أحدث المشاركات
صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 31

الموضوع: ثقوبٌ سوداء في نسيج الذاكرة

  1. #1
    الصورة الرمزية فاطمة جرارعة شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2007
    الدولة : فلسطين
    العمر : 35
    المشاركات : 848
    المواضيع : 52
    الردود : 848
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي ثقوبٌ سوداء في نسيج الذاكرة

    ثقوبٌ سوداء في نسيج الذاكرة

    "1"
    ليلٌ آخر يحتلّ طقوس وحشتي, و حماقةٌ جديدةٌ تنصبُ لمرقدها أرجوحةً بين احتراقاتي, أحداقي تتحسّسُ بقعَ الآثام المتراميةِ على بقايا جسدي, و تأمّلاتي تتعثّر بشحوبٍ يسترسلُ في مد الكفن الأزرق من أقصاي إلى أقصاي, ألباب البشر تبتدعُ تحريف لون الأفق, و تتخذُ على أكذوبتها الغارقة في آلام المخاض برهاناً مدحوضاً تمقته فلسفة الغرباء, عنادي لا زال يصرّ على خنق زوبعة البرد قبل أن يعود طائري المُهاجر ليمحو البصمات السبع المطبوعة على جدران روحي.

    "2"
    اليوم أنتظرُ تهميشاً قاتم اللون على رصيف صدفةٍ أخرى, فظنون نصفي بدأت تسوّر نصفي بما يبعدني عنّي, كان عليّ التحاف فجيعةٍ قبل استعارة غفوةٍ على أطياف شوق, لئلا أدركَ حاجة النفس إلى من يعيد بلمرة أجزائها المبعثرة على شطآن نزف, صمتُ أنا بات يزنّرُ أوردتي بشيءٍ من سعير الدهشة, و المسافة بلغت حدّ الصقيع الذي ينخرُ في عظامي, أنانيةٌ مطلقة تستطير على ملائكيّتي, و توقٌ لمقارعةِ عنجهيّة البشر يحتضن أجنحتي, و تلوحُ في خاطري تأشيرات خروج, و فنّ اجتثاث الصور الرماديّة.

    "3"
    ذات اعتلاج سألتُ أمّي:
    لماذا يُجافينا الموت رغم حاجتنا الماسّة إلى خوض تجربته؟
    فأجابت:
    الموت يعرفُ مقدار سذاجتنا حين نظنّ أن متاعبنا تنتهي عنده و لا ندري أنها تبتدئ منه,
    أتدركين كم ألف موجة وجعٍ تتسلل إلى أجسادنا الترابيّة أثناء سكراته, و أيّ ثمنٍ نبذل لنغسلَ عن أنفسنا أدران رغبةٍ تعتلي عروش الصمت الداكن, قوانا تتساقط في محرابه أوراقاً خريفيّةً هشّة, و مخالبه تنغرسُ في لحمنا و تهشّر ملامح الاحتضار القاتم, المندسّ بين خلايا الغلاف الزيتيّ وخزات ألم تتدحرج على محيط خطايانا, و لن نملك آنه إلا أن ننزف ذاتنا المعتصرة من صخب الصراخ المكتوم في حشا الصمت...
    ثمّ ازدادت نبرة التأنيب حدّةً في صوتها و قالت:
    الزمي أنوثتك, و لا تبحثي عن الموت, فهو يأتي إلينا و لا نأتي إليه,,
    و رغم ارتعاش معالمي تحت زخّات الخوف, إلا أنني ما زلت أشعر أن الموت حلقة مفقودة من سلسلة حياتي^^

    "4"
    رفيقة ألمي تطلبُ إليّ أن أنظر هذه الليلة إلى السماء علّ لون القمر يطمر شيئا من أخاديد العتمة الممتدّة إلى أبعد كسرةٍ من أشلائي, خرجتُ أسترق النظر فلمحت المحاق يزحف نحو حنجرتي, و يغرس في خاصرة الحلم غابات شوكٍ أسود, و يستعير لنفسهِ آخر بصيصٍ يتهادى على شرفتي, لعلّي نسيتُ أن حزوز الدم المالح تحجب نور القمر عن وجهي, سألتني حين انتهاء تعويذة الموت: لماذا تلزمين الصمت, فصمتّ..

