...تلك اللحظات المجبولة بالحنين لا تفارقني, حين كنتِ تلاحقين الفراشات في بداية الربيع, في موسمٍ تفتَّحت فيه أزهار قلبي حين كنت أسترق النظر, أراقبك خجِلًا من بعيد,وأتهجَّأ ملامحك الصغيرة الآسرة
كُنت خجِلًا حتَّى قدَّست الخجل الذي طالما كنت ألعنه حين كنتِ أمام ناظريَّ دون أن أمسك بيديكِ وأخبركِ بما أكنَّه إليك..
قَّدسته كي لا أرى فراشة غيركِ يا أخت النسيم..فما زلتُ أشهق تلك الأنفاس الورديَّة الممتزجة بالنَّسيمِ الذي يفتقدكِ الآن.
ما زلت أكره الخريف بعد أن رأيتكِ تذرفين دمعًا على تلك الأغصان الذابلة كي تعود لتعيد لقلبَكِ السعادة, ولقلبي الانتشاء..فما عادت وما عُدتِ..أكره ذاك الفصل الذي ودَّعتُ فيه ابتسامتك التي كانت أقرب إليَّ مني,
ذاك الفصل التي جاءت أمطاره حارقة لكُلّ شيء رغم لونها الفسفوريّ الجميل, تلك الأمطار التي حطَّمتني حين رأيتك تعانقين التراب كزهرةٍ تحتضر.! يومها فقط تحرَّرتُ من زنزانة الخجل..فلم أخجل حين بكيت على قبرِكِ الصغير,
حينَ كتبت على شاهد قبركِ (هذه حبيبتي)..
بعد فراق عينيَّ للنور صرت, أُبصر ليلًا..فأراكِ تركضين في عالمٍ أخضر,ترتدينَ ثوبكِ الأبيض المحمرَّ خجلا.. كخديَّ عندما كنتُ أراكِ.
وها قد مرَّت الأعوام وما مرَّ عليَّ يومٌ دون أن أراكِ فيه, دون أن أستمع لقهقهتكِ البريئة,
ما زلت أخاطبُكِ خجلًا وأسألكِ خجلًا
هل تصلكِ أزهاري في الربيع؟