أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 15

الموضوع: نظرية السيادة للشعب

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : أرض الاسلام
    العمر : 61
    المشاركات : 368
    المواضيع : 53
    الردود : 368
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي نظرية السيادة للشعب

    نظام الحكم في الاسلام يقوم على قواعد اربع هي :
    السيادة للشرع لا للشعب .
    السلطان للامة .
    نصب رئيس دولة واحدة فرض على المسلمين .
    لرئيس الدولة وحده حق تبني الاحكام الشرعية .

    كل من له ادنى اطلاع على الاسلام من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد ان هناك العديد من الاحكام الشرعية التي عالجت شؤون الحكم والسياسة، وشؤون الاجتماع والاقتصاد وشؤون المعاملات والعقوبات . كما عالجت العبادات والاخلاق والمطعومات والملبوسات . وقد وردت في العديد من الايات الكريمة وفي الاحاديث الشريفة صريحة وواضحة، مثل قوله تعالى"وان احكم بينهم بما انزل الله"وقوله تعالى"ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون"وكقوله تعالى"واما تخافن من قوم خيانة فانبذ اليهم على سواء"وقوله تعالى"وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر الا على قوم بينكم وبينهم ميثاق"وكما يقول"اسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم"وكما يقول"واحل الله البيع وحرم الربا"وقوله"الا ان تكون تجارة عن تراض"وكقوله"ياايها الذين امنوا اذا تداينتم بدين الى اجل مسمى فاكتبوه وليكتب كاتب بالعدل"كما يقول"والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"ويقول"الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"وكذلك تجده يقول"اقم الصلاة لدلوك الشمس"ويقول"فمن شهد منكم الشهر فليصمه"ويقول"وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما"هذا على سبيل المثال لا الحصر، وجاء في الاحاديث الشريفة ما بين وفصل ما جاء في الكتاب وغير ذلك مما جعل الاسلام بحق"تبيانا لكل شيء"وكما جاء فيه"ما فرطنا في الكتاب من شيء"ومن هنا نجد ان الاسلام نظام للحياة كامل متكامل . ونظام الحكم فيه فريد لا يشبه غيره، ولا غيره يشبهه، لانه نظام يقوم على اساس روحي، وهو احكام شرعية مستنبطة من ادلتها التفصيلية، وقد جعل الدولة فيه هي الطريقة لتنفيذ احكامه، وحفظ اهدافه العليا لصيانة المجتمع . فهو حين يخاطب كل فرد بعينه، فعلى الفرد ان يقوم بما خوطب به، قيام المؤمن بدينه، المتقي لربه، ولكنه حين يخاطب المسلمين بوصفهم جماعة، ويطلب منهم القيام بعمل بوصفهم جماعة لا بوصفهم افرادا، كقوله تعالى"السارق والسارقة فاقطعوا ايديهما"فان هذا الخطاب موجه للمسلمين بوصفهم جماعة، وعليهم جميعا يقع اثم تعطيل هذا الحكم، وكذلك الخطاب الموجه للرسول بصفته رئيس دولة، او قائدا للجيش، او راعيا للامة فهو خطاب للمسلمين بوصفهم جماعة، وكذلك بقية الاحكام المتعلقة بالحكم والسياسة والاقتصاد والاجتماع ورعاية الشؤون والعقوبات وغيرها فان اثم تعطيلها يقع على عامة المسلمين الذين لا يعلمون جديا الى تطبيقها . لذلك كان لا بد من ان ينيب المسلمون عنهم من يقوم بهذه الفروض وينفذ هذه الاحكام، فيسوس الامة، ويرعى الرعية، ويحمي بيضة الاسلام، ويقيم الحدود، ‎ويحمي الثغور، ويحمل رسالة الاسلام الى العالم، ويتعامل مع الشعوب والامم الاخرى تبعا لهذه الاحكام والقواعد التي جاء بها الاسلام . وعلى هذا فقد شرع الاسلام لدولته ونظام حكمه قواعد يقوم عليها، واركانا واجهزة تنفذ ما جاء به من احكام، ومن ملاحظة هذه القواعد نجد ان نظام الحكم في الاسلام يختلــــــف بل يتناقض مع كافة النظم في العالم في الشكل والمضمون . ونود ان نبين ذلك في القاعدة الاولى من قواعد الحكم، مع ان تناقضه واختلافه مع غيره واضح وجلي في كل قاعدة فيه .
    والقاعدة الاولى هي : السيادة للشرع لا للشعب .
    هم يقولون ان السيادة للشعب وبالرغم من انها اصطلاح غربي ولكن لها مدلول معين وهو ممارسة الارادة . فالفرد الذي يملك ارادته ويمارسها دون جبر او اكراه يسمى حرا، والفرد الذي يملك ارادته ولكنه لا يمارسها بل يمارسها غيره فهو العبد . وكذلك الشعوب، فالشعب الذي يملك ارادته ويمارسها، فهو شعب حر . واما الشعب الذي يملك ارادته ولكنه لا يمارسها بل يمارسها غيره رغما عنه فهو شعب مستعبد . وممارسة الارادة تعني تسيير العلاقات بين الناس مع بعضهم او بينهم وبين غيرهم . ولذلك فانهم حينما يقولون ان السيادة للشعب انما يعني ذلك ان الشعب هو الذي يمارس ارادته مختارا، فهو يختار ممثلين عنه، يعهد اليهم بوضع الدستور والقوانين وهم من يسمون عادة بالهيئة التأسيسية، او مجلس النواب، باختيار لجنة منه تقوم بوضع الدستور او تعديله ثم يقرها مجلس النواب فتصبح تشريعا ملزما للجميع، ‎وكذلك يقوم المجلس او الشعب مباشرة باختيار هيئة تنفيذية منها رئيس للدولة يستأجرونهم لتنفيذ ما وضعوا من تشريعات وقوانين، هذا واقع السيادة للشعب، اي ان الشعب هو واضع الدستور والقوانين، وهو المستأجر للحكام اي للهيئة التنفيذية . اي مجلس الوزراء، يعينهم ويعزلهم متى شاء . ولا يختلف هذا سواء اكان الحكم ملكيا مطلقا ام ملكيا دستوريا، وسواء اكان الحكم جمهوريا برلمانيا ام جمهوريا رئاسيا الا اختلافات شكلية باختلاف عقليات واضعي الدستور والقوانين فالشعب في جميع هذه الحالات هو صاحب السيادة .
    ان انظمة الحكم في العالم كله لا تكاد تخرج عن هذه القاعدة، سواء وضع التشريعات مجلس النواب المنتخب او الجمعية التأسيسية، او الحزب الحاكم المؤيد من الشعب، اللهم الا الديكتاتوريات فالوضع فيها يختلف من حيث شمول الممارسة، فان كانت فئة منه ما هي المتسلطة، كالاحزاب الشيوعية، وديكتاتورية البروليتاريا ومن هم على شاكلتها كانت السيادة لهذه الفئة، او هذا الحزب، ‎من حيث انه هو الممارس لارادة الشعب، اما ان كان الدكتاتور شخصا واحدا فانه يصبح هو السيد الممارس لارادة الشعب، يسيرها حسب رغبته وهواه، لا حسب رغبة الشعب . ومع ذلك فالجميع يلتقون على امر واحد وهو ان الذي يضع القوانين ويسن الشرائع هو الانسان . سواء اكان فردا ام مجموعة افراد، فمصدر التشريع عندهم، والممارس للارادة هو الانسان، فردا كان ام حزبا ام الشعب بمجموعه .
    وعلى هذا فان نظام الحكم في الاسلام على النقيض من كافة انظمة الحكم في العالم . ملكية كانت ام جمهورية . ديمقراطية كانت ام شيوعية، رأسمالية ام اشتراكية، فهو على نقيضها جميعها لان القاعدة الاولى فيه تقول ان السيادة للشرع وليست للشعب . وهذا يعني ان الشعب يملك الارادة ولكن لا يمارسها بل الذي يمارسها هو الشرع، ويعني ذلك ان الشعب مقيد بالشرع . اي مستعبد لله تعالى منزل الشرع . وحين عرفنا ممارسة الارادة انها وضع التنظيمات والقوانين لتسيير علاقات الناس وتنظيم سلوكهم، ‎فان الذي نظم علاقات الناس في الاسلام وحدد سلوكهم هو الشرع ولهذا فهو صاحب السيادة وليس الشعب . وحين يجعل العقيدة الاسلامية هي اساس الدولة بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها، او جهازها، او محاسبتها، او كل ما يتعلق بها، الا بجعل العقيدة الاسلامية اساسا له، وهي في نفس الوقت اساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما الا اذا كان منبثقا عن العقيدة الاسلامية، فالمسلم ملزم بتسيير اعماله جميعها حسب اوامر الله ونواهيه، والدولة ملزمة بتطبيق احكام الشرع في كافة اعمالها، واجهزة الحكم ينتظمها الشرع وتسير في تصريف اعمالها بحسب الشرع . وما من مسلم الا ويؤمن بان الله محاسبه على كل عمل قام به في دنياه حاكما كان ام محكوما . فالله تعالى يقول"لله ما في السموات وما في الارض وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله"ويقول"ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ."
    اضف الى ذلك ان هذه الفكرة - فكرة السيادة للشعب - بالرغم من انها فكرة كفر ومتناقضة كل المناقضة للاسلام، وتجعل مع الله الهة اخرى، وبالرغم من فسادها وظهور عوارها، وبالرغم من جعلها المجتمع حقل تجارب . وحيوانات مختبر، يجري الحقوقيون والمشرعون تجاربهم عليه، بالرغم من كل ذلك، فقد استطاع الكفار ان يزينوها لابناء المسلمين وحملوها لهؤلاء النفر الذين تثقفوا بثقافتهم، وحملوا افكارهم، وما زالوا يعملون على ايجاد رأي عام لها . ليضيفوها الى مجموعة العقد - مجموعة افكارهم ومفاهيمهم - التي تسربت الى نفوس بعض ابناء المسلمين، ليصبح ضغثا على ابالة، ورجسا على مزبلة .
    وخلاصة القول ان الاسلام، ‎عقيدة وتشريعا، يقوم على ما يلي :
    1 - ان نظام الحكم في الاسلام ينبثق عن العقيدة الاسلامية، ويحرم اخذ العقيدة بالظن . لان الظن لا يغني من الحق شيئا . وهي مبنية على العقل، وموافقة لفطرة الانسان .
    2 - وان التشريع فيه مصدره الوحي، والوحي فقط، وان ما جاء به الوحي هو الكتاب والسنة، وما ارشدا اليه وليس هناك اي مصدر تشريعي اخر . وان مهمة العقل هي فهم ما جاء به الشرع ليس الا، فالانسان ليس بمشرع .‎وانما هو مكلف بالالتزام بالشرع .
    3 - وان مصدر العزة والانفة عند المسلم ايمانه بانه عبد لله . وشعوره بعبوديته لله تعالى هي مصدر فخره ورفضه العبودية والانصياع لغيره كائنا ما كان . شعاره وميزان سلوكه"لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"وهذا ما يبين اختلاف نظام الحكم في الاسلام عن غيره من النظم .