    "5"
    أشتاق إلى ياسمينتي العذراء, ليته كان لي أن أخبرها عن عفريت الصحراء , أتخيّل كم من السنوات الضوئية أحتاج لأن أنسى ذلك الكابوس, أو تأويل أمّي التي أقسمتْ أنني حمقاء, أو على الأقلّ أمتلك تلقائيّة الحمقى, ما زالت تسائلني عن سرّ إدماني على تلك الفاكهة الكاسدة, و لماذا لا أكترث لغصّات القهر النابت بين عروقي حين أقضمها, ليتها تعلم أنني أحتاج شفقة عالَم, و أن قوّتي تضمر وهناً ليس لأيّ كان أن يبلغه.
    مراهقتي لم تبدأ حتّى تنتهي, و شبابي سابق لطفولتي, و لا بأس بمراهقة متأخّرة أتعلّم في مراحلها كيف أصيّر هواجسي شرقيّة الملامح, و أطفئ عطش الروح بما يوائم قرارات محكمة التقاليد, و أعلم تماماً أن رمال التوبيخ ستظلّ تنهمر على سيمفونيّتي, حتّى آخر لحظة تسبق غرقي في الجحيم.

    "6"
    ألف شتاءٍ أو أكثر مضت قبل زحف أصابعي إلى أبعد ركنٍ في صفحات وجعي المستعصي, تسللتُ باحثةً عن شيءٍ يثيرُ فضولي, فإذ بصعقة تأنيبٍ تصفع بؤبؤي, الأرضُ تغطّ في سُباتٍ عميق, و آذاننا تُكابر عن سماع شخيرها, و لن يدغدغ وجودي المطفأ رمشَها النائم, ما دام اللغوب يسري في أوعية مئة ألفٍ أو يزيدون, بذوري المبعثرة في الصحراء لا تتعدّى إخماد رغبةٍ جنونيّةٍ في شنقِ الأنامل الملطخّة بجريمة انعتاقي, أُفوليَ المُباغت لم يكن إلا مرحلة تحوّري إلى ثمرةِ صبر لا تُبالي بوخزِ أيّ كائنٍ يحاول شراء غنائم معركتي, حيائي يردع وقتي اقتراف جُنحةٍ أخرى أبني على أكتافها المزيد من أخطائي, كدتُ أكذب على نفسي و أقول لسيّد المكان أن داءً عضالاً يلتهم دمعةً مهترئة ملّ الزمان برودها, و أنّ نقاهتي السافرة قد تستمرّ إلى اللاإياب, و لكنني عجبتُ كيف إلى الآن لم يبلغه خبر موتي!!!!
    ~وارتاحَ منّي الشِعرُ,,
    و ارتاحَ القلَمْ~~

  2. #2
    الصورة الرمزية فادي غنام قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jun 2008
    الدولة : غير ثابت تقريبا ولكن أستطيع القول حاليا في الخليل
    العمر : 37
    المشاركات : 8
    المواضيع : 2
    الردود : 8
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    مرحبا
    يا أختي رماد
    الحياة دمعة ... وبسمة وذكرى , تختفي البسمة وتتلاشى الدمعة وتبقى الذكرى ناقوس يدق عالم النسيان
    الى أن يأتي شبح الموت فلكل بداية نهاية وان لم تطول فلها نهاية .
    فالى متى يا قلم الذكريات ستظل مدمعا بين السطور ..........
    نثر ولا أجمل أبدعتي في الوصف وفي الأنتقال وفي كل ما حملت أبدعتي .
    أخوكي فادي
    والسلام
    تقبلي مروري

    سأرثي عاشقا أبلى يديه يدق وما أتيح له الدخول

  3. #3
    الصورة الرمزية سمو الكعبي شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2007
    الدولة : في صومعتي
    المشاركات : 1,967
    المواضيع : 70
    الردود : 1967
    المعدل اليومي : 0.31

