قصيدة غَزّة وغانية وكافور
من مجموعتي الشعرية ( أزاهير الرماد ) التي منعت في الكويت مؤخراً
-----------------------------------------------------------------------------------
مِنْ بَدْءِ تَكوينِي
وَمُذْ كُنْتُ الجَنينْ
في ليلِ أمّي لَمْ أزَلْ
يَا غزّ ذُبْتُ صَبابةً وهوًى
وَأرّقَنِي الحَنِينْ
وَهَواكِ عَلّمنِي الغَزَلْ
إنّي أحِبُكِ يَا التي
احتَضَنَتْ بِعينِيهَا جِرَاحَاتِي القَدِيمَةْ
وَمَحَتْ بِقُبْلتِهَا الشّرِيفَةِ عَنْ شِفَاهِي
مَا يُسَمّى بالهَزِيمَةْ .
إنّي أُحِبُّكِ يَا التي
عَينَاكِ وَارِفَةُ الجِرَاحِ
مِنَ المحِيطِ إلى الخلِيجِ وَيا التِي
عَينَاكِ آخِرُ مَا تَبَقّى
مِنْ شُتُولِ الكِبْرِيَاءِ وَيَا التي
عَينَاكِ مَثوَى العَاشِقِينْ
إنّي أُحِبّكِ مِنْ دِمَشْقَ إلَى جِنِينْ.
هَا أَنتِ غزّ تُقَاتِلِينْ
بِالعِطْرِ, بِاللَيمُونِ, بِالقَمَرِ الحَزِينْ
بِمَآذِنِ الأقصَى
بِأجْرَاسِ الكَنَائِسِ, بِالسّماء تقاتلينْ
بالنورِ منتفضاً
بِطَبْشُورِ التَلامِيذِ الصّغَارِ تُقَاتِلِينْ
وَتُلَمْلِمِينَ الجَرْحَ كَيفَ تُلَمْلِمِينْ !؟
رُغْمَ المَجَازِرِ تَكْبُرِينْ
رُغْمَ استعارالنارِ أَنْتِ العُنفُوَانْ
أنتِ الشجاعةُ غزّ في الزمنِ الجبانْ
المُسْلِمَاتُ بِلا رِسَالِةْ
وَاليَعْرُبِيّاتُ الحُثَالَةْ
يَزْنِينَ جَهْرَاً في ضَوَاحِي " تَلْ أَبيبْ "
يَشْرَبْنَ كَاسَاتِ الخِيَانةْ
حَتّى الثُمَالَةْ
لَا خَالِدٌ فِي الحِيّ مُنْتَفِضٌ
وَلا جُنْدُ الدّيانةْ.
&&&
يا أيها المذبوحُ في الأرضِ البعيدةْ
دَعْنِي
أُغَنِّي فَالغِنَا عِنْدِي عَقِيدَةْ
دَعْنِي
أُصَبّ النَارَ في جَامِ القَصِيدَةْ
وَوَقُودُهَا دَمُ غَزّةٍ
وَدَمُ السّمَاءْ
دَعْنِي
أُنَاقِشْهَا التي تُدْعَى الشَّهِيدَةْ
مَيْسُونُ, غَالِيَةٌ, حَمِيْدَةْ
أُخْتَاهُ
مَا ثَمَنُ البُطُولَةِ وَالفِدَاءْ؟
يَا لَلغَبَاءْ!
بَاعَ الزعِيمُ خُيولَهُ
وَسُيوفُهُ صُكّتْ قَلائدَ لِلإمَاءْ
عندَ الخليفةِ أو طويلِ العمرِ
مبعوثِ السماءْ
والقائدِ الفذّ الضرورةِ
نهدُ غَانِيَةٍ لَعُوبْ
وَشُفُوفُ رَاقِصَةٍ وَمَا تَحْتَ الشّفُوفْ
وَشَهِيّ أَطْعِمَةٍ تَرُفَّ لَها القُلُوبْ
وَسُـلافُ سَـاقِيَةٍ
تُحَـاكُ عَلى ذِرَاعَيهَا الـحُتُوفْ
أَشْهَى وَأَغْلَى
مِْن غُبَارِ مَعَارِكِ التَحْريرِ
مِنْ عَرَقِ الجِهَادْ
وَدَمِ العِبَادْ
وَمِنَ الذينَ يُعَذّبُونَ وَيُحْرَقُونَ
وَيُسلَخُونَ وَيُذْبَحُونَ بلا ذُنوبْ
في غَزّةٍ مَهوَى القُلوبْ.