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 180
    المواضيع : 9
    الردود : 180
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    للاسف أن النظام الذي تعترض عليه يا أخي محمد حافظ أصبح حقيقة واقعة (حكم الشعب باختيار ممثليه ومجلسه التشريعي ) وليس حكم ديكتاتور أو حزب ..اصبح حقيقة واقعة وهو المستقبل سواء وافقت او رفضت ولا يتعارض مع الاسلام كما تحاول أن تقول لأن الشعب المسلم لن يختار ما يتعارض مع جوهر الاسلام .. هذا النظام ببساطة اسمه الديمقراطية وهو للأسف اصبح حتمية تاريخية لأنه نظام أثبت نجاحه في كل مجتمع طبق فيه .. سواء كان هذا المجتمع مسلم أم مسيحي أم بوذي .. غربي أو شرقي .. للأسف فوكويوما محقا .. أنها نهاية التاريخ بالنسبة لنظم الحكم ..
    انت تضيع كثيرا من الجهد والافضل هو أن توفر جهدك لمحاولة التوفيق بين هذا النظام ومباديء الاسلام العظيمة .. هذا هو التحدي الحقيقي الذي يجب أن يركز عليه المفكرون الاسلاميون .. أما محاولة القضاء علي هذا النظام فمحاولات ستضيع هباءا .. لأن العالم كله بجميع أديانه وطوائفه وأعراقه أدرك أن الديمقراطية هي أقل نظم الحكم شرا لأنها تملك آليات أصلاح أخطائها ولا تدعي العصمة التي هي لله فقط .. لأن الحقيقة أن الذي يحكم في النهاية هم البشر في أي نظام
    أنسان بفكرك كان سيفيد أمته أكثر كثيرا لو حاول التوفيق بين الديمقراطية والاسلام وليس محاولة نقض الديمقراطية .. أنه مجهود ضائع عبثا

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    أولا :
    إن قولك أصبح حقيقة واقعيه فهذا يدل ان الواقع عندك مصدر للتفكير لار محل للتفكير .
    يعني يا أفندم إذا صار هو النظام المطبق هذا يدل على انه صيح ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟.
    يعني صحة النظام عندك آتيه عندك من ان النظام الديمقراطي هو السائد الآن .
    و ليست آتيه من جهة صحة النظام لمعالجة مشاكل الحياة و صحة المصدر المعرفي الذي إنبثق عنه .
    ثانيا : مين حكالك أن النظام الديمقراطي لا يتعارض مع الإسلام فهنا ثلاث إحتملات إما أنك تجهل الإسلام و تجهل نظام الحكم في الإسلام و كيف تنبثق المعالجات من العقيدة الإسلامية .
    أو تجهل معنى الديمقراطية .
    أو أنك تعرف الحقيقة و تعرف مناقضة الإسلام للديمقراطية و لكنك تريد أن تبث سمومك الفكرية على المسلمين حتى تصد عن دين الله عز وجل .

    ثالثا :
    مين حكالك ان النظام الديمقراطي اثبت نجاحة ماهو مقياس النجاح هل تعتبر الحكم بغير ما أنزل الله نجاح ؟
    كل العالم يعيش في أزمات حكم و تحت نار الرأسماليين و جشعهم و تسلطهم في رقاب الناس .

    رابعا : يا سلام عليك تستشهد بفكوياما و أفكاره و لا تستشهد بما قاله سيدنا محمد ( ص ) الذي يقول إن الله زوي لي الأرض فرأيت ملك المسلمين إمتد من مشرقها ال مغربها .
    ألا يناقض قول سيدك فوكياما كلام سيدنا محمد الذي يقول أن أن الخلافة الراشدة ستكون هي اخر ما عليه المسلمين كلام فوكوياما يعني ان الإسلام سيمحى و تسود الحضارة الغربية و هذا يناقض مفاهيم الإسلام بأن الإسلام سيبقى و سعم الأرض .
    فمن تصدق يا عمرو الإسلام أم فوكوياما .

    خامسا : لا تريد القضاء على النظام الديمقراطي أنا أعرف لماذا حتى يبقى أسيادك الغرب يتحكمون بنا و يقضون على ما تبقى من حضارتنا و ثقافتنا الإسلامية يا رجل إتقي الله الغرب سهر مدة 4 قرون حتى يتمكن مكن جعل الديمقراطية مطبقة في بلاد المسلمين هل يريد الغرب الخير لنا ؟؟

    خلاصة الكلام الديمقراطية فكر كفر لا بد من نقضة و بيان عيوبه و هو يناقض مفاهيم الحكم الحكم في الإسلام .
    و ساتيك في القريب ببحث كامل ينقض الديمقراطية من جذورها .
    و أنا ‘لم أنك لن تقتنع لأنك علماااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا اااا ني .
    تنكر أن الإسلام جاء بتفصيلات كاملة لشؤن الحياة .
    صح و لا انا مخطيء .

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الدرس الأول :
    1- الديمقراطية نظام حكم وضعه البشر، وقد وضعوه من أجل معالجة مشكلة الحكم عندهم حين وضعه، فقد كان الشعب يعاني من ظلم الحكام، وإنهم كانوا يزعمون أن الحاكم هو وكيل الله في الأرض، فهو يحكم البشر بسلطان الله، فالله هو الذي جعل للحاكم سلطة على الناس، فهو يستمد سلطته من الله تعالى.
    فجاء فلاسفة ومفكرون وبحثوا موضوع الحكم، ووضعوا نظاماً لحكم الناس. هذا النظام هو النظام الديمقراطي، فالنظام الديمقراطي إنما جاء لتخليص الناس من ظلم الحكام، وهو يعني أن يستمد الحاكم سلطته من الناس لا من الله، وأن الناس هم الذين يضعون الحاكم لحكمهم بسلطانهم هم.
    2- مع أن النظام الديمقراطي هو من الأفكار التي وضعها الغرب للغزو الثقافي للبلاد الإسلامية، فإن الغربيين في مؤتمر برلين الذي عقد في أواخر القرن الثامن عشر من أجل اقتسام الدولة العثمانية (الرجل المريض) لم يتفقوا على اقتسامها ولكنهم اتفقوا على إجبارها على الأخذ بالنظام الديمقراطي. وحينئذ أدخلت الخلافة نظام الصدر الأعظم والوزراء هو من النظام الديمقراطي.
    وحين ألغيت الخلافة في أوائل القرن العشرين أخذ الغرب يعمل في البلاد الإسلامية لغزو أفكار المسلمين بالنظام الديمقراطي فأُلفت كتب باسم الإسلام دين الديمقراطية تعطى على أنها من الإسلام. وحين حول الغرب نظام استعماره إلى استعمار جديد وأقام دولاً وحكاماً جعل النظام الديمقراطي أساساً لها، فقامت دول عديدة على أساس النظام الديمقراطي، وبعد الحرب العالمية الثانية صارت أوروبا وعلى رأسها انجلترا وفرنسا تشجع النظام الديمقراطي في البلاد الإسلامية، وانتقل ذلك إلى أمريكا. ومع أن أمريكا أقامت ديكتاتوريات عسكرية، فإن هذه الديكتاتوريات كانت تتبنى الديمقراطية وتزعم أنها ديمقراطية.

