|
أبصرتُها حين لم يبصر بها أحدٌ |
غريبةً تتمنى من يمدُّ يدا |
وجئتُ كالقدرِ الآتي بلا سببٍ |
مفقودةٌ صادفتني الآن مفتقدا |
يا قصةً لم تجد عيناً ولا أُذُناً |
وضوءَ شمعٍ رماه الليلُ منفردا |
عليك ما وقعَت عينٌ لمطَّلعٍ |
فكان كلُّ قريبٍ منكِ مبتعدا |
إن تسألينيَ فالدنيا كما عُرفَت |
ملأى بلا أحدٍ لا ترقبي أحدا |
كم ضُيِّعَتْ في سرابِ الماءِ لؤلؤةٌ |
ما استوقفت عابراً إلا بها زهِدا |
لم تدرِ قهقهةُ المقهى إذ ارتفعَت |
عن سكرةِ الموتِ أو عن صرخةِ الشهدا |
ولم يجدْ صوتُ ثكلى أيَّ ملتفتٍ |
فدسَّ نبرتَهُ الخجلى وعادَ صدى |
ولم يجدْ حين بانَ الشوكُ مقتطفاً |
ولم يجد حين مالَ الزهرُ مستندا |
فلا معاتَبةٌ تُجدي معاتِبةً |
ولا طويلُ انتظارٍ لا يكونُ سدى |
يا من أتيتكِ منسيَّاً كما نُسيَت |
أوراقُ غصنٍ أرَتْها الريحُ كلَّ مدى |
طرقتِ قلبيَ بين النبضتين وقد |
أشرعتُ كلَّ ضلوعي فاقبليه فِدا |
وقد طرحتُ ظلالي إذ تثاقَلَني |
ما أوقحَ الظلَّ إذ يستثقلُ الجسدا |
وجئت ملئيَ إحساساً وتضحيةً |
فكونيَ الظلَّ بل كوني ليَ السندا |
وانسي معي كلَّ ما قد فات من ألمٍ |
وودعي الأمسَ كي لا تلتقيه غدا |
الآن تبدأ للتاريخِ قصتُهُ |
وتستحيلُ به أيامُنا أبدا |
ويشرقُ الشمعُ من كل الجهات لنا |
ونملأُ الأرضَ أزهاراً وقطرَ ندى |
حتى السرابُ لنا يرمي جواهره |
جوداً بها، ورمت أنهارُهم زبدا |
ولا نخافُ من الدنيا حوادثَها |
إن أرَّقت أعيناً أو مزقت كبدا |
وتستمرُّ مدى الأيامِ قصتُنا |
تحيي تفاصيلُها التاريخَ والأبدا |