يا زهرتي :
ماذا سيكتبُ للعيونِ الناعساتِ شويعرٌ متبولُ ؟
ومتى وفاءُ الذات نعشقه
فلا من لهفةٍ إلا التي فمُها لهُ
في فجر أروقة الهوى تأويلُ
لا ريبَ تلتمس المواهبَ روحهُ الحيرى
وتلثمُ بهجةَ في ظلها البشرى
تعانق رقّةً
ممن لها بين الجمالِ مرابعٌ
وروائعٌ يحكي بها الترتيلُ
مستذكرًا ما بثه يومًا فؤادٌ مغرمٌ
ماهى جناح الأمسيات وملتقىً به
من صبانا معلمٌ
ومردّدًا للروح أحرفَ نبضهِ
مستشعرًا زهرًا يراقصه الفنا
لحنًا يناغمه الأصيلُ مع السَّنا
ولِحــدِّ أن أحيته قافية الرَّجاءِ بلا كللْ
يستنطقُ الأحلامَ والطرقاتِ
من وجعِ الغناءِ
وهكذا هو منطقُ الوجدانِ في لغةِ الأملْ
يشدو عن الأحبابِ والألحانِ
بل هي هكذا الأرواحُ لو معنىً سألْ
يا زهرتي :
يبقى انشراح الوصل غنّاءَ الأدبْ
وبلا سببْ
تهمي الكؤوسُ من الحَبابِ مشاعرًا
من تينةِ الذكرى وأفياء العنب
مما يجول بخاطر الشعراء مثل زواهرٍ
من ومضِ أفلاك الحياةِ
من الطيوب السالفاتِ
من القبب
فاستعلمي يا زهرتي أنفاس أسرار الهنا
فالليل ولى واستفاق الصبح
نادى بالنّدى قم للمنى
عانقْ تراتيل الضحى
قلْ زهو قلبي ما امحى
حتى يؤوب من العيون الناعسات
جنى الوصال
مع الدلال ، يهزّه الترتيلُ
***
صباحكَ زهرتي لا ليس تنكرُه المها أبدًا ...
وليس لهُ العَنا يدنو ...
صباحك ملء ريّاه الأماني
ذي بلابله تناغمها الأغاني
من فؤادٍ سرَّهُ لحنُ الخلود وعزفُ أشعارٍ
تُبَثُّ مع الهيام ووحي أسفاري
صباحك ردَّ عافيتي
تلقّفه الضُّحى مُتمايلًا ، ناداه يا ثقتي
فأخبتَ أفقُهُ مُتأمِّلاً بَوْحَ " الصَّبا " الحاني
وجُنَّ جنونُ عذّال الحياةِ
وهم - ومن زمنٍ - بلا لغةٍ تمنَوا خربشاتي!
يا لَنور من صباحٍ بالهوى آتٍ
يؤصِّلُ باليقينِ لكي يقيني من صباباتي
يؤسِّسُ للعيون السامقاتِ جميلَ أحلامٍ
***
زَهْرَةَ الحُسْنِ : لَعمْري
ماثلٌ بَينَ هُتافاتِ ضَميري لكِ مَعنى
حَاملٌ زَهْوَ إشاراتِ نَقَاءٍ تتأسَّى
ببَهاءِ الرُّوحِ عَزمًا ليسَ يَخْفى
فاعْطِيَنّي الوَصْلَ لثْمًا وَخُـذي مِنّا وَفَــــاءً
ليسَ يسْلو نبضَ ذكرى
واعطيَنّي الحبَّ زهوًا وخــذي صَفْوَ ربيعٍ شدَّني
نحْوَ زَمَانٍ باهرِ المغنى يُغنّي
رَوِّنـــي بالأنسِ ذوقًا
واسْــحَقي وَحْـشةَ أطوارِ الجَفا
ثمَّ اسقِـنـي كأسَ حَنينٍ يومَ عــزّ الطيفُ شوقًا
فــــفــؤادي مستـلّـــذٌ بــالهــــوى
وبواحي يَتَمَـــادى بــالهَنـــــا
زَهْرَةَ الحُسْنِ : مَضَى مُبتَهجًا عُمْري بهيًّا
وَقَريضي مِنكِ يَسْتجــدي ثَــراءً وكفى
مَهْما جَزعْنا أم صَبرنا
فكلانا في الرؤى مَا كان يخفى
فاشهدي نور حمانا واسبري غَوْرَ شذانا
واعلمي أنَّا الكبارُ الطيبُ روَّانا
وهلْ تُنسى دمانا
كيف ننسى - زهرة الحسن - ربيعًا فيه غالى مبتدانا
***
في حنجرتي
لغزٌ يتماهى فوق حدود اليأس وحول خدود الوصف
وفي همسي تغفو ألحان الماضي
يوقظها قلبٌ لا يعرفُ سوى ومضاتِ
بدايةِ من حملوا اليقطين شعارًا
في حنجرتي
ينساب غناءُ تواريخ النّاياتِ
يلبّي ما أجفى عن حاضرة المعنى
أو يمنحُ خاطرتي زهو الأيامِ بريقًا
يعشق ما ولىّ عن بوح جراحاتي
يا ليل تداركْ من أحلام ربيعي أطوارًا
يا ليل أنلْ أصوات الريح بقايا أشرعةٍ
كي نفقه كنه وجود الفجر
وآياتِ الوصل خشوعًا يرفعني
كي نحمل شيئًا من أعماق البحر
نمنّي النَّفس بأنَّ البين قريبًا مرتحلٌ
كي تبقى حنجرتي تروي للناس حكاياتي
وتصدَّ رياحًا لم تعبأ بجمال إراداتي
في حنجرتي لحنٌ بالخلد تناهى
واسأل عنّا أدمعنا وهوى الذكرى
***