    1- الديمقراطية نظام حكم وضعه البشر، وقد وضعوه من أجل معالجة مشكلة الحكم عندهم حين وضعه، فقد كان الشعب يعاني من ظلم الحكام، وإنهم كانوا يزعمون أن الحاكم هو وكيل الله في الأرض، فهو يحكم البشر بسلطان الله، فالله هو الذي جعل للحاكم سلطة على الناس، فهو يستمد سلطته من الله تعالى.
    فجاء فلاسفة ومفكرون وبحثوا موضوع الحكم، ووضعوا نظاماً لحكم الناس. هذا النظام هو النظام الديمقراطي، فالنظام الديمقراطي إنما جاء لتخليص الناس من ظلم الحكام، وهو يعني أن يستمد الحاكم سلطته من الناس لا من الله، وأن الناس هم الذين يضعون الحاكم لحكمهم بسلطانهم هم.
    2- مع أن النظام الديمقراطي هو من الأفكار التي وضعها الغرب للغزو الثقافي للبلاد الإسلامية، فإن الغربيين في مؤتمر برلين الذي عقد في أواخر القرن الثامن عشر من أجل اقتسام الدولة العثمانية (الرجل المريض) لم يتفقوا على اقتسامها ولكنهم اتفقوا على إجبارها على الأخذ بالنظام الديمقراطي. وحينئذ أدخلت الخلافة نظام الصدر الأعظم والوزراء هو من النظام الديمقراطي.
    وحين ألغيت الخلافة في أوائل القرن العشرين أخذ الغرب يعمل في البلاد الإسلامية لغزو أفكار المسلمين بالنظام الديمقراطي فأُلفت كتب باسم الإسلام دين الديمقراطية تعطى على أنها من الإسلام. وحين حول الغرب نظام استعماره إلى استعمار جديد وأقام دولاً وحكاماً جعل النظام الديمقراطي أساساً لها، فقامت دول عديدة على أساس النظام الديمقراطي، وبعد الحرب العالمية الثانية صارت أوروبا وعلى رأسها انجلترا وفرنسا تشجع النظام الديمقراطي في البلاد الإسلامية، وانتقل ذلك إلى أمريكا. ومع أن أمريكا أقامت ديكتاتوريات عسكرية، فإن هذه الديكتاتوريات كانت تتبنى الديمقراطية وتزعم أنها ديمقراطية.

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الدرس الثاني :

    التمييز بين بعض المفاهيم

    العقيدة الإسلامية فكرة سياسية فهي من الفكر السياسي بل هي أساس الفكر السياسي لدى المسلمين لأنها هي القيادة الفكرية وهي التي تعيّن وجهة النظر في الحياة وعنها تنبثق أنظمة الحياة، فهي مبدأ أو نظام أي دين ومنه الدولة، فأحكام الشرع جاءت مقيدة للإنسان، فالمسلم مقيد بعقيدته فلا يصح أن يعتقد ما يشاء، وهو مقيد بأحكام الشرع فلا يصح أن يحتكم إلى غيره، قال تعالى: (ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً).
    وأمّا ما نعيش عليه اليوم فهي أنظمة الحياة المنبثقة عن العقيدة الرأسمالية والتي هي فكرة سياسية بل هي أساس الفكر السياسي لدى الغربيين واستطاع الغرب من خلال الشورى أن يُدخلوا علينا مفهوم الديمقراطية، ومن خلال الحرية أن يُدخلوا علينا مفهوم الحريات العامة، وأوجدوا للسياسة مفهوماً واقعياً، فاختلط على المسلمين الأمر فلم يفرقوا بين الديمقراطية والشورى ولا بين الحرية والحريات العامة، ولا بين السياسة بمعنى الواقعية والسياسة بمعنى عدم الاستحالة، ولم يدركوا فسادها حتى اكتووا بنارها.
    والفرق بين الديمقراطية والشورى هو أن الديمقراطية نظام حكم يقوم على الانتخابات الحرة لاختيار أعضاء ممثلين للأمة تنبثق عنهم لجان منها لجنة وضع الدستور والقوانين التي يسيرون عليها في حياتهم، فينشأ عن ذلك أن السيادة للشعب. وأمّا الشورى فهي مفهوم إسلامي لا دخل لها في التشريع وسن القوانين لأن السيادة في الإسلام للشرع لا للشعب. والشورى تنحصر في أربعة آراء هي جِماع الرأي في الدنيا ولا يؤخذ برأي الأكثرية إلاّ في واحد منها وهو الرأي الذي يراد منه القيام بعمل، أمّا الرأي الذي يراد منه الفكر في موضوع فيؤخذ فيه بالصواب، وأمّا الرأي في التعريف فيؤخذ ما يطابق الواقع، وأمّا الرأي في أمر تشريعي فيؤخذ فيه بالحكم الشرعي.
    أمّا الفرق بين الحرية والحريات العامة فهو أن الحرية في الإسلام تعني عدم العبودية، فالدعوة إلى الحرية هي التحرر من الرق، وبما أنه لا رق اليوم فلا دعوة ولا دعاية للحرية. وأمّا الحريات العامة فهي أساس الرأسمالية وأساس النظام الديمقراطي وهي مخالِفة للإسلام في إطلاقها للحريات الأربع: حرية العقيدة وحرية الرأي وحرية التملك والحرية الشخصية. أمّا الفرق بين السياسة بمعنى الواقعية والسياسة بمعنى عدم الاستحالة، فهو أن الغرب قالوا بأن السياسة هي فن الممكن بمعنى الواقعية فما ليس بواقع ولا واقعية فهو خيال وأوهام وقلدهم في ذلك السياسيون من المسلمين، فهم لا يبحثون في تغيير الواقع ولا يعالجون الفساد إلاّ بما يستمدونه من الواقع، فالسياسة عندهم هي رعاية الشؤون حسب الواقع فلا يُعمل لتغيير الواقع، وأمّا مناداتهم بالحريات وتحرير الشعوب فإنما هو للتخلص من الاستعمار العسكري والانتقال إلى الحكم الديمقراطي ولو بقي الاستعمار الاقتصادي والثقافي والسياسي. وأمّا السياسة بمعنى فن الممكنات مقابل المستحيل فيشمل الواقع ويشمل ما يمكن أن يكون واقعاً، ولهذا يُبحث في الواقع ويُعمل لتغييره، فالرسول صلى الله عليه وسلم أوجد الإسلام الذي لم يكن واقعاً مكان الشرك، وأوجد المجتمع الإسلامي مكان المجتمع الجاهلي فغيّر الواقع الفاسد وأوجد واقعاً صحيحاً. والغرب حينما أوجد مفهوم الواقعية أراد إبعاد المسلمين عن السياسة ليظل سياسيوه متربعين على عرش السياسة.
    ولذلك فالمناورة بالحريات وتحرير الشعوب إنما هو خداع للجماهير وتضليل لهم وصرف لهم عن التحرر وإبعاد عن التحرير لأن ذلك لا يغير الواقع الفاسد الذي يعيشون فيه ولا يخلصهم من الحضيض المنخفض الذي يتردّون فيه، وإنما يخلصهم من كل ذلك المناورة بالإسلام وبالدعوة الإسلامية مغايرة للعقيدة الرأسمالية والناس في كل أقطارهم مكتوون بعفونة الرأسمالية.

  6. #6
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الدرس الثالث :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    لا حريات في الإسلام

