نقدم من خلال فضاء واحتنا الشاعر الفلسطيني ابن غزة هاشم
أ. محمد ماهر دويدار
أحد شعرائنا الذين نفخر بهم وبنتاجهم الإبداعي المتميز
ومع قصديته :
فيمَ الموتُ والعطبُ
في العَضَّةِ المَوْتُ أمْ في اللَّفْظةِ العَطَبُ ؟
فينا السُّمومُ وما الأفْعى لنا نَسَبُ
الكُلُّ داخِلُهُ أفْعَىً يُخَبِّؤُها
إذْ يسْتجيرُ بها إنْ لاحَتِ الأَرَبُ
فاضْرِبْ على الرَّأْسِ لا تأتيكَ ثانيةً
الخَوْفُ مِنْها فقطْ أنْ يُقْطعَ الذَّنَبُ
فاهْنأْ لحينِ يَجِفُّ الجُرْحُ مِنْ دَمِها
حتَّى تعودَ لَظىً للثَّــأرِ تَلْتَهبُ
كُلٌّ يُورِّثُ للأجْيالِ لعْنَتَهُ
فكيْفَ يا أبتي تحلو بها الحِقَبُ ؟
دُنْيا تخونُ مُحِبِّيها وتخْذِلُهُمْ
عمْداً ويعْجَبُ مِنْ أطْباعِها العَجَبُ
ما مِنْ حبيبٍ لها لا تُعْطِها ثقةً
لا يَلْعَقُ الوَحْلَ إلاَّ الواثقُ الطَرِبُ
في كُلَّ حُلْمٍ مَشاعٍ رُمْتَ أمنيةً
فاسْتعْبَدَتْكَ الأماني مثْلما يَجِبُ
فاصْبِرْ ولا تَطْلُبِ الإحسانَ مِنْ جَشِعٍ
إذْ فاقدُ الشَّيْءِ لا يَحْظى ولا يَهِبُ
لرُبَّما كَلِمٌ خَيْرٌ تَجُودُ بهِ
يُمْلي حَشاشةَ قَلْبٍ شَجَّهُ السَّغَبُ
آلتْ لهاويةٍ آمالُ مُجْتهدٍ
لَمَّا ألَحَّتْ بهِ للرَّاحةِ الكُرَبُ
فإنْ تَكُنْ لَكَ في الأيَّامِ مأْربةٌ
فلنْ تنالَ إذا ما صَدَّكَ التَّعَبُ
واعْلَمْ بأنَّ اكْتسابَ الشَّيْءِ مُعْترِقاً
ألذُّ في الطَّعْمِ مِمَّا الذُّلُّ يَكْتسبُ
وكُلُّ سَعْيٍ بلا عقْلٍ يُوَجِّهُهُ
يَهْفو هباءً ولوْ أسْرى بهِ الغَلَبُ
كمْ مِنْ سبيلٍ يَغُرُّ الصَّفْوُ سالِكَها
والمَوْتُ في أيِّ وَقْتٍ فيهِ مُرْتَقَبُ
فاصْنَعْ بِعَقْلِكَ مُلْكاً لا يَضيقُ بِهِ
فما اسْتوتْ في العُلا بينَ الوَرى الرُّتَبُ
فالمالُ لا يُخْضِعُ الدُّنيا لصاحِبِهِ
بقَدْرِ ما العِلْمُ يُعْطي ذاكَ والكُتُبُ
فلا تَغُرُّكَ أمْجادٌ تُحَقِّقُها
أَوْ تأْمَنَنَّ الذي قانونُهُ الهَرَبُ
فَرُبَّما يَدَّعي مَكْراً هَزيمَتَهُ
لكنَّ لَحْظةَ سَهْوٍ مِنْكَ يَرْتقبُ
حتَّى يَدُكَّ بِعُمْقِ الظَّهْرِ طَعْنَتَهُ
فلا تَقومُ بها _ مِنْ بَطْشِها _ الرُّكَبُ
ولا تُهيننَّ حُرّاً ساءَ مَلْبَسُهُ
فالوَغْدُ لمْ تُرْقِهِ أثْوابُهُ القُشُبُ
وبائعُ العِرْضِ كالخِنْزير مَرْتبةً
لا خُلْقَ زينَتُهُ لوْ زانَهُ الأدَبُ
والحُمْقُ داءٌ وما إنْسٍ أُصِيبَ بِهِ
يعْلو ولوْ كانَ وَلاَّهُ العُلا الحَسَبُ
إنْ خِفْتَ مِنْ حَدَثٍ واجِهْهُ مُعْتَزماً
فالبَحْرُ لمْ يَحْيَ لوْلا تَهْدُرُ العُبَبُ
