أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 18

الموضوع: القناص

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي القناص

    يتناول الجردل والمساحة والمطهرات والملمعات.. ويستقبل نصيحة وفلسفة المشرف بلا مبالاة.

    عامل نظافة في مركز شباب الحي مهنة وضيعة.. ولن تستمر إلا إذا كنت راقي النفس كعم حمدي.

    ومن هو عم حمدي؟

    أنه زميلك هنا .. سيستلم منك الوردية المسائية هو أشهر شخصية في النادي.

    كتاجر سلاح خاسر وكمصاب في قدمه بإعاقة بعد استخراج الرصاصة التي استقرت فيها.. وكمفلس بعد استيلاء البلطجية على أسلحته ونقوده.. فلا مفر من تحمل المقارنات والاهانات والرائحة الكريهة .

    إن لم تكن راضيا ً قنوعا ً كعم حمدي.. فهذا ضرره عائد عليك في المقام الأول .. أما أنا فلن أتهاون مع أي تقصير أو إهمال في العمل .. فالعمل عمل .

    أستلم منك الأحواض والسيراميك وأرضيات الحمامات بتلمع كالنجوم.. غدا العيد كما تعرف .

    ينهمك في المسح والجلي والحك.. يدخل الحمام شاب.. يبدأ في التبول يلتفت برأسه وينظر إلى العامل الجديد .

    ظنها هو نظرة احتقار .. قال وهو يدير ظهره اليه: لست كعم حمدي .

    يتوقف عن الجلى متأففا ً:

    وماذا يفعل عم حمدي؟

    يمرح ويغنى وينسق الأزهار ويلقى النكات ويرقص أحيانا ويلعب معنا.. أنه يجيد اللعب في جميع المراكز .. جول كيبر .. هاف باك .. وينج رايت .

    ويجيد في مركز صانع الألعاب.. فإذا غاب أحدنا لا نحمل الهم.. فعم حمدي ينوب عنه .

    هل تجيد اللعب؟

    لا

    هل تغنى؟

    لا .. صوتي ليس جيدا ً .

    ماذا تجيد إذا ً؟

    أنا بارع فقط في مسح الحمامات.. وعندي موهبة فريدة في جلي الأحواض .

    لا .. لا .. غير هذه الأشياء .. ماذا تجيد ؟

    القنص .

    القنص ؟؟!!

    نعم أنا قناص ماهر.. أتلذذ بالقتل وأستمتع بمشهد الدماء .

    ارتبك الشاب وارتعب من الشرر الذي يتطاير من عيني عامل النظافة الجديد.. أنهى بسرعة ما جاء من أجله.. وسرعان ما انخرط في اللعب مع زملائه بالصالة الرئيسية بمواجهة حمامات النادي .

    سلم الجردل والمساحة والمطهرات والملمعات .. وخلع زيه الأزرق الجديد ومضى يعرج بقدمه المصابة.. صامتا ً لا يكلم أحدا ً ولا يكلمه أحد .

    في الشارع يتجنب الزحام ولا يستقل الحافلات ولا المترو.. يتابع السير صامتا .

    يصعد إلى سطح بيته مباشرة.. يفتح خزينة الدجاج.. تهرب منه دجاجة يلاحقها إلى الشارع وجسده الضئيل وساقه المصابة.

    المشهد يثير فضول أهل الحي والمارة فيتوقف الجميع.. يركض بعرجته بين السيارات والتكاتك ويزحف على بطنه من تحت الكارو.

    ينهض في خفة ويرمى بجسده على الدجاجة التي تفلت منه مرة بعد مرة وسط استمتاع أصحاب السيارات وتعليقات شباب الحي الساخرة .

    يستمر .. يركض بعرجته.. يجرى بأقصى سرعة.. يطير على الدجاجة في مشهد نادر ويقبض على رقبتها في الفضاء ويهبطا سويا على الأرض .

    تحول الاستخفاف في أعين المارة إلى ذهول وانقلبت نظرات السخرية إلى نظرات رعب .

    وتحول هو إلى شخص مخيف مرعب وهم يرونه يضرب رقبة الدجاجة بسيف يده فينفجر الدم ويصيب ثيابهم وثيابه في مشهد دموي عنيف.. وينتف ريشها بقسوة وهو صامت.. يقذف بالريش فوق رؤوس المارة وأصحاب السيارات وأهل الحي المصدومين .

    الدجاجة الضحية تجد طريقها سريعا إلى حجر زوجته.. يأخذ كرسيا من تحت أحد أبنائه يتناول بندقيته من فوق الدولاب .. يقف في الشباك صامتا ينظف بندقيته .

    يطلق النار.. يصيب عصفورين وسط صرخات النساء.. يركض ابنه ليجلب الصيد وتضحك زوجته قائلة: لكننا لن نحيا على عصافيرك .

    إلى أين ؟

    إلى النادي .

    لكنها ليست ورديتك .

    يتلصص من الشباك الخلفي .. هذا إذا حمدي .

    كان حمدي يغنى ويرقص وهو ينظف الحمامات .. يشاغب الشباب ويشاغبونه ويلعب معهم.

