الاهداء : الى صديقي الذي قاده الغضب الى السجن
بالأمس كان هنا
و كانت ومضة الأحلام في عينيه
تبسُم في انبهار
كانت تلوح بوجهه لغة النهار
وعلى يديه يغرد الطبشور
ألحاناً
وينثر ثغره أرج الحوار
بالأمس كان هنا
يضمخ وجه نهضتنا بلون الانتصار
يحلّي جيدها بالمجد
يلبسها سوار
يستل جيلا من رماد التيه
بغسله بأضواء الطموح
حتى يراه وقد تبرعم
مثمرا
في كل دار
كم راشف من طهر منهله
تألق واستنار
كم شبّ تحت ظلاله
غصن
فأصبح مستشار
هذي دروب خطاه
مثمرة بألحان الكفاح
وأريجه في كل زاوية
تحث على النجاح
وصداه في الآفاق
تأبى أن تبعثره الرياح
بالأمس كان هنا
تتسابق الهمم العظام اليه
تركض امنيات الطامحين
كانت تُصّير في يديه
قلائدا
تطغى على الياس الدفين
بالأمس كان هنا
وكان لأمسنا ضوءا
وكان لنا مفرّح
واليوم ها هو طيفه
من شرفة الذكرة
يلوّح
وأراه رغم القيد
رغم الحزن
رغم ضراوة المأساة
عالمه مجنّح
يا أيها الأسد المفرّح
ما بال قيدك أزهرت حلقاته
وأخضرت الشرفات
حين أتيتها قمرا
وحملقت العنابر
ياليت من ذمّوك يوما
أدركوا خطأ الروايه
أدركوا من أنك الرجل المثابر
قالوا : تلوّث بالدماء
وعربدت طلَقاته
أبكت من الثكل الحرائر
يا ليته لمّا تبدّى قرنها
ألّا أثير ولا استثار
فلعله إن كان ...
شيّد فوق منبره منار
ولعلها لهجت بسيرته الحناجر
*****
يا أيها الحزن اضمحِلّ
و يا دموع تجمدي
ولتخسأي بالصمت أيتها المشاعر
أسرج لسانك يا حصان الفكر أشعلها
على كل المنابر
في أي شرع يصبح المغدور
غادر
وبأي شرع لا ينقب بعد مكنون الجرائر
أنلوم عصفورا
لماذا خربشت أضفاره
- ليعيش -
أجفان الكواسر
أنعاقب الحمَل الوديع
لأنه أدمت حوافره يد الجزار
-لاذ بقشّة -
لتقوده رغما إلى أعتى المجازر
يا ايها الحزن العقيم
علام اعميت البصائر
وعلام هيجت الشجون
ولم تهيّج بيننا لغة الضمائر
بالأمس كان هنا
وغدا يكون هنا
إن كان فينا بالحقيقة من يجاهر