    افتراضي

    فاطمة :
    وبعد غياب طويل أتيت بهذه الدرر, هنا "لماذا يُجافينا الموت رغم حاجتنا الماسّة إلى خوض تجربته؟
    فأجابت:
    الموت يعرفُ مقدار سذاجتنا حين نظنّ أن متاعبنا تنتهي عنده و لا ندري أنها تبتدئ منه,
    أتدركين كم ألف موجة وجعٍ تتسلل إلى أجسادنا الترابيّة أثناء سكراته, و أيّ ثمنٍ نبذل لنغسلَ عن أنفسنا أدران رغبةٍ تعتلي عروش الصمت ....." روعة بصمت بها
    أهلا بك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    فلنغتم أوقاتنا بسماع القران :http://quran.muslim-web.com/

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2006
    العمر : 39
    المشاركات : 1,747
    المواضيع : 28
    الردود : 1747
    المعدل اليومي : 0.27

    افتراضي

    رائعة حدا يستعصي عليّ وصفه
    للتثبت
    احتفاء ببديع نسجك وعميق حرفك
    اشتقتك جدا لو تعرفين
    اصبر على مضض الحسود......فإن صبرك قاتله...........
    فالنار تأكل بعضها........ إن لم تجد ما تأكله............

  5. #5
    الصورة الرمزية وفاء شوكت خضر أديبة وقاصة
    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : موطن الحزن والفقد
    المشاركات : 9,734
    المواضيع : 296
    الردود : 9734
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    فاطمة ..

    الصمت يخيم هنا احتراما لنص أدبي راقي .. خريدة نثرية أتت بعصارة إبداع وفكر ومشاعر عميقن ،
    وتصوير لغوي بديع ..

    شكرا لهذا الترف الأدبي الذي أمتعتنا به في عودة مباغته بعد غياب ..
    وشكرا لأن درتك هذه أتت بحبيبة " نور سمحان " نشتاق لها وقد طال غيابها ..

    سأتخذ مقعدي في زاية المكان أصيخ السمع لهذا الجمال ..

    بحق رائع هذا النص ويستحق التثبيت ..
    دمت بألق ..
    //عندما تشتد المواقف الأشداء هم المستمرون//

  6. #6
    الصورة الرمزية خليل حلاوجي مفكر أديب
    تاريخ التسجيل : Jul 2005
    الدولة : نبض الكون
    العمر : 57
    المشاركات : 12,545
    المواضيع : 378
    الردود : 12545
    المعدل اليومي : 1.83

    افتراضي

    أنا أنزف ... إذن أنا موجود


    سيقولها تاريخنا بعد ألف هزيمة ... ولا دماء ... في السماء
    الإنسان : موقف

  7. #7
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    فاطمة.......

    لعنة الانسان تبدأ بداخله ، عندما ينشطر الى كائن ومكنون ،الى سائر وعائق ، عندما يفضي به الحال الى تناقضات لاتنتهي ، ويستسلم هو لها في النهاية دون ان يبرر استسلامه ويعمل على خرق الهدنة مع ذاته من اجل بلورة ذاته نفسها، وهنا بين الموت والبلاغ صور غير متممة لانها في الاصل بدت مرتبكة ، لكنها مثرة جدا ، لانها تستفز المتلقي ليبحث ما وراءها ، وقد اجدت استغلال المساحة التي اشتغلتِ عليها هذه .

    محبتي
    جوتيار

  8. #8
    الصورة الرمزية محمد الأمين سعيدي شاعر
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 1,981
    المواضيع : 138
    الردود : 1981
    المعدل اليومي : 0.30

    افتراضي

    الموت يعرفُ مقدار سذاجتنا حين نظنّ أن متاعبنا تنتهي عنده و لا ندري أنها تبتدئ منه,
    ...........
    ...........
    كلمة تغوص في بحار من الحكمة..
    حقيقة قد تغر الإنسان فيظن أن الموت خلاص لمأساته ..بينما هو بداية لحساب طويل..
    شكرا