أُختَاهُ أيّتُهَا القَتيلَةْ
كَافُورُ قَدْ بَاعَ الجُنودْ
لِلذِئبِ يَذبحُهُمْ بِأَوْهَامِ الوُعُودْ
وَبِحَفْنَةٍ مِنْ رَائِعَاتِ الغِيْدِ
وَالألقَابِ وَالرّتَبِ الثَقِيلَةْ
بَاهَى القَبَائِلَ فَهْوَ عُمْدَةُ حَارَةٍ
في وِسْعِ مَقْهًى لِليَهُودْ
دُكّانَةٌ, خَمّارَةٌ
قَصْرُ الرّئَاسَةِ دَوْلَتُهْ
وَسَعَادَتُهْ
نَشْوَانُ في مَلْهًى يَهُودِيّ ٍ
تُزَيّنُهُ النُّهُودْ
يَحيَا الذّكَاءْ
إنّ الحَيَاةَ دَرَاهِمٌ, نَخْبٌ, نِسَاءْ.
أُخْتَاهُ أَيّتُهَا العَرُوسْ
في عَصْرِنَا البَالي القَدِيدْ
لا فَرْقَ مَا بَينَ الأسِنّةِ وَالكُؤوسْ
وَدَمِ الرّسُولَةِ وَالنَبيدْ
مَا بَينَ معتصمٍ ومنتقمٍ عنيدْ
لاَ فَرْقَ كُلّهُمُ عَبيدْ
أُخْتَاهُ قُولِي لِلصِّغَارْ
لِلعارِ للعَرَبِ الصِّغَارْ
صَهْيُونُ يُفْزِعُهَا انفِجَارْ
وَقَنَابِلٌ تَدْوِي وَنَارْ
وَيُمِيُتَها بَعْضُ اعتِصَام ْ
بِعُرُوبَةٍ وديانةٍ تَئِدا الخِصَامْ
تَخشَى اجتِمَاعَ أَصَابِعِ اليَد ِ
حَوْلَ سَيفِ مُجَاهِدِ
تَخْشَى اندِفَاعَ الصّوْت ِ
إعْصَارَاً بِبُوقٍ وَاحِدِ
تَخْشَى امْتِلاكَ العُرْب ِ
يَوْماً لِلقَرَارْ
وَسَنَا الغَدِ المخْبُوءِ
في حَدَقِ الصّغَارْ
هِيَ تَذْبَحُ الأشْكَالَ وَالأسْمَاءَ
وَالألوَانَ وَالإنسَانَ تَسْلَخُهَا
تُبَدّلُ جِلْدَهَا العَرَبيّ وَالشّرْعِيّ
جِلْدَاً كاذباً
حَتّى إذَا الشّعْبُ استَفَاقَ
يَكُونُ قَدْ نَسِيَ النّهُوضْ
وَاستَعْذَبَ النَومَ الرّخِيصَ
وَظَلَّ يَرْقُدُ كَالدّجَاجِ عَلى البيُوضْ.
يَا أختُ قُولي لِلعَرَبْ
لِلأخْوَةِ الصّيدِ العَرَبْ
الوَصْفَةُ السّحريّةُ الطّبيّةُ
هِيَ قِصّةٌ عَرَبيّةٌ عَرَبيّةُ
مَكْتُوبَةٌ بِالنَارِ, بِالدَمِ, بِالحَدِيدْ
فِيهَا صَلاحُ الدّينِ يُولَدُ مِنْ جَدِيدْ
يَا غزّ عِندَئذٍ
سَتُمْطِرُ مِنْ هَناءَتهَا العُيُونْ
وسينتهي عصرُ الدعارة والجنونْ
يَا غزّ عِندَئذٍ
بِعِلّيينَ نَشْرَبُ نَخبَنَا
نَخْبَ الوِلادَةِ وَالحَيَاةْ
وَجِبَاهُنَا وَضّاءَةٌ فَوقَ الجِبَاهْ
يَا غزّ عِندَئذٍ
فَقَطْ يَرضَى الإلَهْ
يَا غزّ إنْ فُضَّ الجَمِيعُ
فَأنْتِ عَذْرَاءُ العَرَبْ
لاَ بُدَّ يَوماً
تُنفَضُ الأوْحَالُ عَنْهُمْ وَالتُرَبْ
لاَ بُدَّ يَوماً فِيهِ
يَغْضَبُ في الشّرَايينَ الغَضَبْ.