    يذهب إلى حديقة النادي وينسق زهورها ويقتطف بعضا منها يوزعها على الموظفات.. يضعها في إناء صغير يثبته فوق الشباك الرئيسي في مدخل الحمامات .

    ركض بعرجته في خفة .. دخل على زوجته صامتا .. التهم نصف الدجاجة ارتدى البالطو والتقط البندقية .

    وضع مقدمتها على حديد شباك الحمام الخلفي.. وأطلق النار .

    كانت دماء عم حمدي تغطى أرضية الحمام .. كانت شفتاه لا تكفان عن الغناء والابتسام .

    تجمع الشباب حوله وتسمرت أعينهم عليه وهو ينازع ملقيا عليهم آخر نكاته ..فيما كانت نظرات شاب واحد منهم قد أصابها الرعب والخرس.. وقد رأى طيف وجهه وهو يغادر من خلف نافذة الحمام الخلفية .

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,151
    المواضيع : 318
    الردود : 21151
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    أحجز المقعد الأول لقصة أثارت كل انتباهي بسردها الممتع الشائق
    في قراءة أولى ـ ولكن لي عودة ثانية إن شاء الله لمناقشتها.
    تحياتي لك ولقلمك الثري.

  3. #3
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    القصة كلمة رائعة قليل عليها , مثيرة حقا , فيها فكر ومعنى ورمزية تحث العقول على التأمل والتفكير , دقيقة الوصف تجعلنا نتابع بشغف فنجمد ونوجل عند مشاهد القناص تارة ونسعد ونشعر بالصفاء والطفولة وحسن الخلق عند مشاهد العم حمدي وحركاته ومشاغبته مع الأولاد !
    مادفعه لقتل العم حمدي هو ااختلاف في الأسلوبين فشتان بين قلب طاهر نقي وبين قلب قاس حسود لايحمل الرحمة
    العم حمدي مثالا لكل إنسان مسلم طيب معطاء يستمتع بعمله ويطور مهاراته فأصبح متعدد المواهب محبوب الجميع حتى وإن كانت مهنته وضيعة إلا أنها مصدر رزقه ويتفانى في عمله بإخلاص
    أما عامل النظافة الجديد يتفانى في قتل الأبرياء بسبب أو بدون سبب فقد زاغ قلبه وامتلأ بالإجرام
    وتبقى القصة متعددة القراءات , سأقرأها مرات أخرى وبانتظار ردود الأساتذة التي أظنها ستحمل قراءة توسع مداركنا
    شكرا لإبداع قلمك أخي الكريم
    تقديري
    التعديل الأخير تم بواسطة براءة الجودي ; 05-09-2013 الساعة 09:27 PM

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,151
    المواضيع : 318
    الردود : 21151
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    من هو القناص؟؟
    هو ذلك الشخص الذي تدرب على إطلاق النار بدقة على الأهداف الصغيرة أو البعيدة
    وفي الغالب هدف القناص يكون الإنسان. وبطل قصتنا قناص ماهر ـ هكذا عرف نفسه
    ( أتلذذ بالقتل واستمتع بمشهد الدماء ) ـ فإذا ما بحثنا عنه .. سنجد إنه تاجر سلاح خاسر
    مصاب في قدمه برصاصة سببت له إعاقة وجعلته أعرجا ـ استولي البلطجية على أسلحته
    ونقوده وتركته مفلسا ـ فبحث عن عمل فكانت وظيفته الجديدة , عامل نظافة في مركز
    شباب الحي ينظف الأحواض والسيراميك وأرضيات الحمامات ـ ولكنه يجد نفسه في مقارنة
    مع العامل الآخر والذي يعمل في نفس الوظيفة, ولكنه يمرح ويغني ويلقي النكات وينسق
    الزهور ويرقص ويلعب مع الفريق في حالة غياب أحدهم ـ مجيد في كل أعماله, محبوب
    من الجميع .. وهو يفتقد لهذا كله.
    وقد رأينا دمويته, في الطريقة التي قتل بها الدجاجة التي هربت منه بسيف يده, فأطار رقبتها
    في مشهد دموي عنيف.
    يتبقى ذلك التعس الذي أثار غيرته عندما جعلوه في مقارنة معه . ذهب ليشاهده بنفسه
    وهو يغني ويرقص ويشاغب الجميع ويلعب معهم.. فتغلبت فيه روح القناص وأطلق النار
    لتغطي دماء عم حمدي أرضية الحمام وهو لا يكف عن الغناء والإبتسام.
    يكفيني مااستمتعت به من مضمون القصة, لن أحاول أن أتوه في سراديب التأويل والبحث
    عن الرمز أو المعني أو المغزى ـ سأكتفي بتلك القصة القوية , والمعالجة الذكية, والسرد
    المقتنص للحظة مع الغوص في النفس البشرية.
    قرأت واستمتعت فشكرا لك.