  9. #9
    الصورة الرمزية فاطمة جرارعة شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2007
    الدولة : فلسطين
    العمر : 35
    المشاركات : 848
    المواضيع : 52
    الردود : 848
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فادي غنام مشاهدة المشاركة
    مرحبا
    يا أختي رماد
    الحياة دمعة ... وبسمة وذكرى , تختفي البسمة وتتلاشى الدمعة وتبقى الذكرى ناقوس يدق عالم النسيان
    الى أن يأتي شبح الموت فلكل بداية نهاية وان لم تطول فلها نهاية .
    فالى متى يا قلم الذكريات ستظل مدمعا بين السطور ..........
    نثر ولا أجمل أبدعتي في الوصف وفي الأنتقال وفي كل ما حملت أبدعتي .
    أخوكي فادي
    والسلام
    تقبلي مروري
    أهلاً بكَ أخي فادي

    و لكنني هنا فاطمة و لستُ رماد

    و هكذا هي الحياة فينا كعود كبريت لا يبرح أن يشتعل حتى ينطفئ و يبقي ما عمنا

    أشكركَ على حضورك الجميل

    فاجأتني بحق

    مودّتي لك
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سمو الكعبي مشاهدة المشاركة
    فاطمة :
    وبعد غياب طويل أتيت بهذه الدرر, هنا "لماذا يُجافينا الموت رغم حاجتنا الماسّة إلى خوض تجربته؟
    فأجابت:
    الموت يعرفُ مقدار سذاجتنا حين نظنّ أن متاعبنا تنتهي عنده و لا ندري أنها تبتدئ منه,
    أتدركين كم ألف موجة وجعٍ تتسلل إلى أجسادنا الترابيّة أثناء سكراته, و أيّ ثمنٍ نبذل لنغسلَ عن أنفسنا أدران رغبةٍ تعتلي عروش الصمت ....." روعة بصمت بها
    أهلا بك
    الغالية السامية سمو

    أشكركِ على حضورك الألق

    و دمتِ بكلّ الخير

    محبتي

  10. #10
    الصورة الرمزية فاطمة جرارعة شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2007
    الدولة : فلسطين
    العمر : 35
    المشاركات : 848
    المواضيع : 52
    الردود : 848
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور سمحان مشاهدة المشاركة
    رائعة حدا يستعصي عليّ وصفه
    للتثبت
    احتفاء ببديع نسجك وعميق حرفك
    اشتقتك جدا لو تعرفين
    حبيبتي نور

    أشكركِ من أعماقِ أعماقي على بث الروح في روحي هذه

    لكِ منّي كلّ الحبّ و التقدير

    اشتياقي حد الموت
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وفاء شوكت خضر مشاهدة المشاركة
    فاطمة ..
    الصمت يخيم هنا احتراما لنص أدبي راقي .. خريدة نثرية أتت بعصارة إبداع وفكر ومشاعر عميقن ،
    وتصوير لغوي بديع ..
    شكرا لهذا الترف الأدبي الذي أمتعتنا به في عودة مباغته بعد غياب ..
    وشكرا لأن درتك هذه أتت بحبيبة " نور سمحان " نشتاق لها وقد طال غيابها ..
    سأتخذ مقعدي في زاية المكان أصيخ السمع لهذا الجمال ..
    بحق رائع هذا النص ويستحق التثبيت ..
    دمت بألق ..
    أمي الغالية وفاء

    هو بعضٌ مما لديكم

    أحبّ تواجدكِ بين حروفي

    يرسيني على برّ الأمان

    محبتي و تقديري

صفحة 1 من 4 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. ثقوب الذاكرة
    بواسطة ايلينا المدني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 23-11-2013, 08:45 PM
  2. ثقوب سوداء
    بواسطة راضي الضميري في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 09-07-2013, 06:57 PM
  3. ثقوب في الضمير
    بواسطة بابيه أمال في المنتدى المَكْتَبَةُ العِلمِيَّةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 01-02-2013, 07:27 PM
  4. ثُقوبٌ في ذاكِرَةِ النَّهْرِ
    بواسطة هشام مصطفى في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 40
    آخر مشاركة: 29-09-2011, 10:00 AM
  5. ثقوب سوداء في نسيج الذاكرة(2)
    بواسطة فاطمة جرارعة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 05-02-2011, 06:52 PM