يَاغُرْبَةَ الأفْكَارِ وَالأوْطَانِ
يَجْتَاحُنِي بَحْرٌ مِن الْحِرْمَانِ
تَغْتَالُنِي الآلامُ تَذْرِفُنِي أسىً
فَاضِجّ بالأوْجَاعِ وَالأحْزَانِ
وَألُوكُ أشْوِاقِي وَأقْتَاتُ الْهَوَى
فَيَزِيدُ مِنْ حُرَقِي وَمِنْ أشْجَانِي
وأطُوفُ فِي ظِلِّي الكَئيبِ وَأَحْتَسِي
نَهْراً مِنِ التَّضْلِيلِ وَ الْخُذْلَانِ
يَا أيُّهَا الْهَمُّ الْمُعَرْبِدُ فِي دَمِي
مَاذَا جَنَيْتُ لِكَيْ تَهُدَّ كَيَانِي
قَدْ كُنْتُ فِي بَلَدِي الْعَزِيزِ مُتَيَّماً
بِحُقُولِهِ وَجَمَالِهِ الْفَتَّانِ
فِي كُلِّ ثَانِيةٍ أُعَطِّرُ مُهْجَتِي
بِأرِيجِهِ بِالزَّهْرِ فِي الْبُسْتَانِ
وَهُنَاكَ حَيْثُ أحِبَّتِي وَأقَارِبِي
وَالأَهَلِ كُلِّهِمُ مَعَ الْخِلَّانِ
وَالْيَّوْمَ تَذْوِينِي إِلَيْكَ صَبَابَتِي
وَتَهُزُّنِي الذِّكْرَى مَعَ َالتَّحْنَانِ
وأَهِيمُ فِي كُلِّ الْبِقَاعِ بِمَوْطِنِي
بَلَدِ الْوِفَا وِالْعِزِّ وَالْإِيمَانِ
فَكَأنَّ ذَرَّاتِي وَكُلَّ مَلامِحِي
قَدْ كُوِّنَتْ مِنْ نُورِهِ الرَّبَّانِي
يَاأيُّهَا الْبَوْحُ الْمُعَتَّقُ فِي دَمِي
زَخْرِفْ بِعِشْقِي أجْمَلَ الْبُلْدَانِ
لَمْلِمْ شُعَاعَ الطُّهْرِ مِنْ آفَاقِه
وَاعْزِفْه لَحْنَاً مُحْكَمَ الْأوْزَانِ
وَأرْوِ الْعُرُوقَ الْهَالِكاتِ مِنَ
الظَّمَأ بِسَنَائِه وَبِنَهْرِهِ الرَّيَّانِ
يَاأيُّهَا الْوَطَنُ الْمُكَوْثَرُ بِالرُّؤى
لَا بُدَّ بَعْدَ الْهَجْرِ مِنْ لُقْيَانِ