    حين بدأ الغرب في الغزو الثقافي بدأ بالديمقراطية وفرضها على الدولة العثمانية، على دولة الخلافة، فجعلت نظامها يتفق مع الديمقراطية واحتفظت بالخلافة، ومن يومئذ بدأت الديمقراطية تشق طريقها لأنظمة الحكم، ولعقول الناس. ولكن الديمقراطية تحتاج إلى الحريات بل الحريات العامة أساسها. وإذا كان قد غزا العالم الإسلامي بالديمقراطية عن طريق الشورى فإنه غزا العالم الإسلامي بالحريات عن طريق الحرية، لذلك غزا الشعوب بالحريات فانتشرت وقُبلت على اعتبار أنها من الحرية. والآن ونحن على ابواب إقامة نظام الخلافة، فلا بد أن ننزع من نفوس الناس فكرة الحريات العامة، كما تنزع الديمقراطية، وإذا كانت الديمقراطية لا تزال غامضة في أذهان الكثيرين ولا يزال المثقفون فقط هم الذين يتبنونها، فإن الحريات العامة صارت عامة عند الجميع، لذلك لا بد من العناية بقلع فكرتها، ولكن لا بتجاهلها بل بضربها وبيان زيفها. وها نحن نقدم الخطوط العريضة عن الحريات وبيان ضربها.
    أولاً: الحريات العامة هي الحريات الأربع، هي: حرية الاعتقاد، وحرية الرأي، وحرية التملك، والحرية الشخصية. هذه الحريات العامة جاءت أحكام الإسلام ضدها، فالمسلم ليس حراً في عقيدته، فإنه إذا ارتدّ يستتاب فإن لم يرجع يُقتل، وهو ليس حراً في رأيه، فما يراه الإسلام يجب أن يراه، ولا رأي له غير رأي الإسلام. وهو ليس حراً في الملك، فلا يصح أن يملك إلاّ ضمن أسباب التملك الشرعية، فليس حراً أن يملك ما يشاء بما يشاء، بل هو مقيد بأسباب التملك، فلا يصح له أن يملك بسواها مطلقاً. والحرية الشخصية لا وجود لها مطلقاً، فالمرء ليس حراً شخصياً بل هو مقيد بما يراه الشرع، فإذا لم يقم بأداء الصلاة يعاقَب لأنه لا حرية شخصية في الإسلام. فما يسمى بالحريات العامة جاء الإسلام بأحكام ضدها. فالغرب يعرف أن الإسلام أتى بالحرية فجاء عن طريقها وأدخل الحريات، فالحريات هي من النظام الديمقراطي والنظام الرأسمالي بل هي أصل النظام الديمقراطي فيجب أن تحارَب ببيان أنها من النظام الديمقراطي، وفرق بينها وبين الحرية في الإسلام.
    ثانياً: الفرق بين الحرية والحريات، أن الحرية هي ضد العبودية، أمّا الحريات فإنها من تصدير الغرب للعالم الإسلامي حين بدأ غزوه ثقافياً. وهي من النظام الديمقراطي، والنظام الديمقراطي نظام كفر، فالحريات نظام كفر. والبحث هو في الحريات العامة وليس في الحرية، ولا بحث في الحرية مطلقاً.
    ثالثاً: لا حرية في الإسلام لأي كان سواء كان عبداً أو حراً بل هو عبد لله تعالى، وله الشرف الكبير أن يكون عبداً لله. فالله أثنى على رسوله أعظم ثناء بالعبودية له فقال: (سبحان الذي أسرى بعبده) فأضاف العبودية له، وكلمة (لا إله إلاّ الله) تعني لا معبود إلاّ الله، فلا حرية لأحد مطلقاً بل الكل عبيد لله. إلاّ أنه لما كان نظام الرق موجوداً حين جاء الإسلام، جاء نظام الإعتاق من الرق، فجاء نظام الحرية لعتق العبيد الذين كانوا. أمّا اليوم فلا عبيد في العالم، لذلك لا نظام للحرية أي لا حرية مطلقاً لفرد ما. فإذا وجد العبيد يطبق نظام الحرية لا نظام الحريات. فالحرية حين يوجد عبيد، توجد لإعتاقهم، وحين لا يوجد عبيد لا توجد، أمّا الحريات فلا وجود لها مطلقاً.
    رابعاً: أصل الحريات هو أن الغرب حين حارب النظام الديني الذي عنده كان يحرم عليه أن يعتقد غير ما يقوله رؤساء الدين، يحرم عليه أن يرى أي رأي، ويحرم عليه أن يملك إلاّ حسب ما يراه رؤساء الدين، ويحرم عليه تصرفاته الشخصية، فجاء الغرب ليتحلل من هذا النظام، فقال بالحريات الأربع، ثم نتج عن ذلك النظام الديمقراطي، والنظام الرأسمالي. أمّا الإسلام فليس نظاماً دينياً فحسب بل هو مبدأ ودين في آن واحد. أمّا كونه مبدأ فإن العقيدة الإسلامية وهي (لا إله إلاّ الله محمد رسول الله) هي القيادة الفكرية، وهي أساس الحياة، وهي التي تعيّن وجهة النظر في الحياة، وعنها تنبثق أنظمة الحياة، وعليها تبنى أفكار الحياة. وأمّا كونه نظاماً فإنه جاء بأحكام شرعية قد انبثقت من المبدأ، لذلك فهو مبدأ ونظام، دين ومنه الدولة. فأحكام الشرع جاءت مقيِّدة للإنسان أي إنسان سواء أكان مسلماً أو غير مسلم. فالمسلم مقيد بعقيدته فلا يصح له أن يعتقد ما يشاء، والإنسان الذي يعيش تحت ظل الإسلام مقيد بأحكام الشرع كلها، فيجب السير حسب أحكام الشرع. فالإنسان ليس حراً بل هو مقيد بأحكام الشرع.
    خامساً: إن استعباد الشعوب لا يعرفه الإسلام، لذلك لم تكن الحرية للشعب بمعنى تحريره من الاستعباد معروفة، ولكنه اليوم وقد قام الغرب باستعباد الشعوب فوجدت كلمة حرية وهي تعني عتق الشعوب، ونحن بدل أن نقول حرية ونعني تحرير الشعوب، نقول الإسلام، وهو من طبيعته لا يقبل الاستعباد لأنه يعلو ولا يُعلى عليه، ولا توجد لديه فكرة استعباد الشعوب، لذلك فإن الحرية لا وجود لها حتى بهذا المعنى. لذلك فإن جماع الأمر كله هو الدعوة إلى الإسلام، فلا حرية ولا حريات، وإنما هي الإسلام والدعوة إلى الإسلام.
    سادساً: إن المخاطبَ بالشرع هو الأفراد، والحريات نظام يخاطَب به الأفراد، وهو نظام كفر، والغرب وإن خاطب الشعوب فإنما يعمل بالأفراد، وللأفراد، وما استعماره للشعوب إلاّ وسيلة لتضليل الأفراد، فقال بالحريات للتضليل. فالحرية والحريات إنما يراد منها تحرير الشعوب، ونظام الحريات. فإذا قال بالحرية وهو يستعمِر الشعوب فإنه يكون مخادعاً ومضلالاً وكذاباً، ومراده أن يطبق الحريات، وأن يسمم العقول بالحريات. لذلك لا بد أن تحارَب الحرية والحريات، وأن يُحصر الأمر بالإسلام وبالدعوة إلى الإسلام.
    سابعاً: جاء الإسلام فوجد رقاً فقال بحرية الأرقاء، ونحن إذا وجد رقيق قلنا بحرية الرقيق، أمّا اليوم فلا رقيق في الوجود، لذلك لا نقول بالحرية ولا بالحريات. فما اتخذه الغرب وسيلة لإدخال الحريات قد انقضى عهده، فلا حرية لأحد، ولا حريات لأحد ولا للناس، بل الكل عبيد لله، مقيدون بالشرع، فلسنا في حاجة لأن نقول بالحرية وبالطبع ولا بالحريات، لأن الحرية غير موجودة، فما دام الناس عبيداً لله فهم ليسوا أحراراً، بل هم عبيد لله، والحريات غير موجودة، لأن الإنسان مقيد بالشرع، فلا حريات له ولا واحدة فلا حرية اعتقاد، ولا حرية رأي، ولا حرية شخصية، ولا حرية ملك. لأنه في كل ذلك مقيد بالشرع. فالشرع خطاب الإنسان وخاطب المسلم، والمسلم مقيد بالشرع، والإنسان مقيد بالشرع، لذلك لا حريات لأحد مطلقاً.
    ثامناً: الواقع أن القول بالحريات يعني التحلل من كل نظام، التحلل من كل قيد، وهذا يعني الفوضى، لذلك فإن القول بالحريات يعني الفوضى، والتحلل من كل نظام، فيجب القضاء على الفوضى، وتقييد الناس بالنظام، وهو الشرع. لذلك فإن الواقع يقضي بمحاربة الحريات والمحافظة على النظام، فإنه لا حياة بغير نظام، ولا عيش بدون قيد، فالحريات تعني الفوضى، والشرع أو النظام يعني الحياة المستقرة. والإنسان إذا أعطيت له الحريات عاش في الفوضى وعاش حياة غير مستقرة، لذلك لا يجوز أن تبقى فكرة الحريات بل يجب أن تحارَب ويقضى عليها، لذلك لا يصح أن يقول أحد بالحريات ولا أن يبقى لها وجود، فالنظام هو المطلوب وهو الذي يجب أن يسود.
    تاسعاً: إن جميع الأنظمة هي من صنع البشر، والإسلام هو النظام الذي جاء من عند الله فيجب أن يسود الإسلام، وإذا ساد الإسلام، فلا حرية ولا حريات، بل الكل عبيد لله، وهم مقيّدون بشرع الله، فبقاء الحريات يعني ترك الإسلام، أو إهماله، أو عدم العمل به، وهذا لا يجوز لا شرعاً ولا عقلاً. لذلك يجب أن تحارَب الحريات لأنها تعني الفوضى وتعني ترك العمل بالإسلام

  7. #7
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الدرس الرابع :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نقض النظام الديمقراطي

