكَ،و حسن صفاتكَ،أخْشى أنْ تحسُدني نفْسي فيكَ، فها أنا أعوذ بالله منْ شرّ نفْسي.
كتبتها لكَ من قبلُ؛لكني لم أخبرك بها،كنت أكتم ما في قلبي مخافة أن لا يكون في قلبكَ شيء لي،لكني صدقا كنت أستأنس بحديثك و أفرح بسؤالك عنّي،و أتمنى لو أحظى بمكان في فؤادك..
حدّثتني نفسي أنها تتمناك لكني نهرتها،و صفعتُها باللامبالاة،لكن القلب هُزم على يديك و انتصر الحبّ فيه،
إنه القدر .. جمع بين قلبينا،و ألّف الرحمن بيننا، التقت روحي و روحك و لفّهما وشاح المحبة..
أنت الدفء و الحنان،أنت الأمان و يد الفرح إذ تربت على كتفي و تعانق روحي.
أحبك .. تخجل الكلمات أمامكَ،و يخذلني الحرف في حضرتكَ،أصمتُ و الصمت في محراب الحب دهشة
و عبادة.. صوتك آه من صوتك..ترنيمة الأمل و تغريدة الفرح ..أحبك ..صرت أخشى على حرفي أن يندثر لأن القلب سقط في غيابة الدهشة ..و الحرف يخذلهُ..

أحبّك .كلّما هممتُ بالنطق بها،تعثّرتِ الحروف في حنجرتي،و سقطتْ رهينة لجلجةٍ؛ لا يريحني منها إلاّ الفرار من خجلي إلى حضن دفتري،فأكتبُ و أتوقف،أتردد فالكلمات تخجل عند ذكرك؛ سواء في حضورك أو غيابكَ، يخذلني الحرف فأصمتُ و الصّمت في محراب الحبّ دهشة، و الحرف بعد انصياعه للفؤاد صار خاذله.حتّى أنّي صرتُ أخشى على أبجديتي أن تندثر، لأنّ القلب رهين الدهشة،و الدهشة بوابة العشق،
و عشقي يا رفيقي يُحني رؤوس الحروف و يقصم ضلوع الأبجدية، لأنّها عاجزة عن وصف الذي لا يوصف.

لنبتعد كي لا نحترق ..إن في قربنا احتراق..و في التقاء النار بالنار سعير سرعان ما تنخمد..و في بعدنا يزداد لهيب الشوق اضطراما،إذ تؤججه اللهفة و توقده الذكريات..فلنبتعد كي نبقى على حب..هكذا أقول لكن أفضل أن نقترب ففي الاحتراق اتحاد ..و إني أريد أن أتحد معك لنتحدّى العالم من أجل هذا الحب.

خارطة المدن ماعادت تعنيني،مذ عرفتك و عيناك خارطتي،و وجهتي،و الوصول إليهما أقصى غاياتي..

إلى الذي ألمّ له زهر الحرف و أنسجه طاقات كلام،ليس يخبره عن اشتياقي إلا نبض قلبي، و ليس يشي بالذي داخلي إلا همس روحي،الصمت حديث و ما اللغة إلا استعارة القلب لريشة يرسم بها مشاعره خطوطا متعددة الأشكال،هي صوت الصمت في الروح يردد صداه اللسان،
أقول ما قالته الروح : إني ها هنا الآن،اشتقت و الشوق رافقني حين الغياب،و أضحى مني و لي كأنفاسي،فإني أتيتك بنبرة وجد متقطعة و شغف بحّ من فرط الصيحات في حنجرة الحنين، لم يهزم الصمت الكلام..بل جاوز صداه داخلي و خارجي ..هل سمعتني الآن؟