فأنْتَ أنْتَ لدى الأهْوالِ كُنْ رَجُلاً
فما الرُّجولةُ فينا الذَّقْنُ الشَّنَبُ
واحْذَرْ مِنَ النَّاسِ _ في التَّضْليلِ _ ثَعْلَبَهَا
فليْسَ يَعْصِمُهُ دينٌ ولا صَحِبُ
ولا تُرَبِّ جِراءَ الذِّئْبِ في كَنَفٍ
يأْوي صِغارَكَ فالأطْباعُ تُكْتَسَبُ
وخُذْ بَنيكَ إلى بَرِّ الأمانِ ولا
تُبْخِسْ رِعايَتَهُمْ يَوْماً فأنْتَ أبُ
واحْفَظْ جَمالَكَ بالأخلاقِ فَهْيَ غَطا
ءُ كُلِّ حُسْنٍ لَعَلَّ الدَّهْرَ يَنْقَلبُ
واصْنَعْ مِنَ الفِعْلِ ما يَفْديكَ آخرةً
فأيُّ فِعْلٍ على الإنْسانِ يُحْتَسَبُ
ولا تَكُنْ مِنْ ذوي الزَّلاَّتِ إنَّهُمُ
لا يَسْتقيمُ لَهُمْ حالٌ لِيُرْتَغَبوا
واصْفَحْ إذا لكَ في الجيرانِ مَظْلمةٌ
في الصَّفْحِ تُنْصَرُ أوْ بَلْواكَ تَحْتَجِبُ
إنْ هاجرَ الحُبُّ قاسى القَلْبُ وَحْشَتَهُ
كما بلا السَّاكنينَ المَنْزلُ الخَرِبُ
بعضٌ مِنَ النَّاسِ سُمٌّ في مقالتِهِمْ
والبَعْضُ تُلْمسُ في أحْداقِهِ الرِّيَبُ
والبَعْضُ غَنَّى وفاءً في الكِلابِ وما
بهِمْ مِنَ الكَلْبِ إلاَّ الصَّوْتُ والجَرَبُ
دَعْ عَنْكَ مِنْ أصْدقاءٍ كُنْتَ تَجْمَعُهُمْ
للدَّهْرِ ماذا لنا غيرَ الأذى جَلَبوا ؟
ولا تُصاحِبْ مِنَ الأقْرانِ غيْرَ فتىً
مَهْما تَباعَدَ عَنْكَ الحَظُّ يقْتربُ
يَشُدُّ أزْرَكَ , تُخْفى الحُزْنَ بسْمَتُهُ
حَتَّى يُبدِّدَ يأْساً فيكَ يَنْتصِبُ
أوْ عِشْ فُراداً إذا ما عَزَّ مَطْلَبُهُ
تَدُمْ طويلاً فلا غَدْرٌ ولا كَذِبُ
حاولتُ كَبْحَ كآباتي فما انْكَبَحَتْ
قلْ يا بلائيَ فيمَ المَوْتُ والعَطَبُ ؟
خَوْفٌ يُجَمِّدُني , حَدْسٌ يُبَخِّرُني
فأيْنَ أيْني ؟ وأيْنَ الثَّلْجُ واللَّهَبُ ؟
تسعونَ ناباً تَضُخُّ السُّمَّ في رئتي
ولمْ يَضِقْ بوفائي صَدْريَ الرَّحِبُ
أينَ الكِرامُ وقدْ أضْحتْ مَجالسُهُمْ
مأْوىً لراعي الرَّزايا بعدَما ذهبوا ؟
والنارُ ما أُوْقِدَتْ إلاَّ على كَّرَمٍ
نارٌ مِنَ الحُبِّ يحْكي لُطْفَها الحَطَبُ
يا قاتلي وَجَعٌ يَمْتَصُّ أوْرِدَتي
وكَمْ يَهيجُ ولو لمْ يَفْضَحِ الصَّخَبُ
لا تَخْطُفِ النُّورَ مِنْ عيني لتُبْصِرَهُ
لا خَيْرَ في النُّورِ هذا وهْوَ مُغْتَصَبُ
ماذا يُفيدُكَ لَدْغي ؟ هلْ تطيبُ بِهِ؟!
أمْ أنها عادةٌ في خَوْضِها لَعِبُ
أمْ أَنْتَ تَخْتَبِرُ الأنْيابَ في جَسَدي ؟
أعِدْ مِنَ الدَّمْعِ للواشينَ ما سَكَبوا
مَنْ يرْتجِ السِّتْرَ مِنْ أفْخاذِ عاهرةٍ
كمَنْ تُظَلِّلُهُ تَحْتَ الشِّتا السُّحُبُ
****