كان يَنظر بعينيه الفارغتين التائهتين إلى أشلائه المتناثرة هنا و هناك. ظلْمُ مَاضِيه و قَهْرُ الحاضر و لَيْلُ المستقبل، ظلمات بعضها فوق بعض، أمواج عاتية اغتالتْ طموحاته و تَكَسّرتْ عليها أحلامه، حوّلته إلى بقايا و حطامٍ آدمي ! صار غثاءاً يجري به السيل و تتقاذفه الرياح حيث تشاء.
كانت أجزاءه المتلاشية و المتهالكة تناديه و تستغيثه...
في لحظة من اليقظة أراد أن يُلَبِّيَ النداء و حاول أن يستجمع قُوَاه و ينهض من جديد، لكنّه ظلّ عاجزا و أسلم نفسه لمصيره المحتوم، فلمّا أراد أن يَدرف دمعة من عينيه الشاهدتين على بؤسه، أدرك أنّه قد فَقَدَ الإحساس.