    إن نظريتي: السيادة للأمة، والأمة مصدر السلطات، هما نظريتان غربيتان من نظريات النظام الديمقراطي، وقد وُجدتا في أوروبا بعد الصراع الدامي الذي اجتاح أوروبا في القرون الوسطى واستمر عدة قرون. وذلك أن أوروبا كان يحكمها ملوك وكانت تتحكم في أوروبا نظرية الحق الإلهي، وهي أن للملك حقاً إلهياً على الشعب، فالملك بيده التشريع والسلطان والقضاء فهو الدولة، والشعب هو رعية للملك فلا حق له لا في التشريع ولا في السلطة ولا في القضاء ولا في أي شيء فهو بمقام العبد، فالناس عبيد لا رأي لهم ولا إرادة لهم وإنما عليهم التنفيذ وعليهم الطاعة. وقد استبد هؤلاء الملوك بالشعوب أيما استبداد، فضج الناس في كل مكان وقامت الثورات بين الشعوب، ولكن الملوك كانوا يخمدونها إما بإيجاد ثورات مضادة تقضي عليها كما حصل في انجلترا حين أوجد ملوك انجلترا ثورة كرمول التي قضت على الثورة الانجليزية وتبنت مطالب إصلاحية وأنقذت انجلترا من الثورة، وإما بتحالف الملوك مع بعضهم لمحاربة الشعوب الثائرة ونصرة بعضهم كما حصل في الحلف المقدس، وإما بغير ذلك. إلاّ أن هذه القوة التي كانت تقضي على الثورات كانت تقضي عليها قضاء مؤقتاً، لأن الثورات لم تكن من العامة والدهماء وإنما كانت من الشعب كله ولا سيما العلماء والمفكرين، وصارت الثورات ثورات فكرية ينتج عنها ثورات دموية، وبهذه الأثناء برزت نظريات متعددة للقضاء على نظرية الحق الإلهي، فكان من أهم هذه النظريات نظريتا السيادة للأمة، والأمة مصدر السلطات.
    وذلك أنه لما كان الملك بحكم الحق الإلهي الذي له يملك وحده التشريع، وبحكم الحق الإلهي الذي له يملك وحده السلطة بقسميها الحكم والقضاء، وكان الظلم والاستبداد الذي يلحق الأمّة إنما يتمكن منه الملك بما له من حق التشريع وحق السلطة، لذلك لا بد من إلغاء الحق الإلهي إلغاء تاماً وجعل التشريع والسلطة للأمة، فصار البحث في أن الشعب سيد وليس عبداً وأنه هو الذي يختار الحاكم الذي يريد فنشأت نظريتا السيادة للأمة، والأمة مصدر السلطات، ووجد النظام الجمهوري تحقيقاً لنظرية الأمّة مصدر السلطات. أمّا نظرية السيادة فقد قالوا إن الفرد يملك الإرادة ويملك التنفيذ، فإذا سلبت إرادته وصار تسييرها بيد غيره كان عبداً، وإذا سير إرادته بنفسه كان سيداً. والشعب يجب أن يسيّر إرادته بنفسه لأنه ليس عبداً للملك بل هو حر، فالشعب هو السيد، وما دام الشعب هو السيد وهو سيد نفسه ولا سيادة لأحد عليه فهو الذي يملك التشريع، وهو الذي يملك التنفيذ، فالعبودية تعني أن يسيّر بإرادة غيره، أي أن غيره هو الذي يسيّر إرادته، فإذا لم يسيّر إرادته بنفسه يظل عبداً، فلتحرير الشعب من العبودية لا بد أن يكون له وحده حق تسيير إرادته فيكون له حق أن يشرع الذي يريد وأن يلغي ويبطل الشرع الذي يريد إبطاله. وقد شبت نيران الثورات للتحرير أي لإبطال الحق الإلهي وتحرير الشعوب من عبودية الملوك وهذه الثورات نجحت وأزيل الملوك ووضعت نظرية السيادة موضع التطبيق وصار الشعب هو الذي يشرع ثم وجدت المجالس النيابية لتنوب عن الأمّة بمباشرة السيادة، ولذلك تسمعهم يقولون مجلس النواب سيد نفسه، أي ليس عبداً لأنه يمثل الشعب والسيادة للشعب. فنظرية السيادة للأمة معناها أن الأمّة تملك تسيير إرادتها وتملك تنفيذ هذه الإرادة. تماماً كما يملك الحر نفسه أو بتعبير آخر كما يملك السيد نفسه، فالسيادة تعني تسيير الإرادة.
    ولما كانت السيادة للشعب ويملك تسيير الإرادة، ويملك التنفيذ، وكان التشريع بيد الشعب كان لا بد أن يكون التنفيذ كذلك بيد الشعب، فالإرادة هي ما يريد المرء أن ينفذه، فيقابلها التشريع، فيكون تسيير الشعب لإرادته يعني أن يشرع الشرع الذي يريد، لأن معنى ما يريده هو التشريع بعينه أي الشرع الذي يحكمه ويسير بموجب. وعلى ذلك فإن جعل التشريع بيد الشعب وحده لا يكفي، لأنه وإن جعله سيداً بتسيير إرادته ولكن بحكم أن له تنفيذ ما يريد كان لا بد أن تكون السلطة بيده، لأنها هي التي تنفذ، إلاّ أن الشعب إذا استطاع أن يباشر السيادة بإيجاد وكلاء عنه لمباشرة التشريع فإنه لا يستطيع أن يباشر السلطة بنفسه لتعذر انتخاب وكلاء عنه لمباشرة السلطة، لأن ذلك يؤدي إلى حكم الغوغاء، لذلك كان لا بد أن ينيب عنه من يباشر السلطة بنفسه، فوكل أمر التنفيذ لغير الشعب، على أن يقوم الشعب بإنابته عنه، فيكون بمثابة عبد للشعب، يملك التنفيذ بإرادة الشعب، كما يملك العبد التنفيذ بإرادة سيده، فوجدت من ذلك نظرية الأمّة مصدر السلطات، أي الأمّة هي التي تنيب الحاكم عنها ليحكم باسمها، سواء كان منفذاً أو قاضياً، فكلاهما حاكم عندهم وكل منهما سلطة. ومعنى كونها مصدر السلطات، أي أنها هي التي تنيب عنها من يتولى السلطة فيها أي من يتولى التنفيذ.
    والفرق بين السيادة والسلطة، هو أن السيادة تشمل الإرادة والتنفيذ أي تشمل تسيير الإرادة وتشمل القيام بالتنفيذ بخلاف السلطة فإنها خاصة بالتنفيذ ولا تشمل الإرادة. ولما كانت الأمّة تستطيع مباشرة تسيير الإرادة، أي تستطيع التشريع فإنها تباشره بنفسها بواسطة نواب عنها، ولذلك كان التشريع للأمة، ومن هنا لا يقال إن الأمة مصدر التشريع بل يقال إن التشريع للأمة لأنها هي التي تباشره بنفسها. أمّا السلطة فإن الأمّة لا تستطيع مباشرتها بنفسها لتعذر ذلك عملياً، لذلك كان لا بد أن تنيب عنها من يتولاها أي أن تعطي التنفيذ لغيرها ليباشره نيابة عنها حسب إرادتها، ومن هنا لم تكن السلطة للأمة كما هي الحال في التشريع بل السلطة يباشرها غير الأمّة بتفويض منها وإنابة عنها، فكانت هي المصدر للسلطة، أي هي التي تعطي السلطة لمن تنيبه عنها، تماماً كما ينيب السيد عبده لينفذ ما يريد منه تنفيذه حسب إرادته، وكذلك الحاكم بما فيه القاضي فإنه نائب عن الأمّة ومفوض عنها بمباشرة السلطة، وذلك حسب إرادتها، أي حسب ما تشرعه هي من قوانين وأنظمة.
    فالأمة تملك السيادة، ولكنها لا تباشرها جميعاً، بل تباشر الإرادة أي تباشر التشريع، لأنها تستطيع ذلك بواسطة نوابها، ولا تباشر التنفيذ أي لا تباشر السلطات لأنها لا تستطيع ذلك لتعذر قيامها به، فتنيب عنها من تراه لمباشرتها حسب إرادتها، فتكون هي مصدر السلطات، أي المصدر للسلطات وليس المباشر لها والقائم بها. وهذا الواقع للأمة في الغرب من حيث كونها سيدة نفسها يخالف واقع الأمّة الإسلامية، فالأمة الإسلامية مأمورة بتسيير جميع أعمالها بأحكام الشرع، فالمسلم عبد الله، فهو لا يسيّر إرادته، ولا ينفذ ما يريد، وإنما تسيّر إرادته بأوامر الله ونواهيه، ولكنه هو المنفذ، ولذلك فالسيادة ليست للأمة وإنما هي للشرع، أمّا التنفيذ فهو الذي للأمة، ولذلك كان السلطان للأمة، ولما كانت الأمّة لا تستطيع مباشرة السلطان بنفسها، لذلك فإنه لا بد لها أن تنيب عنها من يباشره، وجاء الشرع وعيّن كيفية مباشرتها له بالبيعة ونظام الخلافة. فكان السلطان للأمة تختار برضاها من يباشرها عنها، ولكن حسب أحكام الشرع، أي ليس بحسب إرادتها بل حسب شرع الله، ومن هناك كانت السيادة للشرع وكان السلطان للأمة.

  8. #8
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الدرس الخامس درس مركز في نظام الحكم في الإسلام :

