أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: تقاطعات قلب وحزن ووطن!

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Apr 2005
    المشاركات : 9
    المواضيع : 5
    الردود : 9
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي تقاطعات قلب وحزن ووطن!

    صـباح الوطن:

    ينتشله النهار من الهباء إلى الهباء ويدخل تساؤلات الروح جاثما على عتمته الأزلية ..

    أكان عليه أن يقول ما قاله الأنبياء كي ينجو من الحقيقة ويهتدي إلى الفراغات الموحشة باسم المنطق، والمحتمل، والممكن، والمستحيل؟

    كانت له الأسماء كلّها .. والوطن الموصوم بالخيبات القديمة والفتوحات التي لم تفتح سوى أبواب الوجع الأخير .. من أول الشهداء إلى آخر المقتولين .. كانت له هوية يجرّها في أناته المتعبة، وتاريخ يكتبه المؤرخون كيفما شاءوا، بالحبر الأسود .. والتفاعلات المزيفة ..

    كانت له انكسارات الأشياء، و القتل الجاهز للبكاء في حواف الرؤى .. كانت له مساحة للتبرير، و للتأسف على ما فات وعلى ما مضى ..كانت له المعاني الغارقة في التساقط والشتات .. وكان عليه أن يكون بطلا مرتين .. مرة باسم الوهم ومرّة باسم الوطن !

    لم ينهزم حين اعتقد الناس أنه انتهى إلى صورة معلّقة على الجدار وكلمة تأبينية تقال عنه في المناسبات الكاذبة، ولكنه شعر بالفجيعة وهو يفتح أسراره للمقبلين، بنداء الأخوة و الدّم !!

    هو الذي لم يجرح وردة في مسيرته الطويلة نحو الحلم، هـــــا تقتله الأغاني الماجنة، وتقسو عليه الكلمات المشعة بالموت .. يقتله أحبابه في الرثاء وفي الهجاء ويهاجمه إخوته لأنه لم يمت شهيدا باسمهم جميعا .. ولأنه في النهاية يعيش وحيدا داخل جراحه المفتوحة للخيانة!

    سعيد وجهه الباكي .. وسحنته المؤطرة بالخيبة .. أكان عليه أن يكتب وصيته الأخيرة، لأعدائه التاريخيين، كي يحمي صورة البطل في عيون إخوته/الأعداء؟

    كان عليه أن يعرف أن الدّم صار ماء منذ سكن إخوانه الأبراج، وصاروا يتكلّمون لغة قتلت أحلامه القديمة.. إخوته الذين تركوه للريح، وعرّوا ظهره للأعداء لأجل التغيير الذي سمّوه عولمة، وباسم عولمة سموها سلاما!!

    هل يثق بالأحلام الآن؟ هو الذي لم يقتله غير الحلم، والوهم معا .. هل وهل وهل ....؟

    سراب هو هذا العمر المحاط بالفيتوهات والأحقاد .. سراب هو الحب الاصطناعي كقلب لا يدق بالإيجاب .. سراب هي الدنيا التي تبدأ عبثا، لتنتهي بـ " بالغياب " .. فارمي بآخر أوراقك وارحل سلاما سلاماَ .. فقد صار لا بد من النهاية كي ينتهي الدّور، وتسقط الستارة .. ويغادر المتفرجون القاعة .. ليرتاح الممثل من عبء الأضواء !!

    مــساء الوطن:

    هناَ يوشك النهار أن يقتلنا فندْخل أُبهة التّمني .. ننهض من أَنين أصَواتناَ والظّلمة المسيّجة بالتساؤُل .. أمِنْ هذاَ الظّلاَم المقبل يبدأُ تاريخنا الجديدْ؟

    لاَ!!

    لاَ تتمنّى البِدَايات المُسْتهلكة، ولاَ تَعد أحدا ــ بعد اليوم ــ بالسكينة، فثمة جِراح لم ننتهِ مِنهاَ بعد، والحِكاية التي تَرويها الأزمات فقدت خيالها الخصب، فلا تعدنا بالحرّية المسيّجة بالقنابل المسيلة للدموع .. ولا تبتهج ْحِين تَبْكي المدينة وحين ينزّ الفؤادْ ..

    ِللبِداية صوت أمّي .. خُطاها المتناغمة في ساحة الدّار، ورائحة القهوة المرشوشة بماء الزهر.. مذياع الجيران الصّاخب والأغاني التي لم نعد نتوقف أماها سهوا ولا عبرة .. للِبداية اسم العاَبرين مدن الِحكاية، السّابحين في وهم الممكن والمستحيل .. كم ذا ترهقني المسافة بيني وبينك، فأصرخ باسمك .. أتشبث بالوَجع خَلف الدّرُوب التي مَشيتها نحوكَ، وأمضي في سُكاتْ ..

