هديل الرّوح ( هَمَسات النّسرين)

أحتاجك ..و أحتاجك جدّا..و رغم فاقة الرّوح فإني وهبتك روحي و ما أوتيت من فرح ..
ضنين هو الحلم..و سخيّ هو الشّوق يجود رغم البعد و رغم النّصب..محتاجة لصدرك كي أستريح ،
و إني لو كنتُ معك لأجلستك فوق قلبي لترتاح أنتَ ..إني بك أشفى من دائي،إني معكَ أولد من جديد.

كأننّي أحببتكَ،هكذا أقولُ لنبضي و أهمس في أذنه أن اصْدقني القَول،كيْ أكفّ عن السّؤال الصّعبِ،هل ما بي حبّ أم هواجسُ قلب؟ و تصْرخُ الرّوح فيّ: أيْ وربّي نعم؛هُو ذا الحبّ سيّد الايّاب و اللّعنة المطاردة للغيَاب،هو الحرْف الأوّل من القَصيدة،هُو بيتُ الختامُ،هوَ الكلامُ الجليّ و المعنى الخفيّ، هو النّبض بعد الفراغ،و الموتُ بدهشَةِ الحضور فَالحياة برَعشة اللّقاء، هُو الموجود المعلّق مُنذ الأزل،في انتظار الولادة المؤجّلة بقرار القَدر.

أجمل الأشياء أنتَ ..بل أنت الحياة لهذا القلب النّابض بالحبّ،لم يكن يخطر في بالي أن أحبّ،لأنّ الحبّ في واقعنا قرين الخيبة،فكنتُ أحصن قلبي صباح مساء و أحكم وثاق عصابتي،كي لا أرى في داخلي سواي..
كان قدرا أن ألتقيك لأدرك أنّ بامكان القلب أن يحبّ رغم الخوف من الحبّ،بل و يتيّم أيضا ، و يراودني السؤال اليوميّ لم أحببتُك لأجدني ضائعة في متاهة الاحتمالات،و أتوه عن الجواب ..هناك فقط أدركت أنّ حبّك يقين في دمي،يقين لا يخضع لمنطق و لا لسبب،هو كالإيمان نهتدي إليه أحيانا دونما سبب.
و تقول تستحقّين منّي كلّ الحب،و أقول لكَ تستحقّ الأفضل و قد يكون الأفضل غيري،حتما يربكك كلامي، لأنّك تخاف الفقد ..و لأني أحبّك أتمنّى لك الأفضل و إن كان الفراق راحتك،فإنّي أؤثر سعادتك قبل هنائي..لأنّ الحبّ الحقيقي هو ايثار المحبوب على النّفس.

هي الحياة بكلّ ما فيها غريبة،صاخبة فيها العجب العجاب،و كلّ لحظة هي اكتشاف جديد لنا يزيدنا خبرات و معارف،و تذيقنا خيبة و ألف حسرة،و لا يعيد النّدم ساعة مضت،و لا يغيّر القدر استعجال و لا حرص، و كلّ احتمالاتنا تصطدم بعلم الله الذي يفوق عقلنا القاصر،كلّ يوم أدرك أكثر أنّ الخوف من الآتي لعنة ..
لا شيء يفقد نكهة الحياة كالخوف،أن تخاف من المجهول و أنت لا تعلم هل تعيش إلى غد..أيقنتُ أنّ اللحظة لذّتها أن نعيشها حاليّا في حدود ما شرّعه الله،و لا نفكّر في غد ،فغد في علم الغيب ..

و إن سئلتُ عنه أقول:هو المستأثر بالنّبض و الحرف،السّاكن بين ضلوعي،المتغلغل في عروقي،هو الذّي إن نطقت اسمه ارتبكت السّماء،و اختفت الشمس خلف الغيم خجلا،و إن همست أني أحبّه انحنى ظهر الوقت،كي يعجّل باللقاء..

و يسألني كم أحبّه؟
و عجزت عن الجواب،.إن قلت بحجم السماء كذبتُ،فحبي أكبر،و إن قلتُ بعدد الأبجديات فحبّي متجدّد يفوقها عددا، أحبّك بعدد حبّات الرمل،و عدد النّجوم،أحبّك أقولها أردّدها فلا تسألني كم أحبّك،أخشى أن أموت و لم أوفيك حقّك...

قال الشّعر أنا و الحبّ توأمانُ، حقيقتنا الكاملة في قلب الشّاعر أو المتيّم الولهان،و قالت الأسطورة هو الحبّ قريني،إذ نصنع بالقلب ما لا يقبلهُ منطق، فنخضع الروح للخيال باسم المعجزات،و قالت الخرافة هو الحبّ مثلي،كذبة الوهم للحقيقة،محض تخيّلات ،بطلها الواقع و أطوراها السّراب، جوهرها افتراء. لا يصدّقها إلا المغفّل، كالعرّاف يكذب فيصدّقه الجاهل الجبان .

سلام على صدر بين حناياه وطن يسع الأرض و الأهل و الحبيب.و لا يضيقُ ،و قد صارت الأوطان لساكنيها منفى .

سلام على حلم يصلب كلّ فجر..أو يموت جلدا بسياط الشمس..حتّى صار الصّبح لعنة،بعد أن كنّا نلعن الظلام صرنا نحكم اغلاق الستائر كي لا يباغتنا النور فيفجعنا في أحلامنا التي نعانقها خلسة.

يا ذاكرة الدفء هاتي جذوة منكِ؛أوقد منها قبسا للعشّاق حين يُحتجب القمر، امنحيني السّلام إني أفقتد الهدوء و الوجد الصاخب يركض في دمي،و إني أحمل على كتفي شغفي،بيان و عطر الياسمين،الحبّ العميق
و أنا الموعودة باللقاء، يحملني الشوق إلى مدن النور فالحبّ شمس مشرقة .