    بسم الله الرحمن الرحيم

    نظام الحكم في الإسلام

    إن نظام الحكم في الإسلام نظام فريد لا يشبهه أي نظام ولا يشبه أي نظام. أمّا من حيث شكل الجهاز فإن جهاز القمة فيه يحوي ثلاث جهات: الخليفة، والمعاونون -أي وزراء التفويض- ووزير التنفيذ، أي ما يسمى بالسكرتير العام. هذه الجهات الثلاث هي جهاز القمة، غير أن الحكم هو من صلاحية واحد منها، وهو الخليفة، صلاحية ذاتية، فكونه خليفة يعني أن الحكم والسلطان له، فهو يأخذ الحكم ذاتياً بحكم المنصب بمجرد البيعة، ولا يملك أحد عزله مطلقاً. وأمّا وزراء التفويض والمعاونون فإن أخذهم الحكم ليس نابعاً من منصبهم كالخليفة، وإنما يأخذونه بإعطاء الخليفة إياه لهم ويُسلَبونه بسبب الخليفة إياه منهم. وإذا أعطاهم الخليفة إياه فإنما يأخذونه كلاً غير مجزأ وعاماً غير مخصص فتكون لهم نفس الصلاحيات التي للخليفة سوى أنهم لا يقومون بأي عمل إلاّ بإطلاع الخليفة عليه، فعملهم إطلاع الخليفة على ما يعملون من شؤون الحكم. وعلى أي حال فهم حكام.
    وأمّا وزير التنفيذ -أي الأمين العام للدولة- فإنه لا يملك صلاحيات الحكم مطلقاً، ولا رأي له في أي شأن من شؤونه، وإنما هو يؤدي عن الخليفة للناس وباقي الأجهزة ما يريده الخليفة، ويؤدي للخليفة ما يريده من الناس أو من الأجهزة مما يرفعونه له، فهو بمثابة ما يسمى بالسنترال، أي يؤدي عن الخليفة ويؤدي له، فهو ليس بحاكم وإنما قائم بإيصال إجراءات الحكم إلى حيث التنفيذ.
    هذا هو شكل الحكم، خليفة ومعاونون والأمين العام للدولة. وهو شكل فريد لا يشبهه أي شكل من أشكال الحكم ولا يشبه أي شكل من أشكال الحكم. وهذا ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون. فقد كان رسول الله رئيساً للدولة وكان أبو بكر وعمر وزيري تفويض، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (وزيراي في الأرض أبو بكر وعمر) وكان علي بن أبي طالب وشرحبيل بن حسنة بمثابة وزيري تنفيذ، فكان علي كاتب العهود إذا عاهد والصلح إذا صالح، وكان شرحبيل بن حسنة كاتب التوقيعات إلى الملوك. وكذلك كان أبو بكر خليفة وعمر بمثابة معاون له حتى كان الناس يضجّون من عمر فيسألون أبا بكر: أأنت الخليفة أم عمر؟ فيقول: أنا وهو.
    فيكون شكل الحكم ثابتاً بعمل الرسول وعمل الصحابة من بعده. أمّا باقي الأجهزة فإن مصالح الدولة كلها –أو ما يسمى بدوائر الحكم اليوم- دائرة واحدة هي إدارة مصالح الدولة، وجميع الدوائر فروع عنها، فليست المصالح دوائر متفرقة منفصل بعضها عن بعض، وإنما كلها دائرة واحدة. واختلاف المصالح يجعل لكل مصلحة فرعاً لا إدارة مستقلة، فإن الأصل هو قضاء مصالح الناس. فالإدارة لقضاء مصالح الناس ويعيّن كتّاب لإدارة هذه المصالح، فكان معيقيب بن أبي فاطمة كاتباً على الغنائم، وحذيفة بن اليمان خرص ثمار الحجاز، وكان الزبير بن العوام يكتب أموال الصدقات، وكان المغيرة بن شعبة يكتب المداينات والمعاملات.. وهكذا كان يعين لكل مصلحة من المصالح كاتب أي مدير مهما تعددت المصالح، وكان هؤلاء الكتّاب بمثابة موظفين وليسوا حكاماً، فمصالح الدولة ليست من الحكم، فهي ليست وزارات كما هي الحال في النظام الديمقراطي لكل مصلحة وزير أي حاكم، وإنما هي دوائر إدارية يعين لها أجراء وجميعها دائرة واحدة هي دائرة مصالح الدولة، فالكاتب كان بمثابة مدير فرع من فروع المصالح لا مدير دائرة فهو أجير وليس بحاكم وهو فرع لغيره وليس أصلاً مستقلاً.
    وكان الحكم في الولايات مركزياً ولكن الإدارة لا مركزية، بمعنى أن الوالي يعيّنه الخليفة ويحدد له المكان الذي يتولى السلطة فيه، والأمور التي له أن يتولى السلطة فيها. وأمّا إدارته لولايته ومباشرته الحكم فيها فإنها ترجع له وهو يباشرها من غير رجوع للخليفة، فما يسمى اليوم بوزير الداخلية في مصر والأردن مثلاً لا يباشر حكم الأقاليم وإنما يباشرها المحافظ والمتصرف، فهو يراقب ويدير شؤون الموظفين والمتصرفين، فمثل هذا النوع من الحكم يعتبر إدارة لا مركزية ولكن الحكم مركزي. أمّا ما يسمى بوزير الداخلية في مثل سوريا مثلاً فإنه هو الذي يباشر حكم الأقاليم بنفسه ويصرّف شؤون الناس بذاته، والمحافظ إنما يقوم ببعض الأعمال المحلية التي ليست من تصريف الأمور أي ليست من الحكم، فهو أشبه برئيس بلدية وليس بحاكم، فمثل هذا النوع من الحكم يعتبر الحكم مركزياً وكذلك الإدارة مركزية.
    فنظام الحكم في الإسلام ليس فيه وزير داخلية يباشر الحكم أو يراقب المحافظين والمتصرفين، وإنما الخليفة نفسه يعيّن الولاة ويجعل للوالي حق تعيين العمال -أي حكام مناطق- والوالي لا يرجع لأخذ رأي في الحكم إلاّ للخليفة، فكل والٍ هو بمثابة وزير داخلية، فهو وإن كان الحكم فيه مركزياً والادارة لا مركزية، ولكن الأقاليم مربوط حكامها بالخليفة رأساً أي برئيس الدولة، ولذلك لا يوجد دائرة للولاة وحكام الأقاليم كوزارة الداخلية مثلاً، وإن كان الولاة كلهم يعتبرون جهازاً من أجهزة الدولة، ومن هنا لا يشبهه أي نظام ولا يشبه أي نظام.
    أمّا الأمن فإنه في نظام الحكم في الإسلام وحدة واحدة، لأن الدولة الإسلامية دولة جهاد دائم، فأمير الجهاد هو الذي يتولى شؤون الأمن كلها وهو الذي يتولى السياسة الخارجية.
    فالأمن الداخلي فرع من فروع عمل أمير الجهاد، إذ قد يحصل أن يخرج بغاة على الدولة فيحتاج الأمر إلى جيش وقد يحتاج الأمر إلى تأديب العصاة وقطع دابر الجرائم فيحتاج الأمر إلى الشرطة. وقد تهدد حدود البلاد فيحتاج الأمر إلى كل القوى المسلحة. وفي جميع هذه الأحوال يتولى الأمر فيها أمير الجهاد، وكلها عمل واحد هو الأمن، ويدخل في الأمن شؤون السياسة الخارجية لأنها من أمور الأمن الخارجي. ولذلك كان أمير الجهاد جهازاً خاصاً وصلاحياته النظر في الأمن الداخلي وتولي أمور الجيش والأسلحة والعتاد.. الخ، ويتولى السياسة الخارجية فهو جهاز كجهاز مصالح الدولة.
    وأمّا القضاء فإنه في الإسلام ثلاثة أنواع: أحدها فصل الخصومات بين الناس، والثاني إزالة ما يقع على الجماعة من تعديات وأضرار، والثالث إزالة ما يقع من الدولة من ظلم على الرعية والفصل بين الرعية والدولة لما يقع من خصومات بشأن أعمال الدولة نفسها لا بغير أعمالها. فهذه الأنواع الثلاثة يعيّن لها موظف خاص هو قاضي القضاة ويكون هذا هو جهاز القضاء (وهو أنواع ثلاثة: أ- قضاء المحاكم، ب- قضاء الحسبة، ج- قضاء المظالم).
    أمّا ما يسمى مجلس الأمّة أو مجلس الشورى أو مجلس النواب فلم يكن في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الصحابة من بعد أي مجلس دائم في أجهزة الدولة. غير أنه صلى الله عليه وسلم كان كثير المشاورة لأصحابه، وما انفك عن استشارة أهل الرأي والبصيرة ومن شهد لهم بالعقل والفضل، وأبانوا عن قوة إيمان وكفاية في بث الدعوة الإسلامية، وكانوا أربعة عشر رجلاً منهم حمزة بن عبدالمطلب وأبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود وسلمان وعمار وحذيفة وأبو ذر والمقداد وبلال، وكان يستشير غير هؤلاء، إلاّ أن هؤلاء كانوا أكثر من يرجع إليهم في الرأي، إلاّ أنهم لم يكونوا يشكلون مجلساً دائمياً، بل كان يدعوهم متى أراد. وظل الحال كذلك أيام الخلفاء الراشدين من بعده. وأمّا محاسبة الحكام فإنه لم يكن هناك جماعة مخصوصة للمحاسبة وإنما كان على كل مسلم أن يحاسب الحاكم، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند سلطان جائر) فجَعَل المحاسبة أفضل الجهاد. ويقول: (سيد الشهداء حمزة، ورجل قام إلى أمام جائر فنصحه فقتله) فجَعَل الذي يُقتل في المحاسبة سيد الشهداء، مما يدل على أن المحاسبة فرض على المسلمين، ولكن لم يوجد لها مجلس خاص من الناس يقوم بها. وهذا كله يدل على أن مجلس الأمّة، ومجلس الشورى لم يكن من أجهزة نظام الحكم في الإسلام، وإنما كانت أعماله من إعطاء الرأي والمحاسبة من حق المسلمين. فالشورى مندوبة والمحاسبة فرض. غير أنه إذا كان محاسبة الحكام لا تتم إلاّ بمجلس دائم يكون وكيلاً عن الأمّة بالمحاسبة، فإنه يصبح إيجاد هذا المجلس فرضاً على المسلمين عملاً بقاعدة ما لا يتم الواجب إلاّ به فهو واجب. وإن أراد المسلمون أن يقيموا عنهم وكلاء في الشورى فلا يوجد ما يمنع لأن الوكالة بالرأي من المباحات، ولذلك فإنه إذا أحدث جهاز خاص بالمحاسبة والشورى، فأقيم مجلس للأمة يكون وكيلاً عنها في المحاسبة والشورى فإن ذلك جائز، ويعتبر مما جاء به الشرع لوجود أدلة الشورى والمحاسبة والوكالة عليه. وحينئذ يعتبر من أجهزة الدولة مجلس الأمّة ولكنه ليس جهاز حكم وإنما هو جهاز للشورى والمحاسبة.
    هذا هو وحده نظام الحكم في الإسلام، فهو وحده الواجب على المسلمين وما عداه أنظمة كفر يحرم عليهم تطبيقها إن لم يعتقدوا بها، ويكفرون بتطبيقها إن اعتقدوا بها. ولذلك فإنه بعد أن عرف المسلمون نظام الحكم في الإسلام صار واجباً عليهم أن يقوموا بتطبيقه وأن يحاربوا ما عداه، ولا فرق بين نظام رئيس الدولة والنظام البرلماني ولا بين نظام مجلس الرئاسة والنظام الرئاسي، فكلها أنظمة كفر يجب محاربتها وإقامة نظام الإسلام بدلاً منها.