    لِلبِداية طعم البنفسج و انكسار الياسمين .. فأخاف عليكَ من الشّوارع المعبّدة بالثرثرة، ومن عيونٍ القتلى والمجرمين الذين ـ مساء ـ يتربصون بك خلف زُقاق حيِّناَ القديم ..

    أخافُ من الظّلِّ الذي يُلاحِقُناَ كلّما هرَبْنا إلى بَعضِنا في زحمة الشّتات والحرب .. أتدحرج فيكَ رويداً رُويدا وأسكُنُكَ كالرُّؤَى .. وأُوهِم الآخرين أنّني أعلنتُ توبتي مِنك، وطهّرتُ روحي من الحب الذي باسمه ماتت المدينة ضجرا ..

    ليكن وجهُكَ دولَــــــتي الوَحيدة .. حرّيتي التي فَقدتُ لأَجلِها حقوقي البسيطة، وليكن قلبكَ زنزانة أدخلها راضية عن حياتي المسيجّة بالتّعب والهموم .. فوَحدهُ الحبّ لاَ يعترف بالحقيقة .. ووحدها الحقيقة لا تؤمن بالحيادْ!!

    لـيل الوطن:

    ينتشله الظلام من الهباء إلى الهباء ويدخل تساؤلات الروح جاثما على عتمته الأزلية ..

    أكان عليه أن يقول ما قاله الأنبياء كي ينجو من الحقيقة ويهتدي إلى الفراغات الموحشة باسم المنطق، والمحتمل، والممكن، والمستحيل؟

    كانت له الأسماء كلّها .. والوطن الموصوم بالخيبات القديمة والفتوحات التي لم تفتح سوى أبواب الوجع الأخير .. من أول الشهداء إلى آخر المقتولين .. كانت له هوية يجرّها في أناته المتعبة، وتاريخ يكتبه المؤرخون كيفما شاءوا، بالحبر الأسود .. والتفاعلات المزيفة ..

    كانت له انكسارات الأشياء، والقتل الجاهز للبكاء في حواف الرؤى .. كانت له مساحة للتبرير، وللتأسف على ما فات وعلى ما مضى .. كانت له المعاني الغارقة في التساقط و الشتات .. وكان عليه أن يكون بطلا مرتين .. مرة باسم الحلم ومرّة باسم الوطن !

    لم ينهزم حين اعتقد الناس أنه انتهى إلى صورة معلّقة على الجدار وكلمة تأبينية تقال عنه في المناسبات الكاذبة، ولكنه شعر بالفجيعة وهو يفتح أسراره للمقبلين، بنداء الأخوة والدّم !!

    هو الذي لم يجرح وردة في مسيرته الطويلة نحو الحلم، هـــــا تقتله الأغاني الماجنة، وتقسو عليه الكلمات المشجعة على الموت .. يقتله أحبابه في الرثاء وفي الهجاء ويهاجمه إخوته لأنه لم يمت شهيدا باسمهم جميعا .. ولأنه في النهاية يعيش وحيدا داخل جراحه المفتوحة للخيانة !

    سعيد وجهه الباكي .. وسحنته المؤطرة بالخيبة ..

    أكان عليه أن يكتب وصيته الأخيرة، لأعدائه التاريخيين، كي يحمي صورة البطل في عيون إخوته/الأعداء؟

    كان عليه أن يعرف أن الدّم صار ماء منذ سكن إخوانه الأبراج، وصاروا يتكلّمون لغة قتلت أحلامه القديمة.. إخوته الذين تركوه للريح، وعرّوا ظهره للأعداء لأجل التغيير الذي سمّوه عولمة، وباسم عولمة سموها سلاما !!

    هل يثق بالأحلام بعدئذ؟ هو الذي لم يقتله غير الحلم، و الوهم معا .. هل وهل وهل ....؟

    سراب هو هذا العمر الحافل بالنكسات، والأحقاد .. سراب هو الحب الاصطناعي كقلب لا يدق بالإيجاب .. سراب هي الدنيا التي تبدأ عبثا، لتنتهي ب " بالغياب " .. فارمي بآخر أوراقك و ارحل سلاما سلاماَ .. فقد صار لا بد من النهاية كي ينتهي الدّور، وتسقط الستارة .. ويغادر المتفرجون القاعة .. ليرتاح الممثل من عبء الأضواء !!

