الإيثار
من منا لم يسمع بهذه الكلمة ؟ ، ربما نحن جميعا سمعنا بها أو مرت علي خواطرنا يوما ، لكن السؤال الصحيح من منا من عرف المعنى الدقيق والعميق لها ؟
قليل هم من يعرف للكلمه حقها ويدرك عمقها وما يحيطها من وهج ووميض يخطف العقول قبل الأبصار ، يزعم البعض أن هذا المعني قد أندثر مع لهاث الحياة وتفشي الأنا وحب الذات في مجتمعاتنا ، وأنا لي رأي مخالف لهذا بالكلية ، فالطبيعة البشريه بما جبلت علية من صفات خيره وشريره وترك لها الباب مفتواحا كي تقرر بنفسها أي طريق تسلك في إختبار يعتبر الأطول من نوعه علي مدار عمر البشرية وحتي يقضي الله أمرا كان مفعولا ، هذا الطبيعة البشرية ذاتها تحمل في دقائقها هذا المعني السامي والفضيلة الراقية وكما نجد أن البيئه المحيطة بأي كيان بشري تشكل قناعاته وووجدانه فتبرز بعض الصفات والخبايا فيما تطمس علي أخري لتخرج لنا تشكيلات متفرده من البشر يتميز أحدهم عن الأخر ، فإن هذه الصفه من مجمل صفات نجدها بارزه لدي البعض ومختفية أو مندثرة لدي أخرين ،
وأرى أن من يتهم غيره بالأنانيه وعدم الإيثار يجب عليه أن يواجه نفسه في البدء ليدرك إنه هو نفسه لا يحكم مبدء الإيثار حين يطالب من حوله به ، وينسى أو يتناسي ذاته ، لو أن كل مني آثر غيره علي نفسه وعلي محيطه لوجد ذاك المجتمع المثالي المترابط القوي ، لكننا في الغالب نبحث عن أي نقيصه لننسبها لمن حولنا ، وينسينا إنشغالنا بمن حولنا كهاجس ملح أن ننظر إلي أنفسنا ونراجع تصرافاتنا ، فندور في حلقة مفرغة من كيل التهم بعضنا لبعض وننسي الأصل في المشكلة ،
والآيثار بمعناه الدقيق يعني تفضيل مصلحة الغير علي مصالحي ، مشاعر الغير علي مشاعري ، وهذا يتطلب قدرة غير عاديه في إنسان عصرنا الحالي الذي استلهم كل ما صدرته وسائل الاعلام من حرص وأنانية وحب للذات ، وأصبحت عقيدته الأساسيه مؤسسه علي أنا ومن بعدي الطوفان إلا ما رحم ربي ، لكننا هنا نتحدث في العموم ، لذا وجب علينا من آن لأخر ان نذكر أنفسنا بفضائل طمست في الذاكرة حتي بات حدسنا ينبئنا في كثير من الأحيان أنها لم تكن موجودة أصلا ، فارتبط هذا ذهنيا لدي كثيرين بإستحالة ممارسة ما لم يكن موجودا بالأساس وتلك هي المعضلة التي نحاول أن نحلل تفاصيلها لنصل إلي نقطة البداية التي تؤصل لوجود السجايا والفضائل التي طمست بفعل اللهاث المحموم لتلبية الرغبات مع تعطيل المشاعر والفكر دون أن نعي أننا نلهث للوصول إلي الهاوية .