  9. #9
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الدرس الأخير :
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إلى متى يظل أهل الضلال يصدون عن سبيل الله

    أيها المسلمون
    قال الله تعالى: (فأذَّن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله من آمن به ويبغونها عوجاً) وقال: (ولا تقعدوا بكل صراط توعِدون وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً) وقال: (ألا لعنة الله على الظالمين الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عِوَجا) وقال: (الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله أولئك في ضلال بعيد). ولقد كان الكفار هم الذين يصدون عن سبيل الله، حتى إذا هزمونا بالغزو الفكري والسياسي والعسكري واحتلوا عقولنا وبلادنا أقاموا مقامهم مسلمين يصدون عن سبيل الله.
    فأقاموا في بلاد الإسلام أحزاباً وجمعيات تصد عن سبيل الله، وأقاموا حكاماً يحكمون بغير ما أنزل الله ويصدون عن سبيل الله، وأقاموا أفراداً من المغفلين والمأجورين يصدون عن سبيل الله، وبذلك تم لهم النصر الساحق وسحقونا في الميادين الحربية والفكرية فأزالوا كياننا الإسلامي وأزالوا آثار عقيدتنا في تصرفاتنا، وجعلوا أبناءنا حرباً على كياننا وعلى ديننا حتى صارت الأمّة الإسلامية بكل تأكيد مهددة بالفناء والاندثار. أمّا كيف تصُد هذه الأحزاب والجمعيات عن سبيل الله، فإن ذلك حاصل في دعواتها لأفكار الكفر لصرف الناس عن الإسلام. فهي تدعوا إلى القومية إلى جعل العروبة رابطة أو جعل التركية رابطة أو جعل الفارسية رابطة، وهذا يعني الدعوة إلى القبلية ولكن بشكل موسع وهي دعوة إلى العصبية وهي دعوة كفر، وقد جاء الإسلام يحرمها على المسلمين، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ليس منا من دعا إلى عصبية) ويقول عنها: (دعوها فإنها منتنة) والله تعالى يقول: (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ويقول: (إنما المؤمنون إخوة). وهي تدعو إلى الوطنية والله تعالى يقول: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) والحكم الشرعي أن الدفاع فرض على المسلمين عن كل بلد من بلاد الإسلام لا عن وطنه فحسب. وهي تدعو إلى الديمقراطية ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (ومن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، والديمقراطية ليست من الإسلام فضلاً عن أن الديمقراطية منبثقة من الحل الوسط وهي عقيدة كفر. وهي تدعو إلى الأخلاق باعتبارها صفات جميلة لا باعتبارها أحكاماً شرعية، والإسلام يعتبر الأخلاق من الأحكام الشرعية لا صفات جميلة، لذلك نهى عن الرحمة في عقوبة العاصي وقتال الكافر الحربي، وأباح الكذب في الحرب. فالدعوة إلى الأخلاق لا تجوز شرعاً إلاّ إذا كانت دعوة إلى حكم شرعي وهذا ليس دعوة إلى أخلاق بل دعوة لأحكام الله.
    وهكذا يمضون جميعاً في دعوات كفر لصد الناس عن اتباع الإسلام ويمضي معهم الحكام جميعاً كما يمضي بذلك المأجورون والمغفلون من الأفراد من أجل الصد عن سبيل الله أي من أجل صرف الناس عن الإسلام، ثم تمادى هؤلاء جميعاً في الضلال والطغيان فصاروا ينادون بترك الدعوة إلى الإسلام وإبعاد الناس عن حملة دعوته وتحريم العمل السياسي لاستئناف الحياة الإسلامية وتنفير الناس عن الأحزاب التي تعمل لاستئنافها ويقولون إنها دعوات رجعية وأنها أفكار استعمارية وأن حملتها عملاء للاستعمار، فمن لهؤلاء الضالين المضلين أن يصدهم عن الصد عن سبيل الله وقد بلغ أذاهم في الأمّة حد التهديد باندثارها وتجاوز حد السكوت عنهم حد السكوت عن المعصية إلى حد الرضا بالكفر، ووصل بهم تمكّن الكفار من بلادنا حداً فظيعاً حتى صار المسلمون يتقبلون تقبلاً كلياً الرأي الذي لا يستبعد الكفار، ولو كان لمحو الإسلام والمسلمين ويتقبلون الرأي الذي ينفرونهم منه ولو كان استئناف الحياة الإسلامية والمناداة بحمل الدعوة الإسلامية، لذلك صار كفاح هؤلاء الذين يصدون عن سبيل الله فرضاً لا يقبل التراخي وواجباً فورياً يأثم من يؤخره ولو ساعة وصار الدخول معهم في صراع فكري كالدخول مع الحكام الظلمة في كفاح سياسي في منتهى الضرورة التي يتوقف عليه بقاء الأمّة الإسلامية كأمّة والحيلولة بينها وبين الفناء والاندثار.
    يا أيها المسلمون
    إن المعضلة التي نواجهها نحن المسلمون هي أن عدونا الكافر المستعمر يحتل بلادنا سياسياً وفكرياً وفي حكم المحتل لها عسكرياً رغم ما ترونه من بهارج التحرر الزائف ومظاهر السيادة الكاذبة. وحل هذه المعضلة هو إخراج هذا العدو من بلادنا ورده عنها والحيلولة بينه وبين أن يكون له في ديارنا موضع اصبع، والطريقة إلى ذلك هي كفاح الحكام كفاحاً سياسياً لا هوادة فيه لأنهم عملاؤه فوق كونهم يحكمون بغير ما أنزل الله، وأن يقترن هذا الكفاح السياسي بالصراع الفكري لأفكار الكفر من قومية ووطنية واشتراكية ولحملة هذه الأفكار من الضالين المضلين، وطريق ذلك هو حمل الدعوة الإسلامية والعمل على استئناف الحياة الإسلامية، لذلك فإنا ندعو الأمّة لحمل الدعوة الإسلامية في الطريق السياسي لتصد من يصد عن سبيل الله ولتقيم سلطان القرآن وترفع راية الإسلام.

  10. #10
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 31
    المواضيع : 3
    الردود : 31
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    تابع الدرس الأخير بسم الله الرحمن الرحيم