  2. #2
    الصورة الرمزية ليال قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Apr 2003
    المشاركات : 982
    المواضيع : 35
    الردود : 982
    المعدل اليومي : 0.13

    افتراضي

    جميلة وحزينة ، لا أدعي طبعاً أنني استوعبتها بالكامل لكني أحسست بتلك الروح الشعرية الرقيقة التي تلفها...ثم أنني لاحظت ان جزء من النص تكرر بأكمله مرة أخرى، فلعلها كانت مجرد غلطة في النسخ واللصق
    على كل حال هي خاطرة رقيقة وممتعة بالرغم من كم السواد والأسى الذي يغشاها

    تقبلي تحياتي واحترامي
    .

  3. #3
    الصورة الرمزية د. سلطان الحريري أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2003
    الدولة : الكويت
    العمر : 58
    المشاركات : 2,954
    المواضيع : 132
    الردود : 2954
    المعدل اليومي : 0.39

    افتراضي

    يا ياسمين!

    من كتب الآخر أنت أم الجمال ؟!

    ماذا أقول ...؟
    وهل تسعفني الحروف ... إزاء هكذا نصوص ....؟!

    أظن أن عليّ فقط: أن أستمتع ..
    وأتلذذ ..
    وأتذوق... حلاوة مروري هنا
    رائعة يا ياسمين.. بل أكثر من رائعة..
    ذلك منتهى رونق الحرف .. وجمال الذائقة ..

    دمت شفافة كما أنت..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Apr 2005
    المشاركات : 233
    المواضيع : 17
    الردود : 233
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    فعلاً عبق الحروف هنا يغطي على روعة الحضور ..

    دمتِ نقية كما هي كلماتك البهيّة ..

  5. #5
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Apr 2005
    المشاركات : 9
    المواضيع : 5
    الردود : 9
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي سيدي الرائع

    تسألني من يكتب الآخر؟
    لعله الحزن الذي ها بيننا، من الصعب المرور قبالة بعض من دون أن يكون ثالثنا
    إنها الرغبة في البكاء على كل شيء
    و رغبة أخرى في الضحك من كل شيء
    و رغبة ثالثة في الكتابة
    و الكتابة
    قبل قرن من الزمن، كتب الشاعر الفرنسي "بيير فونتيل" بدمه على حجرة وجدها قرب بيته
    كان الأطفال يرمون بيته بها لاقاظه من النوم
    كأنه كان ينام
    حين استيقظ ذات يوم على صمت المكان استغرب أن الأطفال لم يتشجاروا قرب بيته و لم يتقاذفوا بالحجر
    أخذ حجرة و كتب عليها بدمه
    كم أنا حزين
    لا شيء سوى لأن هذا الكون صار ضيقا جدا
    سوى لأن الصراخ لم يعد ممكنا
    سيتوقف صوت الطفولة لأن الحرب ستغطي المكان بالتراجيديا

    لعلي اتوقف دائما أمام ابداع هذا الشاعر، الذي فجأة تصير قصائده مجهشة و مدهشة على حد سواء
    شكرا لك أخي الغالي د.سلطان الحريري
    شكرا لكل من علق على ما كتبت
    ربما هي دعوة اشهارية مني أن أدعوكم الى فنجان قهوة مع روايتي "بحر الصمت" التي اتمنى أن تطلعوا عليها
    حياكم الله جميعا
    ياسمينة صالح

  6. #6
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    حين تكتب ياسمينة صالح فإن حرفها ينوء بأثقال مشاعرها الكثيرة الكبيرة الثائرة. ولعله حتى ينوء بها وإن كانت لا تنوء به فتطرز المعاني بأحرف عسجدية وأساليب زمردية وشاحاً لقلب يستشعر أو عقل يستفهم.

    ياسمينة صالح ، ياسمينة الحرف:

    اشتاقت الواحة لعبق الياسمين فهل اشتقت بذات الحنين؟؟



    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. تقاطعات
    بواسطة علي عطية في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08-11-2022, 05:36 PM
  2. رجال ووطن
    بواسطة سيف الدين في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 28-03-2013, 10:40 PM
  3. عجب والم وحزن
    بواسطة زهرة الخليج في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-06-2008, 11:15 AM
  4. يا زريف الطول ... غربة ومنافي ووطن ... أشكال ألوان ...
    بواسطة إياد عاطف حياتله في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 01-04-2008, 02:54 PM
  5. حب .. ووطن واشياء أخرى !!!
    بواسطة عشتار في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 27-04-2007, 08:36 PM