|
أُخْتَاهُ قَدْ رَحَلَتْ يَا جَنَّةَ الْخُلْدِ |
فَاسْتَقْبِلِيهَا بِمَاءِ الْوَرْدِ فِي اللَّحْدِ |
خَمْسُونَ عَامٍ مَضَتْ وَالحُبُّ رَايَتُهَا |
كَأَنَّها خَلَقَتْ مِنْ وَجْدِهَا سَعْدِي |
كَالْيَاسَمِيِنِ بَيَاضُ الثَّلْجِ قَدْ صَمَتَتْ |
وَاسْتَبْرَقَ النَّعْشُ بِاسْتِرْخَائِهَا الْفَرْدِي |
بِالأَمِسِ كُنْتُ أَرَى كَالْبَدْرِ طَلَّتَهَا |
وَالْيَوْمَ تَبْكِي عُيُونُ اللَّيْلِ مِنْ فَقْدِي |
فَاسْتَرْسِلِي يَا دُمُوعَ الْحُزْنِ وَاْعْتَصِرِي |
مِنْ نَبْضِ قَلْبِي شَدِيِدَ الآهِ وَاسْتَجْدِي |
لَا شَيْءَ يُطْفِئُ نَاراً زَادُهَا نَفَسٌ |
فَكُلَّمَا اسْتَنْشَقَ الشَّوْقُ اصْطَلَى وَجْدِي |
كَمْ كُنْتُ أَرْجُو بِأَنْ أَلْقَى بَشَاشَتَهَا |
قَبْلَ الْتِقَائِي بِوَجْهِ الْمَوْتِ فِي الْوَعْدِ |
أَتَيْتُ لَكِنْ بِلَا كَفٍّ تُصَافُحِنِي |
غَسَلْتُ كَفِّي لِغَسْلِ الطُّهْرَ فِي الْمَهْدِ |
مِثْلَ الْمَلَاكِ اسْتَوَى جِثْمَانُهَا رَفَفاً |
صَلَّى عَلَى كَفَنِ الصَّفْوَاءِ فِي الْوَهْدِ |
يَا رَبُّ إِنِّي فَقَدْتُ الأُخْتَ مُؤْمِنَةً |
لَكِنَّ حُزْنِي كَمُرْتَدٍّ بِلاَ هَوْدِ |
هَذَا اللَّهِيبُ الَّذِي يَسْرِي بِأَوْرِدَتِي |
مَشَاعِرٌ تَرْتَجِي نِيِرَانُهَا حَمْدِي |
وَهَذِهِ الرِعْشَةُ الْعُظْمَى بِلاَ كَلَلٍ |
تَصُولُ فِي جَسَدِي كَالْجُنْدِ فِي الْبَرْدِ |
أَصْبَحْتُ دُونَكِ يَا مَرْضِيَّتِي شَفَقاً |
مَا بَيْنَ نَارِي وَبَاقِي النُّورِ فِي الْبُعْدِ |
عَزَائِيَ الْمُلْتَوِي فِي قَلْبِ مَنْقَبَتِي |
نَبْضٌ سَيَحْيَا عَلَى ذِكْرَاكِ فِي غِمْدِي |
الصَّمْتُ دَائِرَتِي مُذْ غِبْتِ يَا نَغَماً |
يَحُومُ مُسْتَمِعاً لِلآهِ فِي رَعْدِي |
حَتَّامَ أَرْجُو مُحَيَّاكِ الَّذِي نَزَعَتْ |
مِنْهُ الْحَيَاةَ يَدُ الْمَوْتِ الَّتِي تَرْدِي |
طَالَتْكِ يَا أُخْتَ لَكِن لَمْ تَطُلْ مَلَكَاً |
كَالنُّورِ لَفَّكِ بِاللَّأْلاَءِ فِي الْفَيْدِ |
حَتَّامَ أَطْلُبُ مِنْ عَقْلِي مُجَادَلَةً |
وَالْحَقُّ إِنَّ يَقِيِنَ الْقَلْبِ فِي رُشْدِ |
فَقَدْ رَحَلْتِ وَأَنْتِ الآنَ أُمْنِيَةٌ |
لَسَوْفَ تَبْقَى طَوَالَ الْعُمْرِ كَالْعَهْدِ |