    أيها المسلمون
    منذ الحرب العالمية الثانية ونحن نخضع إلى عملية تضليل هائلة تريد أن تقضي على البقية الباقية من أفكار الإسلام. وأن تجعل سيطرة الدول الكافرة أبدية على بلادنا وعلينا لنتحول عن وجهة نظرنا الإسلامية تحولاً جذرياً ولنربط مصيرنا إلى الأبد بالدول الكافرة المستعمرة ربط عبد بسيد ومسلم ذليل بكافر يتحكم فيه ويتجبر ما شاء له التحكم والتجبر.
    وإنه وإن كانت هذه العملية التضليلية قد بدأت منذ أوائل القرن التاسع عشر بالغزو الثقافي وبأفكار القومية والوطنية والتعاصر وما شابه ذلك ولكنها أخذت طريقها السياسي إلينا من الحرب العالمية الأولى حين حطمت الدول الكافرة آخر الدولة الإسلامية، وحين محت انجلترا عن طريق مصطفى كمال وعصمت اينونو نظام الخلافة من الوجود ومزقت المسلمين شذر مذر وبسطت سلطانها هي وفرنسا على جميع بلاد الإسلام. واليوم تكاد تبلغ هذه الحملة التضليلية ذروتها إذ وصلت إلى حد تهديد الأمّة الإسلامية بالفناء وتحاول إعادة تقسيم خريطة بلاد الإسلام تقسيماً يركزها دولاً متعادية بحيث يستحيل إعادتها إلى أمّة واحدة ودولة واحدة مهما بُذل في سبيل ذلك من جهود.
    فبعد انتصار الدول الكافرة في الحرب العالمية الأولى استولت على سائر بلاد الإسلام وقسمت الأمّة الإسلامية إلى قوميات عربية وتركية وكردية وفارسية ووضعت اسم إيران لبلاد فارس لتلحقها بالإيرانيين إيغالاً في إبعادها عن كل ما يمت إلى جماعة المسلمين، ثم قسمت البلاد التي تنطق باللغة العربية إلى وطنيات وأوطان مصر والعراق واليمن والسودان وغير ذلك من الدويلات على أساس الوطن والوطنيات، ثم استحدثت لبعض البلاد أسماءً إمعاناً في التمزيق ليصبح أهل البلاد حراساً على هذا التمزيق بحرصهم على الأسماء وعلى ما يسمى بالوطن والوطنيات، فسمّت قسماً من بلاد الشام بسوريا وهم اسم روماني لم يعرفه المسلمون من قبل، وسَمّوا قسماً منها بفلسطين، وهو اسم لقطعة أرض صغيرة بين يافا وغزة كان يسكنها الفلسطينيون في التاريخ السحيق الموغل في الزمن الغابر، وسَمّوا ولاية بيروت باسم لبنان وهو اسم لجبل من جبال بلاد الشام معروف بكثرة الثلوج، وبذلك تمت عملية تضليل مجرمة أوجدت هذا الذي نراه يمزق وحدة الأمّة بيد أبناء الأمّة، وما نعرة فلسطيني ولبناني وسوري وعراقي بأقل خطراً من نعرة عربي وكردي وتركي وفارسي، فكان نجاح هذه العملية التضليلية منقطع النظير.
    هذا بعد الحرب العالمية الأولى، أمّا بعد الحرب العالمية الثانية فإن عملية التضليل كانت أشد خطراً وأكثر خبثاً استُعمل فيها أخبث أنواع الدهاء. فإنه في الحرب العالمية الثانية قد اضطرت الدول الغربية إلى التحالف مع روسيا لقهر ألمانيا، غير أن روسيا تحمل فكرة القضاء على الاستعمار وفكرة التناقضات أي إثارة الحروب الصغيرة والكبيرة وإثارة القلاقل والاضطرابات ضد المستعمرين، لذلك كان انتصار الحلفاء في الحرب يعني انتصار روسيا لأنها ستسخّر فكرة التناقضات ضد حلفائها المستعمِرين وهذا يعني وضعهم في دوامة المشاكل وإشغالهم في حروب وقلاقل تضطرهم إلى الرحيل عن مستعمراتهم وتقليص ظلهم عن أكثر ما يستولون عليه من البلاد الشاسعة الواسعة في جميع القارات ولا سيما افريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، وهذا أكبر هزيمة لهم بل هو قضاء عليهم لأن قوتهم إنما هي بالاستعمار، فإذا ذهب الاستعمار فقد هُدّت قواهم وصاروا دولاً ثانوية في هذا العالم. لذلك هبّت الدول الغربية هبّة واحدة تحاول مقاومة الأفكار التي طغت في العالم كله والتي تنادي برفع ظلم الدول الغربية ويطرد المستعمرين والقضاء على الاستعمار فكانت فكرة تغيير أسلوب الاستعمار بأن يتركوا الاستعمار المباشر بالجندي والحديد والنار ويجعلوا مكانها الاستعمار غير المباشر عن طريق الاستقلال المربوط بالمعاهدات تحت اسم الدفاع والأحلاف، وبالقروض والمساعدات تحت اسم عمليات الإنماء، وبالعملاء والأجراء تحت اسم الصداقة والصداقات، وبالأحزاب والتكتلات العميلة تحت اسم الديمقراطية والحريات، وهذا كان شأنهم في آسيا وفي افريقيا وفي أمريكا اللاتينية مع خلاف بينهم في التفاضل ومتنوع الأساليب. وقد فعلوا ذلك في جميع البلاد المستعمَرة إلاّ في بلاد الإسلام فإنهم لم يكتفوا فيها بهذه العملية التضليلية، إذ خافوا أن يتحرك الإسلام في النفوس وأن يبعث اليقظة في القلوب، لذلك وضعوا للمسلمين عملية تضليلية تفوق ما فعلوه في البلاد الأخرى، فقد ضللوهم عن التحرير وضللوهم عن النهضة وضللوهم قبل ذلك وبعد ذلك عن الإسلام وجعلوا في بلادهم ركائز غير مسلمة لتشغلهم بها ولتكون أداة للدول الاستعمارية الكافرة تستعملها في كل وقت لضرب المسلمين. أمّا التضليل عن التحرير فإنه يتجلى بوضوح في هذا التمزيق إلى دول وفي هذه الزمرة الخائنة المجرمة من الحكام والسياسيين والأحزاب العميلة المأجورة، وفي هذه القروض والمساعدات، وكيف يتحرر العراق وحكامه الهاشميون ونوري السعيد ربائب الانجليز وعبدالكريم قاسم العميل الأمريكي وعبدالسلام عارف التابع لعبدالناصر أخطر عميل أمريكي وعبدالرحمن البزاز الذي هو من أخبث وأخطر عملاء الانجليز؟ وكيف تتحرر مصر وحكامها عائلة محمد علي العميلة المخلصة للانجليز، وجمال عبدالناصر ضابط الاستخبارات الأمريكي؟ وكيف يتحرر الأردن وحكامه قد وضعهم الانجليز علناً حكاماً نائبين عنهم وربّوهم علناً في بلادهم ويسيرونهم علناً في الصغيرة والكبيرة دون خجل ومن غير مبالاة؟ لذلك يستحيل أن تُعتق البلاد من عبودية الدول الكافرة ما دامت عملية التضليل السياسية موجودة بجعل راعي الأمّة الذئب الذي يأكل الغنم.
    وأمّا التضليل عن النهضة فإنه قد أخفي عن أعين الناس، إذ ضُلل الناس بأن النهضة لا تكون إلاّ بالاقتصاد، فخُدع الناس بذلك وتحولوا عن الارتفاع الفكري وعن تركيز وجهة نظر صادقة في الحياة إلى ترهات الاقتصاد وصاروا يدورون في دوامة لا نهاية لها وضُللوا عن الطريق السوي.
    وأمّا التضليل عن أفكار الإسلام، فهنا الطامة الكبرى التي تحفر بين المسلمين خندقاً لا يمكن أن يعقد فوقه جسر، ويجعلهم فريقين تقوم بينهم الحروب تماماً كما يحصل في فيتنام اليوم، وتحولهم نهائياً عن الإسلام كوجهة نظر في الحياة، فها هي أمريكا قد أمرت عملاءها بالسير في الاشتراكية وجعلت الأجواء في بلاد الإسلام مملوءة بأفكار الاشتراكية، فكان عبدالناصر وأحمد بن بلا وحزب البعث وجميعهم عملاء أمريكان الجبهة التي تنادي بالاشتراكية، وسارت شوطاً فيها وأصبحت في مصر تشكل خطراً واقعاً لما تقوم به من تركيز فكري فوق التركيز السياسي والتطبيق العملي، وها هي انجلترا قد أمرت عملاءها بالسير تحت اسم الإسلام وحاولت أن توجِد أجواء لاسم الإسلام، فكان فيصل ملك السعودية وحسين ملك الأردن ورضا بهلوي شاه إيران وجميعهم عملاء لانجلترا التي تنادي بالإسلام ضد جبهة الاشتراكية، ولكنه إسلام بالاسم وأفكار كفر بالفعل. وبذلك وُجدت عملية تضليل سياسية من أفظع وأخبث العمليات، ولو قدر لها النجاح لا سمح الله، فإنه ولا شك ستكون البلاد الإسلامية جبهتين متعاديتين على أساس عقائدي تهيئان للشقاق الدائم بل للحرب المهلكة التي تؤرثها أمريكا وروسيا من جهة وانجلترا من الجهة الثانية فيَقتتل المسلمون اقتتالاً يجعلهم أعداء إلى الأبد ويبعدهم نهائياً عن الإسلام.
    هذه هي عمليات التضليل الهامة، أمّا الركائز الفظيعة فإنها هذا الكيان اليهودي الذي أوجِد في هذا الجزء من بلاد السلام وسمّوه إسرائيل ويحاولون بعد إفلاس هذا الاسم أن يسمّوه فلسطين ويخلطوه ببعض المسلمين والنصارى من العرب، وهو كذلك القسم الجنوبي من السودان من المشركين، وبعض مقاطعات في نيجيريا، فإنها كلها ركائز لانجلترا وللدول الكافرة عموماً لإشغال المسلمين بها ولاتخاذها أداة لضرب المسلمين. كل ذلك من أجل إفناء المسلمين، ومن أجل تخليد سيطرة الكفار على بلاد الإسلام، لذلك فإنه ما لم يتنبه المسلمون لهذه العمليات التضليلية، وما لم يقوموا فوراً بتحطيمها فإن فناء الأمّة الإسلامية يصبح وشيك التحقيق وأن تحرير البلاد الإسلامية سيصبح من أصعب الصعوبات.
    إن عملية التضليل سائرة في ثلاثة طرق: طريق فكري يتجلى في العقائد وأنظمة الحكم، وطريق سياسي يتجلى في العملاء والأحزاب العميلة، وطريق ثقافي يتجلى في هذه الثقافة التي تتلف النفوس وتضلل العقول وتمتص الحيوية من الجسم ليغدو تافهاً لا خير فيه. أمّا الطريق لإبطال هذه العملية وتحطيمها فإنها طريق واحد ليس غير هو إقامة الحكم على فكرة الإسلام بإيجاد الخلافة نظاماً للحكم في هذا البلد كنقطة ارتكاز تبادر فوراً للتوسع في البلاد المجاورة وسائر بلاد الإسلام إلى جانب إجبار الناس بالقوة على التقيد بالاسلام، فإن ذلك هو الذي ينقذ الأمّة من الفناء، ويطرد أعدائها من بلادها ويعيدها قوة عالمية كبرى تحمل رسالتها للعالم وتنشر الهدى بين الناس. وما لم تقم الأمّة بذلك فإن خطر الفناء سيطل ماثلاً حتى يهيئ الله من يسير في هذا الطريق.

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. يا قدس يا ساكنة في عروقي ..هدية شعراء الواحة للشعب الفلسطيني
    بواسطة نادية بوغرارة في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 54
    آخر مشاركة: 25-11-2012, 10:24 PM
  2. السيادة والتشريع للــه أم للبشـر ؟؟؟؟
    بواسطة محمد حافظ في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-02-2005, 07:37 AM
  3. نظريتا السيادة للامة، ‎والامة مصدر السلطات
    بواسطة محمد حافظ في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-01-2005, 10:13 AM
  4. الترويج للفرعونية إهانة للشعب المصري !!!!!
    بواسطة محمد شعبان الموجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 10-11-2004, 01:25 AM
  5. "ثمن السيادة ترك الوسادة "....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 15-12-2003, 08:29 PM