|
لم أعترفْ، لم أ ُِبحْ شدوي لأوتاري |
يارعشة الحرف إن صارحتُ أفكاري |
سافرتُ لا سبلي تدري و لا أربي |
و لا رؤى شمعة حنـّتْ لأسحـــــاري |
أنكرتُ وحي احتمالاتي و همس غدي |
وصغتُ من لوثة الإغراب أسفاري |
أرمي قصاصات نسغي حيثما رُميتْ |
وأسكب الصمت ممزوجا بأسراري |
يا ضيعة العمر و الخمسون ترقبني |
ما فسحة العيش إن خاصمتُ أقداري |
بيعتْ بسوق الأسى أحلام محبرتي |
واستنكرتْ سُرُج الإشهار أنواري |
لم أنتسبْ للصدى صوتا و لا صورا |
و لا كتبتُ بغير الصدق أشعاري |
و لا ركبتُ سفيــــن القصر منتشيا |
والموج ، كالشعب ، يتلو نصّ إعصار |
حاولتُ في حسراتي أن أ ُدجّـنني |
لكنني كنتُ حـــرّا إبن أحرار |
أنا الذي نشــّر الأفكار ملهمة |
فامتاح من رشدها كلّ ٌ بمقدار |
عاقرتُ أكؤس من بادوا ومن رحلوا |
و ما سكرتُ سوى من حرّ أزهاري |
و اليوم أترك منسيا فلا قبس |
يدنو و لا نغم يشدو بأشعاري |
كان امرؤ القيس في تجواله غرقا |
و حين عاتبته نادى إلى الثار |
كنتُ الدليل له نسعى لأنقرة |
يحدو بنا حلمٌ يشفي من العار |
زاملتُ في صغري أوقات عنترة |
حتى تعجّب مني ليله السّاري |
حدثته عن معاناتي و حدثني |
فكان في شعره يهفو لقيثاري |
أغريته بكريم اللّحن أعذبه |
حريتي وطني إن صودرتْ داري |
صدّقتُ نابغة الأشعار في ولهٍ |
فكان عذره يحبو خلف أعذاري |
مني تعشــّقت الخنساء دمعتها |
تبكي و ما للبكا دفع لأقــــدار |
شربتُ من نبع حسّان على مهل |
حتى تولـّى ابنه يرمي بإنذار |
لله درّ زهير حين فاجأني |
يعيد جهرا معانٍ جُبن أغواري |
هلــّتْ له فانتشتْ جذلى محاسنها |
و استقرأتْ حِكَماً شعّتْ كأنوار |
و ما دريتُ أكعبٌ يقتفي أثري |
حين التقيتُ سعادا أم أنا الجاري؟ |
نقضتُ شعر جرير و الفرزدق إذ |
وجدتُ فيما روى الرّواة آثاري |
فلا الفرزدق غالاني بصعصعة |
و لا جرير تمنــّى رجع نــوّار |
صاحبتُ مجنون ليلى كي يعلـّمني |
الهوى فأُ ُبت إلى يأس و إقصار |
علمتُ أنّ الهوى نار مسعّرة |
تغري بودّ ٍ نوايا كلّ غــــدّار |
لا اللهو من شيمي لا الزهو يلجمني |
النبل أسمى لباناتي و أوطاري |
أنصتُ للمتنبي قبل غربته |
فكان فيضه يجري بين أنهاري |
أهديته بعض أحلامي فسابقها |
و انساق يرفل في عجب بمضماري |
كنتُ الأنيس لرهين المحبسين فكم |
بتنا رهينيْ جدال هدّ إصراري |
عارضته و أنا غرّ تحاصرني |
غاياته و فصول ذات إبهار |
حتى ارتوتْ لغتي منه فألزمني |
نهجا تهجّيته فاحتار أغياري |
بعثرْ طموحك يا شعري على طلل |
و ارجمْ دواوين نوّاس و بشار |
ما زلت ُ طوعا أ ُداري شقوتي شرقا |
بدمعتي و أ ُ ري للغير أقماري |
أذكي الرّجاء و ما ذنبي بمستتر |
تهفو إليك رسول الله أشعاري |
من مدركي روضة المختار أبلغه |
أني بحبك أرجو نيل أوطاري |
يا سيدي يا رسول الله يا أملي |
يا منتهى غايتي يا ذخر أذكاري |
ما لي أ ُ مسّح دمعا قد جرى خجلا |
أنا المريض و بوحي بعض أضراري |
ما لي أمسح دمعا قد جرى شغفا |
بحبّ خير الورى ، جهري و إسراري |
أغيب،سهواللغى لا سِفر يذكرها |
تلك المعاني تنادي شأو إبحاري |
و أكتم اللحظ ، أرنو مُجهِدا أرقي |
تغفو الليالي و ما يرتاح إعصاري |
من غرب جرحي إلى شرق انتكاسته |
سيقتْ بقايا احتضاري رغم إنكاري |
طوّفتُ من عمق صحرائي إلى مدني |
فلم أجدْ أذنا تصغي لإخطاري |
الروم في حلب و الفرس في عدن |
و الصين في قطر و العرب في الغار |
دنيا العروبة لا سمت و لا أثر |
يا مصر أين توارى زندك الواري |
نصحو على خطب أدمتْ مسامعنا |
عمرا ونغفو على رنات إشهار |
ماذا أقول و ما في الجبّ غير أخي |
بعناه غدرا و لم نذكر الشاري |
بما السلوّ صدى الأخبار يفزعني |
و ذي الجرائد مأوى كلّ مهذار |
العذر مبدؤنا و اليأس ملجأنا |
و الشجب في أدب من طبعنا الضاري |
عودوا بني أمتي أدراج خيمتكم |
لا يغسل العار مال جيء من عار |
سرْ أيها الركب نحو الغرب غايتنا |
و اهتفْ لباريس تدنو بعد إدبار |
بالغرب نشوتنا في الغرب فرصتنا |
وهم رضعناه أطوارا بأطوار |
سرْ أيها الركب لواشنطنّ أهبتنا |
فيها و منها يولــّى أيّ جزّار |
أنا غريب بدنيا الشعر يا وهني |
ما للمرايا تحاشتْ عكس أنواري |
أثني عنان مواويلي و أرغمها |
أن لا تبوح و لا تصغي لمزماري |
حيّ و لكن أشباح الردى رسلي |
ميت و لكنني أرنو لزواري |
لا زلت في غبش الرؤيا يـُلوّح لي |
رذاذ نبعٍ شديد الغور فوّار |