  5. #5
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    الأستاذة المبدعة نادية محمد الجابى .. شكراً جزيلاً على قراءتك العميقة لهذه القصة ، وامتنانى لوقتك الذى منحتيها لأبعادها ومعانيها ، وأعلم جيداً مشقة مهمة الناقد فأنا بطبيعة الحال ناقد أكثر من كونى قاص وكتاباتى النقدية أكثر بكثير ، لذا أشكر لحضرتك هذا العمق فى الطرح وهذا التفكيك الثرى الذى أغرانى شخصياً للنظر ملياً فى القصة من جديد علنى أصل لأبعد مما قد أردته ابتداءاً عندما شرعت فى كتابتها .
    شكراً جزيلاً سيدتى الكريمة وتقبلى خالص تقديرى .

  6. #6
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,787
    المواضيع : 392
    الردود : 23787
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    من تعود القنص ورؤية الدماء لايكف عنها وإن أعجزته الحواس .. يبقى بداخله هذا الحيوان المتوق للافتراس مهما سُلبت منه مقومات القوة وأدوات التدمير
    هنا شخص مريض النفس قبل أن يكون عليل البدن لذلك لم يألف التعامل مع الأخرين بنقاء يجعل له مكانة بينهم كمكانة العم حمدي الذي جاء ليمثل شريحة نقية السريرة لاتحمل على أحد راضية بما منحها الله غير قانطة مما أثار كل ذلك أحقاده فدفعه حقده للتمثيل بما وقع في يده من طائر أليف عاد به لزمن القنص الذي حُرِم منه مجبرا على الطاعة في حمل الجردل وأدوات النظافة والقيام بأعمال لاتليق بمكانته القديمة
    ويظهر لنا أسلوب غير سوي مع رعيته التي سحب من تحت أحدهم الكرسي ليحضر بندقيته غير مبال بما ينتابهم من ذعر ولا يرى سوى رغبته الجامحة التي أعرب عنها في رده على أحد الشباب " القنص "
    الدجاجة الضحية تجد طريقها سريعا إلى حجر زوجته.. يأخذ كرسيا من تحت أحد أبنائه يتناول بندقيته من فوق الدولاب .. يقف في الشباك صامتا ينظف بندقيته .
    والتي رضي غروره بطلقة أطفأ بها زهو الحياة والبسمة من الوجوه النقية
    كان اختيارك لشخصية بطل القصة ومواصفاته نفسيا وجسديا موفقا جدا أعطى للمتلقي انطباعا وكأنه أمامنا يتحرك بعرجته وملامحه المخيفة وتصرفاته وتحركاته الناطقة
    شكرا لك أديبنا الرائع على نص احتل من الذائقة مسكنا وفتح الباب لقراءات وتأويلات متعددة
    ودام ألقك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7

  8. #8
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    الاستاذة المبدعة الكبيرة آمال المصرى .. أرى هنا قراءة جديرة بالتأمل تعطينا أملاً مضاعفاً لامكانية كنس شوارعنا وحاراتنا وأزقتنا من ارواح شريرة سكنتها ، ولا يهم ان يكون عليل البدن فالمهم سلامة النفس ونصاعة التاريخ وصفاء السريرة ودوام حمد النعم الذى يجعل الواحد منا على هدى رسول الحمد ؛ فيحمد الله على حاله وعياله وماله ولو قليل ، ويدور على الخلق بالبشر والخير والوجه الطلق ، ليصير بين الناس وفى الدنيا رسول سلام ورحمة .... لا أدرى سيدتى لماذا فضلت أن تكون نهاية عم حمدى على يد الاعرج فى الحمام فتلك نهاية بئيسة مزرية ولو كانت - بالنسبة لى كمتعاطف معه - بين الشباب فى الملعب أو فى المكاتب مع الموظفات أفضل وأعدل ، لكنى شعرت أنه هناك أسعد وأكثر صدقا وحمدا ، وهو فى الحمام وحده يغسل ويلمع البلاط والاحواض .. انه يجلى أوساخ البشر وقاذوراتهم الروحية مع بقاياهم وفضلاتهم المادية ، فنهايته هناك هى النهاية التى تليق بشهيد حقيقى مات فداء طريق ومسار ومشوار حياة بلا احقاد ولا ضغائن ولا غرور ولا شرور . .. شكراً لك سيدتى الفاضلة على قراءتك العميقة الممتعة ، وتقبلى خالص التحية .

  9. #9
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    ثنائيّة الخير والشّرّ جاءت رائعة التّصوير من خلال شخصيّة حمدي وشخصيّة الأعرج ...
    تعريف الشّخصيّة بعاهتها جاء ليوضّح العاهة النّفسيّة والأخلاقيّة التي يعاني منها الأعرج وهي العنف والتّوحش.. ( شخص مخيف مرعب ). أمّا حمدي فهو الشّخصيّة اللّطيفة المسالمة التي تعمل بإخلاص، وجاء موته على يد القنّاص ...
    تغلّب الشّرّ على الخير في القصّة..
    يبدو أن لا مكان للأخيار في عالم الأشرار
    قصّة رائعة بسردها وبنائها وقابلة لتأويلات عديدة
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  10. #10

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة